خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/943"> د. عمر عبد الكافي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/943?sub=34777"> سلسلة مقتطفات من السيرة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سلسلة مقتطفات من السيرة [10]
الحلقة مفرغة
أحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا، ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو الدرس العاشر من دروسنا حول السيرة العطرة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسأل رب العباد سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعل كل دروسنا خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل للشيطان فيها حظاً أو نصيباً، وأن يثقل بها موازيننا يوم القيامة، وأن يضيء لنا بها على الصراط يوم لا نور إلا نور الإيمان.
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلى غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماًإلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عيباً إلا سترته، ولا مظلوماًإلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته، ولا مسافراًإلا غانماً سالماً رددته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا ضالاً إلا أخذت بيده إلى صراطك المستقيم، واجعل اللهم خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنها نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
إن الذين يواظبون على دروس العلم ومجالس أهل العلم لابد أن يختلف الواحد منهم عمن لا يحضر، فالذي يواظب على درس العلم يجب أن يكون لدرس العلم عنده ثمرة، فيشعل درس العلم في قلبه جذوة الإيمان، فيجعله يحسن التعامل مع الناس ومع رب الناس، أما أن أحضر درس العلم وأظل فاشلاً في معاملتي للناس، سيئاً في معاملتي لخالق الناس وخالقي، فإن درس العلم حينئذٍ يكون حجة علي لا حجة لي؛ لأن المسلم في كل موعظة يستمع إليها وكل درس علم يستفيد منه، ويجب عليه أن يكون لهذا الدرس عنده ثمرة.
إنني عندما أنظر إلى مشاكل المسلمين أجد هذه العناوين الثلاثة:
العنوان الأول: فشل معاملة الزوج لزوجته والعكس، فكيف تحضر مجلس العلم ثم تسيء إلى زوجتك في البيت، فما الذي استفدته -أخا الإسلام- من درس العلم؟!
والعكس صحيح، فما الذي استفادته الأخت المسلمة التي تركت بيتها وجاءت لتستمع إلى درس العلم ثم تسيء معاملة الزوج!
فالعنوان الأول في مشاكلنا، فإن لم نشعر في دروس العلم بالسكينة، ولم نستفد من الثمرة فلا فائدة فيها، وستبقى حجة علينا يوم القيامة.
العنوان الثاني: سوء معاملة الأبناء للآباء، وسوء معاملة الآباء للأبناء.
فالعنوان الأول والثاني في البيت المسلم.
العنوان الثالث: سوء معاملة المسلم لإخوانه من المسلمين في المجتمع، وأصل هذه العناوين الثلاثة سوء معاملة العبد لله عز وجل، وسوء الأدب مع الله؛ لأنني عندما أفشل في معاملة المخلوق يكون فشلي دليل على أن صلتي بالله واهية، ودليلاً على أن صلتي بالله ضعيفة، وقد جاء في الحديث الشريف: (من اتقى الله عز وجل أحبه الناس شاءوا أم كرهوا) يعني: رضوا أم لم يرضوا فسيحبونه، والمهم أن يحسن معاملته مع الله.
ما الذي جعل الرجل في بيته يسيء معاملة الزوجة؟ وما الذي جعل المرأة تسيء معاملة زوجها؟
يجب أن نبحث عن العلة؛ لأننا نريد البيوت أن تكون هي المكان الذي يستريح فيه الإنسان بعد المسجد، فأنت تعود منهكاً من الأعمال التي في الدنيا، والوظيفة ثقيلة عليك، فلا بد من أن تذهب إلى مكانين لترتاح فيهما، فأول مكان هو بيت الله، فلا راحة لمؤمن إلا بلقاء الله، ولن تستريح -يا عبد الله- إلا حين تلقى الله عز وجل، فأفضل مكان تلقى فيه ربك هو بيته، فالله يدعوك إلى زيارته لتستريح نفسك.
ولذلك يروى أن أحد الصحابة رضوان الله عليهم دخل عليه المصطفى فسأله: ما الذي أوجدك في المسجد في وقت ليس من أوقات الصلاة؟! فقال: هموم وديون لزمتني يا رسول الله.
