خطب ومحاضرات
اتق الله حيثما كنت
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم أغث قلوبنا بالإيمان والتقوى كما أغثت أرضنا بالمطر والخير، نحن الآن نسمع هطول المطر في هذه الساعة المباركة، وهي ساعة استجابة، فنسأل الله الذي لا إله إلا هو كما أغاث أرضنا أن يغيث قلوبنا! فوالله الذي لا إله إلا هو إن قلوبنا لهي أحوج إلى غيث الإيمان من الأرض إلى غيث المطر! فلقد أقفرت القلوب وقست، وتحجرت العيون، وأصبحنا في وضع يشكى فيه إلى الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون!
إن الخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة، ولكنا نطمع بالمزيد، ففي هذه الساعة ندعو الله ونبتهل إليه أن يغيث قلوبنا بالإيمان، وأطلب من الإخوة الكرام الذين هم الآن في المسجد وفي ساحة المسجد المغطاة أن يتقاربوا حتى يدخل إخوانهم من المطر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ [المجادلة:11] بإمكان المسجد أن يستوعب إن شاء الله كل من حضر، فتقاربوا حتى لا يبقى مكان، وفي صلاة العشاء إن شاء الله يكون الخير.
أيها الإخوة في الله: التقوى والخشية والخوف والمراقبة لله عز وجل هي المجالات التي تسابق فيها الصالحون من عباد الله، والتي تباين فيها الناس، فعاش أقوام في القمم من التقوى؛ فأصبحوا عند الله أفضل من الملائكة، وحرم منها أقوام فعاشوا -والعياذ بالله- عند الله أسوأ من البهائم والحيوانات.
التقوى ميدان التفاضل بين العباد
يقول الله عز وجل: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد:21] وقبلها يقول: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133] يقول الله يوم القيامة يوم ينادي بالناس: (إني قد وضعت نسباً ووضعتم أنساباً، فرفعتم أنسابكم ووضعتم نسبي، اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم، ليقم أهل التقوى، فيقومون وهم قليل) اللهم اجعلنا منهم.
التقوى عنوان السعادة في الدنيا والآخرة
وكذلك في الرزق، كما قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] وكذلك التيسير، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4] والتكفير للسيئات: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5].
ويوم القيامة ينجي الله تعالى أهل التقوى فقط، كما قال تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً [مريم:71] أي: النار ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً [مريم:72] لا نجاة من النار إلا الأهل التقوى فقط، ففتش نفسك هل أنت منهم، أم أن لك حسابات أخرى؟!
وفي يوم القيامة يقول الله عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:54-55] .. إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [الدخان:51-56] والموت هو الذي يهدم كل شيء! هذا هو الموت! الذي لا يمنع منه ملك، ولا صاحب مال أو عضلات!
لهوت وغرتك الأماني وعندما أتمت لك الأفراح فوجئت بالقبر |
الموت لا يمتنع منه أحد إلا أهل الجنة، كما قال الله عز وجل: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [الدخان:56-57]، ويقول عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:17-24] فالغلمان والخدم مثل اللؤلؤ المكنون، فكيف بالمخدومين؟!! وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:24].
وبعد ذلك من نهاية الأُنس والتفكه أنهم أيضاً يتحادثون ويتنادمون، وأخبر الله تعالى عن هذا في أكثر من سورة، يقول تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:25-26] الله أكبر! كانوا خائفين وجلين، كأن النار ما خلقت إلا لهم، كأنهم أشقى خلق الله وأفضل الناس عند الله قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:26] فماذا حصل؟ مع الإشفاق؟ هنا حصل الأمن هناك، قال الله عز وجل: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور:27-28].
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العليا في هذه الساعة -فلعلها ساعة استجابة- أن تجعلنا من هؤلاء، اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين، اللهم اجعلنا من هؤلاء الذين دعوا فاستجبت لهم إنك أنت البر الرحيم، ولا تحرمنا من فضلك يا أرحم الراحمين.
ويقول عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ [الذاريات:15-20].
ويقول عز وجل: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [القلم:34] ويقول عز وجل: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً [النبأ:31-34] المهم أن كل خير في الدنيا والآخرة مسجل في حساب المتقين، لماذا? لأنهم استنـزلوا هذه المنـزلة ووصلوا إلى هذه الدرجة بتقوى الله تبارك وتعالى.
