شرح زاد المستقنع باب الطلاق في الماضي والمستقبل [2]


الحلقة مفرغة

باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

أما بعد:

فقد تقدم معنا أن من تلفظ بالطلاق له حالتان:

الحالة الأولى: أن ينجز الطلاق، فيقول لامرأته: أنت طالق، فإنها تطلق عليه في الحال، وذكرنا أن هذا محل إجماع بين العلماء -رحمهم الله- وأن هذا النوع من التطليق يعتبر أصلاً في الطلاق.

فالأصل في الطلاق أن يقول لامرأته: أنت طالق، طلاقاً منجزاً، ولكن إذا علق الطلاق، فإما أن يكون معلقاً على مستحيل، أو على شيء غير مستحيل، فإن كان على أمر مستحيل، فقد ذكرنا أن نصوص الشريعة دلت على أن تعليق الطلاق على الشيء المستحيل يمنع وقوعه، ويدل على أن ذلك الشيء المعلق لا يقع قوله تعالى: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40] فعلق الله تبارك وتعالى دخول الكفار للجنة على دخول وولوج الجمل في سم الخياط، ولا يمكن للجمل -سواء قلنا: هو الحبل الذي تشد به السفن، أو قلنا: إنه الحيوان المعروف- أن يدخل في سم الخياط، وسم الخياط هو: ثقب الإبرة، فعلَّق الله دخول الكفار للجنة على هذا المستحيل، ففهمنا أنه قصد أن دخولهم إلى الجنة مستحيل.

وبناءً على هذه الصيغة الواردة في كتاب الله عز وجل، تبين أن من علق طلاقه على مستحيل، فإن الطلاق لا يقع، وبذلك يكون قوله لغواً وضرباً من العبث، ولا يعتد به، ولذلك قلنا: ضرب العلماء أمثلة على ذلك المستحيل، أو على الصيغة التي يُعلق فيها على المستحيل، ومما ذكره المصنف-رحمه الله- قوله: أنت طالق إن طرت، أو قلبت الحجر ذهباً، فإن المرأة من المستحيل أن تطير، وكذلك الرجل من المستحيل أن يطير، وأيضاً من المستحيل أن تقلب الحجر ذهباً، أو تقلب الخشب حديداً، أو نحو ذلك.

فمن علق طلاقه بمثل هذه الألفاظ، على مثل هذا الوجه الدال على أنه قصد المستحيل؛ فإنه لا يعتد بطلاقه، ولا يقع، إلا إذا نوى أنها طالق، بمعنى: نوى أن يبت الطلاق، توضيح ذلك:

أنه إذا قال لها: أنت طالق، ثم قال: إن طرت، فيكون قوله: أنت طالق، إذا قصد به الطلاق قدراً كافياً لإيقاع الطلاق، ويكون قوله بعد ذلك: إن طرت، واقعاً في غير موقعه، كما لو قال لها: أنت طالق، وسكت، فهذا الذي جعل العلماء يستثنون حالة إذا قصد إيقاع الطلاق، لأنه عند قصد إيقاع الطلاق نأخذ الجملة الأولى (أنت طالق) ويكون قوله بعد ذلك: إن طرت، أو إن قلبت الحجر ذهباً، أو إن قلبت الخشب حديداً، أو العكس، يعتبر ضرباً من اللغو، وكذلك إذا أراد إلحاق هذا اللفظ بعد إيقاع الطلاق، فبالإجماع لو أن رجلاً نوى تطليق زوجته وتلفظ بلفظ الطلاق للبت في الحال، فقال لها: أنت طالق، ثم مباشرة طرأ له-بعد قوله: أنت طالق- أن يأتي بصفة وقيد، فقال لها: إن طرت في السماء، فتكون جملة: إن طرت، قد وافقت وقوع الطلاق، وكأنه أدخلها وأقحمها بعد وقوع الطلاق.

قالوا: كما لو قال: أنت طالق، وسكت سكوتاً، وفصل بفاصل مؤثر لا يدل على التعليق، ولا قصد التعليق، وكما لو أدخل كلاماً أجنبياً يدل على الفصل، فإنه لا تطلق عليه امرأته.