فالهموم والغموم هجمت على الرجل، فذهب إلى بيت الله، ليقول: (يا رب)، ولا ينفع أن تقول: (يا رب) أمام التلفزيون، ولا أن تقول: (يا رب) والأولاد بجوارك يلعبون، فنحن نريد كلمة (يا رب) تخرج من داخل القلب لا كحال الرجل الذي لقيه سيدنا موسى، فقد كان راعي غنم، فجلس يدعو ويبكي فقال: (يا رب) يريد شيئاً، فقال موسى برحمة النبوة: يا رب! لو الأمر بيدي لاستجبت له، فقال الله تعالى: (يا موسى! صاحبك يدعوني بلسانه وقلبه عند غنمه، وأنا لا أستجيب لعبد لسانه معي وقلبه مع غيري).
فحين تدعو الله لا بد لك من أن تكون قلباً وقالباً مع الله، فاللسان يدعو والقلب فيه حرارة الإيمان توصلك بالله عز وجل، فحينئذ يستجيب الله لك، فهذا معنى أن تقول: (يا رب).
وأنت بذلك تقصر المسافة بين الأرض والسماء، فاجعلها دعوة مستجابة، وقل: (يا رب) يقل الله لك: لبيك يا عبدي، ولا يوجد عبد يرفع يديه إلى السماء ويقول: (يا رب) إلا ويستحي رب العباد من أن يرد يدي العبد خائبتين.
فهو حنان منان، حنان يعطي السائل قبل أن يسأل، فأنت في عمرك وأنت تأكل لا تقول: يا رب! أعني على الهضم، إلا إذا كان عندك عسر هضم، فلا تسأل نعمة الهضم إلا إذا كان عندك عسر هضم، وفي غير ذلك لا تدعو بهضم الطعام، مع أنه لو أن هناك لقمة ما هضمت لبقيت يومك كله في تعب.
إذاً: فهناك نعم غير مرئية أنت لا تدعو الله بها، فهو حنان يعطي السائل قبل أن يسأل.
والمنان: هو الذي يمن على عباده دون أن يطيعوه، فهذا يظلم، وهذا يختلس، وهذا يرتشي، وهذا لسانه طويل، وهذا يغتاب، وهذا ينم، فلو أن الله تعالى حاسبنا على ما نعمل فماذا سيحصل؟!
لقد ابتلي فرعون وقومه بالجراد والقمل والضفادع، والله قادر على أن يحل بنا ذلك، ولكن برحمته يعطينا مع عصياننا له، فالله تعالى يقول: (يا موسى! صاحبك يدعوني بلسانه وقلبه عند غنمه، وأنا لا أستجيب لعبد لسانه معي وقلبه مع غيري).
فكيف تدعوه وأنت مشغول عنه؟! فإذا أردت الإجابة فأقبل على الله بكلك.
جاء رجل يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ظلماً نزل به، فلم يتكلم الرجل قبل أن يأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له: اقعد. فقعد، فقال صلى الله عليه وسلم: (بشر المظلومين بنور يسعى بين أيديهم على الصراط، هم في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله) فقام الرجل وقال: السلام عليك يا رسول الله. أي: إذا كان المظلوم له هذا الأجر فليس علي شيء في أن أبقى مظلوماً.
وأما نحن فكلنا لا نريد أن نبيت مظلومين، وإذا دعا المظلوم على الظالم قال الله عز وجل: (يا عبدي! هناك مظلوم منك يدعو عليك، إن شئت أجبت لك وأجبت عليك، وإن شئت أخرتكما حتى يسعكما عفوي يوم القيامة).
يعني: أنت يا مظلوم قد ظلمت غيرك من غير أن تذكر، فيمكن أن نعطيك حقك، ولكن سنأخذ منك مظلمة غيرك عندك، ولكما أن تبقيا إلى يوم القيامة فيسعكما عفوي.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تدع على الظالم؛ فإن الظلم أسرع إليه من دعائك عليه) أي: لا تدع على الظالم، ولماذا لا أدعو على الظالم وأنا أريد الانتقام منه؟! يقول لك: لا تدع عليه؛ لأن نتيجة ظلمه أسرع إليه من دعائك عليه، لأن ربنا يقول: (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)، فظلمه أسرع إليه من دعائك عليه.
وأجدادنا في المثل قالوا: (جئت لأدعو فوجدت الجدار مائلاً)، فاتركه وخل الظلم يستشري عليه، وكل أمرك إلى الله.
