خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/943"> د. عمر عبد الكافي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/943?sub=34776"> سلسلة الدار الآخرة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سلسلة الدار الآخرة الجنة ومؤمن آل فرعون
الحلقة مفرغة
اللهم اجعلنا من أهل الجنة يا رب العالمين! اللهم أدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب، اللهم قربنا من الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأبعدنا عن النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار. اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا شيطاناً إلا طردته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا هديته، ولا مسافراً إلا رددته لأهله غانماً سالماً.
اللهم فرج كرب المكروبين، اللهم فرج كرب المكروبين، اللهم فرج كرب المكروبين، ولا تجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً.
اللهم حبب الإيمان إلينا وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا مولانا من الراشدين.
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، اللهم ول أمورنا خيارنا، ولا تول أمورنا شرارنا، وأصلح يا رب! أحوالنا، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، إنك يا مولانا! على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير. وصلى الله وسلم على البشير النذير، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم يا رب! تسليماً كثيراً. وبعد:
فقد عشنا حلقات ثمانياً في الجنة، وهذه هي التاسعة بإذن الله رب العالمين، اللهم اجعلنا من أهل الجنة يا رب العالمين!
والمسلم يعيش على الأمل، ويعبد الله عز وجل والأمل يحدوه إلى رحمة الله، فلولا الأمل لما استمرت الحياة، ولولا أن يحيا الإنسان على الأمل لضاقت السبل بين يديه، ولكن المؤمن دائماً يجب أن يكون مؤملاً في رحمة الله عز وجل، بعد أن يسلك الأسباب التي قدرها الله له، بأن يتجنب المحارم ويستقيم على طريق الله، ويتوكل على الله حق التوكل، وأن يكون بما في يد الله أوثق مما في يده هو، وأن يزهد في الدنيا، وألا يزهد في مجالس العلم. وهناك أناس كثيرون جداً عندهم زهد لكن ليس في الدنيا، وإنما زهده في مجالس العلم، وربما هذه النصف الساعة التي نجلسها في مجالس العلم يكون بيننا فيها رجل صالح أو امرأة صالحة فينظر الله إليه نظرة رضا فيرضى عن الجميع من أجله.
ولذلك كان سيدنا عمر رضي الله عنه عندما يجد صغاراً يلعبون في الشارع يدخل وسطهم، ويقول: السلام عليكم، فيردون: وعليك السلام يا أمير المؤمنين! فيقول: ادعوا لي، فيفهم الأولاد، فهم أولاد الصحابة، ويقولون: أندعو لك يا أمير المؤمنين؟! فيقول: إنه لم يجر عليكم القلم بعد، ولم تزل دعوتكم غضة طرية مقبولة.
وكان ابن عمر يختم القرآن كل ليلة جمعة، ويرتب أموره هكذا، فيختم القرآن أربع مرات في الشهر، ونحن نريد أن نعمل مثل ابن عمر إن شاء الله، ومن أحب قوماً حشر معهم.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن يا رب، ومن المحبين لأهل القرآن يا رب!
فـابن عمر كانت تأتي ليلة الجمعة فيجمع أولاده وأطفال الحي ويدعو في ختام القرآن والأطفال يؤمنون على الدعاء.
ولم يكن يعمل مثل المصريين اليوم يوزعون الثلاثين جزءاً على ثلاثين شخصاً ويقولون لك: نحن ختمنا القرآن.
ويريدون أن يعملوها بالحساب مع الله، وهذا استهبال، وكل واحد إنما قرأ جزءاً، وأنا لا أقول لك: حرام ولا بدعة، لكن لا أقول لك إنك أخذت ما أخذه من قرأ القرآن كله.
وهذا الأمر انتشر بين الناس كلهم، ونحن نريد أن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمصريون اخترعوا شيئاً لم يعرفه الصحابة وكأنهم أنصح من أبي بكر في الإيمان، وأقوى ديناً من عمر ، وأنصح يقيناً من عثمان ، وأقرب إلى الله من علي ، وأعلم بسنة رسول الله من عمار ومن بلال ! فهؤلاء لم يعملوا هذه الحكاية، وهذه لم تظهر إلا في عصور التكاسل عن العبادة، فنقعد كلنا قعدة واحدة وكل واحد يقرأ جزءاً، وما أسهلها من طريقة، فهي سهلة جداً.