إذاً: بالنسبة للأفكار التي معنا:

أولاً: الطلاق؛ إما معلق، وإما منجز، ثم المعلق له حالتان:

إما معلق على مستحيل: فلا يقع، وإما أن يكون معلقاً على غير مستحيل.

فإذا كان معلقاً على المستحيل، فتارة يكون بالنفي، وتارة يكون بالإثبات، فهو تارة يقول لها: إن طرت فأنت طالق، وتارة يقول لها: إن لم تطيري فأنت طالق، فقوله: إن طرت فأنت طالق، يوقف الطلاق حتى تطير، والطيران مستحيل؛ فلا طلاق، وإن قال لها: إن لم تطيري فأنت طالق، فهذا مستحيل منها أصلاً أن تطير، فقال لها:إن لم تطيري فأنت طالق، فإنها في الحال لا تستطيع أن تطير فيقع الطلاق، فاختلف الحكم ما بين صيغة النفي وصيغة الإثبات، فإن جاء بمستحيل وعلق الطلاق على إثباته؛ لم تطلق، وإن جاء بمستحيل وعلق الطلاق على نفيه؛ طلقت، وكان طلاقها واقعاً حالاً.

تعليق الطلاق على المستحيل بالإثبات

قال رحمه الله: [ونحوه من المستحيل لم تطلق]

أي: نحوه من الألفاظ التي تشتمل على الأوصاف المستحيلة، وهذا يختلف باختلاف الأعراف والأزمنة، فلكل عرف كلمته، قالوا: لأنه إذا قال لها أنت طالق إن طرت في السماء، وأنت طالق إن قلبت الحجر ذهباً، فهمنا أنه لا يريد الطلاق، ولا يقصد الطلاق، إنما هو ضرب من العبث.

تعليق الطلاق على المستحيل بالنفي

قال رحمه الله: [وتطلق في عكسه فوراً]

يعني: إن علق الطلاق على نفي المستحيل، وإثبات المستحيل مستحيل، لكن نفي المستحيل هو الثابت، وقد بينا أن المستحيل عقلاً: هو الذي لا يمكن إثباته، ومعلوم أن الأحكام العقلية ثلاثة:

الواجب العقلي، الجائز العقلي، المستحيل العقلي، واختصاراً هي الوجوب والاستحالة والجواز، قال الناظم:

فواجب لا يقبل النفي بحال وما أبى الثبوت عقلاً المحال

وجائز ما قبل الأمرين تم للضروي والنظري كلاً قُسم

فقوله: ما أبى الثبوت عقلاً المحال، كما ذكرنا: أن المحال هو الشيء الذي يحكم العقل بعدم ثبوته، وعدم وجوبه، وقد يأتي النفي والاستحالة بأسباب أخرى؛ شرطية، أو عرفية، كما هو معلوم.

وقوله: (وتطلق في عكسه فوراً، وهو النفي بالمستحيل) عندنا عدة فوائد:

الفائدة الأولى: أن نفي المستحيل يدل على الثبوت، وهو إذا قال لها: إن لم تطيري فأنت طالق، فإنها تطلق، ونحكم بوجوب الطلاق؛ لأنها لا تطير، وقد علق طلاقه فيما بينه وبين الله على أنها إذا لم تطر فهي طالق، فنقول: يقع طلاقه بثبوت عدم طيرانها.

الفائدة الثانية: أن ذلك الحكم يحكم به مباشرة، وتطلق فوراً، وهناك أشياء نحكم فيها بأن الطلاق لا يقع، ويبقى، أي: نحكم بوجوب الطلاق، لكن لا يكون فوراً، وننتظر مدة، ثم نقول: بفوات المدة يقع الطلاق، كما في أزمنة الإمكان، كما لو قال لها: إن دخلتُ الدار فأنت طالق، فنعلق الطلاق، والطلاق ثابت، لأنه يريد أن يطلق زوجته، لكن عند وجود الدخول، فيبقى الطلاق معلقاً إلى وجود صفة الدخول، لكن هنا لو قال لها: إن لم تطيري في الهواء فأنت طالق، نحكم بطلاقها فوراً؛ لأن نفي طيرانها ثابت، ولا إشكال أنها لا تستطيع الطيران، فلا نحتاج إلى مدة نختبرها: هل تستطيع أن تطير أو لا، ولا نعلق الحكم بالطلاق على مضي زمن الإمكان، كما مر معنا في بعض المسائل من أنه يعطى زمن لإمكان وقوع الطلاق، أو زمن لحدوث الصفة، أو لإمكان الصفة، ثم بعد ذلك نطلق إذا كان الأمر معلقاً على نفيها.

