خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/943"> د. عمر عبد الكافي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/943?sub=34777"> سلسلة مقتطفات من السيرة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سلسلة مقتطفات من السيرة [13]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وآله، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه الحلقة الثالثة عشرة في سلسلة حلقاتنا في الحديث عن السيرة العطرة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم اجعل هذه الجلسة خالصة لوجهك الكريم، اللهم ثقل بها موازيننا يوم القيامة، اللهم ثقل بها موازيننا يوم القيامة، اللهم ثقل بها موازيننا يوم القيامة، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عيباً إلا سترته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته، ولا مسافراً إلا رددته غانماً سالماً لأهله، اللهم تب على كل عاص، واهد كل ضال، واشف كل مريض، وارحم كل ميت، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
كما نسألك يا مولانا أن تشرح صدورنا، اللهم اشرح لنا صدورنا، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، اللهم توفنا على الإسلام، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
موضوع حلقة درس اليوم إن شاء الله هو: خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لدعوة أهل الطائف إلى الإسلام ثم رجوعه إلى مكة بعد أن لم يستجب له أهل الطائف، ثم عام الحزن بوفاة السيدة خديجة رضوان الله عليها، ووفاة عمه أبي طالب .
وسوف نتحدث بمشيئة الله عن رحلة الإسراء والمعراج وما فيها من حكم وعبر ودروس مستفادة، فنقول:
أهل مكة وقفوا من الدعوة الإسلامية موقف العداء، وهذه سنة الله في خلقه، فإن الصراع الأزلي قائم بين الحق والباطل، وبين أهل الخير وأهل الشر.
وقلنا فيما مضى إنه وإن كان يقع بعض النصر المؤقت لأهل الباطل على أهل الحق، فإنه لا يصيب أهل الحق خوف طالما أنهم يوافقون الكتاب والسنة ويثقون ثقة مطلقة في نصر الله عز وجل، فسنة الله لا تتخلف في كونه أبداً؛ لأن القضية في الصراع بين الحق والباطل هو صبر وثبات أهل الحق على الحق، لكن الإنسان الذي لا يصبر لا نصر له، والإنسان السريع في غضبه والمتضايق من المصابرة والمثابرة لا يكون النصر حليفاً له.
ومثال ذلك: سيدنا نوح أول الدعاة على وجه الأرض عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام،ومع ذلك كانت زوجه كافرة وابنه كافراً.
فإذا كانت زوجة سيدنا نوح وزوجة سيدنا لوط وابن سيدنا نوح كافرين؛ فلا تيأس من هداية زوجاتنا ولا نقنط من رحمة الله بنا؛ فقد كان عم النبي أبو لهب زوجة عم النبي أم جميل كافرين، وهي أخت أبي سفيان بن حرب وعمة معاوية بن أبي سفيان ومع ذلك لا نيأس من رحمة الله.
وأبو سفيان أتم الله له النعمة بالإسلام، وكذلك خالد بن الوليد أكره الله بالإيمان، وعكرمة بن أبي جهل أتم الله له الإيمان وصار صحابياً من أصحاب الحبيب عليه الصلاة والسلام، وقد كانوا من ألد أعداء الإسلام ثم هداهم الله، فلا نقنط من رحمة الله؛ لأن سيدنا علياً يقول: سبحانك! قطرة من فيض رضاك تملأ الأرض ريا، ونظرة من عين رضاك تقلب الكافر ولياً.
والماء الذي يصح الوضوء به لا يتغير طعمه ولا لونه ولا ريحه عند وقوع النجاسة فيه إذا كان الماء أكثر من قلتين كما ذكر الفقهاء.
فالماء نعمة مطلقة يجب أن نحمد الله عليها، وهي نعمة لا توازيها أي نعمة أخرى.
و أبو حازم نظر إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد وفي يده كوب من الماء، فقال له: يا أمير المؤمنين! لو منع عنك هذا الكوب من الماء بكم تشتريه؟ قال: بنصف ملكي، قال له: وإذا دخل هذا الماء إلى بطنك فلم يخرج منها فبكم ستخرجه؟ قال: بنصف ملكي الآخر. قال: تباً لملك لا يساوي كوب ماء.
