إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (13)
مدة
قراءة المادة :
71 دقائق
.
إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (13)قوله:
.
.
.
ثم غزَا إلى أُحُدْ
في شهرِ شوَّالٍ وحمراءِ الأسَدْ
لم تهدأ قريشٌ ولم يسكن لها بالٌ منذ انتهاء وقعة بدر، بل ظلت في غيظ شديد وغليانٍ مما حدث؛ فقد قتل زعماؤها وكُسِر كبرياؤها، وضاعت هيبتها أمام العرب، وأصبح زعماؤها مطالبين بالثأر واسترداد الكرامة.
فأخذوا يعدون لذلك منذ رجوعهم من بدر.
بل قيل: إنهم خصصوا القافلةَ التي نجت من المسلمين يوم بدر لهذا الأمر[1].
وبعد مرور ثلاثة عشر شهرًا فقط من وقعة بدر جهَّزت قريش جيشًا تعداده ثلاثة آلاف مقاتل، معهم مئتا فرس، وجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل[2]، ثم خرَجوا لمحاربة المسلمين، وخرج معهم مَن أطاعهم مِن قبائل كنانة، وأهل تهامةَ[3].
وقد رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا في رؤيا منامية قبل عِلمه بقدوم المشركين، وقصها على أصحابه - رضوان الله عليهم- فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((رأيتُ في رؤياي أني هززتُ سيفًا فانقطع صدرُه، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحدٍ، ثم هززتُه أخرى فعاد أحسنَ مما كان، فإذا هو ما جاء به اللهُ من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيتُ فيها بقرًا، والله خيرٌ، فإذا هم المؤمنون يوم أحدٍ))[4]؛ أي: هم المؤمنون الذين قُتِلوا يوم أُحُد.
وفي رواية: ((ورأيت أني في درعٍ حصينةٍ فأوَّلتُها المدينة))[5].
ثم أُخبِر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدوم المشركين فجمع أصحابه وأشار عليهم فقال لهم: ((لو أنا أقمنا بالمدينة فإن دخَلوا علينا فيها قاتلناهم))، فقالوا: يا رسول الله، واللهِ ما دُخِل علينا فيها في الجاهلية، فكيف يُدخَل علينا فيها في الإسلام؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((شأنكم إذًا))، ولبِس - صلى الله عليه وسلم - لَأْمَتَه، فقالت الأنصار: رددنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيَه، فجاؤوا فقالوا: يا نبيَّ الله، شأنك إذًا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه ليس لنبيٍّ إذا لبِس لَأْمَتَه أن يضعَها حتى يقاتل))[6].
فخرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بجيش تعداده ألف مقاتل، معهم فرسانِ فقط، ومائة دارع[7].
ولبِس النبي - صلى الله عليه وسلم - درعين[8].
واستعمل على المدينة ابنَ أم مكتوم للصلاة بالناس[9].
ثم سار بالجيش متوجهًا إلى أُحُدٍ[10] حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأُحُد، انخزل عنه عبدُالله بن أبيٍّ ابنُ سلول بثُلُث الجيش، وقال: أطاعهم وعصاني[11]، ما ندري علامَ نقتُل أنفسنا ها هنا أيها الناس، فرجع بمن اتبعه من قومِه من أهل النفاق والريب، واتبعهم عبدالله بن عمرو بن حرام، أخو بني سلِمة، يقول: يا قومِ، أذكِّركم الله أن تخذلوا قومكم ونبيَّكم عندما حضر من عدوهم، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لَمَا أسلمناكم، ولكنا لا نرى أنه يكونُ قتال[12].
وفي ذلك يقول الله - تعالى -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾ [آل عمران: 166، 167].
وما جعل الله ذلك إلا لِيَمِيزَ الخبيث من الطيب.
يقول الله - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [آل عمران: 179].
وكاد بنو سلِمةَ وبنو حارثة أن يفشلا ويتبعا المنافقين لولا أن ثبَّتهم الله.
وفي ذلك يقولُ الله - تعالى -: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122][13].
ولما رجَع المنافقون وتركوا الجيش قال فريقٌ من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: نُقاتِلهم، وقال فريق آخر: لا نُقاتِلهم، فأنزل الله - تعالى -: ﴿ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا ﴾ [النساء: 88]، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنها طَيْبَةُ تنفي الذنوبَ كما تنفي النارُ خَبَثَ الفضَّةِ))[14].
وفي الطريق استعرض النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الجيش فردَّ صغار السن، ومنهم عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - وكان عمره أربع عشرةَ سنة[15].
وأخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سيفًا وقال: ((من يأخُذ هذا السيف بحقِّه؟))، فقام إليه رجال كلٌّ يقول: أنا، أنا، فأمسكه عنهم وقال: ((من يأخُذُه بحقه؟))، فقام أبو دُجانةَ سِماك بن خرشة وقال: وما حقُّه يا رسول الله؟ قال: ((أن تضربَ به العدو حتى ينحني))، فقال: أنا آخذه يا رسول الله بحقه، فأعطاه إياه، وكان أبو دجانةَ رجلاً شجاعًا يختال عند الحرب، وكان إذا أعلَم بعصابة له حمراء فاعتصب بها، علِم الناس أنه سيقاتل، فلما أخذ السيفَ مِن يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخرج عصابتَه تلك، فعصب بها رأسَه، ثم جعل يتبخترُ بين الصفين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى أبا دُجانةَ يتبختر: ((إنها لَمِشية يُبغِضها اللهُ إلا في هذا الموطن))[16].
وتقدَّم الجيش الإسلامي إلى ميدانِ أُحُد، وأخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنظِّمُ مواقع الجيش ويُملِي على الجند خُطَّتَه، فجعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَجْهَ جيشِه إلى المدينةِ وظهرَه إلى جبل أُحُدٍ؛ لحماية ظهر المسلمين من أن يداهمَهم أحَدٌ من خلفهم، ثم عزز ذلك بخمسين راميًا، بقيادة عبدالله بن جُبير - رضي الله عنه - أوقفهم على جبلِ عينين[17] الذي يقع خلف جبل أُحُدٍ، حتى إذا فكر أحدٌ في مباغتة المسلمين من الخلف، أمطَروه بوابلٍ من النبال فمنَعوه من ذلك، وشدد عليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلزوم أماكنِهم، وعدم مغادرةِ الجبل تحت أي ظرف من الظروف، فقال لهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إن رأيتمونا تخطَّفُنا الطيرُ، فلا تبرَحوا حتى أرسلَ إليكم، وإن رأيتمونا ظهَرْنا على العدو وأوطأناهم، فلا تبرَحوا حتى أرسلَ إليكم))[18].
وبذلك سيطر المسلمون على مرتفعاتِ الميدان؛ فأصبحوا في مأمن من أن يباغتَهم أحَدٌ من الخلف، وأصبحوا لا يفكِّرون إلا في جبهة واحدة، بخلاف المشركين الذين عسكروا في وادي أُحُدٍ المكشوف من كل جوانبه، فتميَّز عنهم المسلمون بالموقع، رغم وصول المشركين إلى المكانِ قبلهم، ولكنها عبقريةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - القائد.