فإذا قال لها: إن لم تطيري فأنت طالق، إن لم تقلبي الحجر ذهباً فأنت طالق، فإنها تطلق حالاً.

قال رحمه الله: [مثل: لأقتلن الميت]

لماذا نقول: إن الميت لا يقتل؟ الجواب: لأن الله سبحانه وتعالى جعل للحي حياة واحدة بالنسبة لحياة الدنيا، فإن فاتته فلا رجعة إليها، وقد دل على ذلك صريح قوله عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل، وذلك حينما قتل شهداء أحد، فسأل جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان والده عبد الله بن حرام من شهداء أحد-كما هو معلوم- وكان جابر يحب والده محبة شديدة، حتى إنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلهف أن يعرف ما هي عاقبته؟ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: (إن كان في الجنة؛ سلوت، وتعزيت، وصبرت. فقال: يا جابر ! إنها جنان، وإن أباك قد أصاب الفردوس الأعلى من الجنة).

وفي هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كلمه كفاحاً) وقال تعالى: (تمنوا) -يعني شهداء أحد- وفي رواية: (أنه كلم عبد الله بن حرام كفاحاً وقال: تمنّ عبدي)، ورواية الترمذي : أنه سألهم، قال: (تمنوا)، فتمنوا أن يعودوا، فقال الله تعالى-وهذا موضع الشاهد-: (أما إنه قد كان العهد مني- أو مضى العهد مني-؛ أن من مات لا يرجع إليها)، وهذا نص صريح؛ على أنه لا عود بعد الموت، وهنا ننبه على مسألة عقدية عند بعض الطوائف الزائغة، كما هو واقع في طائفة التيجانية؛ الذين يعتقدون أن أحمد التيجاني قد تلقى الصلوات عن النبي صلى الله عليه وسلم من فمه مباشرة، كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا [الكهف:5]، وبلغت الجرأة بهم أن يقول قائلهم: إن دلائل الخيرات ختمة منه تعدل عشر ختمات من القرآن -والعياذ بالله- إلى هذه الجرأة!! لأنه تلقاها مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم!، وعندهم عقيدة أن من بلغ في الصلوات إلى حد معين يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم يقظة! فهذا أشبه بالرجعة-والعياذ بالله- ومذهب أهل السنة والجماعة على أنه لا يعود الميت، وأنه إذا مات فهو في البرزخ، كما قال تعالى: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100] وقال تعالى: رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ [غافر:11]، فهذا راجع إلى أنه لا ميتة ثالثة، وبناءً على ذلك قال العلماء: إنه لا يمكن أن يقتل الميت؛ لأن الميت إذا فاتت حياته، فليست هناك حياة ثانية يمكن أن يقتل فيها، ونحكم بكونه قد قتل الميت، فالميت لا يقتل، وإنما نصف الشيء بكونه قتلاً إذا كان فيه إزهاق الروح، والروح لا يمكن إعادتها إلى هذا الجسد الذي فارقته في حال الحياة الدنيا، أما في البرزخ فلا إشكال، لكن نحن نتكلم على أنه يقتله في الحياة الدنيا، فإذا قال: لأقتلن الميت، فإن قتل الميت مستحيل، فإن نفى المستحيل، أو علق على نفي المستحيل، فإنه يقع، كما بينا في مسألة: إذا قال لها: إن لم تقلبي الحجر ذهباً، ونحوه.