ومن فضل ربنا علينا أن جعل عضلة تتحكم في البول وتخرجه عندما تأتي الإشارات من المخ وتنبه العضلة على الإفراغ، فالمسلم عندئذ يقول: الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني وأبقى علي ما ينفعني.
والذي عنده سلس بول يجب عليه الوضوء عند كل صلاة، فيتوضأ لكل صلاة ويصلي ولو تقاطر منه البول أثناء صلاته ويكملها، وصلاته صحيحة إن شاء الله، وهذا من تيسير الدين.
والمسلم يشكر نعمة الله عندما يرى أشخاصاً عندهم سلس بول أو غيره من الآلام والمصائب.
ولو أعطانا الله عز وجل النعمة على قدر طلباتنا لما تقدمنا خطوة في الحياة، ولما استطعنا أن نعيش، فالله هو الحكيم بنا العليم بما يصلح حياتنا.
فالله تعالى هو الذي يعطيك القوة البدنية التي تقدر تقعد بها في الشغل ثمان أو عشر ساعات، فاطلب من الله كل يوم أن يديم عليك هذا.
والمؤمن لا يقول عن شيء إنه فاعله غداً إلا أن يشاء الله سبحانه، فلابد من ذكر المشيئة، قال تعالى: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102]، فلابد من تقدم المشيئة عن العمل أو الفعل أو القول أو القصد.
العمل الخالي من ذكر المشيئة عمل محكوم عليه بالفشل.
وسيدنا نوح عندما وجد ابنه كافراً قال له: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ [هود:42]، قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ [هود:43] أي: سأطلع فوق جبل عالي واقعد في أعلاه، يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ [هود:43] أي: يمنعني عن الغرق، قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ [هود:43].
وأهل العلم يقفون عند الجملة هذه: سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ [هود:43] ويقولون: كل الناس اليوم يعملون عمل ابن نوح، فأحدهم لسان حاله يقول: سآوي إلى جبل عقلي، والآخر: سآوي إلى جبل عزتي.. سآوي إلى جبل جاهي ومنصبي، ولكن المهم أن تهوي بنفسك إلى رحمة الله وأن تفر من نفسك إلى الله، اللهم اجعلنا من الفارين إليك يا رب العالمين، ومادام أنت فررت من نفسك إلى الله فإنك تكون قد فررت من الركن الضعيف إلى الركن القوي.
وقال تعالى حاكياً عن نبيه لوط: قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود:80]، قال جبريل : يا لوط! قد أويت إلى الركن الشديد، وهو ركن رب العبيد سبحانه وتعالى.
وقال تعالى حاكياً عن ابن نوح: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ [هود:43]، فلما استوت السفينة على جبل الجودي تذكر نوح ابنه ولم يتذكر امرأته فقال: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ [هود:45].
وقوله تعالى: وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ [هود:43] وذلك من أجل ألا يرى سيدنا نوح ابنه وهو يغرق فيحن قلبه على موت كافر.
لذلك فالمسلم لا يحن على موت كافر ولا يصلي عليه ولا يدعو له ولا يقبره في مقابر المسلمين إلى غير ذلك من الأحكام التي ذكرها العلماء.
وإجهاض الجنين لما دون أربعة شهور حرام؛ لأن الخلية الحية قد تكونت منذ اليوم الأول من الحمل، فالتي أجهضت جنينها في اليوم الأول من الحمل فقد قتلت نفساً بغير حق، وعليها دية، وهي مائة من الإبل إن كان الجنين ذكراً، وخمسون من الإبل إن كان أنثى، أي: ما يعادل خمسين ألف جنيه؛ لأنها استعجلت قدر الله عز وجل وقضاءه مع أنها لو تركته إلى أن يبلغ الكتاب أجله سوف ينزل من غير تدخل منها وإنما بقضاء الله وقدره.
وهناك احتمال أن الذي كان في بطنها هو الذي سوف يخلص المسلمين من البلاء، أو قد يكون عابداً صالحاً أو طيباً ناجحاً بما يرضي الله أو مدرساً بارعاً يعلم الآلاف من الطلاب أو مخترعاً يخترع قنبلة ذرية نضرب بها إسرائيل، أو قد يكون خليفة المسلمين الذي يجتمع المسلمون عليه، أو زعيماً مسئولاً، المهم أن المسلم لا يستعجل القدر، ولا يظن أن الإجهاض لما دون أربعة أشهر من عمر الجنين أنه جائز.
