شرح زاد المستقنع كتاب النفقات [3]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: ونفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها كالزوجة]

فبعد أن بيّن المصنف رحمه الله أن الزوجة يجب على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف، وبيّنا الأدلة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم على هذه المسألة، وبيّنا ما هو الحد المعتبر في النفقة، شرع بعد ذلك في بيان حكم المرأة المطلقة، وهي إما أن تكون مطلقة طلاقاً رجعياً، وإما أن تكون مطلقة طلاقاً بائناً، وقد تقدم معنا بيان الفرق بين الطلاق الرجعي -وهو الذي يملك الزوج فيه ارتجاع زوجته ما دامت في العدة- والطلاق غير الرجعي سواء كان بائناً بينونة كبرى كما لو طلقها ثلاثاً، أو كانت البينونة صغرى كأن يكون طلقها قبل الدخول، أو يكون قد طلقها الطلقة التي يحكم بكونها آخذة حكم الفسخ وهو طلاق الخلع.

المطلقة الرجعية تأخذ حكم الزوجة دون القسم

فبعد أن بيّن حكم النفقة على الزوجة أراد أن يبين حكم النفقة على المطلقة، فالمرأة إذا طلقت طلاقاً رجعياً فهي في حكم الزوجة حتى تخرج من عدتها، وقد بيّنا مذاهب العلماء رحمهم الله في ذلك، وأن الصحيح أن الرجعية تأخذ حكم الزوجة من وجوه، وذكرنا الأدلة على ذلك، ومن ذلك أنها تستحق النفقة، فبيّن المصنف رحمه الله أن المرأة المطلقة طلاقاً رجعياً يجب على زوجها أن ينفق عليها حتى تخرج من عدتها، ومثال ذلك: لو طلقها الطلقة الأولى، فإنها كالزوجة يجب عليه أن ينفق عليها في طعامها وكسوتها حتى تخرج من عدتها، فقال رحمه الله:

[ونفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها كالزوجة].

وقد تقدم بيان نفقة الزوجة وسكناها والأدلة الدالة على ذلك من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ونجد العلماء رحمهم الله يقولون: الرجعية كالزوجة، قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] يعني: في عدتهن إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228] فجعلها في حكم الزوجة، ولو لم تكن في حكم الزوجة لوجب أن يعقد عليها عقداً جديداً إذا أراد ارتجاعها.

قال رحمه الله: [ولا قسم لها].

لو كان عنده زوجتان طلق إحداهما طلقة واحدة، بعد الدخول بها، وهي طلقة رجعية، فقلنا: إن المطلقة الرجعية لها حق النفقة، ولها حق السكنى بالمعروف والكسوة، فيرد السؤال: هل يقسم لها؟ بمعنى: هل يبقى حقها في القسم وهو المبيت، فيبيت عندها ليلة وعند الأخرى ليلة كما كان؟

فقال رحمه الله: (ولا قسم لها) أي: يبيت عند زوجته الأخرى فقط، وإذا كان عنده ثلاث زوجات فطلق إحداهن قسم على ليلتين، ولم يحتسب للمطلقة الرجعية ليلة؛ لأنها لا حق لها في الفراش.

حكم النفقة على المطلقة البائنة

قال رحمه الله: [والبائن بفسخ أو طلاق لها ذلك إن كانت حاملاً]

(والبائن) أي: والمطلقة طلاقاً بائناً (لها ذلك) أي: لها نفقتها وكسوتها؛ لكن بشرط أن تكون حاملاً.

فإذا طلق امرأته طلاقاً بائناً كالطلقة الثالثة فحينئذ ننظر في هذه المطلقة، فنجدها على ضربين: إما أن تكون حاملاً فلها النفقة حتى تضع حملها، وإما أن تكون حائلاً، أي: ليست بذات حمل، فلا نفقة لها، وهذا بإجماع العلماء رحمهم الله.

قال تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] فأمر الله جل وعلا بالإنفاق على المطلقات الحوامل (حتى يضعن حملهن)، وهذه النفقة يعطيها إياها يوماً يوماً، بخلاف من قال من الفقهاء: ينتظر حتى تضع الحمل حتى نتأكد أنه حمل حقيقي.

والصحيح أنه ينفق عليها ما دام قد استبان فيها الحمل، أو قال الأطباء: إنها حامل، فإنه ينفق عليها حتى تضع الحمل، والنفقة للجنين لا لها، وسنبين وجه ذلك ومعناه.

ودليلنا على أن النفقة كل يوم بيومه قوله تعالى : وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6]فجعل الإنفاق إلى حين الوضع، وهذا يدل على أنه مستصحب منذ تبين حمل المرأة حتى تضع ذلك الحمل، وبناء عليه فإنه لا ينتظر إلى وضعها وإنما ينفق عليها قبل الوضع، فإذا كانت حاملاً فإنه ينفق عليها، وهذا بالإجماع وبنص القرآن على ذلك، ولها حقها بالمعروف.