قال رحمه الله: [ولأصعدن السماء ونحوها] في الحقيقة، السماء إن قصد بها السماء المعروفة، تكون (أل) هنا عهدية، ولا يمكن أن يصعد إلى السماء، وإذا قال: لأصعدن السماء، فإنه علق الطلاق على مستحيل، فإن نفى ذلك المستحيل، ثبت الطلاق، وينتفي الطلاق إن علقه على ثبوت المستحيل.

قال رحمه الله: [ونحوه من المستحيل لم تطلق]

أي: نحوه من الألفاظ التي تشتمل على الأوصاف المستحيلة، وهذا يختلف باختلاف الأعراف والأزمنة، فلكل عرف كلمته، قالوا: لأنه إذا قال لها أنت طالق إن طرت في السماء، وأنت طالق إن قلبت الحجر ذهباً، فهمنا أنه لا يريد الطلاق، ولا يقصد الطلاق، إنما هو ضرب من العبث.

قال رحمه الله: [وتطلق في عكسه فوراً]

يعني: إن علق الطلاق على نفي المستحيل، وإثبات المستحيل مستحيل، لكن نفي المستحيل هو الثابت، وقد بينا أن المستحيل عقلاً: هو الذي لا يمكن إثباته، ومعلوم أن الأحكام العقلية ثلاثة:

الواجب العقلي، الجائز العقلي، المستحيل العقلي، واختصاراً هي الوجوب والاستحالة والجواز، قال الناظم:

فواجب لا يقبل النفي بحال وما أبى الثبوت عقلاً المحال

وجائز ما قبل الأمرين تم للضروي والنظري كلاً قُسم

فقوله: ما أبى الثبوت عقلاً المحال، كما ذكرنا: أن المحال هو الشيء الذي يحكم العقل بعدم ثبوته، وعدم وجوبه، وقد يأتي النفي والاستحالة بأسباب أخرى؛ شرطية، أو عرفية، كما هو معلوم.

وقوله: (وتطلق في عكسه فوراً، وهو النفي بالمستحيل) عندنا عدة فوائد:

الفائدة الأولى: أن نفي المستحيل يدل على الثبوت، وهو إذا قال لها: إن لم تطيري فأنت طالق، فإنها تطلق، ونحكم بوجوب الطلاق؛ لأنها لا تطير، وقد علق طلاقه فيما بينه وبين الله على أنها إذا لم تطر فهي طالق، فنقول: يقع طلاقه بثبوت عدم طيرانها.

الفائدة الثانية: أن ذلك الحكم يحكم به مباشرة، وتطلق فوراً، وهناك أشياء نحكم فيها بأن الطلاق لا يقع، ويبقى، أي: نحكم بوجوب الطلاق، لكن لا يكون فوراً، وننتظر مدة، ثم نقول: بفوات المدة يقع الطلاق، كما في أزمنة الإمكان، كما لو قال لها: إن دخلتُ الدار فأنت طالق، فنعلق الطلاق، والطلاق ثابت، لأنه يريد أن يطلق زوجته، لكن عند وجود الدخول، فيبقى الطلاق معلقاً إلى وجود صفة الدخول، لكن هنا لو قال لها: إن لم تطيري في الهواء فأنت طالق، نحكم بطلاقها فوراً؛ لأن نفي طيرانها ثابت، ولا إشكال أنها لا تستطيع الطيران، فلا نحتاج إلى مدة نختبرها: هل تستطيع أن تطير أو لا، ولا نعلق الحكم بالطلاق على مضي زمن الإمكان، كما مر معنا في بعض المسائل من أنه يعطى زمن لإمكان وقوع الطلاق، أو زمن لحدوث الصفة، أو لإمكان الصفة، ثم بعد ذلك نطلق إذا كان الأمر معلقاً على نفيها.

فإذا قال لها: إن لم تطيري فأنت طالق، إن لم تقلبي الحجر ذهباً فأنت طالق، فإنها تطلق حالاً.

