شرح زاد المستقنع باب نكاح الكفار


الحلقة مفرغة

يقول المصنف رحمه الله: [ باب نكاح الكفار ] أي: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من المسائل والأحكام المتعلقة بنكاح الكفار، وهذا الباب من الأبواب المهمة المتعلقة بكتاب النكاح وهو الزواج من الكافرات، وحكم طريان الكفر على الزوج -والعياذ بالله إذا ارتد-، وحكم الكفار باختلاف أديانهم ومللهم، وقد اعتنى الفقهاء رحمهم الله بهذا النوع من الأبواب وذكروه في مسائل النكاح.

حكم نكاح الكفار

قال المصنف رحمه الله: [ حكمه كنكاح المسلمين ]

حكم نكاح الكفار كحكم نكاح المسلمين فهو يُقر ويثبت، لكن على تفصيل في هذه الأنكحة؛ فلو أن شخصاً كافراً جاء يريد حكم الشريعة في النكاح فإنه يلزم بنكاح المسلمين، ويكون نكاحهم كنكاح المسلمين، لكن من حيث التفصيل والأحكام هناك أحكام ومستثنيات ينبغي تفصيلها فقال رحمه الله: (حكمه كنكاح المسلمين) فنقرهم، وينبني على هذه القاعدة أننا نقرهم على أنكحتهم، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ما تدخل في أنكحة الكفار ممن كان تحته من أهل الذمة ومن المعاهدين كبني قريظة ونحوهم وما قال لهم: انكحوا بهذه الطريقة وافعلوا هذه الطريقة، إنما تركهم على نكاحهم.

فكل أهل ملة ودين يفعلون النكاح على ملتهم ودينهم، والكفار على قسمين: أهل الملل الذين لهم أديان سماوية كالكتابيين من اليهود والنصارى، فهؤلاء يفعلون الأنكحة على وفق دينهم ويُقرون على دينهم، أما بالنسبة للذي لا دين له كالحربي الوثني، أو المجوسي الذي ليس له دين سماوي على القول بأن المجوس ليسوا في حكم الكتابيين، وكذلك أيضاً الذي لا دين له كالشيوعي والملحد فما حكم نكاحه وهو ليس له دين؟

فالجواب: أن نكاحه كنكاح المسلم، فلو أن من لا دين له كملحدٍ تزوج ملحدة، مع أنهم في بعض الأحيان ما عندهم ولي وشاهدان ومهر، بل يلقى الرجل المرأة -والعياذ بالله- في الطريق ويطؤها على أنه زوج لها ويتعارفون على هذا، وهم ما عندهم دين، فإننا نقرهم على هذا إذا أسلما الاثنان؛ لأن أهل الجاهلية في جاهليتهم كانوا لا دين لهم، فلما أسلموا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم صحابياً أن يجدد نكاحه، مع أنهم في الجاهلية كانوا يوقعون الأنكحة على غير السنن الشرعية، ولذلك قالوا: يفرق بين الابتداء والاستدامة، وأنكحة الكفار يختلف فيها الحكم الابتدائي والاستدامي الذي يستدام به العقد، وسيبين المصنف رحمه الله جمل المسائل وأحكامها كما سيأتي.

فقال: (حكمه كنكاح المسلمين) من حيث الأصل، فإذا أسلم الكافران الزوج والزوجة ما نأتي نبحث عنه، وهذه فائدة حكمه كحكم نكاح المسلم، ولذلك أبقى النبي صلى الله عليه وسلم هذا النكاح.

النكاح يعتبر من العقود التي أبقتها الشريعة على حالها من الجاهلية، وهذه العقود منها قسمة المواريث وقسم الحقوق، فإذا قسم الكفار حقوقهم في حال الكفر ثم أسلموا فإنه يبقى قسم الجاهلية على ما هو عليه لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما كان من قسم الجاهلية فهو على ما هو عليه) ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وهل أبقى لنا عقيل من رباع) لأن عقيل بن أبي طالب بقي على الكفر إلى قرب الفتح فورث جميع بني هاشم الذين كانوا كفاراً، ولم يتوارث بنو هاشم الذين أسلموا فأصبح الإرث كله لـعقيل ، ثم لما أسلم عقيل ما قال له: تعال نقسم، فجعل هذه العقود: النكاح والقسم والمواريث تبقى على حكم الجاهلية، فإن أسلموا فإنه يستأنف الحكم فيما لم يمضِ ولم يتم، أما ما تم وبت فيه فيبقى على ما هو عليه، فلو أنه عاشرها لحظة على أنها زوجة له وعرفهم جارٍ بهذا -والعياذ بالله- ودخلوا في الإسلام مباشرة فهما زوجان، وهذا أصل عند العلماء، ويكاد أن يكون إجماعاً بين أهل العلم؛ لأن فيه نصوصاً واضحة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة، فلم يسأل صحابياً أن يجدد نكاحه على زوجته.