تلك هي المشاكل الثلاث التي نواجهها كلنا: سوء علاقة الزوج بزوجته والعكس، وسوء معاملة الأبناء للآباء والعكس، وسوء معاملة المسلم لإخوانه المسلمين.
والمصيبة أن كل واحد منا يشكو، ولا يوجد أحد يقول: أنا سيء، ولا أحد يقول: أنا ظالم.
لقي سفيان الثوري أبا حازم بعد أن دخل على أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور وقال: يا أمير المؤمنين! أنا أرحم بك من ابنك المهدي . يقول له: أنا عالم أرحم بك وأعرف بمصلحتك وأحن عليك من ابنك المهدي .
و سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث، ومعنى: (أمير المؤمنين في الحديث) أنه يحفظ ستمائة ألف حديث بأسانيدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه درجة في علم الحديث.
فلما لقي أبا حازم قال له: إني عاتب عليك يا أبا حازم ، فقال: لماذا؟ قال: كيف تقول لـأبي جعفر : ابنك المهدي . يعني: أنه ولد ضائع لا يصلح أن يكون اسمه المهدي، فقال له: يا سفيان ! كلنا مهدي. أي: كلنا كان في المهد صغيراً. يقول: أنا ليس قصدي أنه مهدي من الهداية، وإنما هو مهدي لأنه كان في المهد صبياً، وكلنا كان في المهد صبياً. فانظر إلى الدقة في كلام هؤلاء.
وقعد أحمد بن حنبل يكلم واحداً من العلماء كان صاحباً له، وفي أثناء الكلام اقتلع نبتة من الأرض، فقال له: يا ابن حنبل ! ارتكبت خمسة أخطاء:
الأول: اقتلعت شيئاً يسبح بحمد الله.
الثاني: صنعت شيئاً لم تؤمر به.
والثالث: أن حديثك لغو، والمؤمن يعرض عن اللغو.
والرابع: شغلت نفسك بشيء غير ذكر الله عز وجل.
والخامس: أنك عالم يقتدى به، فالناس حين ترى أحمد بن حنبل يقتلع النبتة تصنع صنيعه.
فالذي يتصدى ليقول للناس: هذا حلال وهذا حرام عليه أن يحاول بقدر الاستطاعة أن يكون كما كان يدعو صلى الله عليه وسلم: وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت. فاللهم أقمنا على طريقك يا أكرم الأكرمين.
استئذان الزوج في الخروج من البيت
فالمشكلة الأولى: سوء معاملة الزوجين، فالحكم الفقهي الذي لابد من معرفته أنه لا يجوز للمرأة أن تذهب إلى المسجد بدون إذن زوجها، نعم هناك حديث آخر وهو: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) يعني: حين تأتي امرأة تريد أن تذهب إلى الجامع لا تمنعها، ولكن إذا اعترض الزوج على ذهاب زوجته إلى المسجد فلا يجوز للمرأة أن تذهب بدون إذن زوجها، والكارثة الكبرى أنه يسمح لها بالخروج كل يوم إلى السوق والعمل، فتأتيها سيارة تركبها في الساعة السادسة والربع، فإذا أرادت الذهاب إلى المسجد منعها!
فإن فعل فيجب عليها أن تطيع، والذنب في رقبته، فلا تأتي إلى الجامع إلا بإذنه، ولا تذهب لزيارة أهلها إلا بإذنه، وقد بلغ الحال ببعض النساء الصالحات إلى أنها لا تطرق باب جارتها إلا بعد إذن من زوجها، وهذا هو الإسلام.
تقدير الزوج لزوجته وقصر نظره عليها
وأنت كذلك، فلا تقلب عينيك فيما حرم الله، ثم ترجع لترى زوجتك فتستقل نعمة الله عليك، فالشيطان يزين لك المعصية، ويضع لك السم في العسل، ويريك النساء الأخريات في العمل على أنهن النساء، أما التي في البيت هذه فهي امرأة عادية، ولو قصرت نظرك على ما أحل الله لك لحسن الله زوجتك في عينيك، ومن غض بصره اتقاء الله عز وجل أعقبه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه، ويجري الله الحكمة على لسانه، فغض بصرك وتعود على هذا، وسترى الثمرة.