فالإجهاض حرام منذ اليوم الأول من الحمل ولا يجوز إلا بسبب واحد وهو أن يقول الطبيب المسلم أو الطبيبة المسلمة إن هناك خطراً على حياة الأم أو على حياة الجنين.
ولقد أعجبني أستاذ فاضل حينما سأله سائل فقال له: أنا طبيب أمراض نساء وتيقنت أن الذي في بطن الحامل سوف يخرج متخلفاً عقلياً، فهل يجوز الإجهاض في مثل هذه الحالة؟
قال الأستاذ: نفرض أن طفلاً عمره عشر سنين وهو كفيف لا يرى أبكم لا يتكلم أصم لا يسمع مشلول لا يتحرك فلا يجوز قتله وهو في هذه الحالة، وكذلك لا يجوز قتله لو كان جنيناً حتى ولو ثبت أنه مشوه.
وهذه المسألة فيها خلاف بين الفقهاء، المهم أن هذا الجنين لو خرج من بطن أمه متخلفاً أو معوقاً أو متأخراً إلى آخره، فهذا هو قضاء الله وابتلاؤه الذي سوف يرفعك درجات، وقد يدخلك الجنة عن طريقه أو بسببه.
وقوله تعالى: يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ [هود:46]، وقراءة ابن عباس : إنه عَمِلَ غيرَ صالح، فلما عمل غير صالح خرجت البنوة والأهلية؛ لأن الأهلية لا تكون إلا بالإسلام وبالعمل الصالح، ورب أخ لك لم تلده أمك، ورب أخ لك في الله تحبه ويحبك ولا تعرف اسمه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
إذاً: سلمان مع الحسن والحسين وعلي وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين.
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن مرآة أخيه) أي: مرآة ينظر فيها وجهه، ولذلك قال أحد العلماء لتلاميذه: أنا أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم، فهذا تناقض.
إذاً: المصلحة التي تجمعنا هي قوله صلى الله عليه وسلم: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه).
و الحسن البصري ترك قوماً فلم يجالسهم فسئل عن سبب ذلك فقال: لأنهم أناس إن غفلت ما ذكروني، وإن ذكرت ما أعانوني، وإن نصحت غضبوا مني.
فالأخ المسلم لابد له أن يذكر أخاه المسلم بطاعة الله تعالى.
وقالوا: إن العالم أهم للإنسان من أبيه وأمه؛ لأن العالم يقي الإنسان من نار الآخرة بخلاف الأبوين فإنهما لا يهتمان إلا بأمور ولديهما الدنيوية إلا ما رحم الله تعالى.
ويجب على الإنسان أن يكون قدوة صالحة لأهله، قال صلى الله عليه وسلم: (وخيركم خيركم لأهله) .
(وخير الناس أنفعهم للناس) وأولى الناس بك أهلك، قال تعالى: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ0 مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
والمؤمن يرى أن الحق قادم، وأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق بلا تحديد، وهي الحياة الأخروية في الجنة دار النعيم تكون لأهل الحق، اللهم اجعلنا من أهل الحق ومن القائمين بالحق ومن القائلين بالحق ومن الذي يقبلون الحق يا أرحم الراحمين! قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الباطل خفيف كخفته يوم القيامة، وإن الحق ثقيل كثقله يوم القيامة) فالباطل في الدنيا خفيف مثل خفته يوم القيامة، والحق ثقيل في الدنيا والآخرة، وما يقبل الحق فينا إلا قلائل.
ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعوهم إلى كلمة التوحيد، وجو الطائف لطيف؛ لأنه مليء بالبساتين، أما مكة فهي وسط جبال فالحرارة تكون فيها دائماً مكتومة، ومن حكمة الله الجليلة أن جعل البيت الحرام الذي يحج إليه كل عام شديد الحرارة لئلا تعيش فيه الميكروبات والحشرات، فإن درجة الحرارة قد تصل إلى ثلاثين أو أربعين درجة مئوية.
ومع ذلك فإن مليوني حاج يجتمعون في مكان واحد وقد أتوا من كل مكان، وكل واحد منهم يرجع سالماً غانماً، وقد ثبت على مر التاريخ كله أن السماء تمطر مطراً غزيراً بعد موسم الحج بأيام في مكة والمدينة، ومن حكمة ذلك تنظيف أرض الحرمين.