وبدأت المعركةُ بمبارزة بين حمزة - رضي الله عنه - وبين رجلٍ من المشركين يقال له: سباع؛ حيث خرَج سباع هذا من بين الصفوف - لما اصطف الفريقانِ للقتال - فقال: هل من مبارزٍ؟ فخرَج إليه حمزةُ - رضي الله عنه - فقال: يا سباع، يا بنَ أمِّ أنمارٍ مقطِّعةِ البُظور[19]، أتُحادُّ الله ورسولَه؟ ثم شد عليه حمزةُ - رضي الله عنه - فقتَله[20]، ثم حانت ساعةُ القتال، فالتقى الفريقانِ، والتحم الجيشان، واشتد النزالُ بين جيش المسلمين المكوَّن من سبعمائة مقاتلٍ بعد انسحاب المنافقين؛ عبدالله بن أبي ابن سلول ومَن معه مِن المنافقين، وجيش المشركين البالغ عدده ثلاثة آلاف مقاتل، فكانت الغلَبةُ أولاً للمسلمين؛ حيث ألحقوا بالمشركين هزيمةً نكراءَ، وردُّوهم إلى معسكرهم، وقاتل أبو دُجانةَ بسيفِ النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى فلَق به هَامَ المشركين[21]، حتى قتل في أولِ النهار من أصحاب لواء المشركين سبعةً أو تسعة[22].
وفي ذلك يقول الله - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ﴾ [آل عمران: 152][23]؛ أي: ولقد صدقكم اللهُ وعدَه أيها المؤمنون الذي وعَدكم إياه إن أطعتم اللهَ ورسولَه، أنَّ لكم النصرَ على الأعداء.
وفي وسط المعركة جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيتَ إن قُتِلْتُ فأين أنا؟ قال: ((في الجنة))، فألقى تمراتٍ في يده ثم قاتَل حتى قُتل[24].
مخالفة الرماةِ أمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم -:
فلما انهزم المشركون وفرُّوا من الميدان، وترَكوا أموالهم وأمتعتهم في ساحة المعركة، ورأى الرماةُ ذلك ترَكوا أماكنهم على الجبل، ونزَلوا وهم يقولون: الغنيمة، الغنيمة، فقال لهم عبدُالله بن جُبير - رضي الله عنه -: عهد إليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا تبرَحوا، فأبَوا[25].
فلما ترَكوا الجبل ونزلوا، انكشف ظهرُ المسلمين، فرأى المشركون الفرصةَ سانحة للالتفات حولهم ومحاصرتهم، ففعلوا ذلك، وأحاطوا بالمسلمين من الخلف والأمام، فارتبكت صفوفُ المسلمين ارتباكًا شديدًا، وأصبحوا يقاتِلون دون تخطيط[26]، واستغل إبليسُ - عليه لعنة اللهِ - الفرصةَ، فصرخ في المسلمين: أي عبادَ الله، أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت مع أخراهم، وأخذ المسلمون يضربُ بعضهم بعضًا، حتى إن حذيفةَ بن اليمان - رضي الله عنه - رأى أباه اليَمَانَ - رضي الله عنه - يضرِبُه المسلمون، فقال: أي عباد الله، أَبي أَبي، فما احتجزوا عنه حتى قتَلوه، فقال حذيفةُ: يغفِرُ اللهُ لكم[27].
وفي وسط المعركة قُتِل مصعبُ بن عمير - رضي الله عنه - سفير النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينةِ قبل الهجرة، الذي قيل: إنه كان يحملُ لواء المهاجرين في هذه المعركة مع أُسَيد بن حُضَير الذي كان يحمل لواءَ الأوس، والخباب بن المنذر الذي كان يحملُ لواء الخزرج[28]، قتَله ابنُ قَمِئة الليثي، وهو يظُنُّ أنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إلى قريشٍ فقال: قتلتُ محمدًا، فلما قُتل مصعبٌ - رضي الله عنه - أعطى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - اللواءَ عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه[29].
وصاح الشيطانُ وسط الميدان: قُتِل محمدٌ، فلم يشُكَّ أحَدٌ أنه حق[30].
فلما انتشر الخبرُ وشاع بين صفوف المسلمين، خارت قوى بعض المسلمين، ولانت عزيمتُهم، حتى إنهم جلسوا عن القتال، فرآهم أنسُ بن النضر - رضي الله عنه - عمُّ أنسِ بن مالك - رضي الله عنه - فقال لهم: ما يُجلِسُكم؟ قالوا: قُتِل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فما تصنعون بالحياةِ بعده؟ فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبَل القوم فقاتَل حتى قُتِل[31].
وكان أنَسُ بن النضر - رضي الله عنه - لم يشهَدْ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوةَ بدر، فقال: غِبْتُ عن أول قتالِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لئن أشهَدني اللهُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لَيَرينَّ اللهُ ما أصنع، فلما رأى ذلك من المسلمين يوم أُحُدٍ، قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنَع هؤلاء - يعني المسلمين - وأبرأ إليك مما جاء به المشركون، فتقدَّم بسيفه، فلقي سعدَ بن معاذٍ، فقال: أين يا سعد، إني أجد ريحَ الجنَّةِ دون أُحُدٍ، فقاتَلهم حتى قُتِل، فما عُرِف حتى عرَفَتْه أخته بشامة أو ببنانه، وبه بضعٌ وثمانون من طعنةٍ وضربة ورمية بسهم، فنزلت فيه وفي أصحابه: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23][32].
وكما تقدم، فإن بعضَ القوم جلسوا عن القتال، وفرَّ آخرون بين الشعاب بعدما شاع بينهم خبرُ مقتلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم.
أما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فكان كالليث يُقاتِل بين الصفوف، وكان أول من عرف بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ هو كعبُ بن مالك - رضي الله عنه - فنادى في المسلمين يُبشِّرُهم، فأمره الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - بالسكوتِ؛ لئلا يفطن له المشركون[33].
وظل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُقاتِلُ وحوله فئةٌ قليلة من الصحابة - رضوان الله عليهم - صمَدوا معه يدافعون عنه - صلى الله عليه وسلم.
وقد تفطن المشركون إلى أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ لم يُقتَلْ، فتكاثروا عليه يريدون قتله.
وكان حول النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعةٌ من الصحابة، سبعةٌ من الأنصار، واثنان من المهاجرين، فلما رهقوه[34] قال: ((من يردُّهم عنَّا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة))، فتقدَّم رجلٌ من الأنصار فقاتَل حتى قُتِل، ثم رهقوه أيضًا فقال: ((من يردُّهم عنَّا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة))، فتقدم رجلٌ من الأنصارِ فقاتَل حتى قُتل، فلم يزَلْ كذلك حتى قُتل السبعةُ من الأنصار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصاحبيه: ((ما أنصَفْنا أصحابَنا))[35].
وأخَذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو أصحابَه للعودة إلى القتال، وفي ذلك يقول اللهُ - تعالى -: ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ [36] وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ [37] وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ ﴾ [آل عمران: 153]؛ أي: والرسول يناديكم من خلفِكم: إليَّ عبادَ الله، إليَّ عبادَ الله[38].
