أرشيف المقالات

إني أحب

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
إني أحب
 
حبيبي، حبيبتي، كلمة تطرق القلوب قبل الآذان، تتسلَّل إلى القلب برفق، تتمكَّن من سويدائه، تُذيقه نعيم الحياة مهما كانت المنغصات.
 
الحبُّ كلمةٌ عذبة جميلة، مهما كانت قسوة بعض القلوب، إلا أن هذه الكلمة تتمكَّن من فتح مغاليقها، نحن في زمن ظُلِمت فيه هذه الكلمة، فما إن تنطقها الشفاه إلَّا ورمقتها الأعينُ بالتُّهمة والريبة، مع أنها كلمة رقيقة بريئة.
 
حبيبي، حبيبتي، كم من قلوب تتلهَّف إلى سَماعِها! وكم من نفوس حُرِمَت من تذوُّق حروفها، وهي تنساب من قلب الحبيب إلى شفتيه، فتفعل فَعلتها، لا في الأسماع، بل في القلوب مباشرة!
 
تعالَ معي هناك إلى المجتمع النبوي الذي تعلَّم من محمد صلى الله عليه وسلم صِدْقَ المشاعر، واستقى منه الحُبُّ حتى الثُّمالة، فالكلُّ في حياة محمد صلى الله عليه وسلم يشعُر أنه أحبُّ الناس إليه، أراد أن يستكشف ذلك عمرو بن العاص رضي الله عنه أمام جَمْعٍ من الصحابة؛ ليعلموا مَنْ الأحبُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: يا رسولَ الله، مَنْ أحَبُّ الناس إليك؟ قال: ((عائشة))، قال: مِنَ الرجال؟ قال: ((أبوها))[1].
 
لقد جاءت الفرصة على غير ميعاد؛ ليكشف النبي صلى الله عليه وسلم أن زوجَه هي أحبُّ مخلوق إليه دون أن يتردَّد أو يشعُر بالخجل؛ ليُعلِّمنا أن المشاعر لا حياء ولا خجل في كشف اللِّثام عنها، لا لتطرق سمع الحبيب ممن يُحِبُّ فحسب، لكن ليتناقل الناس خَبَرَ حُبِّه لها.
 
حتمًا ستنقل الأخبار إلى عائشة رضي الله عنها بما دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو، فكأني بها تستروح ذلك الحديث، تقرأ في قسمات وجهها بريقَ السَّعْد وبسمات الهناء، وقد طفَح السرور على مُحيَّاها، كلما نقل إليها الخبر زادت به شغفًا، ولصاحبه حبًّا وودادًا.
 
وها هو صلى الله عليه وسلم يكشف لابنته فاطمة عن عظيم حبِّه لعائشة رضي الله عنها، فيقول: ((أي بنيَّة، ألست تحبِّين ما أُحِبُّ؟))، فقالت: بلى، فقال: ((فأحبِّي هذه)) لعائشة[2].
 
إنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يسري الحبُّ بين أفراد أسرته، فجعل علامة حُبِّها لما يحب أن تحبُّ زوجه، هكذا يمتدُّ الحبُّ ويتَّسع لتنعم به أسرة محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون عليه الصلاة والسلام هو الوقود الذي يُؤجِّج ذلك الحُبَّ في النفوس، وكأنما أراد صلى الله عليه وسلم أن يعلم ابنته الحبيبة إلى قلبه كيف تنقل كلمة الحب إلى بيتها؟ لتنعم أسرتُها بمشاعر الوِداد، ولتكون كلمة الحُبِّ مألوفةً إلى نفسها.
 
وفي إشارته إلى عائشة رضي الله عنها، وقوله لابنته فاطمة رضي الله عنها: ((فأحبِّي هذه))، وحثِّها على حُبِّها سيلٌ جارفٌ من مشاعر الحُبِّ والوداد لا يزال يسقي به قلب الصدِّيقة رضي الله عنها، فكم ستكون سعادتها وهي تُبصر حبيبَها يُلقِّن ابنتَه درسَ الحُبِّ لها، وهي تسمعه يجعل شرطَ حبِّها له محبة عائشة رضي الله عنها، إنه محمد صلى الله عليه وسلم معين الحب الذي لا ينضُب.
 