والنبي صلى الله عليه وسلم ترك مكة وذهب إلى الطائف ليقول لهم: (قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، أنا رسول الله إليكم، والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً).
فعندما تتحجر القلوب لا يفيد الوعظ ولا النصح، فالإيمان مثل التيار الكهربائي مع التلفزيون، فإذا فتح التيار الكهربائي ظهرت الصورة على شاشة التلفزيون، وإذا أغلق التيار انعدمت الصورة، وهكذا الإيمان إذا حصل في القلب ظهرت في الجوارح البشاشة والرفق واللين والرحمة والرضا والثقة في الله والأمن والاستقامة وعدم الخوف، وإذا نزع الإيمان من القلب حصل عدم الرضا وضيق الصدر وعبوس الوجه وتقطيب الجبين، لا يتحمل امرأته وعياله.
فالإيمان عندما يكون في شغاف القلب فإنه يعمل خيراً كبيراً وكثيراً، وقصة سحرة فرعون أكبر شاهد ودليل، وفقد ثبتوا على الحق ولم يخافوا الموت، وقد ذكرت كتب التفسير أنهم كانوا ستين ألف ساحر.
والسحرة في ذلك الزمن بمثابة وزارة الإعلام والصحافة من إذاعة وتلفزيون في زماننا الحاضر.
فقال السحرة لـفرعون: إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [الأعراف:113-114] أي: نحن سوف نرقيكم، فأجمعوا أمرهم وقالوا: يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى [طه:65] أي: من سيرمي الأول، قَالَ بَلْ أَلْقُوا [طه:66] فلما ألقوا رموا الحبال والعصي، فكان يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66].
يقال: إنها كانت عبارة عن أنابيب مثل البلاستيك المطاطة مليئة بزئبق، فعندما رموها إلى الأرض فإن الزئبق لا يستقر في الأنبوبة فيحصل له تمدد مع أشعة الشمس فتتحرك الأنابيب المطاطية وكأنها ثعابين.
قال تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى [طه:67] أي: أن النبي الرسول الكريم خاف منها.
قال تعالى: قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:68-69].
فلما ألقى سيدنا موسى عصاه التقمت كل الحبال والعصي حق الستين ألف ساحر، قال تعالى: فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [الأعراف:117]، فالسحرة يفهمون لعبة الحسر، فعندما ألقى موسى عصاه فأكلت حبالهم وعصيهم عرفوا أن هذه آية منعند الله وليست من قبيل السحر، فإذا بالسحرة قد سجدوا لله رب العالمين وآمنوا برب موسى وهارون.
قال تعالى: قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [الأعراف:123]، لأنه كان مقتنعاً أنه إله، قال تعالى حاكياً عن قول فرعون : مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38].
قال الله سبحانه وتعالى: قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ [طه:71]، أي: إنه لزعيمكم ورئيسكم الكبير الذي علمكم السحر.
وحجة الطاغية التهديد، فالله هو الجبار القهار القوي وفرعون ضعيف لا يملك لنفسه نفعاً وضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فرد عليه السحرة، قال تعالى: قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا [طه:72]، أي: لن نفضلك على ما جاءنا من أمور العقيدة الواضحة.
قال تعالى: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ [طه:72]، أي: الذي تريد أن تعمله فأعمله، إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:72-73] فجعل الله تعالى تدمير فرعون في تدبيره.
ويروى أن هنالك ملكاً كان لديه ساحر مسن، فطلب من الملك أن يحضر إليه أذكى غلام في البلاد لكي يعلمه السحر، فأحضروا له غلاماً ذكياً، فكان يتردد إلى الساحر، وفي طريقه إلى الساحر كان هنالك راهب فتعلم منه الغلام الإيمان والعقيدة حتى عرف بالطبيب.