نفقة الحامل لحملها والخلاف في ذلك

قال رحمه الله: [والنفقة للحمل لا لها من أجله]

فائدة هذا: أن النفقة إذا كانت للزوجة ووجد فيها مانع من موانع النفقة، قطعت النفقة عنها ولو كانت حاملاً، وإن كانت النفقة من أجل الجنين ترتبت على وجوده، وزالت بوضعه حياً أو ميتاً.

فبعض العلماء يقول: النفقة لها لا للجنين، وبعضهم يقول: النفقة للجنين لا لها، وهو الذي اختاره المصنف رحمه الله، وهو أحد القولين في مذهب الحنابلة رحمهم الله.

والصحيح أنها للجنين لا لها؛ لأن الله قيد الإنفاق بوجود الحمل، وحكم بزواله بزوال الحمل، فقال: حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] فجعل الغاية وضع الحمل.

الفائدة: أننا لو قلنا: النفقة من أجل الحمل، فإنها إذا كانت زوجة في عصمته، ونشزت وهي حامل، بقي حقها في النفقة ولو كانت ناشزة؛ لأن النفقة للجنين.

أما إذا كانت النفقة لها، وكانت في عصمته فإن نشزت فالناشز يسقط حقها في النفقة كما تقدم، كذلك لو سافرت وهي حامل بدون إذن الزوج، أو بإذنه على التفصيل الذي سيأتي في سقوط النفقة، فإذا سافرت سقط حقها من النفقة، لأنها سافرت سفراً يوجب سقوط حق الزوجة من حين خرجت بدون إذنه، أو خرجت لحاجتها بإذنه؛ لأنه وجد فيها مانع يمنع من وجوب النفقة عليها.

وهكذا بالنسبة للأمة وغيرها مثلاً: شخص عقد على امرأة يظنها امرأة ليس فيها مانع، وتبين أنها أخته من الرضاعة، أو عمته من الرضاعة أو خالته من الرضاعة، وحملت من وطئه، وهو لا يدري أنها أخته، لكن بعد أن تزوجها ودخل بها وحملت تبين أن هناك مانعاً يوجب فساد النكاح، حينئذ يفسد النكاح، فإن قلنا: النفقة من أجلها هي، بطل حقها ببطلان النكاح، وإن قلنا: النفقة للحامل من أجل جنينها وجب عليه أن ينفق عليها حتى تضع الحمل، هذه من فوائد الخلاف بين العلماء في مسألة: هل النفقة من أجل الجنين أو من أجل المرأة؟

والصحيح أن النفقة من أجل الجنين، ومن أجل الحمل.

وينبني على هذا: العكس، فلو ظن أنها حامل كما في القديم حيث لم تكن هناك وسائل تبين الحمل بدقة، فقد يكون بها انتفاخ، فيظن أنها حامل، ثم بعد مضي المدة وقد أنفق عليها يتبين أنها ليست بحامل، فيجب عليها رد النفقة؛ لأنها شرعت بسبب وتبطل بزوال السبب، إذ ما شرع لسبب يبطل بزواله.

فبعد أن بيّن حكم النفقة على الزوجة أراد أن يبين حكم النفقة على المطلقة، فالمرأة إذا طلقت طلاقاً رجعياً فهي في حكم الزوجة حتى تخرج من عدتها، وقد بيّنا مذاهب العلماء رحمهم الله في ذلك، وأن الصحيح أن الرجعية تأخذ حكم الزوجة من وجوه، وذكرنا الأدلة على ذلك، ومن ذلك أنها تستحق النفقة، فبيّن المصنف رحمه الله أن المرأة المطلقة طلاقاً رجعياً يجب على زوجها أن ينفق عليها حتى تخرج من عدتها، ومثال ذلك: لو طلقها الطلقة الأولى، فإنها كالزوجة يجب عليه أن ينفق عليها في طعامها وكسوتها حتى تخرج من عدتها، فقال رحمه الله:

[ونفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها كالزوجة].

وقد تقدم بيان نفقة الزوجة وسكناها والأدلة الدالة على ذلك من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ونجد العلماء رحمهم الله يقولون: الرجعية كالزوجة، قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] يعني: في عدتهن إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228] فجعلها في حكم الزوجة، ولو لم تكن في حكم الزوجة لوجب أن يعقد عليها عقداً جديداً إذا أراد ارتجاعها.

قال رحمه الله: [ولا قسم لها].

لو كان عنده زوجتان طلق إحداهما طلقة واحدة، بعد الدخول بها، وهي طلقة رجعية، فقلنا: إن المطلقة الرجعية لها حق النفقة، ولها حق السكنى بالمعروف والكسوة، فيرد السؤال: هل يقسم لها؟ بمعنى: هل يبقى حقها في القسم وهو المبيت، فيبيت عندها ليلة وعند الأخرى ليلة كما كان؟

فقال رحمه الله: (ولا قسم لها) أي: يبيت عند زوجته الأخرى فقط، وإذا كان عنده ثلاث زوجات فطلق إحداهن قسم على ليلتين، ولم يحتسب للمطلقة الرجعية ليلة؛ لأنها لا حق لها في الفراش.