هذا أبو هريرة رضي الله عنه يحكي لنا مشهدًا عجيبًا عن فيض الحب الذي كان يَمنحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيته، فيقول: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار لا يكلمني ولا أُكلمه، حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة، فقال: ((أَثَمَّ لُكَعُ، أَثَمَّ لُكَعُ))[3]؛ يعني: حسنًا، فظننا أنه إنما تحبسه أمُّه لأن تغسله وتلبسه سخابًا[4]، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أحبُّه، فأحِبَّه وأحبِبْ مَنْ يُحِبُّه))[5].
 
ويروي البراء طرفًا من هذا الحب، فيقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول: ((اللهُمَّ إنِّي أُحِبُّه فأحِبَّه))[6].
 
ولك أن تتخيَّل مشهد الحَسَن رضي الله عنه، وهو يُبصر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بسط له ذراعيه، وأقبل عليه بفرح وسرور، فينطلق في شوق إلى حضن حبيبه صلى الله عليه وسلم؛ أي: فرحة وسرور وبهجة ستسكن فؤاد هذا الوليد! لله أنت يا رسول الله، ما أجمل تربيتَكَ! وما أروع ما تفيضه على مَنْ تُعاشره من معين الحبِّ الفيَّاض!
 
أخي القارئ، لك أن تتخيَّل هذا الوليد، وهو في أكثر من مناسبة يسمع هذا الدعاء: ((اللهُمَّ إنِّي أُحِبُّه فأَحِبَّه))، يترفَّع إلى السماء معلنًا الحب في أسمى معانيه، بل يتجاوز ذلك بأن يطلب من ربِّه جل وعلا أن يُحبَّه؛ بل يحثُّ النفوس على حُبِّه، فيسأل ربَّه أن يحبَّ مَنْ يُحبُّه، كم ستترك مثل هذه الكلمات من آثار تربوية تُحقِّق الإشباع العاطفي والاستقرار النفسي، وتُورث القلب السعادة والهناء، إنها مدرسة الحُبِّ.
 
إن الحُبَّ في قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليس له مكان يحدُّه، ولا زمان ينتهي به؛ بل حتى لو مات الحبيب، فخفقان القلب بُحبِّه لا ينتهي، تقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة، يقول: ((اذهبوا بذي إلى أصدقاء خديجة))، قالت: فأغضبته يومًا، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إني رُزِقْتُ حُبَّها))[7].
 
إن الحب في ميزان محمد صلى الله عليه وسلم رزق رباني وهِبَة إلهية تُستوهَب ممَّن بيده مفاتيح القلوب، وكأنما يلفت انتباهنا عليه الصلاة والسلام إلى تجارة وكسب من نوع آخر، يغفل عنها الكثير من تجَّار الدنيا، إنها تجارة الحب؛ أي حبٍّ ذلك الذي كان يسكن قلب النبي صلى الله عليه وسلم؟!
 
ها هو يفرح ويسر حتى للصوت الذي يذكره بحبيبة قلبه خديجة رضي الله عنها، تحكي ذلك الصدِّيقة رضي الله عنها فتقول: "استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرَف استئذان خديجة، فارتاع لذلك، فقال: ((اللهم هالة))، قالت: فغرتُ ..."[8].
 
تأمَّل هذا الحوار الذي يكتنف الحبُّ كلَّ لفظة منه، في تلك الحجرة الضيقة حسًّا المتَّسعة أُنْسًا وودادًا، تقول الحبيبة عائشة رضي الله عنها عمن ملك عليها قلبَها وكلَّ حياتها: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عليَّ غضبى))، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: ((أما إذا كنت عنِّي راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت عليَّ غضبى، قلتِ: لا ورب إبراهيم))، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلَّا اسمك"[9].
 