وكان طلحةُ بن عبيدالله ممن ثبَت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ودافَع عنه حتى شلَّت يدُه - رضي الله عنه - كان يقي بها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم[39].
وكان ممن ثبت أيضًا مع النبي سعدُ بن أبي وقاص - رضي الله عنه - وكان راميًا ماهرًا لا تكاد رميتُه تُخطئ، فنثل له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كنانتَه[40]، وجعل يقول له: ((ارمِ فداكَ أبي وأمي))[41].
وممن ثبَت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يُدافِعُ عنه أبو طلحة زيدُ بن سهل الأنصاري - رضي الله عنه - فكان مُجوِّبًا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بحجفةٍ له[42]، وكان أبو طلحة رجلاً راميًا شديد النزع[43]، كسر يومئذٍ قوسينِ أو ثلاثًا، وكان الرجلُ يمر معه جعبةٌ من النبلِ فيقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: انثُرْها لأبي طلحة، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُشرِفُ برأسه لينظرَ إلى القوم، فيقول له أبو طلحة: بأبي أنت وأمي لا تُشرِفْ يُصيبُك سهمٌ من سهام القوم، نَحري دون نحرك[44].
وكان يتترس مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بترس واحد، فكان كلما رمى رميةً رفَع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بصَرَه ينظُر إلى أين وقَع السهم، فيدفع أبو طلحةَ صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، ويقول: يا رسول الله، هكذا لا يُصيبك سهمٌ[45].
ورغم استبسال الصحابةِ - رضوان الله عليهم- في الدفاعِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأنهم يفدونه بأرواحهم، فإن المشركين استطاعوا أن يصِلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث جُرِح وجهه - صلى الله عليه وسلم - وكُسِرَت رَبَاعِيَتُه[46]، وهشمت البيضة على رأسه[47].
جبريل وميكائيل ينزلانِ للدفاع عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
لما حدث هذا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وكاد المشركون أن يقتلوه، وقد تكفَّل اللهُ - تعالى - بعصمته من الناس؛ ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، أنزَل الله - تعالى - جِبريلَ وميكائيل - عليهما السلام - يُدافعانِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويمنعانِه من المشركين.
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: لقد رأيتُ يوم أُحُد عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن يساره رجُلينِ عليهما ثيابٌ بيضٌ، يقاتلانِ عنه كأشدِّ القتال، ما رأيتُهما قبلُ ولا بعدُ؛ يعني جبريل وميكائيل - عليهما السلام[48].
مقتَلُ أسَدِ الله حمزةَ - رضي الله عنه -:
وفي تلك المعمعة كان هناك رجلٌ له هدفٌ آخر غيرُ الذي جاء من أجله الطرفان؛ فهو لا يشغَلُه من ينتصر، المسلمون أم المشركون، ولا يُهِمه ذلك الأمر كثيرًا، إنما كل الذي يشغَلُه هو التحرُّرُ مِن الرِّقِّ، وأن ينفك من قيود العبودية.
وهذا الرجلُ هو وحشيٌّ - رضي الله عنه - الذي أسلَم بعد ذلك وحسُن إسلامُه.
ولنتركه يقص علينا تفاصيلَ ما حدَث بنفسه - رضي الله عنه.
يقول وحشيٌّ - رضي الله عنه -: إن حمزةَ قتَل طُعَيمة بن عدي بن الخيار ببدرٍ، فقال لي مولاي جُبَير بن مطعمٍ: إن قتَلتَ حمزة بعمي فأنت حرٌّ، قال: فلما أنْ خرج الناس عام عينين - وعينين جبلٌ بحيال أُحُدٍ بينه وبينه وادٍ - خرجتُ مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباعٌ فقال: هل من مبارزٍ؟ فخرج إليه حمزةُ بن عبدالمطلب فقال: يا سباع، يا ابن أم أنمارٍ، مقطِّعة البُظور، أتُحادُّ اللهَ ورسوله؟ ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب[49]، قال: وكمنتُ لحمزة تحت صخرةٍ، فلما دنا مني رميتُه بحربتي، فأضعها في ثُنَّته حتى خرجت من بين وَرِكيه[50]، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رأيتُ الملائكة تغسل حمزةَ بن عبدالمطلب))[51].
دور النساء في المعركة:
عن أنس - رضي الله عنه - قال: ولقد رأيت عائشةَ بنت أبي بكرٍ وأم سليمٍ وإنهما لمشمِّرتان أرى خدم سوقهما[52]، تنقُزانِ القِرَب[53] على متونهما[54]، تُفرِغانه في أفواه القوم[55].
وقال عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه -: إن أم سَليطٍ كانت تزفِرُ لهم القِرَب يوم أُحُدٍ[56].
عدد مَن قُتل مِن المسلمين في هذه المعركة:
عن البراءِ بن عازب - رضي الله عنه - أنه أصيب من المسلمين في هذه المعركة سبعون قتيلاً[57].
وعن أُبيِّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - قال: لما كان يومُ أُحدٍ أصيب من الأنصار أربعةٌ وستون رجلاً، ومن المهاجرين ستةٌ، منهم حمزة، فمثَّلوا بهم[58].
وقيل: قُتل من المشركين اثنان وعشرون رجلاً[59].
عمرو بن أقيش يدخُل الجنةَ وما صلى لله صلاة:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن عمرو بن أقيشٍ كان له ربًا في الجاهلية، فكرِه أن يُسلِمَ حتى يأخذه، فجاء يوم أُحدٍ، فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأُحدٍ، قال: أين فلانٌ؟ قالوا: بأُحدٍ، قال: فأين فلانٌ؟ قالوا: بأُحدٍ، فلبِس لَأْمَتَه، وركب فرسه، ثم توجَّه قِبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو، قال: إني قد آمنتُ، فقاتَل حتى جُرِح، فحُمِل إلى أهله جريحًا، فجاءه سعدُ بن معاذٍ، فقال لأخته: سَلِيه حميةً لقومِك، أو غضبًا لهم، أم غضبًا لله؟ فقال: بل غضبًا لله ولرسوله، فمات فدخَل الجنة وما صلى لله صلاةً[60].
عبدالله بن حَرامٍ - رضي الله عنه - تُظِلُّه الملائكة بأجنحتِها، ويُكلِّمُه اللهُ من غير حجابٍ:
عن جابرٍ بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: لما حضر أُحُدٌ دعاني أبي من الليل، فقال: ما أراني إلا مقتولاً في أولِ مَن يُقتَل مِن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وإني لا أترُكُ بعدي أعزَّ عليَّ منك غيرَ نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن علي دَينًا فاقضِ واستوصِ بأخواتك خيرًا، فأصبحنا فكان أولَ قتيلٍ، ودُفِن معه آخَرُ في قبرٍ، ثم لم تطِبْ نفسي أن أتركه مع الآخَر، فاستخرجتُه بعد ستة أشهرٍ فإذا هو كيوم وضعتُه هُنيَّة غير أذنه[61].