قال رحمه الله: [والبائن بفسخ أو طلاق لها ذلك إن كانت حاملاً]

(والبائن) أي: والمطلقة طلاقاً بائناً (لها ذلك) أي: لها نفقتها وكسوتها؛ لكن بشرط أن تكون حاملاً.

فإذا طلق امرأته طلاقاً بائناً كالطلقة الثالثة فحينئذ ننظر في هذه المطلقة، فنجدها على ضربين: إما أن تكون حاملاً فلها النفقة حتى تضع حملها، وإما أن تكون حائلاً، أي: ليست بذات حمل، فلا نفقة لها، وهذا بإجماع العلماء رحمهم الله.

قال تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] فأمر الله جل وعلا بالإنفاق على المطلقات الحوامل (حتى يضعن حملهن)، وهذه النفقة يعطيها إياها يوماً يوماً، بخلاف من قال من الفقهاء: ينتظر حتى تضع الحمل حتى نتأكد أنه حمل حقيقي.

والصحيح أنه ينفق عليها ما دام قد استبان فيها الحمل، أو قال الأطباء: إنها حامل، فإنه ينفق عليها حتى تضع الحمل، والنفقة للجنين لا لها، وسنبين وجه ذلك ومعناه.

ودليلنا على أن النفقة كل يوم بيومه قوله تعالى : وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6]فجعل الإنفاق إلى حين الوضع، وهذا يدل على أنه مستصحب منذ تبين حمل المرأة حتى تضع ذلك الحمل، وبناء عليه فإنه لا ينتظر إلى وضعها وإنما ينفق عليها قبل الوضع، فإذا كانت حاملاً فإنه ينفق عليها، وهذا بالإجماع وبنص القرآن على ذلك، ولها حقها بالمعروف.

قال رحمه الله: [والنفقة للحمل لا لها من أجله]

فائدة هذا: أن النفقة إذا كانت للزوجة ووجد فيها مانع من موانع النفقة، قطعت النفقة عنها ولو كانت حاملاً، وإن كانت النفقة من أجل الجنين ترتبت على وجوده، وزالت بوضعه حياً أو ميتاً.

فبعض العلماء يقول: النفقة لها لا للجنين، وبعضهم يقول: النفقة للجنين لا لها، وهو الذي اختاره المصنف رحمه الله، وهو أحد القولين في مذهب الحنابلة رحمهم الله.

والصحيح أنها للجنين لا لها؛ لأن الله قيد الإنفاق بوجود الحمل، وحكم بزواله بزوال الحمل، فقال: حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] فجعل الغاية وضع الحمل.

الفائدة: أننا لو قلنا: النفقة من أجل الحمل، فإنها إذا كانت زوجة في عصمته، ونشزت وهي حامل، بقي حقها في النفقة ولو كانت ناشزة؛ لأن النفقة للجنين.

أما إذا كانت النفقة لها، وكانت في عصمته فإن نشزت فالناشز يسقط حقها في النفقة كما تقدم، كذلك لو سافرت وهي حامل بدون إذن الزوج، أو بإذنه على التفصيل الذي سيأتي في سقوط النفقة، فإذا سافرت سقط حقها من النفقة، لأنها سافرت سفراً يوجب سقوط حق الزوجة من حين خرجت بدون إذنه، أو خرجت لحاجتها بإذنه؛ لأنه وجد فيها مانع يمنع من وجوب النفقة عليها.

وهكذا بالنسبة للأمة وغيرها مثلاً: شخص عقد على امرأة يظنها امرأة ليس فيها مانع، وتبين أنها أخته من الرضاعة، أو عمته من الرضاعة أو خالته من الرضاعة، وحملت من وطئه، وهو لا يدري أنها أخته، لكن بعد أن تزوجها ودخل بها وحملت تبين أن هناك مانعاً يوجب فساد النكاح، حينئذ يفسد النكاح، فإن قلنا: النفقة من أجلها هي، بطل حقها ببطلان النكاح، وإن قلنا: النفقة للحامل من أجل جنينها وجب عليه أن ينفق عليها حتى تضع الحمل، هذه من فوائد الخلاف بين العلماء في مسألة: هل النفقة من أجل الجنين أو من أجل المرأة؟

والصحيح أن النفقة من أجل الجنين، ومن أجل الحمل.

وينبني على هذا: العكس، فلو ظن أنها حامل كما في القديم حيث لم تكن هناك وسائل تبين الحمل بدقة، فقد يكون بها انتفاخ، فيظن أنها حامل، ثم بعد مضي المدة وقد أنفق عليها يتبين أنها ليست بحامل، فيجب عليها رد النفقة؛ لأنها شرعت بسبب وتبطل بزوال السبب، إذ ما شرع لسبب يبطل بزواله.