هذه التقوى من ينـزل ويجلس فيها تشرق عليه إشراقات السعادة، وتتوجه إليه الخيرات، وتقبل عليه الأنوار من كل جانب، والذي يحرم التقوى ويعيش بعيداً عنها -والعياذ بالله- تشرق عليه الظلمات، وتحل عليه النكبات، ويعيش في الجهل والبعد عن الله، حتى يشقى في الدنيا والآخرة أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
التقوى سبب تفريج الشدائد
جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث عن ثلاثة كانوا في سفر، ونزل عليهم المطر في ليل بارد؛ فدخلوا في غار، وفي أثناء جلوسهم في الغار انحدرت عليهم صخرة من الجبل وسدت عليهم باب الغار، وهم في الصحراء لا يوجد تليفوناً يتصلون بالدفاع المدني، ولو صرخوا وصاحوا فلا أحد يسمعهم، وإن دفعوها بأيديهم وأقدامهم لا يستطيعون؛ لأنها صخرة كبيرة. فقال أحدهم: إنه لا ينجيكم مما أنتم فيه إلا الله -يقول: أسباب الأرض انقطعت وما بقي إلا أسباب السماء- فادعوا الله عز وجل بصالح أعمالكم، تعرفوا على الله عز وجل بصالح الأعمال ليعرفكم في هذه الشدة؛ لأن من تعرف على الله في الرخاء عرفه في الشدة، ومن نسي الله في الرخاء نسيه الله في الرخاء والشدة، فقام كل واحد منهم وبدأ يذكر صالح عمله، وهم من خيار الناس، ووالله يا إخوان -كما قلت هذا في مناسبة سابقة- أني إذا ذكرت هذا الحديث يتقطع قلبي من الألم، وأقول: لو كنت أنا معهم بم أدعو الله؟ وماذا أقول؟ لا يوجد عندي شيء.
فتبقى الصخرة إلى أن يتقطع جلدي وأموت ويفنى عظمي ولحمي، لماذا?
لأنه لا يوجد مؤهلات تزيل الجبال.
أما هؤلاء الثلاثة العظماء الأتقياء فقام كل واحد منهم يقدم عملاً، ويسأل الله عز وجل أن يخفف عنهم ما هم فيه من الكرب، وأن يفرج عنهم ما هم فيه من الغم، فيتحرك الحجر، ومن ضمنهم واحد قال: اللهم إنه كانت لي ابنة عم، وكنت أحبها كأعظم وأشد ما يحب الرجال النساء، وراودتها عن نفسها مراراً فأبت -إنها امرأة شريفة طاهرة نقية عفيفة- يقول: وفي يوم من الأيام ألجأتها الظروف والحاجة والضرورة إلى أن تأتي وتستقرض مني مالاً، فرفضت أن أقرضها إلا أن تخلي بيني وبين نفسها، فأطاعت تحت وطأت الاضطرار، يقول: فلما جلست منها مجلس الرجل من المرأة قالت لي: يا هذا! اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، إنها كلمة! لكنها وقعت في قلب مؤمن، قال: فتركتها من أجلك وقمت، قال: فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون.
كلمةٌ هزت قلب الرجل وأنقذته من هذا المكان الخطر، وهذه الكلمة لا تؤثر إلا فيمن إيمانه مثل الجبال، قد يقولها المرء في الذهن، لكن في تلك الأماكن يعمى البصر وتطغى الشهوة، وينسى الإنسان ربه والنار والعار والشنار والدمار، ويفرغ شهوته ولا يبالي بأحد، لكن هذا لما قالت له: اتق الله، قام فزعاً خائفاً.
