شرح السنة [16]


الحلقة مفرغة

قال أبو محمد الحسن بن علي البربهاري رحمه الله تعالى: [ وإذا وقعت الفتنة فالزم جوف بيتك، وفر من جوار الفتنة، وإياك والعصبية، وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة، فاتق الله وحده لا شريك له ولا تخرج فيها، ولا تقاتل فيها ولا تهوى ولا تشايع ولا تمايل ولا تحب شيئاً من أمورهم، فإنه يقال: من أحب فعل قوم خيراً كان أو شراً كان كمن عمله، وفقنا الله وإياكم لمرضاته، وجنبنا وإياكم معصيته ].

معنى الفتنة ومتى تكون

هذا أيضاً من الأصول المهمة التي وردت الإشارة إليها في كثير من النصوص الشرعية وأكد عليها السلف، وما يتعلق بموقف المسلم من الفتن، وقد ذكر الشيخ هنا بعض هذه الأصول في موقف المسلم من الفتن، وقبل أن أذكر ذلك أحب أن أشير إلى معنى الفتنة ومتى تكون فتنة؛ لأن أكثر الناس قد يستعجل بعض الأمور فيسميها فتنة أو يطلق عليها فتنة وليس الأمر كذلك، وأيضاً بعض الفتن قد تعصف بالأمة ومع ذلك يتساهل فيها بعض الناس أو يرى أنها ليست من الفتنة.

فالفتنة: هي كل ما أدى إلى الفرقة بين المسلمين في دينهم أو في دنياهم، وليس من شروط الفتنة أن يصل الأمر فيها إلى القتال.

فما أدى إلى الفرقة في الدين فهو فتنة، وما أدى إلى مفارقة جماعة المسلمين فهو فتنة، وما أدى إلى الخروج على ولاة المسلمين وطاعتهم وترك البيعة والسمع والطاعة فهو فتنة، وما أدى إلى الإخلال بمصالح الأمة العظمى كالإخلال بالأمن أو تضييق المعايش على الناس أو الوقوع في الظلم الظاهر بين العباد؛ فإن ذلك كله فتنة.

إذاً: فالضابط في الفتنة هو الإضرار بالدين أو الدنيا.

يقول: (فإذا وقعت الفتنة فالزم جوف بيتك) هذا هو الأصل في كل مسلم إذا رأى الفتنة أن يلزم جوف بيته؛ لأن كثيراً من الذين يقعون في الفتن يقعون فيها بسبب ولوجهم أو تساهلهم في المشاركة فيها، وأعني بذلك أن كثيراً ممن يقعون في الفتنة قد لا يقصدون الباطل أو لا يريدونه؛ فمجرد المشاركة تتعقد عليهم الأمور، وتصرفهم الخطوب، وأيضاً قد تعمى بصائرهم عن الحق حتى يقعوا في الباطل من حيث لا يشعرون والفتنة تدع الحليم حيراناً، والمتأمل لحال الفتن في تاريخ الإسلام يجد كثيراً ممن وقعوا فيها لم يكونوا يقصدون الفتنة وليسوا أهل فتنة؛ لكنهم تساهلوا بأن شاركوا مع أحد أطراف الفتنة وبقصد الإصلاح أحياناً، لكن الأمر يفوت على الشخص؛ لأن الفتنة لا تكون فيها القيادة والريادة لأهل العلم، ولا لأهل الحلم، ولا لأهل الحكم، ولا لأهل الحل والعقد، بل تكون القيادة والريادة في الغالب لأهل الفساد في الأرض، أو الدهماء والرعاع الذين لا عقول لهم ولا دين.

وينقاد العالم الحليم الحكيم إلى الفتنة مع الرويبضة، ومع الرعاع والدهماء رغم أنفه، إلا إذا لزم بيته، هذا على العموم لكن قد يتعين على بعض الناس مثل ولاة الأمر والعلماء أهل الحل والعقد المطاعين في عشائرهم أن يسعوا إلى الإصلاح لكن لا يكون لهم انحياز مع أحد أطراف الفتنة؛ لأن الانحياز يؤدي إلى إيقاد الفتنة.

اعتزال الفتنة والدعوة إلى الإصلاح

إذاً: الأصل في المسلم عند الفتنة أن يلزم بيته وأن يصمت ويسكت حتى وإن رأى الحق مع أحد الأطراف، أما العلماء المطاعون والولاة الذين بأيديهم الحل والعقد والذين يطاعون في عشائرهم وفي أقوامهم فهؤلاء ينبغي أن يسعوا للإصلاح حتى تزول الفتنة.

قال: (وفر من جوار الفتنة وإياك والعصبية) هذا أيضاً دليل فقه الشيخ رحمه الله، فإن الفتنة غالباً تثير العصبية، وما من فتنة إلا وتثور مع العصبية؛ لأن الفتنة تقرب ضعاف الإيمان والعقول الذين تجرهم العصبيات، وتبعد أولي الفقه والحلم، ومن هنا تدخل العصبية للبلاد، العصبية للشعار، العصبية للحزب، العصبية للجماعة، العصبية للقبيلة، لأن الذي يقود الناس في الفتن هو من لا يخاف الله عز وجل، أو يقودهم الرعاع أو أصحاب الظلم والجور أو طلاب الدنيا وطلاب السلطان وهؤلاء هم أصحاب العصبية.

قال: (وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة).

هذه قاعدة عظيمة أيضاً، إذا كان النزاع على دنيا فهو فتنة في العموم.