متى يقر الكفار على النكاح الفاسد؟

قال رحمه الله: [ ويقرون على فاسده إذا اعتقدوا صحته في شرعهم ولم يرتفعوا إلينا ]

قال: [ ويقرون على فاسده ] بشرطين: إذا اعتقدوا صحته في دينهم، مثلاً: يهودي تزوج يهودية بخمر أو خنزير، فديننا لا يصحح هذا؛ لأن الخمر والخنزير ليس بمهر، بينما الخمر والخنزير يعد مالاً في دينهم ومذهبهم، لكنه في حكم الإسلام لا، لكن نقرهم عليه ما دام أن دينهم يقرهم على ذلك، وبشرط: أن لا يترافعوا إلينا، فإن جاءونا حكمنا بحكم الإسلام، وهذا يقع في أهل الذمة عندما يكونون تحت حكم المسلمين، فإذا فتحت بلادهم فقالوا: ندفع الجزية ونبقى على ديننا، فدفع الجزية يبقيهم على دينهم، فإذا تناكحوا بطريقتهم وبدينهم، فليس للمسلمين أن يتدخلوا في ذلك؛ لأن هذا أصل عقد الجزية الذي أبرمه عمر بن الخطاب وأبو بكر رضي الله عنهم، فـعمر بن الخطاب رضي الله عنه في مصالحتهم أبقاهم على ما هم عليه من دينهم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان مع يهود بني قريظة ويهود خيبر ويهود بني النضير كلهم على هذا الحكم، وهو أنه يتركهم على دينهم وعلى شرعهم، فأما إذا ترافعوا إلينا وجاءوا إلينا وسألونا أن نحكم بينهم فإننا نحكم بحكم الإسلام.

فإذاً الشرط: أن يكون دينهم يقرهم على ذلك -إذا كان لهم دين سماوي- وأن لا يترافعوا إلينا، فإن ترافعوا إلينا أو فعلوا أمراً لا يقرهم عليه دينهم ألغي هذا العقد، فمثلاً: يهودي تزوج أخته وهو ذمي تحت المسلمين، وبلغ المسلمين ذلك فإنهم يلغون هذا النكاح؛ لأنه تحت حكمهم، ومثل هذا النكاح لا يقره دينه ولا يقره ديننا، فلا يبقون على مثل هذه الأنكحة كنكاح المحارم، لكن لو كان دينهم وشرعهم يقرهم على ذلك أقررناهم على ما أقرهم عليه دينهم بشرط ألا يترافعوا إلينا.

فلو أن يهودياً ويهودية جاءا إلينا وقالا: نريد أن تعقدوا لنا عقد النكاح بدينكم فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ [المائدة:42] فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم بحكم الإسلام، وأنزل القرآن مهيمناً على الكتب السماوية من قبل، فحينئذٍ يحكم ويبت بينهم، ولذلك رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين الزانيين المحصنين بحكم الإسلام، وإن كانت التوراة كذلك فيها الرجم كما وضع أحدهم يده على آية الرجم لكن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بينهم لقوله: (فدعا بالشهود) فأجرى القضية على أنها قضية قضائية إسلامية، فإذا ترافعوا إلينا حكمنا بينهم بشرعنا.

قال: [ فإن أتونا قبل عقده عقدناه على حكمنا ]

وإن أتونا بعد عقده أبقيناه على حكمهم.