هذا هو المؤمن، ولكن هناك من لا يتقي الله إن قيل له: اتق الله .. بل بعضهم إذا قيل له: اتق الله يزيد في المعصية، كأنك تقول له: لا تتق الله، وقد بين الله عز وجل هذا في القرآن فقال: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ [البقرة:206] ما معنى أخذته العزة بالإثم؟
أي: لا يخاف الله، ولا تأخذه العزة بالله ولا بتقوى وخوف ومراقبة الله، ولكن تأخذه العزة بأن يمارس الإثم! ويعتز بأن يزني ويرابي ويعصي الله عز وجل، ولا يعتز بالله، فهذا أخذته العزة بأن يمارس الإثم ويقع في الخطيئة، قال الله عز وجل: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة:206] فهذا تكفيه جهنم، نعم. تكفيه جهنم؛ نار أوقد الله عليها ثلاثة آلاف سنة! ما ظنكم بنار أوقدها الجبار! إذا كنا الآن لا نتحمل ناراً أوقدها الفران، تعال إلى الفرن وأنت تشتري خبزاً وضع يدك في رأس الفرن فقط ولا تمدها إلى الداخل، واصبر قليلاً وانظر ... لا بد من التجربة، هل تصبر على النار؟! والله لا تصبر، فكيف إذا أخذك شخص وطوى رأسك ويديك ورجليك وأدخلك في النار دقيقة واحدة فقط .. ستين ثانية، هل تتحمل؟! كيف نخرجك؟! لو أخرجناك بعد دقيقة واحدة لخرجت مشوياً، لا إله إلا الله -يا إخواني- ما أقسى قلوبنا!!
والله إن الذي يرى أعمالنا يقول: هؤلاء ضد النار، أو لا تأكلهم النار، أو لا يعرفون النار، إن أقدامكم على النار لا تقوى.
فالمؤمن إذا قلت له: اتق الله، فإنه لا يقدم ولا يمشي في معصية الله، قال الله تعالى: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة:206].
التقوى هي النسب الرباني الذي جعله الله عز وجل ميداناً للتفاضل بين العباد، يقول الله عز وجل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] ولم يقل: أكثركم مالاً ولا جاهاً ولا سلطة، ولا طولاً ولا عرضاً ولا نسباً، فهذه كلها مقاييس أرضية، ولكن يوجد مقياس سماوي وميزان رباني يوزن به الناس في الدنيا، والقبر، والحشر، وفي عرصات القيامة، ثم ينجح أصحابه بجنة عرضها السماوات والأرض: (فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر).
يقول الله عز وجل: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد:21] وقبلها يقول: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133] يقول الله يوم القيامة يوم ينادي بالناس: (إني قد وضعت نسباً ووضعتم أنساباً، فرفعتم أنسابكم ووضعتم نسبي، اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم، ليقم أهل التقوى، فيقومون وهم قليل) اللهم اجعلنا منهم.
أيها الإخوة: التقوى عنوان السعادة في الدنيا والآخرة، فقد رتب الله عليها كل خير في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا معية الله، يقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128].
وكذلك في الرزق، كما قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] وكذلك التيسير، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4] والتكفير للسيئات: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5].
ويوم القيامة ينجي الله تعالى أهل التقوى فقط، كما قال تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً [مريم:71] أي: النار ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً [مريم:72] لا نجاة من النار إلا الأهل التقوى فقط، ففتش نفسك هل أنت منهم، أم أن لك حسابات أخرى؟!
وفي يوم القيامة يقول الله عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:54-55] .. إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [الدخان:51-56] والموت هو الذي يهدم كل شيء! هذا هو الموت! الذي لا يمنع منه ملك، ولا صاحب مال أو عضلات!
لهوت وغرتك الأماني وعندما أتمت لك الأفراح فوجئت بالقبر |
الموت لا يمتنع منه أحد إلا أهل الجنة، كما قال الله عز وجل: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [الدخان:56-57]، ويقول عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:17-24] فالغلمان والخدم مثل اللؤلؤ المكنون، فكيف بالمخدومين؟!! وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:24].
وبعد ذلك من نهاية الأُنس والتفكه أنهم أيضاً يتحادثون ويتنادمون، وأخبر الله تعالى عن هذا في أكثر من سورة، يقول تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:25-26] الله أكبر! كانوا خائفين وجلين، كأن النار ما خلقت إلا لهم، كأنهم أشقى خلق الله وأفضل الناس عند الله قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:26] فماذا حصل؟ مع الإشفاق؟ هنا حصل الأمن هناك، قال الله عز وجل: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور:27-28].
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العليا في هذه الساعة -فلعلها ساعة استجابة- أن تجعلنا من هؤلاء، اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين، اللهم اجعلنا من هؤلاء الذين دعوا فاستجبت لهم إنك أنت البر الرحيم، ولا تحرمنا من فضلك يا أرحم الراحمين.