وعن جابر أيضًا قال: لما كان يوم أُحد جيء بأبي مسجًّى وقد مُثِّل به، قال: فأردتُ أن أرفع الثوب فنهاني قومي، ثم أردتُ أن أرفع الثوب فنهاني قومي، فرفعه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أو أمَر به فرُفِع، فسمِع صوت باكية أو صائحةٍ فقال: ((مَن هذه؟))، فقالوا: بنت عمرٍو أو أخت عمرٍو، فقال: ((ولمَ تبكي؟ فما زالت الملائكة تُظِلُّه بأجنحتها حتى رُفِع)).
وفي رواية لمسلم: ((تبكيه أو لا تبكيه، ما زالت الملائكةُ تظلُّه بأجنحتها حتى رفعتموه))[62].
وعنه أيضًا قال: لقيني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: ((يا جابرُ، ما لي أراك منكسرًا؟)) قلت: يا رسول الله، استُشهد أبي، قُتل يوم أُحدٍ، وترك عيالاً ودَينًا، قال: ((أفلا أبشِّرُك بما لقي اللهُ به أباك؟))، قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((ما كلَّم اللهُ أَحدًا قط إلا من وراء حجابٍ، وأحيا أباك فكلَّمه كفاحًا، فقال: يا عبدي، تمنَّ عليَّ أُعطِكَ، قال: يا رب، تحييني فأقتل فيك ثانيةً، قال الربُّ - تعالى -: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: وأُنزلت هذه الآية: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169][63].
حنظلة تغسله الملائكةُ:
عن الزبير - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند قتل حنظلةَ بن أبي عامر بعد أن التقى هو وأبو سفيان بن الحارث حين علاه شدادُ بن الأسود بالسيف فقتَله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن صاحبَكم تغسله الملائكةُ، فاسألوا صاحبتَه عنه)) فقالت: إنه خرج لما سمع الهائعةَ وهو جُنُب، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لذلك غسلته الملائكةُ))[64].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رأيت الملائكةَ تغسل حمزةَ بن عبدالمطلب، وحنظلة بن الراهب))[65].
عمرو بن الجموح يطَأُ برِجْلِه في الجنة:
كان عمرُو بن الجَموح - رضي الله عنه - رجلاً أعرجَ شديدَ العرَج، وكان له بنون أربعة يشهدون مع رسول الله المشاهد، فلما كان يوم أُحُد أرادوا حبسَه، وقالوا له: إن اللهَ - تعالى - قد عذَرَك، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن بنيَّ يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجهِ، والخروج معك فيه، فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنَّةِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أما أنتَ فقد عذَرك اللهُ فلا جهادَ عليك)) فقال لبنيه: ((ما عليكم ألا تمنعوه؛ فلعل اللهَ أن يرزُقَه الشهادة))، فخرج معه، فقُتِل يوم أُحد[66].
وعن أبي قتادة قال: جاء عمرو بن الجموح - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن قاتلتُ في سبيل الله حتى أُقتَل أمشي برجلي هذه صحيحةً في الجنة؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم))، فقُتلوا يوم أحدٍ هو وابن أخيه ومولًى لهم، فمر عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((كأني أنظُرُ إليك تمشي برِجْلِك هذه صحيحةً في الجنة))، فأمر رسولُ الله بهما وبمولاهما فجُعِلوا في قبرٍ واحدٍ[67].
عبدالله بن جحش - رضي الله عنه - يتمنى الشهادةَ في سبيل الله فينالها:
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن عبدالله بن جحش - رضي الله عنه - قال له يوم أُحُد: ألا تدعو الله، فخلَوا في ناحية، فدعا سعد فقال: يا رب، إذا لقيت العدو، فلقني رجلاً شديدًا بأسه، شديدًا حرده، أقاتله ويقاتلني، ثم ارزقني الظَّفر عليه حتى أقتله، وآخذ سلبه، فأمَّن عبدالله بن جحش، ثم قال: اللهم ارزقني رجلاً شديدًا حرده، شديدًا بأسه، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع[68] أنفي وأذني، فإذا لقيتُك غدًا، قلتَ: من جدع أنفَك وأذنك، فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت، قال سعد: يا بني، كانت دعوة عبدالله بن جحش خيرًا من دعوتي، لقد رأيتُه آخر النهار وإن أنفَه وأذنه لمعلَّقتان في خيط[69].
بعد انتهاء المعركة:
وبعد انتهاء القتال وانصراف كل فريق إلى معسكره، وقد تأكد بعضُ الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قُتل؛ إذ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يطلع عليهم بين السعدين[70]، عرَفه الصحابةُ - رضوان الله عليهم- بتكفُّئِه إذا مشى[71]؛ يقول ابن عباس - رضي الله عنهما: ففرِح به الصحابة، حتى كأنهم لم يُصِبْهم شيء، فرقي النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوهم وهو يقول: ((اشتد غضبُ الله على قومٍ دموا وجهَ رسوله))، ويقول مرةً أخرى: ((اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا))[72].
وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اشتد غضب الله على قومٍ فعلوا هذا بنبيِّه))، وهو حينئذ يشير إلى رَباعِيَته ويقول: ((اشتد غضب الله على رجلٍ يقتُله رسولُ الله في سبيل الله))[73].
كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يسلت عن نفسه الدمَ ويقول: ((كيف يُفلِحُ قومٌ شجُّوا نبيهم وكسَروا رباعِيَتَه وهو يدعوهم إلى الله))، فأنزَل الله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128][74].
وعن عبدالله بن مسعود قال: كأني أنظُرُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبيًّا من الأنبياء ضرَبه قومه فأدمَوْه وهو يمسح الدمَ عن وجهه ويقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون))[75].
ثم أراد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يصعَدَ على صخرة ليجلسَ عليها، فلم يستطِعْ - من شدة ما فيه من إصابات وإرهاق شديد - فأقعد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تحته طلحةَ - رضي الله عنه - ثم صعِد حتى استوى على الصخرة، ثم قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أوجَبَ طَلحةُ))[76].
ثم أخذت فاطمةُ - رضي الله عنها - تغسل الدم عن وجه أبيها - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالبٍ يسكُب عليها بالمجن، فلما رأت فاطمة - رضي الله عنها - أن الماءَ لا يزيد الدمَ إلا كثرةً، أخذت قطعة حصيرٍ فأحرقته حتى صار رمادًا، ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدمُ[77].
اللهُ - تعالى - يهدئ من رَوع المؤمنين بالنعاس:
ثم أنزل اللهُ - تعالى - النعاس على المسلمين تهدئة لرَوعهم، وراحة لأجسادهم من عناء القتال.
يقول الله - تعالى -: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آل عمران: 154].
عن أبي طلحة - رضي الله عنه - قال: كنتُ فيمن تغشَّاه النعاسُ يوم أحدٍ حتى سقط سيفي من يدي مرارًا، يسقط وآخُذُه، ويسقط فآخذه[78].