ويقول لك: جاء في الحديث: (سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن). ويقول لك: الذي يقرؤها ثلاث مرات كأنه قرأ القرآن كله.
ونعم هي تعدل ثلث القرآن؛ لأن القرآن ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثين آية، وفيه تقريباً ألف آية تتحدث عن التوحيد، فثلث القرآن يتحدث عن التوحيد؟ وسورة الإخلاص كلها عبارة عن توحيد، وفيها المعايير التي في الألفين آية التي في التوحيد، وليس معنى هذا: أن من قرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات كان كمن ختم القرآن.
وقد ورد في الحديث أن: (من صلاة في المسجد الأقصى تعدل ألف صلاة، وصلاة في مسجدي هذا تعدل عشرة آلاف صلاة، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة)، يعني: الذي يصلي ركعتين في المسجد الحرام يثاب ثواب مائة ألف ركعة، ويأخذ ثواب مائة ألف ركعة، وهذا خطاب جميل جداً، فلو صليت في أسبوع ثلاثمائة ركعة، فاضرب ثلاثمائة في مائة ألف يصبح لنا عند ربنا صلاة ثلاثين سنة، وهذا استهبال واستهزاء، وإذا قيل هذا الكلام للناس فإنهم يتلكئون في العبادة.
والعبادة لها قانون، كما أن للكرة قانوناً، حتى المخرج يقعد أمام الكاميرا ويقول لك: هذا غير مضبوط، أعد المشهد مرة أخرى. سبحان الله! المخرج عنده قانون في التسجيل وفي الإخراج، وأنت في دين الله تريد أن تمشي من غير قانون؟! ونحن لنا كتاب وسنة، ولنا علماء، وما زالت والحمد لله مصر مليئة بالخير بفضل الله عز وجل، وأهل العلم الصادقون فيهم، والمزيفون موجودون أيضاً في كل مكان، ونحن لا نريد أن ننحرف بعيداً عن كتاب الله، فاللهم اجعلنا من العاملين بكتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم يا رب العالمين!
ما زلنا في آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الجنة، وسنطوف في الجنة ونقطف أزهاراً ووروداً جميلة زكية عظيمة كريمة من كتاب الله الكريم ونحن نتحدث عن الجنة؛ لأن حديثنا عن الدار الآخرة قد اقتبسناه من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يوجد حديث عن الدار الآخرة موضوع بالقياس ولا بالاجتهاد ولا بالمخ، وإنما قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم.
آخر الآيات التي توقفنا عندها في الحلقة السابقة كانت مع سورة يس، وكانت مع صاحب يس حبيب النجار ، فإن حبيب النجار الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ [يس:20-21]، يعني: إذا كنت تريد أن تدخل الجنة فاتبع المرسلين.
وهناك في الأديان الأخرى يوجد صك الغفران في الكنيسة، يذهب ويقعد الزبون المذنب على الكرسي -كرسي الاعتراف- أمام أبوه، ثم يعترف له، ويقول له: يا أبت! أنا عملت وفعلت والأب يسمع، إذاً: ستدفع كم للكنيسة. وعلى قدر ما يدفع تكون المغفرة. فيقول: أدفع مثلاً خمسة آلاف جنيه. فيقول: لا، هذه لا تنفع، ولا تخرجك من جهنم، ويقول له: زد قليلاً. فيقول له: سبعة. فيقول: أيضاً زد قليلاً. فيقول له: عشرة آلاف. فيقول له: نعم، عشرة آلاف جيدة. ثم يقول له: أنا أبشرك، بعدما تدفع عشرة آلاف اذهب فقد غفر يسوع الرب لك، وأنت لن تدخل النار، فقد انتهى موضوعك.
والإسلام أعظم من هذا بفضل الله، هذا اسمه ضحك على الدقون، أناس مجانين يقودون أهل العمى.