ويقول عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ [الذاريات:15-20].
ويقول عز وجل: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [القلم:34] ويقول عز وجل: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً [النبأ:31-34] المهم أن كل خير في الدنيا والآخرة مسجل في حساب المتقين، لماذا? لأنهم استنـزلوا هذه المنـزلة ووصلوا إلى هذه الدرجة بتقوى الله تبارك وتعالى.
هذه التقوى من ينـزل ويجلس فيها تشرق عليه إشراقات السعادة، وتتوجه إليه الخيرات، وتقبل عليه الأنوار من كل جانب، والذي يحرم التقوى ويعيش بعيداً عنها -والعياذ بالله- تشرق عليه الظلمات، وتحل عليه النكبات، ويعيش في الجهل والبعد عن الله، حتى يشقى في الدنيا والآخرة أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
كلمة (اتق الله) كلمة تهز نياط القلوب إذا ما وجهت إلى أهل الإيمان، فإذا سمعها المؤمن ارتجف؛ لأنه لا يستطيع أن يتحمل أن عصيان الله إذا قيل له: اتق الله. بل هذه علامة خطر، هذه لوحة ممنوع الوقوف (اتق الله). ارجع إلى الله. اهرب من معصية الله. احذر بأس الله وشدته، وعظمته، هؤلاء هم أهل الإيمان الذين إذا سمعوا كلمة: (اتق الله عز وجل) ارتعدت فرائصهم، واضطربت قلوبهم، وقامت جوارحهم، ولا يمكن أن تستمر المعصية، لماذا? لأنه قيل له: اتق الله.
جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث عن ثلاثة كانوا في سفر، ونزل عليهم المطر في ليل بارد؛ فدخلوا في غار، وفي أثناء جلوسهم في الغار انحدرت عليهم صخرة من الجبل وسدت عليهم باب الغار، وهم في الصحراء لا يوجد تليفوناً يتصلون بالدفاع المدني، ولو صرخوا وصاحوا فلا أحد يسمعهم، وإن دفعوها بأيديهم وأقدامهم لا يستطيعون؛ لأنها صخرة كبيرة. فقال أحدهم: إنه لا ينجيكم مما أنتم فيه إلا الله -يقول: أسباب الأرض انقطعت وما بقي إلا أسباب السماء- فادعوا الله عز وجل بصالح أعمالكم، تعرفوا على الله عز وجل بصالح الأعمال ليعرفكم في هذه الشدة؛ لأن من تعرف على الله في الرخاء عرفه في الشدة، ومن نسي الله في الرخاء نسيه الله في الرخاء والشدة، فقام كل واحد منهم وبدأ يذكر صالح عمله، وهم من خيار الناس، ووالله يا إخوان -كما قلت هذا في مناسبة سابقة- أني إذا ذكرت هذا الحديث يتقطع قلبي من الألم، وأقول: لو كنت أنا معهم بم أدعو الله؟ وماذا أقول؟ لا يوجد عندي شيء.
فتبقى الصخرة إلى أن يتقطع جلدي وأموت ويفنى عظمي ولحمي، لماذا?
لأنه لا يوجد مؤهلات تزيل الجبال.
أما هؤلاء الثلاثة العظماء الأتقياء فقام كل واحد منهم يقدم عملاً، ويسأل الله عز وجل أن يخفف عنهم ما هم فيه من الكرب، وأن يفرج عنهم ما هم فيه من الغم، فيتحرك الحجر، ومن ضمنهم واحد قال: اللهم إنه كانت لي ابنة عم، وكنت أحبها كأعظم وأشد ما يحب الرجال النساء، وراودتها عن نفسها مراراً فأبت -إنها امرأة شريفة طاهرة نقية عفيفة- يقول: وفي يوم من الأيام ألجأتها الظروف والحاجة والضرورة إلى أن تأتي وتستقرض مني مالاً، فرفضت أن أقرضها إلا أن تخلي بيني وبين نفسها، فأطاعت تحت وطأت الاضطرار، يقول: فلما جلست منها مجلس الرجل من المرأة قالت لي: يا هذا! اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، إنها كلمة! لكنها وقعت في قلب مؤمن، قال: فتركتها من أجلك وقمت، قال: فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون.