وكان للملك وزير أعمى فقال له الغلام: إنني لا أستطيع أن أرد إليك بصرك إلا إذا آمنت بالله رب العالمين لا شريك له فآمن الوزير بالله تعالى، حتى علم الملك بذلك فأحضر الغلام فأخبره بما جرى بينه وبين الوزير فقال له الغلام: ربي وربك الله، فقال الملك خذوه في مركب فإذا كنتم في وسط البحر فألقوه فيه، فلما توسطوا به في البحر قال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت، فاضطرب القارب بما فيه فانقلبوا في وسط البحر ورجع الغلام المؤمن إلى الملك سالماً غانماً، فقال له الملك: من الذي أنجاك؟ قال الله رب العالمين.
فقال الملك: خذوه إلى أعلى جبل وارموه منه، فلما وصلوا به إلى قمة الجبل قال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت، فاهتز الجبل فسقطوا منه إلا الغلام، فعاد سائراً على قدميه إلى الملك.
ثم قال له: أيها الملك إنك لن تستطيع أن تسلط عليّ إلا أن تجمع الناس في صعيد واحد، وتأخذ سهماً من كنانتي وتقول: باسم الله رب هذا الغلام فترميني به فسأموت حينئذ.
فجمع الناس في صعيد واحد وربط الغلام على شجرة وأخذ من كنانته ووضعه في القوس وقال: باسم الله رب هذا الغلام، فألقي الغلام صريعاً، فقال الناس جميعاً: آمنا بالله رب الغلام.
فحفر أخدوداً في الأرض وأضرم فيه النيران ورمى فيه كل موحد، قال تعالى: قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:4-8].
وكانت هنالك امرأة ومعها ابن صغير لها فخافت على ابنها من النار فتلكأت وتلعثمت، فإذا بالولد ينطق بلسان واضح: يا أماه اثبتي إنك على الحق وأنه لا إله إلا الله، فرمت بنفسها وابنها في النار.
فيجب على المؤمن أن يثبت على لا إله إلا الله، وأن يكون دائماً متصلاً بالله وواثقاً برحمة الله وعارفاً أن فضل الله واسع.
ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، فرفضوا الإيمان به، فأخرجوا صبيانهم وغلمانهم ومجانينهم وخدمهم ليقذفوا الرسول صلى الله عليه وسلم بالحجارة، وزيد بن حارثة رضي الله عنه كان معه يحميه من كل اتجاه حتى سالت قدما رسول الله الشريفتان بدماء غزيرة.
فسيدنا زيد قال له: يا رسول الله! استرح في ظل هذا البستان، وكان صاحب البستان ابني ربيعة فتحركت له رحمهما، فبعثا مع خادم لهما قطفاً في طبق من عنب، وهذا الخادم يدعى عداساً، فقرب العنب بين يدي رسول الله فقال: (باسم الله، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وارزقنا خيراً منه) هكذا كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام.
فسمع عداس هذه العبارة وما سمع بها قط في الطائف؛ لأن الطائف كانت مركز اللات الذي هو الصنم الكبير في الجزيرة، كما أن مركز هبل كان في مكة، قال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى [النجم:19-20] فقال عداس : (والله ! إن هذا لكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله: ومن أي البلاد أنت يا
ثم وضع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ظهره إلى جدار البستان فقال: (اللهم أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السماء والأرض، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك، لك الحمد حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك).
فترتج السماء لهذا الدعاء فينزل ملك الجبال ويقرئه من الله السلام، ويقول له: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت، والمراد بهما جبلي مكة والطائف، فقال رسول الله: يا ملك الجبال! لا تفعل عسى رب العباد أن يخرج من أصلابهم من يقول: لا إله إلا الله.
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم مع زيد بن حارثة إلى مكة، فكان رسول الله يقرأ سورة الرحمن ويسمع زيد بن حارثة ، ثم يقول له: (يا
ولما أراد أن يدخل إلى مكة، وقف الكفار على مداخل مكة ليمنعوه من الدخول، فأرسل إلى الأخنس بن شريق لكي يجيره ويكون في حمايته فرفض، ثم بعض إلى سهيل بن عمرو ثم إلى المطعم بن عدي وكان أحد عظماء مكة وكان كافراً فرضي، فجاء بأبنائه السبعة يحملون سيوفهم ويحيطون برسول الله.
إن الله ليؤيد هذا الدين برجال لا خلاق لهم، فربنا له جنود لا يعملهم إلا هو.
فجاء المطعم بن عدي بأبنائه يحيطون برسول الله صلى الله عليه وسلم، فطاف حول البيت سبعاً، ثم بات في بيت المطعم ثم رد عليه جواره.