قال رحمه الله: [مثل: لأقتلن الميت]

لماذا نقول: إن الميت لا يقتل؟ الجواب: لأن الله سبحانه وتعالى جعل للحي حياة واحدة بالنسبة لحياة الدنيا، فإن فاتته فلا رجعة إليها، وقد دل على ذلك صريح قوله عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل، وذلك حينما قتل شهداء أحد، فسأل جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان والده عبد الله بن حرام من شهداء أحد-كما هو معلوم- وكان جابر يحب والده محبة شديدة، حتى إنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلهف أن يعرف ما هي عاقبته؟ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: (إن كان في الجنة؛ سلوت، وتعزيت، وصبرت. فقال: يا جابر ! إنها جنان، وإن أباك قد أصاب الفردوس الأعلى من الجنة).

وفي هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كلمه كفاحاً) وقال تعالى: (تمنوا) -يعني شهداء أحد- وفي رواية: (أنه كلم عبد الله بن حرام كفاحاً وقال: تمنّ عبدي)، ورواية الترمذي : أنه سألهم، قال: (تمنوا)، فتمنوا أن يعودوا، فقال الله تعالى-وهذا موضع الشاهد-: (أما إنه قد كان العهد مني- أو مضى العهد مني-؛ أن من مات لا يرجع إليها)، وهذا نص صريح؛ على أنه لا عود بعد الموت، وهنا ننبه على مسألة عقدية عند بعض الطوائف الزائغة، كما هو واقع في طائفة التيجانية؛ الذين يعتقدون أن أحمد التيجاني قد تلقى الصلوات عن النبي صلى الله عليه وسلم من فمه مباشرة، كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا [الكهف:5]، وبلغت الجرأة بهم أن يقول قائلهم: إن دلائل الخيرات ختمة منه تعدل عشر ختمات من القرآن -والعياذ بالله- إلى هذه الجرأة!! لأنه تلقاها مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم!، وعندهم عقيدة أن من بلغ في الصلوات إلى حد معين يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم يقظة! فهذا أشبه بالرجعة-والعياذ بالله- ومذهب أهل السنة والجماعة على أنه لا يعود الميت، وأنه إذا مات فهو في البرزخ، كما قال تعالى: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100] وقال تعالى: رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ [غافر:11]، فهذا راجع إلى أنه لا ميتة ثالثة، وبناءً على ذلك قال العلماء: إنه لا يمكن أن يقتل الميت؛ لأن الميت إذا فاتت حياته، فليست هناك حياة ثانية يمكن أن يقتل فيها، ونحكم بكونه قد قتل الميت، فالميت لا يقتل، وإنما نصف الشيء بكونه قتلاً إذا كان فيه إزهاق الروح، والروح لا يمكن إعادتها إلى هذا الجسد الذي فارقته في حال الحياة الدنيا، أما في البرزخ فلا إشكال، لكن نحن نتكلم على أنه يقتله في الحياة الدنيا، فإذا قال: لأقتلن الميت، فإن قتل الميت مستحيل، فإن نفى المستحيل، أو علق على نفي المستحيل، فإنه يقع، كما بينا في مسألة: إذا قال لها: إن لم تقلبي الحجر ذهباً، ونحوه.

قال رحمه الله: [ولأصعدن السماء ونحوها] في الحقيقة، السماء إن قصد بها السماء المعروفة، تكون (أل) هنا عهدية، ولا يمكن أن يصعد إلى السماء، وإذا قال: لأصعدن السماء، فإنه علق الطلاق على مستحيل، فإن نفى ذلك المستحيل، ثبت الطلاق، وينتفي الطلاق إن علقه على ثبوت المستحيل.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع كتاب البيع [4] 3698 استماع
شرح زاد المستقنع باب الرجعة [1] 3616 استماع
شرح زاد المستقنع باب ما يختلف به عدد الطلاق 3438 استماع
شرح زاد المستقنع باب صلاة التطوع [3] 3370 استماع
شرح زاد المستقنع واجبات الصلاة 3336 استماع
شرح زاد المستقنع باب الإجارة [10] 3317 استماع
شرح زاد المستقنع باب التيمم [1] 3267 استماع
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2] 3223 استماع
شرح زاد المستقنع باب شروط القصاص 3183 استماع
شرح زاد المستقنع باب نفقة الأقارب والمماليك [6] 3163 استماع