كلمةٌ هزت قلب الرجل وأنقذته من هذا المكان الخطر، وهذه الكلمة لا تؤثر إلا فيمن إيمانه مثل الجبال، قد يقولها المرء في الذهن، لكن في تلك الأماكن يعمى البصر وتطغى الشهوة، وينسى الإنسان ربه والنار والعار والشنار والدمار، ويفرغ شهوته ولا يبالي بأحد، لكن هذا لما قالت له: اتق الله، قام فزعاً خائفاً.
هذا هو المؤمن، ولكن هناك من لا يتقي الله إن قيل له: اتق الله .. بل بعضهم إذا قيل له: اتق الله يزيد في المعصية، كأنك تقول له: لا تتق الله، وقد بين الله عز وجل هذا في القرآن فقال: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ [البقرة:206] ما معنى أخذته العزة بالإثم؟
أي: لا يخاف الله، ولا تأخذه العزة بالله ولا بتقوى وخوف ومراقبة الله، ولكن تأخذه العزة بأن يمارس الإثم! ويعتز بأن يزني ويرابي ويعصي الله عز وجل، ولا يعتز بالله، فهذا أخذته العزة بأن يمارس الإثم ويقع في الخطيئة، قال الله عز وجل: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة:206] فهذا تكفيه جهنم، نعم. تكفيه جهنم؛ نار أوقد الله عليها ثلاثة آلاف سنة! ما ظنكم بنار أوقدها الجبار! إذا كنا الآن لا نتحمل ناراً أوقدها الفران، تعال إلى الفرن وأنت تشتري خبزاً وضع يدك في رأس الفرن فقط ولا تمدها إلى الداخل، واصبر قليلاً وانظر ... لا بد من التجربة، هل تصبر على النار؟! والله لا تصبر، فكيف إذا أخذك شخص وطوى رأسك ويديك ورجليك وأدخلك في النار دقيقة واحدة فقط .. ستين ثانية، هل تتحمل؟! كيف نخرجك؟! لو أخرجناك بعد دقيقة واحدة لخرجت مشوياً، لا إله إلا الله -يا إخواني- ما أقسى قلوبنا!!
والله إن الذي يرى أعمالنا يقول: هؤلاء ضد النار، أو لا تأكلهم النار، أو لا يعرفون النار، إن أقدامكم على النار لا تقوى.
فالمؤمن إذا قلت له: اتق الله، فإنه لا يقدم ولا يمشي في معصية الله، قال الله تعالى: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة:206].
التقوى وصية الله عز وجل للأولين والآخرين، وما من أمة بعث فيهم نبي إلا وتقوى الله عز وجل من أول وصاياه، قال الله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131] وهي وصية الله تعالى للناس أجمعين، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2].
يقول الله تعالى: اتقوا هذا اليوم، وضعوا بينكم وبين عذاب الله تعالى في هذا اليوم وقاية؛ لأنكم لن تستطيعوا تحمله، فالمرضعات يذهلن عمن يرضعنهم، والحوامل يضعن حملهن، والأطفال تشيب رءوسهم: يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً [المزمل:17-18] الملائكة تحضر كلها من السماء وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً [الفرقان:25] .. فَإِذَا انشَقَّتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ [الرحمن:37] أي: معالم الكون كلها تتغير ونحن واقفون في ذلك اليوم حفاة عراة غرلاً غير مختونين، لا مال ولا أولاد وإنما قلوبنا معلقة، وأبصارنا شاخصة، وننتظر ما يأتي، يقول الله عز وجل: وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً [طه:111] وقال تعالى: فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً [طه:108] وقال تعالى: وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ:33] وقال تعالى: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ [غافر:18] القلب لا يبقى مكانه ولكن يرتفع إلى الحنجرة فيسدها ولا يستطيع أن يتنفس: إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:18-19].
الله عز وجل يوصي الناس ويقول لهم اتقوا ربكم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً [لقمان:33] التكافل والتكاتف والتعاون وبذل الجاه والسلطة أكبر ما يكون بين الولد والوالد، سواء كانت أمه أو أباه؛ لأن الوالد يشمل الأم والأب، والمولود يشمل الذكر والأنثى، والتكافل معناه: أن الوالد يود أن يفدي ولده بدمه، ويود الولد أن يفدي أباه بدمه، لكن يوم القيامة كل واحد يهرب من الآخر، أي: إذا لقي الولد أباه يفر، لماذا? لأنه سيقول له: أعطني، ولا أحد يريد أن يقال له: أعطني.