وبعد ذلك أشرف أبو سفيان بن حرب ونادى على المسلمين، فقال: أفي القوم محمدٌ؟ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُجيبوه))، فقال: أفي القوم ابنُ أبي قُحافة؟ - يعني أبا بكر - قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تجيبوه))، فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: أما هؤلاء لو كانوا أحياءً لأجابوا، فلم يملِكْ عُمَرُ نفسه فقال: كذبتَ يا عدو الله، أبقى اللهُ عليك ما يُخزيك، قال أبو سفيان: اعْلُ هُبَل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أجيبوه))، قالوا: ما نقول؟ قال: ((قولوا: اللهُ أعلى وأجَلُّ))، قال أبو سفيان: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أجيبوه))، قالوا: ما نقول؟ قال: ((قولوا: اللهُ مولانا ولا مولى لكم))، قال أبو سفيان: يومٌ بيوم بدرٍ والحرب سجالٌ[79]، فقال عمرُ: لا سواء، قتلانا في الجنَّة وقتلاكم في النار، قال أبو سفيان: إنكم لتزعُمون ذلك، لقد خِبْنا إذًا وخسِرنا، ثم قال أبو سفيان: أمَا إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلاً[80]، ولم يكن ذاك عن رأيِ سَراتنا[81]، ثم أدركته حميةُ الجاهلية فقال: أما إنَّه قد كان ذاك ولم نكرَهْه[82].
النبي - صلى الله عليه وسلم - يتفقد الشهداءَ، ويرى عمه الحمزة - رضي الله عنه - وسطهم، ثم يأمُر بدفنهم:
عن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ على حمزة وقد مُثِّل به، فقال: ((لولا أن تجد صفيةُ في نفسها لتركتُه حتى تأكله العافية[83]، حتى يُحشَر من بطونها))، ثم دعا بنمِرة فكفَّنه فيها، فكانت إذا مُدَّت على رأسه بدَتْ رِجْلاه، وإذا مُدَّت على رِجْله بدا رأسه، وقلَّت الثيابُ، وكثُرت القتلى، فكان الرَّجُل والرجُلان والثلاثة يُكفَّنون في الثوب الواحد، ثم يدفنون في قبرٍ واحدٍ، فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يسأَلُ عنهم: ((أيهم أكثَرُ قرآنًا))، فيُقدِّمه إلى القِبلة[84].
وعن أنسٍ أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بحمزة وقد مُثِّل به، ولم يصلِّ على أحدٍ من الشهداء غيره[85].
وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجمَعُ بين الرجُلين من قتلى أحدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقول: ((أيُّهم أكثَرُ أخذًا للقرآن؟))، فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللَّحدِ وقال: ((أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة))، وأمَر بدفنِهم في دمائهم، ولم يغسلوا ولم يُصلِّ عليهم[86].
وعن خبابٍ بن الأرَتِّ - رضي الله عنه - قال: هاجَرْنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نبتغي وجه الله، فوجَب أجرُنا على الله، فمنَّا من مضى أو ذهب لم يأكل من أجره شيئًا، كان منهم مُصعَبُ بن عميرٍ، قُتِل يوم أحدٍ فلم يترك إلا نمرةً[87]، كنا إذا غطينا بها رأسَه خرجَتْ رِجلاه، وإذا غُطي بها رِجْلاه خرج رأسه، فقال لنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((غطُّوا بها رأسَه، واجعلوا على رِجْليه الإذخِر))، أو قال: ((ألقوا على رِجْليه من الإذخر))[88].
وقال جابر - رضي الله عنه -: لما كان يوم أُحدٍ جاءت عمتي بأبي لتدفنَه في مقابرنا، فنادى منادي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ردُّوا القتلى إلى مضاجِعهم[89].
حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - على الشهداء:
عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا ذكر أصحاب أُحدٍ: ((أما والله لوددتُ أني غودرت مع أصحابِ نحض الجبل))[90].
النبي - صلى الله عليه وسلم - يُثني على ربه:
ولما انصرف العدو من الميدان قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((استووا حتى أثنيَ على ربي تعالى))، فصاروا خلفه صفوفًا، فقال: ((اللهم لك الحمدُ كله، اللهم لا قابضَ لِما بسَطْتَ، ولا باسط لما قبَضْتَ، ولا هادي لما أضلَلْتَ، ولا مضلَّ لمن هديتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا مانع لما أعطيتَ، ولا مقرِّبَ لما باعدتَ، ولا مباعد لما قرَّبتَ، اللهم ابسط علينا من بركاتك، ورحمتك، وفضلك، ورزقك، اللهم إني أسألك النعيمَ المقيم الذي لا يحولُ ولا يزول، اللهم إني أسأَلُك الأمنَ يوم الخوف، اللهم إني عائذٌ بك من شر ما أعطيتَنا، وشر ما منعتنا، اللهم حبِّبْ إلينا الإيمان، وزيِّنْه في قلوبنا، وكرِّهْ إلينا الكفرَ والفسوق والعصيان، واجعَلْنا من الراشدين، اللهم توفَّنا مسلمين، وأحيِنا مسلمين، وألحِقْنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتِلِ الكفرةَ الذين يُكذِّبون رسلَك، ويصدون عن سبيلِك، واجعل عليهم رِجزَك وعذابَك إلهَ الحقِّ، آمين))[91].
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ يوم أُحدٍ: ((اللهم إنك إن تشَأ لا تُعبَد في الأرض))[92].
وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم العَنْ أبا سفيان، اللهم العنِ الحارثَ بن هشامٍ، اللهم العن صفوان بن أمية)) فنزلت: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ [آل عمران: 128]، فتاب اللهُ عليهم، فحسُن إسلامُهم[93].
ولقد عفا اللهُ - تعالى - عن المؤمنين الذين فرُّوا يومَ أُحُد، فأنزل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 155].
وربَط الله - تعالى - من جأشِ المسلمين فقال: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 139، 140].
وبعد أن رجَع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة مرَّ بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجُها وأخوها وأبوها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأُحد، فلما نُعوا لها، قالت: فما فعَل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرًا يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظرَ إليه، قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأتْه، قالت: كل مصيبة بعدك جَلَلٌ! تريد صغيرة[94].
وعن ابنِ عُمَر - رضي الله عنه - قال: مرَّ رسولُ الله بنساء عبدالأشهل يبكين هَلْكاهن يوم أُحدٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لكن حمزة لا بواكيَ له))، فجاء نساءُ الأنصار يبكين حمزةَ، فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ويحَهن ما انقلَبْنَ[95] بعدُ؟ مُروهن فلينقلِبْنَ، ولا يبكين على هالكٍ بعد اليوم))[96].
وبعد عودة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة أراد أن يطاردَ المشركين حتى لا يفكروا في العودة مرة أخرى, ومداهمة المدينة، فأرسل مناديًا ينادي في الناس بطلبِ العدو، وألا يخرجَنَّ أَحدٌ إلا أَحَد حضر أُحُدًا، وكان ذلك في اليوم التالي لغزوة أُحُد، فخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كلُّ من شهد أُحدًا، سوى جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - خرَج ولم يشهد أُحدًا؛ حيث تخلَّف عن أُحد لأن أباه خلَّفه على أخواته.
