خطب ومحاضرات
قصة موسى والخضر [2]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن الخضر عليه السلام نبي على رأي جماهير العلماء، واستدلوا بقوله تبارك وتعالى: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [الكهف:82] أي: أنه مأمور من قبل الله تبارك وتعالى بما يفعل، قالوا: وهذا لا يكون إلا لنبي.
قال الإمام العلم أبو الحسين بن المنادي رحمه الله تعالى: (إثبات أن الخضر نبي أول عقدة تحل من الزندقة)؛ لأن الزنادقة كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: يقولون: إن الخضر ولي، وينشد منشدهم في ذلك قائلاً:
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
أي: أن مقام الولاية أعلى من مقام النبوة والرسالة، فالذي يصفونه بأنه ولي هو أعلى عندهم من النبي والرسول، وقولهم: (فويق الرسول) -أي: فوقه بقليل (ودون الولي) فيكون الترتيب على حسب ترتيبهم: الولي، ثم النبي، ثم الرسول، ولو عكسوه لكان أولى: الرسول، ثم النبي، ثم الولي.
فإثبات أن الخضر عليه السلام نبي أول عقدة تحل من الزندقة.
هل الخضر عليه السلام حي أم مات؟
وسبب الحديث عن هذا البحث أن كثيراً من الجهال الخارجين عن الشريعة أو الذين تعلقوا منها بحبل واهٍ يشبه خيط العنكبوت، يزعم أحدهم أنه قابل الخضر، فيقول: أوصاني الخضر وأفتاني الخضر وأرشدني الخضر، ويقسم أنه رأى الخضر وأنه كلمه، ويحتج ببعض إطلاقات لبعض علمائنا كـابن الصلاح والنووي وغيرهما من أن الخضر حي، وأن كثيراً من العارفين رأوه وكلموه كفاحاً بغير ترجمان.
أدلة القائلين بأن الخضر حي
فقال له الخضر يوماً: كلفني بشيء، قال: إني أشفق عليك وقد رأيتك شيخاً كبيراً فانياً أن أكلفك بما لا تطيق، قال: بل كلفني -وهو لا يدري أنه الخضر- قال: فانقل هذه الحجارة -وكانت حجارة عظيمة- ريثما أذهب إلى السوق، وهذه الحجارة ما كان يحملها أقل من ستة نفر.
وذهب الرجل إلى السوق ورجع فلم يجد حجراً واحداً فتعجب! وقال: شققنا عليك أيها الشيخ، قال: لم تكلف كثيراً، قال: فإني على سفر اخلفني في أهلي حسناً، قال: ألا كلفتني بشيء، قال: إنك شيخ كبير وأخشى أن أشق عليك، قال: لا بل كلفني، قال: اضرب لي اللَّبِن -الطوب- حتى أبني داري.
وذهب الرجل ورجع فوجده ضرب الطوب وبنى البيت وهيأه، فأول ما رآه تعجب وقال: سألتك بالله من أنت؟
قال: بهذا دخلت العبودية -أي: أنه صار عبداً بمثل هذا السؤال لأنه سئل بالله فلم يقدر أن يرد هذا الرجل فباعه- قال: وأنت تسألني بالله أيضاً.
قال: سألتك بالله من تكون؟
قال: أنا الخضر.
قال: نبي الله؟
قال: نعم.
قال له: أخيرك بين أن تكون حراً وبين أن تكون في ضيافتي، قال: بل دعني، فأعتقه
).فهذا من أكبر ما يحتجون به، وكما قدمت أنه ضعيف، فإذا كان أقوى ما عندهم ضعيفاً فما بالك بالذي بعده، لاشك أنه شر منه.
ثم لو فرضنا أنه صحيح، فما وجه الدلالة فيه على القضية المتنازع فيها؟
نحن الآن بصدد إثبات هل الخضر حي أيام بعثة النبي عليه الصلاة والسلام أم لا؟
فأين في هذه القصة على طولها من الدلالة ما يثبت هذا البحث؟ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (كان رجل من بني إسرائيل)، ونحن نعلم أن الخضر صاحب موسى عليهما السلام كلاهما كان في بني إسرائيل.
إذاً: لو صحت هذه القصة لم يكن فيها متعلق على الأمر المتنازع عليه، إذاً: فما هي بقية حججهم؟
حكايات ورؤى أن أحد الصالحين قال: رأيت الخضر، وكلمني الخضر، وحدثني الخضر، وأفتاني الخضر، ليس عندهم أكثر من هذا.
أما الأحاديث التي يحتجون بها فأجمع علماء الحديث وهم أهل الفصل في هذا الباب أن كلها أحاديث مكذوبة موضوعة مفتراة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأوردها ابن الجوزي في كتاب الموضوعات، وشدد النكير على واضعيها، فليس في أيديهم شيء، فالقول الصحيح في المسألة أنه مات.