أنت الآن إذا كنت مغترباً في أرض بعيدة، ومعك خيرات وأموال، ورأيت واحداً من جماعتك، ما إن تراه حتى تفرح به، وتحييه وترحب به وتقول: مرحباً وحياك الله، والغداء عندنا، والعشاء عندنا، لماذا?
لأنك تملك مالاً وتستطيع أن تضيفه، لكن إذا لقيته وليس معك نقود، فإنك مباشرة تحاول التخلص منه، لماذا?
لأنك لو قلت: تفضل، لأجاب فمن أين تأتي بالغداء والعشاء؟ فيوم القيامة كل واحد يفر من الآخر؛ لأنه لا يوجد إلا حسنات، وقد ورد في الحديث: (إن الأب يأتي ولده يوم القيامة فيقول له: أسألك بحق أبوتي عليك حسنة أثقل بها ميزاني، فيقول: نعم. يا أبت! لقد والله أحسنت تربيتي وغذيتني وأعطيتني، ولكن أسألك أنا بحق بنوتي لك بأن تكمل الجميل وتعطيني حسنة أثقل بها ميزاني) وكل واحد يريد حسنات من الآخر، فقال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [عبس:34-36] لماذا?
لأنه: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:37].
فالنداء جاء للناس كافة بتقوى الله، ثم ضيق الله تعالى الدائرة، ونادى أهل الإيمان خاصة بلفظ التقوى، وكثير من الآيات في القرآن، فيها نداء للمؤمنين ودعوتهم بأن يتقوا الله؛ لأن المؤمنين هم خاصة البشر وصفوة الناس؛ ولأنهم آمنوا بالله تعالى، وصدقوا المرسلين، يقول الله تعالى فيهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18] أي: حاسب نفسك: ماذا صنعت لغد؟ ماذا تعمل لو مت الآن؟ لو جاءك ملك الموت ومت الآن، ماذا عندك من المؤهلات التي تنفعك يوم القيامة؟ كيف صلاتك وعقيدتك وزكاتك؟ وبرك وصلتك لرحمك، وتلاوتك لكتاب ربك وحبك وبغضك؟ وعينك في الحلال؟ وأذنك في الحلال؟ وكل حياتك؟ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].
جزاء المتقين في الدنيا والآخرة
فيعطيك الله نصيباً في الدنيا والآخرة فيرحمك؛ يرحمك في الدنيا فيبقيك على الصراط المستقيم، وينور بصيرتك، ويحبب إليك الإيمان، ويكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، ويوفقك ويسددك ويهديك ويشرح صدرك للإيمان، وبعد ذلك يرحمك في الآخرة فيجيرك من النيران ويجعلك من أهل الجنان: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ [الحديد:28] قال العلماء: نوراً هنا: نكرة، أي: يجعل لكم نوراً شاملاً في الدنيا، والقبر، وعلى الصراط، كما قال عز وجل: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً [الحديد:12-13].
والنور في القبر كما قال صلى الله عليه وسلم والحديث في صحيح مسلم : (والصلاة نور) فالصلاة نور في القبر؛ إذا أردت أن تنور القبر فبالصلاة، بحيث إذا دخلت لا يوجد إلا الأنوار، فحافظ على الصلاة من الآن، حتى تكون الصلاة لك نوراً يوم الظلمات، يوم تترك نور الدنيا، ويضعونك في العمارة النهائية المصيرية، في قبر موحش مظلم، مساحته ضيقة وليست متسعة، ثم لحد، ثم ظلام وليس معك شيء إلا عملك وصلاتك، والصلاة نور ليوم القيامة، إلى آخر الأمر، قال الله عز وجل: وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحديد:28] لأنه وقد تقع من الإنسان هفوات فلا أحد معصوم، وكلكم خطاءون ولكن من غير إصرار ولا مداومة.