قال ابن إسحاقَ - رحمه الله -:
"وأذَّن مؤذِّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس بطلب العدو، وأذن مؤذنه ألا يخرجَ معنا أَحدٌ إلا أَحدٌ حضَر يومنا بالأمس، فكلَّمه جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرامٍ, فقال: يا رسول الله، إن أبي كان خلَّفني على أخواتٍ لي سبعٍ, وقال: يا بني، إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نتركَ هؤلاء النسوة لا رجل فيهن، ولست بالذي أوثرُك بالجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتخلَّفْ على أخواتك، فتخلفتُ عليهن، فأذن له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج معه، وإنما خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُرهبًا للعدو، وليبلغهم أنه خرج في طلبهم؛ ليظنوا به قوةً، وأن الذي أصابهم لم يوهِنْهم عن عدوهم، فخرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى حمراءِ الأسد - وهي من المدينة على ثمانية أميالٍ - واستعمَل على المدينة ابنَ أم مكتومٍ - فيما قال ابن هشامٍ - فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجَع إلى المدينة، وقد مَرَّ به معبدُ بن أبي معبدٍ الخزاعي - وكانت خزاعةُ مُسلِمُهم ومشركُهم عَيبةَ نصح[97] رسول الله صلى الله عليه وسلم - بتِهامة, صفقتهم معه[98]، لا يخفون عنه شيئًا كان بها - ومعبدٌ يومئذٍ مشركٌ، فقال: يا محمد، أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن اللهَ قد عافاك فيهم، وكان معبدٌ قد رأى خروجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين إلى حمراء الأسد، ولقي أبا سفيان وكفار قريشٍ بالروحاء، وقد أجمعوا الرجعةَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وقالوا: أصَبْنا حدَّ أصحابه وأشرافهم وقادتهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلَهم! لنكرَّنَّ على بقيتِهم، فلنفرغَنَّ منهم.
فلما رأى أبو سفيان معبدًا، قال: ما وراءك يا معبدُ؟ قال: محمدٌ قد خرج في أصحابه يطلُبُكم في جمعٍ لم أرَ مثله قط، يتحرقون[99] عليكم تحرقًا، قد اجتمع معه مَن كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا، فيهم من الحنَق عليكم شيءٌ لم أرَ مثلَه قط، قال: ويحك! ما تقول؟ قال: واللهِ ما أرى أن ترتحل حتى أرى نواصيَ الخيل، قال: فوالله لقد أجمعنا الكرَّةَ عليهم، لنستأصل بقيتَهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك"[100].
وعن عائشة - رضي الله عنها -: ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 172], قالت لعروة: يا ابن أختي، كان أبواك منهم: الزبير، وأبو بكرٍ، لما أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أصاب يوم أُحدٍ، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، قال: ((من يذهب في إثرهم))، فانتدب منهم سبعين رجُلاً، قال: كان فيهم أبو بكرٍ، والزُّبير[101].
[1] ذكر ذلك ابن هشام في سيرته 3/3، عن ابن إسحاق عن بعض التابعين مرسَلاً.
[2] "سيرة ابن هشام" 3/3.
[3] السابق.
[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (4081)، كتاب: المغازي، باب: مَن قُتل من المسلمين يوم أحد، ومسلم (2272)، كتاب: الرؤيا، باب: رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم.
[5] صحيح: أخرجه أحمد (14723)، الدارمي 2/55، الحاكم 2/129، وصححه ووافقه الذهبيُّ، وصححه الشيخ أحمد شاكر.
[6] التخريج السابق.
[7] "تاريخ الطبري" 3/504، "الطبقات" 3/44.
[8] صحيح: أخرجه أبو داود (2590)، كتاب: الجهاد، باب: في لبس الدروع، والترمذي (1692)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".
[9] "سيرة ابن هشام" 3/3.
[10] يقع جَبل أُحُد في شمال المدينة، وكان يرتفع 128 مترًا، أما الآن فيرتفع 121 مترًا فقط بسب عوامل التعرية، ويبعُدُ عن المسجد النبوي حوالي 5,5 كيلو مترًا، بدءًا من باب المجيد أحد أبواب المسجد النبوي؛ "السيرة النبوية الصحيحة" 2/378.
[11] أي: أطاعهم في الخروج والقتال خارج المدينة، وعصاه؛ حيث كان يرى القتالَ بداخل المدينة.
[12] "سيرة ابن هشام" 3/3.
[13] متفق عليه: أخرجه البخاري (4051)، كتاب المغازي باب: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122]، ومسلم (2505)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل الأنصار رضي الله عنهم.
[14] متفق عليه: أخرجه البخاري (4050)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد، ومسلم (2776)، كتاب: صفات المنافقين وأحوالهم.
ومعنى أركسهم: أي ردَّهم.
[15] متفق عليه: أخرجه البخاري (4097)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، ومسلم (1868)، كتاب: الإمارة، باب: بيان سنِّ البلوغ.
[16] "سيرة بن هشام" 3/3، وأصلُ الحديث عند مسلم (2470)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي دُجانةَ سماكِ بن خرشة - رضي الله عنه.
[17] الذي سُمِّي بعد أُحُدٍ بجبل الرُّماة.
[18] صحيح: أخرجه البخاري (4043)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أُحُد، أبو داود (2662)، كتاب: الجهاد، باب: في الكمناء، وأحمد (18501)، واللفظ لهما.
[19] مقطِّعة البُظور: أي التي تختنُ النساء؛ فهي تقطع بظر المرأة عند ختنها.
[20] صحيح: أخرجه البخاري (4072)، كتاب: المغازي، باب: قتل حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه.
[21] سبق تخريجه، هَام المشركين: أي: رؤوس المشركين.
[22] صحيح: أخرجه أحمد (2609)، وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر.
[23] الحس: القتل؛ أي: إذ تقتُلونهم بإذنه.
[24] متفق عليه: أخرجه البخاري (4046)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد، مسلم (1899)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنَّة للشهيد، وهذا الرجل غيرُ عمير بن الحُمَام الذي استشهد يوم بدرٍ؛ حيث جاء في رواية: قال رجل للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ أُحُد ....
[25] صحيح: أخرجه البخاري (4043)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد.
[26] صحيح: أخرجه أحمد (2609)، وصححه أحمد شاكر.
[27] صحيح: أخرجه البخاري (4065)، كتاب: المغازي، باب: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122].
[28] جاء ذكر الألويةِ في "مغازي الواقدي" 1/33.
[29] "سيرة ابن هشام" 3/3.
[30] صحيح: أخرجه أحمد (2609)، الحاكم في "المستدرك" 2/296، 297، وصحَّحه وأقره الذهبي، وصححه أحمد شاكر.
[31] "سيرة ابن هشام" 3/3، والحديث في "الصحيحين" بلفظ مختلف، انظر الذي بعده.
[32] متفق عليه: أخرجه البخاري (4048)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد، ومسلم (1903)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنَّة للشهيد.
[33] صحيح: أخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/201، وقال: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي وقال: صحيح.