يروى: أن حاتماً الأصم كان صاحبه شقيق البلخي ثلاثين سنة، فجاء يوماً فقال شقيق لزوجته: من في الباب؟ فقالت: صاحبك الأعمى. فجاء فرأى حاتماً ، وحاتم ليس أعمى، فقال: زوجتي تظنك أعمى، فـحاتم كان يغض بصره، فنريد أن نكون مثل حاتم.
وإنا لنعجب من حال ما يحصل في مدارسنا، فأحد الطلاب يقول: أنا في ثاني ثانوي، تدرسني مدرسة اللغة، فتقول لنا وهي تدرس: انظروا إلى فمي وأنا أتكلم؛ لأجل أن تعرفوا مخارج الحروف!
وولي أمر طالبة يقول: ذهبت أسأل عن ابنتي في الثانوية، فدخلت وقت الفسحة فسألت عن الأستاذ، فدلوني عليه، فذهبت فلقيت الأستاذ وهو مع خمس من تلميذاته يأكل معهن، فقلت له: حضرتك الأستاذ فلان؟ قال: نعم، قلت: هل أكلم سيادتك على جانب؟ فأنا ولي أمر التلميذة فلانة، فغضب الرجل؛ لأنه قطع عليه خلوته!
ومدرسة الكيمياء تدرس المعادلة على السبورة، فجاء الأولاد يشتكون، ومن شكواهم: أن المدرسة ترفع يدها وهي لابسة لبساً قصيراً، فبالله عليك هل الولد سينظر إلى المعادلة؟!
فأنا أريد منك أن تجرب غض البصر، فيا ليت أنا نجرب غض البصر، ونجعله رياضة نفسية نتعود عليها، وفي البداية سيكون أمراً عسيراً، ولكن عسره يزول إلى أن يصير عادة، ولذلك يقال: إن سيدنا أحمد بن حنبل خرج مرة إلى صلاة العصر وإذا به يرجع، ففتح الباب فخافت زوجته وقالت: ما لك يا أحمد ؟! فقال وقد وقعت عينه على كعب امرأة ماشية: هذا زمان الفتن.
فلا بد من أن نتواصى بالصبر، فالله تعالى يقول: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3]، والصبر أنواع، فأصعب أنواعه الصبر على الطاعة، فالصبر على البلية قد يكون سهلاً، وكذلك الصبر عن المعاصي، ولكن الصبر على الطاعة عسير، فمن منا يقوم الليل فيصلي ساعتين؟! فقيام الليل عسير؛ لأنه ضد هوى النفس، فالذي ضد هوى النفس يرضي الله، والذي مع هوى النفس يغضب الله، وكل ما ألصقك بالدنيا يبعدك عن الله، فالأموال حين تكثر يشغل البال، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من حافظ عليها -يعني: الصلاة- كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع فرعون و
فإذا أحسنت معاملة زوجتك فسوف تجد نتيجة طيبة، ولذلك يروى: أن أحد العلماء استضاف تلميذه فقرب إليه أكلاً، فبينما هما يأكلان إذا بزوجة العالم تؤنب العالم وتقول له: يا من يصنع ويغفل. فالتلميذ قال: ما هذا؟ فابتسم العالم، فقال له التلميذ: لو كنت مكانك لخنقتها. فقال له العالم: أتذكر عندما أكلنا في بيتك في الجمعة الماضية؟ قال: نعم، قال له: ماذا حدث؟ قال: قفزت الدجاجة على صحفة الأكل فقلبتها. فقال: هل غضبنا من الدجاجة؟ قال: لا، قال: أنزلت امرأتي منزلة الدجاجة.
ورجل سفيه دخل على عالم يعظ الناس فتعمد وداس على رجله، فقام إليه الناس، وقال العالم: اسكتوا، فقالوا له: لقد داس على قدمك فابتسمت، ونحن الذين تألمنا، فقال: أنزلته منزلة الحجر، فلو عثرت بحجر فهل سأضربه؟! فانظر يا أخي إلى هؤلاء كيف يسهلون الأمور!
وكلنا نعرف قصة سيدنا عمر بن عبد العزيز حين دخل المسجد في الظلام، وفيه رجل نائم، فداس على رجل النائم، فهب الرجل مذعوراً وأمسك بتلابيب أمير المؤمنين، وقال: أأنت أعمى؟! فقال سيدنا عمر : كلا، فالذين كانوا حول أمير المؤمنين غضبوا، فقالوا: يا أمير المؤمنين! يقول: أأنت أعمى وتسكت؟! قال: إنما سألني سؤالاً: أأنت أعمى؟ فقلت له: كلا.