ويقول عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29] قال العلماء: (فرقاناً) يجعله الله لك بالتقوى؛ وهو نور يقذفه الله عز وجل في قلبك وبين عينيك فترى به طريق الخير فتتبعه، وطريق الشر فتجتنبه، وهذا معنى الفرقان الذي تفرق به بين الحق والباطل، والخير والشر، والهداية والضلالة، وطريق الله وطريق الشيطان، لماذا؟ لأن عندك نوراً وفرقاناً، لكن إذا لم يوجد نور ولا فرقان فربما يسير الإنسان في الغواية والضلال -والعياذ بالله- لأنه لا يدري فهو أعمى؛ والأعمى تسهل قيادته إلى المهالك والعياذ بالله.
هذه التقوى -أيها الإخوة- وجهت للمؤمنين.
أمر الله للنبي بالتقوى لعظمها
وذلك لعظمه صلى الله عليه وسلم، هذا العظيم يقول الله تعالى له في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1] أتقى خلق الله، وأعلم الناس بالله، والله تعالى يقول له: اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1] ما معنى هذا؟
قال المفسرون: ليس معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس متقياً لله، ولكن لتأكيد الأمر بالتقوى؛ لعظم منـزلة المتقين عند الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1] وكان أتقى خلق الله، يقول: (إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ومع هذا فأنا أصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني) هكذا قال صلى الله عليه وسلم.
يقول عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ [الحديد:28] فماذا يحصل لكم بعد هذا؟ قال: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ [الحديد:28] أي: يعطكم نصيبين من رحمته، قال العلماء: نصيب في الدنيا ونصيب في الآخرة.
فيعطيك الله نصيباً في الدنيا والآخرة فيرحمك؛ يرحمك في الدنيا فيبقيك على الصراط المستقيم، وينور بصيرتك، ويحبب إليك الإيمان، ويكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، ويوفقك ويسددك ويهديك ويشرح صدرك للإيمان، وبعد ذلك يرحمك في الآخرة فيجيرك من النيران ويجعلك من أهل الجنان: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ [الحديد:28] قال العلماء: نوراً هنا: نكرة، أي: يجعل لكم نوراً شاملاً في الدنيا، والقبر، وعلى الصراط، كما قال عز وجل: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً [الحديد:12-13].
والنور في القبر كما قال صلى الله عليه وسلم والحديث في صحيح مسلم : (والصلاة نور) فالصلاة نور في القبر؛ إذا أردت أن تنور القبر فبالصلاة، بحيث إذا دخلت لا يوجد إلا الأنوار، فحافظ على الصلاة من الآن، حتى تكون الصلاة لك نوراً يوم الظلمات، يوم تترك نور الدنيا، ويضعونك في العمارة النهائية المصيرية، في قبر موحش مظلم، مساحته ضيقة وليست متسعة، ثم لحد، ثم ظلام وليس معك شيء إلا عملك وصلاتك، والصلاة نور ليوم القيامة، إلى آخر الأمر، قال الله عز وجل: وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحديد:28] لأنه وقد تقع من الإنسان هفوات فلا أحد معصوم، وكلكم خطاءون ولكن من غير إصرار ولا مداومة.
ويقول عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29] قال العلماء: (فرقاناً) يجعله الله لك بالتقوى؛ وهو نور يقذفه الله عز وجل في قلبك وبين عينيك فترى به طريق الخير فتتبعه، وطريق الشر فتجتنبه، وهذا معنى الفرقان الذي تفرق به بين الحق والباطل، والخير والشر، والهداية والضلالة، وطريق الله وطريق الشيطان، لماذا؟ لأن عندك نوراً وفرقاناً، لكن إذا لم يوجد نور ولا فرقان فربما يسير الإنسان في الغواية والضلال -والعياذ بالله- لأنه لا يدري فهو أعمى؛ والأعمى تسهل قيادته إلى المهالك والعياذ بالله.
هذه التقوى -أيها الإخوة- وجهت للمؤمنين.
آخر ما وجه الأمر بالتقوى .. إلى أفضل خلق الله أجمعين وهو: رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وخير من سار على الأرض، وصاحب اللواء يوم العرض، وأول من تنشق عنه الأرض، وصاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة، وأول من يدخل الجنة، صلوات الله وسلامه عليه، فله المنـزلة الرفيعة عند الله، وله المقام العظيم، وهو صاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، واللواء المعقود، هذا الرجل صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، سيد الخلق أجمعين، نادى الله الأنبياء كلهم بأسمائهم إلا هو: يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا [الصافات:104-105] .. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ [هود:46] .. يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ [القصص:31] .. يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ [المائدة:116] كل نبي باسمه، أما محمد صلى الله عليه وسلم فلا يوجد في القرآن يا محمد، إلا يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الأنفال:64] .. يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ [المائدة:41].