أهمية إثبات أن الخضر قد مات
لقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورقة كما رواه أحمد في مسنده من حديث جابر ، قال: (ما هذا يا
فلو سلمنا أن الخضر موجود، وأنه حي فكيف يتبع؟ وكيف تؤخذ منه الفتوى؟ وموسى عليه السلام الذي هو بإجماع الخلق أجل من الخضر ولا شك في ذلك، لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، أفيتبع الخضر المشكوك في حياته بل المقطوع بأنه مات؟
إن في إثبات أن الخضر مات حلاً لعقدة الزندقة الأخرى التي يعيش عليها ألوف المغفلين.
إن أقوى ما تعلقوا به في هذا المجال ما رواه الطبراني وغيره بسند ضعيف فيه مجاهيل كما قال ابن كثير رحمه الله، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: (ألا أنبئكم بالخضر؟ كان رجل من بني إسرائيل مر على الخضر فسأله شيئاً لوجه الله، فقال له الخضر: إن الله قادر أن يعطيك كذا وكذا ما عندي شيء، فقال: سألتك بالله أن تعطيني شيئاً، فقال: ما عندي من شيء أعطيكه ولكني أستحي أن تسألني بالله شيئاً وأردك، خذني فبعني في السوق واقبض ثمني وأنفقه، قال: وكيف آخذك يا عبد الله وأنت كذا وكذا، قال: إنك سألتني بمن لا يرد، خذني فبعني، فأخذه فباعه بأربعمائة درهم، فاشتراه هذا الرجل ورآه شيخاً كبيراً فانياً لا يصلح للعمل. فقال له الخضر يوماً: كلفني بشيء، قال: إني أشفق عليك وقد رأيتك شيخاً كبيراً فانياً أن أكلفك بما لا تطيق، قال: بل كلفني -وهو لا يدري أنه الخضر- قال: فانقل هذه الحجارة -وكانت حجارة عظيمة- ريثما أذهب إلى السوق، وهذه الحجارة ما كان يحملها أقل من ستة نفر. وذهب الرجل إلى السوق ورجع فلم يجد حجراً واحداً فتعجب! وقال: شققنا عليك أيها الشيخ، قال: لم تكلف كثيراً، قال: فإني على سفر اخلفني في أهلي حسناً، قال: ألا كلفتني بشيء، قال: إنك شيخ كبير وأخشى أن أشق عليك، قال: لا بل كلفني، قال: اضرب لي اللَّبِن -الطوب- حتى أبني داري. وذهب الرجل ورجع فوجده ضرب الطوب وبنى البيت وهيأه، فأول ما رآه تعجب وقال: سألتك بالله من أنت؟ قال: بهذا دخلت العبودية -أي: أنه صار عبداً بمثل هذا السؤال لأنه سئل بالله فلم يقدر أن يرد هذا الرجل فباعه- قال: وأنت تسألني بالله أيضاً. قال: سألتك بالله من تكون؟ قال: أنا الخضر. قال: نبي الله؟ قال: نعم. قال له: أخيرك بين أن تكون حراً وبين أن تكون في ضيافتي، قال: بل دعني، فأعتقه
فهذا من أكبر ما يحتجون به، وكما قدمت أنه ضعيف، فإذا كان أقوى ما عندهم ضعيفاً فما بالك بالذي بعده، لاشك أنه شر منه.
ثم لو فرضنا أنه صحيح، فما وجه الدلالة فيه على القضية المتنازع فيها؟
نحن الآن بصدد إثبات هل الخضر حي أيام بعثة النبي عليه الصلاة والسلام أم لا؟
فأين في هذه القصة على طولها من الدلالة ما يثبت هذا البحث؟ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (كان رجل من بني إسرائيل)، ونحن نعلم أن الخضر صاحب موسى عليهما السلام كلاهما كان في بني إسرائيل.
إذاً: لو صحت هذه القصة لم يكن فيها متعلق على الأمر المتنازع عليه، إذاً: فما هي بقية حججهم؟
حكايات ورؤى أن أحد الصالحين قال: رأيت الخضر، وكلمني الخضر، وحدثني الخضر، وأفتاني الخضر، ليس عندهم أكثر من هذا.
أما الأحاديث التي يحتجون بها فأجمع علماء الحديث وهم أهل الفصل في هذا الباب أن كلها أحاديث مكذوبة موضوعة مفتراة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأوردها ابن الجوزي في كتاب الموضوعات، وشدد النكير على واضعيها، فليس في أيديهم شيء، فالقول الصحيح في المسألة أنه مات.
استمع المزيد من الشيخ أبو إسحاق الحويني - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
قصة موسى والخضر [8] | 2657 استماع |
قصة موسى والخضر [4] | 2172 استماع |
قصة موسى والخضر [6] | 1631 استماع |
قصة موسى والخضر [7] | 1626 استماع |
قصة موسى والخضر [1] | 1562 استماع |
قصة موسى والخضر [5] | 1514 استماع |
قصة موسى والخضر [3] | 1371 استماع |