فبالله عليك إذا كانت هكذا فهل ستغضب من زوجتك أو ستغضب زوجتك منك؟! فكيف تكون حنوناً على زوجتك؟!
لقد قال الحبيب: (من نظر إلى زوجته نظرة رحمة نظر الله إليهما نظرة رحمة، ومن نظر الله إليه نظرة رحمة لم يعذبه يوم القيامة) فالله يغفر لك بنظرة إلى زوجتك.
فأنا أريد أن أقول: إن كل مشاكلنا في البيوت سببها عدم الصبر، فلا الرجل قادر على أن يصبر على زوجته، ولا الزوجة قادرة على أن تصبر على زوجها.
وهنا أريد أن أضع علاجاً لتلك المشاكل الثلاث:
فالمشكلة الأولى: سوء معاملة الزوجين، فالحكم الفقهي الذي لابد من معرفته أنه لا يجوز للمرأة أن تذهب إلى المسجد بدون إذن زوجها، نعم هناك حديث آخر وهو: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) يعني: حين تأتي امرأة تريد أن تذهب إلى الجامع لا تمنعها، ولكن إذا اعترض الزوج على ذهاب زوجته إلى المسجد فلا يجوز للمرأة أن تذهب بدون إذن زوجها، والكارثة الكبرى أنه يسمح لها بالخروج كل يوم إلى السوق والعمل، فتأتيها سيارة تركبها في الساعة السادسة والربع، فإذا أرادت الذهاب إلى المسجد منعها!
فإن فعل فيجب عليها أن تطيع، والذنب في رقبته، فلا تأتي إلى الجامع إلا بإذنه، ولا تذهب لزيارة أهلها إلا بإذنه، وقد بلغ الحال ببعض النساء الصالحات إلى أنها لا تطرق باب جارتها إلا بعد إذن من زوجها، وهذا هو الإسلام.
وفي المقابل لا بد للزوج من أن يقدر ذلك لزوجته، فهل من المعقول أن تحبك زوجتك مع ما يحصل من المشاكل؟! وهل ستبقى أنت والزمن ضدها، أم أنك ستكون معها ضد الزمن؟! لابد من أن تبقى معها، فأنت الصدر الحنون، ففي الحديث: (عيشوا مع الناس حتى إذا فارقتموهم حنوا إليكم، وإن متم ترحموا عليكم) فعاملها بحسن، حتى إذا غبت قالت: متى يأتي لنستأنس به في البيت. فتحب رجوعك إلى البيت.
وأنت كذلك، فلا تقلب عينيك فيما حرم الله، ثم ترجع لترى زوجتك فتستقل نعمة الله عليك، فالشيطان يزين لك المعصية، ويضع لك السم في العسل، ويريك النساء الأخريات في العمل على أنهن النساء، أما التي في البيت هذه فهي امرأة عادية، ولو قصرت نظرك على ما أحل الله لك لحسن الله زوجتك في عينيك، ومن غض بصره اتقاء الله عز وجل أعقبه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه، ويجري الله الحكمة على لسانه، فغض بصرك وتعود على هذا، وسترى الثمرة.
يروى: أن حاتماً الأصم كان صاحبه شقيق البلخي ثلاثين سنة، فجاء يوماً فقال شقيق لزوجته: من في الباب؟ فقالت: صاحبك الأعمى. فجاء فرأى حاتماً ، وحاتم ليس أعمى، فقال: زوجتي تظنك أعمى، فـحاتم كان يغض بصره، فنريد أن نكون مثل حاتم.
وإنا لنعجب من حال ما يحصل في مدارسنا، فأحد الطلاب يقول: أنا في ثاني ثانوي، تدرسني مدرسة اللغة، فتقول لنا وهي تدرس: انظروا إلى فمي وأنا أتكلم؛ لأجل أن تعرفوا مخارج الحروف!
وولي أمر طالبة يقول: ذهبت أسأل عن ابنتي في الثانوية، فدخلت وقت الفسحة فسألت عن الأستاذ، فدلوني عليه، فذهبت فلقيت الأستاذ وهو مع خمس من تلميذاته يأكل معهن، فقلت له: حضرتك الأستاذ فلان؟ قال: نعم، قلت: هل أكلم سيادتك على جانب؟ فأنا ولي أمر التلميذة فلانة، فغضب الرجل؛ لأنه قطع عليه خلوته!