وذلك لعظمه صلى الله عليه وسلم، هذا العظيم يقول الله تعالى له في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1] أتقى خلق الله، وأعلم الناس بالله، والله تعالى يقول له: اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1] ما معنى هذا؟
قال المفسرون: ليس معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس متقياً لله، ولكن لتأكيد الأمر بالتقوى؛ لعظم منـزلة المتقين عند الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1] وكان أتقى خلق الله، يقول: (إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ومع هذا فأنا أصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني) هكذا قال صلى الله عليه وسلم.
عنوان الدرس في هذه الليلة (اتق الله حيثما كنت) وهذه الجملة جزء من حديث رواه الترمذي في السنن وقال عنه: بأنه حسن، وفي بعض النسخ: حسن صحيح، وهذا الحديث من رواية أبي هريرة وأبي ذر الغفاري جندب بن جنادة ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم.
ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه
هذا الرجل العظيم يقول: (خرجت يوماً من المسجد وأنا جائع، ووالله إني كنت أتقلب على الأرض وأتلوى وكأن بي مساً من الجن، ووالله ما بي مس من الجن وما بي إلا مس الجوع، فمر
قال: (ثم خرج ولما رآه أبو هريرة فرح وقال: سأشرب منه حتى أشبع، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا هريرة : اذهب إلى أهل الصفة وائتني بهم، قال أبو هريرة: فحزنت حزناً كبيراً، وقلت: ما تصنع هذه الجفنة في أهل الصفة وأنا ساقيهم لن تبقى لي شربة واحدة منها، قال: فجاء أهل الصفة وهو سبعون رجلاً، وجلسوا صفاً واحداً في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ الجفنة وقال: يا أبا هريرة : أدر الجفنة واسق القوم، قال: فأعطيت الأول فشرب حتى شبع، ثم نقلتها إلى الثاني .. ووالله ما نقصت قطرة واحدة -يشربون منها وهي مكانها لا ينقص منها شيء، وهذه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم- قال: فشرب السبعون كلهم، حتى انتهوا ولم يبق إلا أنا والنبي صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: بقيت أنا وأنت يا أبا هريرة ! قلت: نعم يا رسول الله! قال: اشرب يا أبا هريرة ! قال: فشربت حتى شبعت ثم تركت الإناء، قال: اشرب يا أبا هريرة ! قال: فشربت حتى شبعت ثم تركت الإناء، قال: اشرب يا أبا هريرة -وهذه المرة الثالثة وهو لا يعصي الرسول- قال: يا رسول الله! والله لا أجد له مسلكاً -يقول: عبأت المسالك كلها والآن لا أجد له مكاناً، فأين أذهب به؟- فضحك صلوات الله وسلامه عليه حتى بدت أسنانه صلى الله عليه وسلم
ترجمة أبي ذر الغفاري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يرحم الله
ويروي الحديث أيضاً معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ وهو إمام العلماء يوم القيامة، فجميع علماء الأرض يأتون خلفه، وبينهم وبينه رتوة، يقدمهم رضي الله عنه وأرضاه وهو من فقهاء الأنصار، أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، وهذا الرجل كان يحب مجالس العلم، ولما حضرته الوفاة بكى، وكانت عنده بنت صغيرة، فقالت: يا أبتاه! ما يبكيك؟ أما تعلم أن ما لك عند الله خير من الدنيا، قال: [بلى والله! إني لا أبكي من الدنيا من أجل جني الثمار، ولا غرس الأشجار، ولكن لمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر، ولظمأ الهواجر، وسهر الليالي].
استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
اتق المحارم تكن أعبد الناس | 2930 استماع |
كيف تنال محبة الله؟ | 2929 استماع |
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً | 2805 استماع |
أمن وإيمان | 2678 استماع |
حال الناس في القبور | 2676 استماع |
توجيهات للمرأة المسلمة | 2605 استماع |
فرصة الرجوع إلى الله | 2572 استماع |
النهر الجاري | 2478 استماع |
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله | 2468 استماع |
مرحباً شهر الصيام | 2403 استماع |