ثم ماتت خديجة رضي الله عنها الزوجة الصالحة التي هي عبارة عن أم كان النبي صلى الله عليه وسلم يستند إليها، والتي كانت الصدر الحنون للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان رسول الله عندما يذبح ذبيحة يقول: (أرسلوا إلى صويحبات
ورحب مرة بامرأة عجوز، فسئل عنها فقال: (لقد كانت تزورنا أيام
وهذا من وفاء النبي صلى الله عليه وسلم لبني جنسه، بل للمخلوقات الأخرى كالجذع الذي كان يخطب بجانبه، وعندما صعد جبل أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فيهتز أحد فيقول له: (اثبت أحد فإنما فوقك نبي وصديق وشهيدان).
وكان يقول: (أحد جبل يحبنا ونحبه)، فبذل الحب لجبل أحد لأن فيه أحبابه دفنوا فيه؛ وهم شهداء غزوة أحد.
وشكا الجمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (من الذي ينضح بهذا البعير؟ قال شاب من الأنصار: أنا يا رسول الله، قال: أحسن إلى بعيرك فإنه يشكو إليّ أنك تحمله فوق طاقته).
اتقوا الله في البهائم العجماء فإن في كل كبد رطب أجراً عند الله سبحانه وتعالى.
تموت خديجة ويموت أبو طالب فيزداد تكذيب أهل مكة وإيذاؤهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فبعد رجوعه من الطائف إلى مكة منعه أهل مكة من الدخول إليهم، وبعدما مات أبو طالب ودفن، جاء جبريل إلى رسول الله فقال له: يقرئك ربك السلام، وأنه يستضيفك هذه الليلة في سمائه.
وهذا من أجل أن تتعادل القوى، ويحصل شرح وتثبيت لسيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأحداث متلاحقة والدعوة تريد قوة.
فجاء جبريل ومعه البراق وهو أكبر من الحمار ودون البغل، قريب من الحصان، سمي البراق بهذا الاسم لأنه كالبرق في سرعته، يضع حافره آخر ما يقع عليه نظره، فسرى به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
أسرى بك الله ليلاً إذ ملائكه والرسل في المسجد الأقصى على قدم
لما خطرت به التفوا بسيدهم كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
صلى وراءك منهم كل ذي خطر ومن يفز بحبيب الله يأتمم
فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى فرأى الأنبياء وقوفاً صفاً صفاً لاستقباله صلى الله عليه وسلم، وهل صلى هؤلاء الأنبياء بأرواحهم أم بأجسادهم؟ فلا يعلم كيفية ذلك إلا الله.
ووقف الحبيب المصطفى تواضعاً في الصف، فإذا بجبريل يأخذ بيد الحبيب ويقدمه عليهم ليصلي بهم؛ لأنه خاتمهم وسيد الخلق وحبيب الله.
وفي هذا إعلان واضح وعام وشامل بمكانة الحبيب، فصلى بهم ركعتين على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، مع أن أباه إبراهيم موجود، ثم عرج به إلى السماء السابعة، وكان لكل سماء لون ومادة تختلف عن مادة ولو السماء الأخرى.
وفي رواية البخاري أن جبريل طرق باب السماء الأولى، فقيل له: من؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، فرحب به أهل السماء، يعني: إذا كنت يا محمد! قد كفر بك بعض الإنس فقد آمن بك الجن، وإن كنت مكذباً في الأرض فأنت مصدق في السماء، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فرأى أبا البشر آدم فرحب به فقال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد إلى السماء الثانية فرأى سيدنا إدريس ثم صعد إلى السماء الرابعة فرأى الكريم ابن الكريم ابن الكريم سيدنا يوسف بن يعقوب بن إبراهيم، ثم صعد إلى السماء الخامسة فرأى سيدنا نوحاً فقال له: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم صعد إلى السماء السادسة فرأى سيدنا موسى، ثم صعد إلى السماء السابعة فوجد أباه خليل الله إبراهيم عليه السلام فقال له: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، بلغ أمتك مني السلام، وقل لهم: إن الجنة عذب ماؤها، حصباؤها اللؤلؤ، وغرسها سبحان الله والحمد لله.
أقول: غمسة واحدة في الجنة تنسيك آلام الدنيا ومتاعبها ومصائبها.