ومدرسة الكيمياء تدرس المعادلة على السبورة، فجاء الأولاد يشتكون، ومن شكواهم: أن المدرسة ترفع يدها وهي لابسة لبساً قصيراً، فبالله عليك هل الولد سينظر إلى المعادلة؟!
فأنا أريد منك أن تجرب غض البصر، فيا ليت أنا نجرب غض البصر، ونجعله رياضة نفسية نتعود عليها، وفي البداية سيكون أمراً عسيراً، ولكن عسره يزول إلى أن يصير عادة، ولذلك يقال: إن سيدنا أحمد بن حنبل خرج مرة إلى صلاة العصر وإذا به يرجع، ففتح الباب فخافت زوجته وقالت: ما لك يا أحمد ؟! فقال وقد وقعت عينه على كعب امرأة ماشية: هذا زمان الفتن.
فلا بد من أن نتواصى بالصبر، فالله تعالى يقول: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3]، والصبر أنواع، فأصعب أنواعه الصبر على الطاعة، فالصبر على البلية قد يكون سهلاً، وكذلك الصبر عن المعاصي، ولكن الصبر على الطاعة عسير، فمن منا يقوم الليل فيصلي ساعتين؟! فقيام الليل عسير؛ لأنه ضد هوى النفس، فالذي ضد هوى النفس يرضي الله، والذي مع هوى النفس يغضب الله، وكل ما ألصقك بالدنيا يبعدك عن الله، فالأموال حين تكثر يشغل البال، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من حافظ عليها -يعني: الصلاة- كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع فرعون و
فإذا أحسنت معاملة زوجتك فسوف تجد نتيجة طيبة، ولذلك يروى: أن أحد العلماء استضاف تلميذه فقرب إليه أكلاً، فبينما هما يأكلان إذا بزوجة العالم تؤنب العالم وتقول له: يا من يصنع ويغفل. فالتلميذ قال: ما هذا؟ فابتسم العالم، فقال له التلميذ: لو كنت مكانك لخنقتها. فقال له العالم: أتذكر عندما أكلنا في بيتك في الجمعة الماضية؟ قال: نعم، قال له: ماذا حدث؟ قال: قفزت الدجاجة على صحفة الأكل فقلبتها. فقال: هل غضبنا من الدجاجة؟ قال: لا، قال: أنزلت امرأتي منزلة الدجاجة.
ورجل سفيه دخل على عالم يعظ الناس فتعمد وداس على رجله، فقام إليه الناس، وقال العالم: اسكتوا، فقالوا له: لقد داس على قدمك فابتسمت، ونحن الذين تألمنا، فقال: أنزلته منزلة الحجر، فلو عثرت بحجر فهل سأضربه؟! فانظر يا أخي إلى هؤلاء كيف يسهلون الأمور!
وكلنا نعرف قصة سيدنا عمر بن عبد العزيز حين دخل المسجد في الظلام، وفيه رجل نائم، فداس على رجل النائم، فهب الرجل مذعوراً وأمسك بتلابيب أمير المؤمنين، وقال: أأنت أعمى؟! فقال سيدنا عمر : كلا، فالذين كانوا حول أمير المؤمنين غضبوا، فقالوا: يا أمير المؤمنين! يقول: أأنت أعمى وتسكت؟! قال: إنما سألني سؤالاً: أأنت أعمى؟ فقلت له: كلا.
فبالله عليك إذا كانت هكذا فهل ستغضب من زوجتك أو ستغضب زوجتك منك؟! فكيف تكون حنوناً على زوجتك؟!
لقد قال الحبيب: (من نظر إلى زوجته نظرة رحمة نظر الله إليهما نظرة رحمة، ومن نظر الله إليه نظرة رحمة لم يعذبه يوم القيامة) فالله يغفر لك بنظرة إلى زوجتك.
فأنا أريد أن أقول: إن كل مشاكلنا في البيوت سببها عدم الصبر، فلا الرجل قادر على أن يصبر على زوجته، ولا الزوجة قادرة على أن تصبر على زوجها.