[34] أي: قربوا منه - صلى الله عليه وسلم.
[35] صحيح: أخرجه مسلم (1789)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أُحُد.
وكان هذا الدفاعُ من هؤلاء الأنصاريين السبعة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لحبِّهم الشديد له - صلى الله عليه وسلم - أولاً وإيثاره على أنفسهم، ثم لما عاهَدوه - عليه الصلاة والسلام - عند بيعة العقبة وأنهم يمنعونه مما يمنَعون منه أنفسَهم ونساءَهم وأبناءهم.
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أنصَفْنا أصحابَنا))، قال النووي - رحمه الله -: الرواية المشهورة فيه (ما أنصَفْنا) بإسكان الفاء، و(أصحابَنا) منصوب مفعول به، هكذا ضبَطه جماهير العلماء من المتقدمين والمتأخرين، ومعناه: ما أنصفت قريشٌ الأنصارَ؛ لكون القريشيين لم يخرُجا للقتال، بل خرجت الأنصارُ واحدًا بعد واحد، وذكر القاضي وغيرُه أن بعضَهم رواه (ما أنصَفَنا) بفتح الفاء، والمراد على هذا: الذين فرُّوا من القتال؛ فإنهم لم يُنصِفوا لفرارُهم؛ اهـ؛ "شرح مسلم" 6/329، 330.
[36] أي: ولا يلتفت بعضكم إلى بعض هربًا من عدوكم.
[37] أي: تهربون في بطون الأودية والشِّعاب.
[38] "تفسير الطبري" 4/139 وفي قراءة: ﴿ إِذْ تَصْعَدُونَ ﴾ بفتح التاء وتسكين الصاد وفتح العين، ومعناه: إذ تصعدون إلى جبل أُحُدٍ؛ حيث قيل: إنهم صعدوا إلى الجبلِ هربًا من القوم.
[39] صحيح: أخرجه البخاري (4063)، كتاب: المغازي، باب: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122].
[40] نثل كنانته: أي نشَر كنانتَه واستخرج ما بها من السهام، والكِنانة: جَعبة السِّهام.
[41] متفق عليه: أخرجه البخاري (4055)، كتاب: المغازي، باب: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122]، ومسلم (2411)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: في فضل سعد بن أبي وقَّاص - رضي الله عنه.
وفي ذلك يقول عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ما سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يجمع أبويه لأحدٍ غير سعد؛ (متفق عليه).
وقال سعد - رضي الله عنه -: جمع لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبويه يوم أُحُد؛ (متفق عليه).
[42] مجوبًا عليه بحجفة: أي متترس عليه بترس؛ ليقيَه من ضربات المشركين؛ فالحجفة: التُّرس.
[43] شديد النَّزع: أي شديد رمي السهم.
[44] متفق عليه: أخرجه البخاري (4064)، كتاب: المغازي، باب: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122]، ومسلم (1811)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة النساء مع الرجال، ومعنى نحري دون نحرك: أي: أفديك بنفسي.
[45] صحيح: أخرجه البخاري (2902)، كتاب: الجهاد والسير، باب: المجن ومن يترس بترس واحد، وأحمد 3/286، 287.
[46] هي السِّنُّ التي تلي الثنيةَ من كل جانب، وللإنسان أربعُ رَباعيات؛ "شرح مسلم" للنووي 6/330.
[47] متفق عليه: أخرجه البخاري (4075)، كتاب: المغازي، باب: ما أصاب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أُحُد، ومسلم (1790)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد.
والبَيضة: واقي الرأس الذي يلبَسُه المحارب.
[48] متفق عليه: أخرجه البخاري (5826)، كتاب: اللباس، باب: الثياب البيض، ومسلم (2306)، كتاب: الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحُد.
[49] كأمس الذاهب: كناية عن قتله؛ أي: صيَّره عدمًا.
[50] صحيح: أخرجه البخاري (4072)، كتاب: المغازي، باب: قتل حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - يقول وحشيٌّ - رضي الله عنه -: فلما رجع الناسُ رجعتُ معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رسولاً، فقيل لي: إنه لا يهيج الرسل - أي: لا ينالُهم منه إزعاج - قال: فخرجتُ معهم حتى قدِمْتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآني قال: ((آنت وحشيٌّ؟))، قلتُ: نعم، قال: ((أنت قتلتَ حمزة؟))، قلت: قد كان من الأمر ما بلَغك، قال: ((فهل تستطيعُ أن تُغيِّبَ وجهَك عني؟))، قال: فخرجت، فلما قُبِض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خرج مسيلمة الكذاب، قلت: لأخرُجَنَّ إلى مسيلمة، لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال: فخرجت مع الناس، فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجلٌ قائمٌ في ثلمة جدارٍ كأنه جملٌ أورقُ ثائر الرأس، قال: فرميتُه بحربتي فأضَعُها بين ثدييه حتى خرجَتْ من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجلٌ من الأنصارِ فضرَبه بالسيفِ على هامَتِه.
يقول عبدُالله بن عمر - رضي الله عنهما -: فقالت جاريةٌ على ظهرِ بيتٍ: واأمير المؤمنين، قتَله العبدُ الأسود.
قوله: (في ثلمة جدار)؛ أي: في خلل جدار.
قوله: (كأنه جمل أورق) الجملُ الأورق الذي لونه رمادي، وكان لونُ مُسيلِمة كذلك من غبار الحرب.
قوله: (ثائر الرأس) أي: شعره منتفش.
[51] حسن: سيأتي تخريجه.
[52] خدم سوقهما: أي الخلاخيل.
[53] تنقُزان: النقز: الوثب والقفز، كناية عن سرعة السير.
[54] متن الشيء: أعلاه، يقال: متن الجبل؛ أي: أعلاه.
[55] متفق عليه: أخرجه البخاري (4064)، كتاب: المغازي، باب: ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122]، ومسلم (1811)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة النساء مع الرجال.
[56] صحيح: أخرجه البخاري (4071)، كتاب: المغازي، باب: ذكر أم سَليط.
وتزفِر: أي تحمِلُ.
[57] صحيح: أخرجه البخاري (4043)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد.
[58] صحيح: أخرجه الترمذي (3129)، كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة النحل، وقال: هذا حديث حسن غريب، وهو في مسند أحمد من زوائد عبدالله 5/135، وصحَّحه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
[59] "سيرة ابن هشام" 3/3.
[60] حسن: أخرجه أبو داود (2537)، كتاب: الجهاد، باب: فيمن يُسلِم ويُقتَل في مكانه في سبيل الله، وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود".
[61] صحيح: أخرجه البخاري (1351)، كتاب: الجنائز، باب: هل يُخرَج الميت من القبر أو اللحد لعلَّة؟
[62] متفق عليه: أخرجه البخاري (1293)، كتاب: الجنائز، باب: ما يُكرَه من النياحة على الميت، ومسلم (2471)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبدالله بن عمرو بن حرام والد جابر - رضي الله تعالى عنهما.