ونحن في دين الله عز وجل الإسلام الدين الصحيح لا يوجد كلام التهريج، فالذي يذنب ذنباً صغيراً أو كبيراً لا يوجد شيء اسمه اعتراف أو أي كلام من هذا، وإنما يجب إذا أذنبت أن تستر ذنبك، وربنا من أسمائه الستير، فإذا أذنبت فلا تخبر أحداً، وتب بينك وبين ربنا، فقم وتوضأ وصل ركعتين، ركعة تقرأ فيها الفاتحة والكافرون، وركعة تقرأ فيها الفاتحة والإخلاص بنية التوبة، فإذا صليت هاتين الركعتين بنية التوبة ولم تحدث نفسك فيهما بشيء يعني: حاولت تركز فيهما، فقد خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك. فلا تعترف أمام أحد، فأنت عملت الذنب بينك وبين نفسك وربنا هو الذي رآك، إذاً: فارجع إلى الله وأنب إليه حيث لا يراك أحد، وإنما يراك السميع البصير، فتقول: تبت يا رب! فيقول: قبلت يا عبد! وكأن العبد يقول: يا رب! إني قد أذنبت، فيقول: يا عبدي! وأنا قد رأيت، فيقول: يا رب! أنا قد أجرمت، فيقول: يا عبدي! وأنا قد علمت، فيقول: يا رب! إني قد انحرفت، فيقول الله عز وجل: وأنا قد أمهلت، فيقول: يا رب! لقد عدت، فيقول الله له: وأنا قد قبلت.
وأفضل ما يحب أن يسمعه الرب من عبده كلمة: يا رب! والرب مشتق من التربية، والذي رباني هو الله، فهو الرب، والمرأة تسمى باسم لطيف جداً: ربة البيت، والمرأة قد تغضب جداً إذا كانت موظفة كبيرة أو أستاذة في الجامعة أو مهندسة، ثم تترك العمل وتخرج جواز سفرها أو البطاقة الشخصية الجديدة وفيها أنها ربة منزل، وتراها أعظم مهنة، ونحن عندنا الأم المثالية هي أن تكون ربة منزل.
أعظم شيء أهداه الله إلينا وهدانا إليه هو الإسلام الدين الصحيح، وما دام أنه قد حبب إليك الإسلام وحبب إليك مجالس العلم فاعلم أن الله قد اختارك، قال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68].
فربنا اختارك لأجل أن تقعد هذه القعدة، فإذاً: هو يحبك، لكن المهم أنك تحبه، وكلنا نحب ربنا، ولكن درجاتنا في الحب مختلفة، أو تعبيراتنا في الحب أو عن الحب متباينة، فشخص يعبر عن الحب بكثرة البكاء، وشخص يحب ربنا بأن يقوم الليل، وآخر يصوم ويكثر من الصيام، وشخص يتصدق، وشخص يستخدم جاهه في خدمات الناس، وشخص يفرج الكربات عن الناس. فكل يعبر عن حبه لله عز وجل والتقرب منه بالعمل الذي يسره الله له. اللهم يسر لنا حبك يا رب العالمين! قال تعالى: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] وأحب العباد إلى الله كما قال: من أحبني وحببني إلى عبادي وحبب العباد إلي، وكونه يحبب العباد إلى الله ويحبه هذه واضحة، أما كيف يحببه للعباد فقال الله: يذكرهم بنعمائي، فيحبني عبادي، فأحبهم، فأرضى عنهم، فأنعمهم في الجنة، فيبدأ العبد يذكر الناس بنعم الله عليهم، وأنت حين تعد نعم الله لا تستطيع أن تعد، كما قال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34] ولا يستطيع إنسان أن يحصي نعم الله أبداً.
سورة المؤمن هي سورة غافر، فلو وجدت في مصحف من المصاحف سورة المؤمن فلا تقل: هذا المصحف محرف، وهي مثل سورة الإسراء تسمى سورة بني إسرائيل، وسورة التوبة تسمى سورة براءة.
اللهم علمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا يا رب العالمين.
الحديث عن مؤمن آل فرعون هو حديث عن كل مؤمن يقول الحق، ولا يخاف في الله لومة لائم، والمؤمن لا يخاف إلا من الله، ولذلك روي في الأثر: خف من الله، وخف من ذنوبك، وخف ممن لا يخاف الله.
والخوف من الله معروف، والخوف من الذنوب حتى لا تلقيك إلى الهاوية، ويختم لك بها، اللهم اختم لنا بخير يا رب!
وخف ممن لا يخاف الله، وهذه مقولة ذات وجهين. فمثلاً: شخص لا يخاف من ربنا، ويفطر عمداً في رمضان، وتجده يشرب الدخان في نهار رمضان، فتقول له: عيب يا أستاذ فلان! فيقول لك: نحن لم نخف من ربنا، نخاف منك أنت؟! فهذه بدعة، ولو كان هناك دولة إسلامية فإنها تأخذه وتضعه في السجن وتمنع عنه الأكل، ولا تعطيه الأكل إلا في ساعة المغرب؛ لأنه يفطر في رمضان، فيجب أن يشهر به؛ لأنه مجاهر بالمعصية.