والمشكلة الثانية: سوء معاملة المسلم لأخيه المسلم، وهذه فينا كلنا حتى ونحن في المسجد، ففي المسجد لا يسع بعضنا بعضاً، ولا يرحم بعضنا بعضاً، ثم نريد من ربنا أن يبعث لنا حاكماً صالحاً، والحاكم الصالح إنما يأتي لقوم يحب بعضهم بعضاً، فاللهم ول أمورنا خيارنا، ولا تول أمورنا شرارنا، وأصلح أحوالنا، وآمن روعاتنا، واستر عوراتنا، واغفر ذنوبنا، وارحمنا وأنت خير الراحمين.
إذا بلغ المرء أربعين سنة فإن عليه أن يقول: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ [الأحقاف:15]، ومن بلغ الأربعين من عمره ولم يغلب خيره شره فليتجهز للنار.
قال تعالى عن سيدنا موسى عليه السلام: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [القصص:14]، ولم يذكر تعالى: (واستوى) في شأن سيدنا يوسف عليه السلام، وبلوغ الأشد هو في الثامنة عشرة أو في الحادية والعشرين، وهذا رأي أبي حنيفة ، وهذا هو الذي يؤخذ به في القانون المدني، ولكن هناك من يهبه الله تعالى الفضل قبل ذلك مثل سيدنا يحيى عليه السلام قال تعالى: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مريم:12].
ومثل سيدنا داود عليه وعلى سيدنا سليمان وعلى نبينا الصلاة والسلام، فسيدنا داود قال تعالى عنه: وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ [البقرة:251] وكان عمره حينها خمسة عشر عاماً.
وكذلك سيدنا سليمان، ففي قصة الغنم احتكم الرجلان إلى داود عليه السلام، فقال لهما: لصاحب الزرع أن يأخذ الغنم مكان زرعه.
فلما خرجا وجدا سيدنا سليمان -وهو ابن خمسة عشر عاماً- قاعداً على الباب، فقال: بم حكم لكما أبي؟ فأخبراه، فقال سيدنا سليمان: لو كان الأمر بيدي لقلت: لصاحب الزرع المأكول أن يأخذ الغنم فيستفيد من ألبانها ونسلها حتى يعيد صاحب الغنم الأرض مزروعة كما كانت قبل أن تأكلها غنمه، ثم يأخذ صاحب الغنم غنمه وصاحب الأرض أرضه، فقال جبريل: يا داود! الحكم ما حكم به سليمان، ولذلك قال ربنا: فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء:79]، فاللهم احشرنا في زمرتهم يا رب العالمين.
فربنا يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولكن لا يعطي الدين إلا لمن يحب، فمن أراد الله به خيراً فقهه في الدين، ورزقه الثبات على الدين.
إننا كلنا نعصي الله، وليس العجب أن يغفر الله للناس، بل إن العجب أن يستر الله على الناس؛ لأن المرء يخطئ مرة ومرتين وعشراً وعشرين، ولما أقام عمر الحد على رجل سرق بكت أمه قبل قطع يده، فقالت: يا أمير المؤمنين! هذه أول مرة يسرق فيها، فقال عمر بفراسة المؤمن: والله ما كان الله ليفضحه من أول مرة.
فلما قطعت اليد دخل سيدنا علي على الرجل الشاب فقال له: أستحلفك بالله! هل هذه أول مرة؟ أي: هل صحيح ما تقول أمك؟! فقال: هذه هي المرة الحادية والعشرون. فاتق الله يا عبد الله وعد؛ لأنه ربما يأتيك ملك الموت وأنت على معصية.
ولكي يكون المسلم متقياً لله عز وجل عليه أن يكثر من قراءة القرآن، ويكثر من العبادة، ويحسن المعاملة مع الزوجة، ومع الأبناء، ومع الجار، ومع الناس، فربنا حينئذٍ سيحسن قلبه، وسيحبه الناس، فاللهم اجعلنا من الذين يحبون الناس ويحبهم الناس.
فسيدنا موسى قال الله تعالى عنه: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا [القصص:14]، وسيدنا يوسف قال تعالى عنه: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا [يوسف:22] لماذا؟
قالوا: لأن سيدنا يوسف سيفتن قبل أن يستوي، فسيعطيه الله الحكم من قبل، وسيعطيه المناعة، فحين تأتي المشكلة يلقاها بقلب مؤمن.