[63] حسن: أخرجه الترمذي (3010)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة آل عمران، وقال: هذا حديث حسَن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم، والحاكم 3/204، وصحَّحه ووافقه الذهبي، وحسَّنه الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
[64] حسن: أخرجه الحاكم 3/204، وقال: هذا حديثٌ صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي، وأخرجه البيهقيُّ في "السنن" 4/15، وحسنه الشيخ مصطفى العدوي لشواهده؛ "فضائل الصحابة" للعدوي (279)، وحسنه الألباني في "الإرواء" رقم (713).
[65] حسن: أخرجه الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وحسنه الألبانيُّ في "صحيح الجامع" (3463).
[66] صحيح: أخرجه ابن هشام في "السيرة" عن ابن إسحاق 3/23، وصحَّحه الألباني في تخريج "فقه السيرة" (267).
[67] صحيح: أخرجه أحمد (22452)، وصححه أحمد شاكر، والألباني أيضًا في "فقه السيرة" (267).
[68] يجدع: أي يقطع.
[69] صحيح: أخرجه الحاكمُ 3/999، وقال: صحيح على شرطهما لولا إرساله، ووافقه الذهبي، وصححه موصولاً من حديث إسحاق بن سعد، والبيهقي في "السنن" 9/24.
[70] اسم مكان، والله أعلم.
[71] التكفؤ: التمايل إلى قُدَّام.
[72] صحيح: أخرجه أحمد (2609)، الحاكم 2/296، 297، وصححه وأقره الذهبي، وصححه الشيخ أحمد شاكر.
[73] متفق عليه: أخرجه البخاري (4073)، كتاب: المغازي، باب: ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجِراح يوم أُحد، ومسلم (1793)، كتاب: الجهاد والسير، باب: اشتداد غضبِ الله على مَن قتَله رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
[74] صحيح: أخرجه مسلم (1791)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد.
[75] متفق عليه: أخرجه البخاري (3477)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حدثنا أبو اليمان، ومسلم (1792)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد.
قال الدكتور أكرم العمري: لقد استبعد الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - أن يوفِّقَ اللهُ مَن آذوه بهذه الصورة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كيف يفلح قومٌ...))، فأخبره الله - سبحانه - بأن ذلك ليس ببعيد إن أراد الله هدايتهم؛ فأنزل عليه: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]، فقال - عليه الصلاة والسلام - لَمَّا طمع بإسلامهم: ((اللهم اغفِرْ لقومي فإنهم لا يعلمون))؛ "السيرة النبوية الصحيحة" 2/388.
[76] حسن: أخرجه الترمذي (3738)، كتاب: المناقب، باب: مناقب أبي محمد طلحة بن عبيدالله - رضي الله عنه - وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (2540)، ومعنى قوله: ((أوجَبَ طَلحةُ))؛ أي: أوجَب لنفسه الجنَّةَ، والله أعلم.
[77] متفق عليه: أخرجه البخاري (4075)، كتاب: المغازي، باب: ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجِراح يوم أُحد، ومسلم (1790)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد.
[78] متفق عليه: أخرجه البخاري (4068)، كتاب: المغازي، باب: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا ﴾ [آل عمران: 154]، ومسلم (1811)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة النساء مع الرجال.
[79] صحيح: أخرجه البخاري (4043)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد.
[80] مثلاً: أي تمثيلاً بالقتلى.
[81] السَّراة: الأشراف والكبراء؛ أي لم يكن ذلك التمثيلُ بالقتلى عن رأيٍ ورضًا من كُبَرائنا.
[82] صحيح: أخرجه أحمد (2609)، وصححه أحمد شاكر.
أي: قد كان ذلك التمثيلُ بالجثث ليس عن أمرِنا، ولكنا لم نكرَهْهُ.
[83] العافية: قال الخطابي: هي السباعُ والطير تقع على الجِيَف فتأكلها؛ "عون المعبود" 6/43.
[84] صحيح: أخرجه أبو داود (3136)، كتاب: الجنائز، باب: في الشهيد يغسل، وأحمد 3/128، والترمذي (1016)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قتلى أُحد، وذكره حمزة، وصححه الألباني "صحيح سنن الترمذي".
[85] حسن: أخرجه أبو داود (3137)، كتاب: الجنائز، باب: في الشهيد يغسل، وصححه الألباني "صحيح سنن أبي داود".
[86] صحيح: أخرجه البخاري (1343)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، وفي رواية للبخاري أيضًا قال جابر: فكُفِّن أبي وعمي في نمِرة واحدة.
وقد تقدم أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلى على حمزةَ - رضي الله عنه - والظاهر - والله أعلم - كما قال بعضُ العلماء منهم ابن القيم - رحمه الله - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مخيَّر بين الصلاة على الشهداء وعدم الصلاة.
[87] النَّمِرة: نوع من الكساء.
[88] متفق عليه: أخرجه البخاري (4082)، كتاب: المغازي، باب: مَن قُتل من المسلمين يوم أُحد، ومسلم (940)، كتاب: الجنائز، باب: في كفن الميت، والإِذخِر: حشيش معروف طيِّب الرائحة.
[89] صحيح: أخرجه الترمذي (1717)، كتاب: الجهاد، باب: في دفن القتيل في مقتله، صححه الألباني "صحيح سنن الترمذي"، أحمد (14101)، وصححه أحمد شاكر.
[90] صحيح: أخرجه أحمد (14965)، الحاكم 3/28.
نحض الجبل: سفح الجبل، والمعنى: لوددتُ أني قُتِلت معهم، وهذا من شدة حزنِه عليهم - صلى الله عليه وسلم.
[91] صحيح: أخرجه أحمد 3/414، الحاكم 1/507، 3/23، 24، وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين، ووافقه الذهبيُّ، وصححه الألباني في تخريج "فقه السيرة" (269).
[92] صحيح: أخرجه مسلم (1743)، كتاب: الجهاد والسير، باب: استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو.
[93] صحيح: أخرجه البخاري (4069)، كتاب: المغازي، باب: ليس لك من الأمر شيء، والترمذي (3004)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة آل عمران، واللفظ له.
[94] حسن: أخرجه ابن هشام في "السيرة" 3/29، عن ابن إسحاق بسند حسنٍ إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه.
[95] أي: ما رجَعْنَ إلى بيوتهن.
[96] صحيح: أخرجه أحمد 2/84، ابن ماجه (1591)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في البكاء على الميت، وصححه الألباني في "صحيح السنن".
[97] عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقال: عيبة الرجل؛ أي: موضع سرِّه وأمانته؛ مأخوذ من عيبة الثياب التي يضعُ فيها الرجلُ متاعَه؛ مشارق الأنوار على صحاح الآثار؛ القاضي عياض (2/ 106).
[98] الصفق: هو أن يعطي الرجلُ الرجلَ عهده؛ لأن المتعاهدينِ يضعُ أحدُهما يده في يد الآخر، كما يفعل المتبايعانِ، وهي المرة من التصفيق باليدين؛ النهاية في غريب الحديث (3/ 38).
[99] يتحرَّقون: يلتهبون من الغيظ.
[100] سيرة ابن هشام (2/ 107، 108).
[101] صحيح: أخرجه البخاري (4077).