ثم صعد النبي عليه الصلاة والسلام من السماء السابعة إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها -أي: حملها وثمرها- كقلال هجر، وهي عبارة عن جرار مصنوعة من الفخار، وأوراقها كآذان الفيلة، فتأخر جبريل وقال له: وما منا إلا له مقام معلوم، تقدم أنت فلو تقدمت لاحترقت، لأن جبريل مخلوق من نور، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم خطوات فإذا ببرد وسلام فعلم أنه على بساط حظيرة القدس.
والله عز وجل لا يحيط به مكان ولا زمان، وكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
قال رجل لـأبي حنيفة : أنا لا أومن إلا بشيء أراه، فأخذه أبو حنيفة حتى أوصله إلى شاطئ نهر الفرات، وأنهار الجنة أربعة: نهران باطنان منبعهما الجنة ونهران في الدنيا: النيل والفرات، فحفر حفرة صغيرة في الشاطئ، وطلب من الرجل أن ينقل ماء النهر بكامله إلى وسط تلك الحفرة، فقال الرجل: أيعقل أن ينقل كل ماء النهر في هذه الحفرة؟ فقال أبو حنيفة : فهل يعقل بعقلك الصغير أن ترى الله عز وجل؟
فلما علم الحبيب أنه في حضرة الله عز وجل أسرع بخلع نعليه كما صنع كليم الله موسى عندما كان في الوادي المقدس طوى، فقيل له: لا تخلع نعليك، فتلعثم النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام فألهمه الله فقال: التحيات لله والصلوات والطيبات، فقال الله عز وجل: السلام عليك أيها النبي ورحمته وبركاته، فقال الملائكة أدباً: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فضجت ملائكة السماء وملائكة الأرض: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
وقدم جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أكواب: كوباً من العسل وكوباً من الماء وكوباً من اللبن، فشرب اللبن فقال جبريل: هديت أمتك على الفطرة، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم المغتابين والنمامين والمرابين وهم يعذبون، ورأى الذين يفعلون الخير والذي يجاهدون في سبيل الله.
والصلاة فيها أسرار، فأول ما يسأل العبد يوم القيامة عن صلاته، فإذا صلحت صلح باقي العمل وإن وجدت ناقصة ردت، وعندما يسمع المسلم المنادي يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح يستشعر ويجيب النداء، النداء يوم القيامة: يا فلان بن فلان: فيقول نعم يا رب!
إذاً: في كل أذان تتذكر نداء الله عليك يوم القيامة، و(حي) بمعنى: تعالى وهلم وأسرع.
وقبل أن يدخل المسلم في الصلاة فإن عليه أن يتوضأ، والوضوء هو طهارة الظاهر والباطن، فطهارة الباطن تطهير القلب، وطهارة الظاهر تطهير أعضاء الوضوء المعروفة، ثم بعد ذلك لا يتم الدخول في الصلاة إلا بتكبيرة الإحرام فتقول: الله أكبر، أي: أن ذكر الله أكبر من كل شيء مما سواه.
فمن قال: الله أكبر وهو يفكر في الزوجة والولد، والمال والدنيا والوظيفة والمركز والانتخابات والترشيح والكلام الفاضي، يقال له: كذبت يا عبدي فلست أكبر شيء عندك، وكيف سيكون حاله وهو بين يدي الله ويقال له: كذبت يا عبدي!
ثم بعد تكبيرة الإحرام يأتي بدعاء الاستفتاح وهو: سبحانك اللهم وبحمدك وتعالى جدك وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا الله غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك، وجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، ثم يأتي بالاستعاذة، وهي قوله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
نقول جميعاً: تبنا إلى الله، ورجعنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا، وعزمنا عزماً أكيداً على أننا لا نخالف أمراً من أمور الله، وبرئنا من كل دين يخالف دين الإسلام، والله على ما نقول وكيل.
اللهم اشف كل مريض، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم تب على كل عاص واهد كل ضال وارحم كل ميت، اللهم فك كرب المكروبين، اللهم انصر المجاهدين، واختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين، اطرد عن بيوتنا شياطين الإنس والجن، وانزع من قلوبنا الغل والحقد والحسد، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، اللهم إنا نسألك حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.