والفلاسفة يقولون: حرية الرأي، وليس عندنا في الإسلام حرية رأي في هذه المسألة، وأصحاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يغضبون، وعملهم مثل رجال المرور الذين ينظمون المرور في الشارع وشرطة المرافق وأصحاب الآداب، والمصيبة أن أصحاب الآداب لا يشتغلون إلا في قلة الأدب. ونحن عندنا فرع من الآداب الذي يخرج عن الآداب الإسلامية، فتجد الواحد يسب الدين في الشارع، وآخر يضرب ولداً صغيراً، وثالثاً لا يصلي، ورابعاً يفطر رمضان عمداً، وامرأة تمشي بلباس خليع في الشارع وكل الناس تنظر إليها وترتكب المحرمات، وما دام لا يوجد حكم إسلامي فالذي نستطيع أن نعمله أن كل واحد يربط ويضبط بيته، لا أن نتركها غنماً بلا راع، فما لا يدرك كله لا يترك كله، والذي لا نستطيع أن نعمله كله لا نتركه كله، فنعمل على قدر ما نستطيع، وكل واحد في بيته، أنا في بيتي، وأنت في بيتك، وهذا في بيته، وهذه في بيتها، فينضبط المجتمع، وهذا الكم الذي معنا لو أن كل أحد استقام في بيته فكم أسرة ستستقيم، وهكذا المسجد الثاني والثالث والرابع، فستجد الخير ينتشر، ولا تيأس أبداً حين تلقى الشر ينتشر، قال تعالى: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17] فإن شاء الله الخير سيأتي.
سيدنا موسى ذهب هو وأخوه هارون إلى فرعون وملئه، فقام يدعوهم، وجلس فرعون يستشير حاشية السوء، وأي حاكم على مستوى التاريخ كله له بطانتان، بطانة خير تحضه على الخير والحق، وبطانة شر تحضه على الشر والسوء، فأيهما غلب غلب، فلو كانوا أهل خير فسيدلونه على الخير، ولو كانوا أهل شر فسيأخذونه دائماً ويزينون له المعصية.
والمرأة لما دخلت على الحجاج بن يوسف فوعظته وأغلظت في الموعظة، فقال الذين حول الحجاج: اقتلها يا أمير! تتجرأ وتكلم الرأس الكبير بلا أدب، فتبسمت المسلمة وقالت: أصحاب أخيك فرعون كانوا أفضل من أصحابك. فقال: لماذا؟ قالت: حاشية فرعون قالوا لـفرعون : أَرْجِه وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ [الشعراء:36-37]، يعني: أنظره قليلاً، واعرض الوجه الآخر والرأي الآخر.
ونحن نقول دائماً: إن كثيراً من حكام عصرنا في البلاد التي تقول: إنها إسلامية لا يوجد عندهم ربع ديمقراطية فرعون، فإن فرعون المتجبر كان عنده ديمقراطية، فقد أراد أن ينتظر قليلاً؛ لكي يعرضوا وجه النظر الآخر.
وكل الناس يؤخذ منهم ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أي أحد قد تأخذ من كلامه وقد لا تقتنع به، إلا سيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ينطق عن الهوى. وأنا أخاف وأشعر برعب عندما أجلس في مجلس أحد يناقشني ويقول لي: يا سيدنا الشيخ! نحن جئنا زيارة خمس دقائق وسنقوم، هل الحجاب فرض؟ فأقول: نعم فرض يا أستاذ! فيقول: من الذي فرضه؟ فأقول: ربنا. وترد المرأة وتقول: لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل هكذا. وسبحان الله! فكأنما تنكر شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، يعني: تنكر أمراً من أوامر الله.
فالمصيبة أن يكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقول. ويقول: إنه لم يقله. فلا تقعد تتجادل مع شخص لا يفهم في الدين، فتقول له: الرسول صلى الله عليه وسلم قال، ويقول لك: الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل، فتخرجه من ملة الإسلام من غير أن تشعر. وقد تقول له: هذا في البخاري ، فيقول لك: البخاري كم فيه من حديث ضعيف!