يا ألله، ما أجملها من لحظات! كأني بنبضات قلبها تتسارع والحبيب يكشف لها أنه يُميِّز بقلبه المرهف وحِسِّه المشاعري ما تنطق به من عبارات، فهي لا تمرُّ على سَمْعه وقلبه مرورًا عابرًا؛ بل يستكشف من تلك الكلمات رضاها من عدمه، ليُسارع إلى قلب حبيبته، فيُزيل دواعي غضبِها ويُذيقها أُنْس الحُبِّ وجمال الحياة، فماذا كان ردها عليه؟ تردُّ بُحبِّها المتدفِّق ومشاعرها الفيَّاضة بجواب ينعقد اللسان أن ينطق بمثله، فتَتَيه العبارات، وتخرص الكلمات أن تُجاوب بمثل هذا الحب الفيَّاض، تأمَّل قولها: "أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلَّا اسمَكَ"، فحبُّك كنزٌ، مكانه سويداء القلب، فلله تلك المشاعر والأحاسيس، ولله تلك الحياة التي تكتنف السعادةُ كلَّ جوانبها، إنها مدرسة الحُبِّ وكفى.
 
ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود إلى بيته ليلًا في خاتمة يوم قد مُلئ بالكدح في التربية والتعليم، والدعوة والبلاغ، فيدلف إلى بيته، وإذ بالحبيبة تنتظره، فيُخاطبها خطاب الحبيب الذي يستأذن حبيبته: ((يا عائشة، ذريني أتعبَّد الليلة لربِّي))، قلت: والله، إنِّي لأُحِبُّ قُرْبَكَ، وأُحِبُّ ما يسرُّكَ، قالت: فقام فتطهَّر، ثم قام يُصلي، قالت: فلم يزَل يبكي حتى بلَّ حجره، قالت: وكان جالسًا، فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بَلَّ لحيتَه، قالت: ثم بكى حتى بَلَّ الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ لقد نزلت عليَّ الليلة آية، ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكَّر فيها: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ...
[آل عمران: 190] الآية كلها)
)
[10].
 
وكم في هذه القصة من رسائل الحب الزوجية، فهو صلى الله عليه وسلم يستأذنها ليقف بين يدي ربِّه جل وعلا، فيكون الردُّ فيضًا من مشاعر الحب يَعجِز الحرف عن الإحاطة بأسراره، تأمَّل: ((والله، إنِّي لأُحِبُّ قُرْبَكَ، وأُحِبُّ ما يسرُّكَ))، ففي كلا الحالين أنت الحبيب، والقلب ينعم بحبك ويزاد شغفًا بك، وأنَّى لقلب هذه أحاسيسه ومشاعره أن يذوق الغمض، فها هي تسهر الليل كله ترقب حبيبها، تحرسه بعينها التي أضناها السهاد، يخفق قلبها مع كل دمعة تُهراقُ على خديه، فطوبى لحياة الحب، ما أجملها! وما أهنأ لحظاتها!
 
لقد كان قلب محمد صلى الله عليه وسلم يفيض بالحب على كل من يُعاشره من زوج وذريَّة وأصحاب، فها هو يبث الحب، وينثر على مَنْ يَلْقاه، يمرُّ ببعض المدينة، فإذا هو بجوارٍ يضربْنَ بدفِّهن، ويتغنَّيْن، ويقُلْنَ:
نحن جوار من بني النجَّار
يا حبَّذا محمدٌ من جار
فيقول صلى الله عليه وسلم: ((الله يعلم إني لأحبكنَّ))[11].
 
وها هو معاذ بن جبل رضي الله عنه يحكي لنا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغذوه بمشاعر الحب والوداد، يصف ذلك فيقول: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إنِّي لأُحِبُّكَ يا معاذ))، فقلت: وأنا أحبُّكَ يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فلا تَدَعْ أن تقول في كل صلاة: ربِّ أعنِّي على ذِكْرك وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتِكَ))[12].
 
لله تلك الأُذُن التي تشنَّفَت بسماع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يفضي إليها بخلجات القلب وخفايا الفؤاد: ((إني لأُحِبُّكَ يا معاذ))، أي يوم كذلك اليوم، وأي ليلة كتلك الليلة التي باح فيها محمد صلى الله عليه وسلم بتلك العبارة؟ كيف كان يومه؟ وكيف كانت ليلتُه؟ هو يستروح عبق الحروف وأريج العبارات، فيروي لنا قصة: ((إنِّي لأُحِبُّكَ يا معاذ)).
 
