حكم مسألة زجر الاعتداءات على الأخلاق الحميدة وزجر التحرش الجنسي
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
حكم مسألة زجر الاعتداءات على الأخلاق الحميدة
وزجر التحرش الجنسي
إن مسألة الاعتداء على الأخلاق الحميدة والتحرُّش الجنسي مِن أهم المسائل في التشريع مطلقًا؛ حيث إن هذه المسألة، مِن أبرز الجزئيات التي تجعَلُها معقدةً ودقيقة عدم التوصل إلى تعريف دقيق شافٍ يحصُرها ويحدِّدها بدقة متناهية، رغم أن التأمل في النصوص التشريعية وتدبُّرها وَفْق المنطق واللغة والمعنى - يجعَلُنا نحصر بوضوح معنى الأخلاق الحميدة، وهي - حسب رأيي - كلُّ قول وفعل يُحمَد، ويحمد؛ أي: لا يؤذي النفس والفطرة؛ حيث تتقبَّله وترتاح به وله.
من هنا يبرز جليًّا التعقيدُ التطبيقي لهذا التعريف؛ حيث إن الاعتداءَ على الأخلاق الحميدة هو - في النهاية - القيامُ بكل عمل من شأنه أن يخدش الفطرةَ الإنسانية القائمة على السموِّ والطُّهر والنقاء.
مِن هنا أرى أن الحِفاظ على الأخلاق الحميدة، وعدم الاعتداء عليها، إنما هو في النهاية حاجةٌ وأمرٌ طبيعي في ذات الإنسان الطبيعي، تجعَلُه دائمًا يتُوق إليها ويسعى إليها، حريصًا على تطبيقِها؛ فهي بمثابة الرَّقيب عليه؛ لذا أرى أن هذا الأمرَ الطبيعيَّ والفطري في الذات الإنسانية يجب أن يصعَد فيها وينشط، فيكون بذلك دائمًا موجودًا فاعلاً محرِّكًا لتصرُّف الإنسان وفعلِه, فلا يتدرَّجُ بذلك فيصبح ثانوي الدرجة، غيرَ مثير للاهتمام والاعتناء، فيكون تجاوزُه حادثًا عاديًّا روتينيًّا حتى يلامس العادة والاعتياد، هذه الوضعية خطيرة جدًّا؛ حيث إننا نلاحظ في بعض المجتمعات: أنه أصبح الاعتداءُ على الأخلاق الحميدة والتحرُّشُ الجنسي والتصرُّف بما ينافي الأخلاق والحياء - مسألةً دارجة عادية؛ نتيجة لردم وتغطية ذلك الأمر الفطري الذي يحتِّم على النفس النقاءَ والسموَّ والعفاف، فتصبح بذلك الأفعالُ المنافية للأخلاق الحميدة، والحياءِ، وما يتبعها من إثارة وتحرُّش جنسي، وإثارة للغرائز والرغبات، والمجاهرة بما ينافي الحياء - فعلاً عاديًّا دارجًا، رغم عدم الرِّضا عنها فطريًّا وطبيعيًّا في أي مجتمع، إذًا أرى ضرورة تيقُّظ الإنسان إلى هذا الأمر، وجعله رقيبًا عليه، فاعلاً في ذاته، مؤثرًا عليها؛ حتى يتحقق فعلُ الالتزام بالأخلاق الحميدة والحياء، ونفي كل ما من شأنه أن ينالَ مِن قِيَم السموِّ والطُّهر والنقاء الإنساني.
الأخلاق الحميدة أساسُها الفطرة، وعمادُها السعيُ إليها وطلبها.