(فاتق الله وحده.. إلى آخره) يكفي ما ذكره الشيخ؛ لأن ما ذكره هو أعظم الأصول التي تتعلق بالفتن، وإلا فالكلام في الفتن مهم لاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الرايات وكثرت فيه الشعارات والانتماءات، ووصلت إلى حد الظلم والتجاوز بين فئات المسلمين، لكن لا يتسع المقام الآن.

هذا أيضاً من الأصول المهمة التي وردت الإشارة إليها في كثير من النصوص الشرعية وأكد عليها السلف، وما يتعلق بموقف المسلم من الفتن، وقد ذكر الشيخ هنا بعض هذه الأصول في موقف المسلم من الفتن، وقبل أن أذكر ذلك أحب أن أشير إلى معنى الفتنة ومتى تكون فتنة؛ لأن أكثر الناس قد يستعجل بعض الأمور فيسميها فتنة أو يطلق عليها فتنة وليس الأمر كذلك، وأيضاً بعض الفتن قد تعصف بالأمة ومع ذلك يتساهل فيها بعض الناس أو يرى أنها ليست من الفتنة.

فالفتنة: هي كل ما أدى إلى الفرقة بين المسلمين في دينهم أو في دنياهم، وليس من شروط الفتنة أن يصل الأمر فيها إلى القتال.

فما أدى إلى الفرقة في الدين فهو فتنة، وما أدى إلى مفارقة جماعة المسلمين فهو فتنة، وما أدى إلى الخروج على ولاة المسلمين وطاعتهم وترك البيعة والسمع والطاعة فهو فتنة، وما أدى إلى الإخلال بمصالح الأمة العظمى كالإخلال بالأمن أو تضييق المعايش على الناس أو الوقوع في الظلم الظاهر بين العباد؛ فإن ذلك كله فتنة.

إذاً: فالضابط في الفتنة هو الإضرار بالدين أو الدنيا.

يقول: (فإذا وقعت الفتنة فالزم جوف بيتك) هذا هو الأصل في كل مسلم إذا رأى الفتنة أن يلزم جوف بيته؛ لأن كثيراً من الذين يقعون في الفتن يقعون فيها بسبب ولوجهم أو تساهلهم في المشاركة فيها، وأعني بذلك أن كثيراً ممن يقعون في الفتنة قد لا يقصدون الباطل أو لا يريدونه؛ فمجرد المشاركة تتعقد عليهم الأمور، وتصرفهم الخطوب، وأيضاً قد تعمى بصائرهم عن الحق حتى يقعوا في الباطل من حيث لا يشعرون والفتنة تدع الحليم حيراناً، والمتأمل لحال الفتن في تاريخ الإسلام يجد كثيراً ممن وقعوا فيها لم يكونوا يقصدون الفتنة وليسوا أهل فتنة؛ لكنهم تساهلوا بأن شاركوا مع أحد أطراف الفتنة وبقصد الإصلاح أحياناً، لكن الأمر يفوت على الشخص؛ لأن الفتنة لا تكون فيها القيادة والريادة لأهل العلم، ولا لأهل الحلم، ولا لأهل الحكم، ولا لأهل الحل والعقد، بل تكون القيادة والريادة في الغالب لأهل الفساد في الأرض، أو الدهماء والرعاع الذين لا عقول لهم ولا دين.

وينقاد العالم الحليم الحكيم إلى الفتنة مع الرويبضة، ومع الرعاع والدهماء رغم أنفه، إلا إذا لزم بيته، هذا على العموم لكن قد يتعين على بعض الناس مثل ولاة الأمر والعلماء أهل الحل والعقد المطاعين في عشائرهم أن يسعوا إلى الإصلاح لكن لا يكون لهم انحياز مع أحد أطراف الفتنة؛ لأن الانحياز يؤدي إلى إيقاد الفتنة.

إذاً: الأصل في المسلم عند الفتنة أن يلزم بيته وأن يصمت ويسكت حتى وإن رأى الحق مع أحد الأطراف، أما العلماء المطاعون والولاة الذين بأيديهم الحل والعقد والذين يطاعون في عشائرهم وفي أقوامهم فهؤلاء ينبغي أن يسعوا للإصلاح حتى تزول الفتنة.

قال: (وفر من جوار الفتنة وإياك والعصبية) هذا أيضاً دليل فقه الشيخ رحمه الله، فإن الفتنة غالباً تثير العصبية، وما من فتنة إلا وتثور مع العصبية؛ لأن الفتنة تقرب ضعاف الإيمان والعقول الذين تجرهم العصبيات، وتبعد أولي الفقه والحلم، ومن هنا تدخل العصبية للبلاد، العصبية للشعار، العصبية للحزب، العصبية للجماعة، العصبية للقبيلة، لأن الذي يقود الناس في الفتن هو من لا يخاف الله عز وجل، أو يقودهم الرعاع أو أصحاب الظلم والجور أو طلاب الدنيا وطلاب السلطان وهؤلاء هم أصحاب العصبية.

قال: (وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة).

هذه قاعدة عظيمة أيضاً، إذا كان النزاع على دنيا فهو فتنة في العموم.

(فاتق الله وحده.. إلى آخره) يكفي ما ذكره الشيخ؛ لأن ما ذكره هو أعظم الأصول التي تتعلق بالفتن، وإلا فالكلام في الفتن مهم لاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الرايات وكثرت فيه الشعارات والانتماءات، ووصلت إلى حد الظلم والتجاوز بين فئات المسلمين، لكن لا يتسع المقام الآن.