لم تكن هذه العبارة حصرًا على معاذ رضي الله عنه؛ بل نالت الكثير من صحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم خزانة الحب ومستودع الوداد، أكثر الناس سخاءً وجُودًا، وأعظم ما جاد به هو الحب الدافق لمن يُعاشره، لقد كان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص أن تكون كلمة الحب تعبق في أجواء المجتمع الذي يعيش فيه؛ لتكون نبراسًا للأجيال القادمة؛ يحكي لنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلًا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمرَّ به رجلٌ، فقال: يا رسول الله، إني لأُحبُّ هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعْلَمتَه؟))، قال: لا، قال: ((أَعْلِمْهُ))، قال: فلحِقه، فقال: إني أحبُّك في الله، فقال: أحبَّكَ الذي أحببتني له"[13].
 
بهذا التوجيه النبوي ينعَم المجتمع المحمدي بالحب والوداد والألفة والسعادة والهناء، فطوى لذلك المجتمع الذي تذوَّق تلك الحياة الفريدة، وما أحوَجنا اليوم أن نتتلمذ في تلك المدرسة العظيمة!
 
لله أنت يا رسول الله حتى أتباعك الذين لم يظفروا برؤيتك، أفضْتَ عليهم مشاعر الوداد، يكفيهم هذا الشوق العظيم حين قلت: ((وددتُ أنِّي لقيت إخواني))، قال: فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أوليس نحن إخوانك؟ قال: ((أنتم أصحابي؛ لكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني))[14].
 
هذا قلب محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه مشاعره التي لم يكتنزها في صدره؛ بل صدح بها، فهل نتأسَّى به، فنصدح بعبارات الحُبِّ لمن نُحِبُّ؟ هل نُفيض على أهلينا وأقاربنا وإخواننا كلمات الوداد؟
 
إطلالة:






قالت أحبُّكَ والمحبَّةُ لي جَوى
قلتُ ارفقي فالقلبُ فيكِ قَدِ ارْتَمى


الحُبُّ حبُّك فارفُقي بصبابتي
فحروفُ لفظِكِ كم غَدَتْ لي بَلْسَمَا


قولي أُحِبُّكَ لا تَملِّي قولَها
فحروفُها كم حلَّقَتْ بي في السَّما


كالطيرِ حلَّقَ عاليًا ثُمَّ انْثَنى
للعُشِّ يأوي يرتوي فيه الهنا


عصفورتي ضُمِّي الجناحَ وغرِّدي
بالحُبِّ صوتُكِ كان لي كل المُنَى


أنشودة الحُبِّ التي أسْمَعتِني
ما زال رَجْعُ الصوتِ يعزِفُ للدُّنا


سأظلُّ ألهجُ بالمحبَّةِ والهوى
وأُعيدُ ذِكْراها ليَسْتَمِعَ الوَرى


إنِّي أُحِبُّكِ ما ملَلْتُ مقالَها
كم ليلة كانت رفيقي في السرى


أولم يُفِض قلبُ النبي برسمها
هي رزقٌ من خلق السماء ومَنْ بَرى










[1] رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني.


[2] رواه البخاري ومسلم.


[3] المراد به هنا الصغير، انظُر: شرح النووي على مسلم (15/ 193).


[4] المراد: قلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاط الطيب، يعمل على هيئة السبحة، ويجعل قلادة للصبيان والجواري، وقيل: هو خيط فيه خرز، سُمِّي سخابًا لصوت خرزه عند حركته، انظُر: شرح النووي على مسلم (15/ 193).


[5] رواه البخاري ومسلم.


[6] رواه البخاري ومسلم.


[7] رواه ابن حِبَّان، وصحَّحه الألباني.


[8] رواه البخاري ومسلم.


[9] رواه البخاري ومسلم.


[10] رواه ابن حبان وحسَّنه الألباني.


[11] رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني.


[12] رواه البخاري.


[13] رواه ابو داود وحسنه الألباني.


[14] رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١