قال: [ وإن أتونا بعده أو أسلم الزوجان والمرأة تباح إذاً أقرا ]

قوله: (أو أسلم الزوجان والمرأة تباح إذاً) يعني: أسلم اليهودي واليهودية فصارا مسلمين والمرأة مباحة صح، لكن لو أنه تزوج أم زوجته فليست تباح إذاً، فإذاً الشرط: أن يسلما والمرأة مباحة، يعني: ممن يحل نكاحها، فإذا تزوج أجنبية منه وبعد ذلك أسلم الزوج والزوجة أبقيناهما على عقدهما في حال الكفر، لكن لو كانت المرأة لا يقر نكاح جنسها فحينئذٍ يفسخ النكاح، كأن يكون قد تزوج أم زوجته أو ربيبته فإنه لا يحكم بصحته؛ لأن الشريعة لا تقر هذا، (والمرأة تباح إذاً أقرا) أي: تباح بحكم الشرع فإنه حينئذٍ يُقر.

متى يفرق بين الكفار في النكاح الفاسد؟

قال رحمه الله: [ وإن كانت ممن لا يجوز ابتداء نكاحها فرق بينهما ]

مثلما ذكرنا كأم زوجته وربيبته.

أو أسلم كافر مثلاً وعنده ست نسوة فلا يباح له الست إنما يباح منهن أربع، كما قال عليه الصلاة والسلام لـغيلان رضي الله عنه وأرضاه: (انكح أربعاً وفارق سائرهن) يعني: سائر من سوى الأربع، وهذا الحديث يدل على أنه لابد أن يستأنف الحكم إذا كان هناك ما يعارض الشرع، كما لو أسلم بنكاح فيه نظر للشرع من جهة المرأة التي تحل، أما من جهة الصداق وكيفية العقد فهذا لا يتدخل فيه الشرع، فلو أنه أسلم وعنده ست نسوة أو ثمان نسوة فنقول: انكح أربعاً وفارق الباقي.

قال: [ وإن وطئ حربي حربية فأسلما وقد اعتقداه نكاحاً أقرا وإلا فسخ ]

الحربي: هو الكافر الذي بينه وبين المسلمين حرب، وطبعاً إذا كان من الوثنيين الذين لا دين لهم فأسلم وعنده زوجة تزوجها مثلما يقع من الكفار، يعاشر المرأة ويتفقان فيما بينهما على أنهما زوجان بدون عقد ولا صفات معينة معتبرة، فإنهما إذا أسلما يقران على حالهما بشرط أن تكون المرأة من جنس ما أذن الشرع بنكاحها.

قال: [ وإلا فسخ ]

(وإلا فسخ) لو أنه عاشرها كعشيقة -والعياذ بالله- أو كما يسمونها صديقة قال تعالى: وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25] والخدن الصديق، فكانوا في الجاهلية المرأة يكون لها زوج ويكون لها صديق، فالصديق يستمتع بالقبلة أو نحو ذلك مما دون الفرج، والزوج يستمتع بالفرج، فحرم الله هذا، فلو أنه عاشرها كصديقة ثم أسلما فلم يسلما كزوجين وإنما أسلما كعشيقين، وهذا ليس من جنس ما يحكم فيه بالنكاح، فإذاً لابد أن يعتقداه نكاحاً، وهذا هو الذي جعل المصنف يقول: (وقد اعتقداه نكاحاً) فلابد أن يكون في اعتقادهما أنه نكاح، فحينئذٍ نصححه ونبقيه نكاحاً.

حكم المهر المقبوض والمؤجل

قال رحمه الله: [ ومتى كان المهر صحيحاً أخذته ]

إذا تزوجها في الجاهلية وأخذت مهرها ما عندنا إشكال، ولا نحتاج أن نبحث فيما مضى، لكن المشكلة إذا تزوجها وأخر مهرها، فالزواج سنبقيه صحيحاً على ما هو عليه لكن يبقى النظر في المهر حيث إنه لم يقبض، فيستأنف فيه حكم الإسلام، بخلاف لو أنه تزوجها في الجاهلية وأعطاها مهراً لا يصح مثل الخمر والخنزير والأصنام ونحو ذلك من المحرمات وقبلته فإنه يصح، لكن لو أنه أخر المهر فكان المهر خمراً ثم بقيت هذه المرأة في عصمته ودخلا في الإسلام، فحينئذٍ يرد السؤال: هل الحكم مبتدأ أو مستدام؟

الحكم مستأنف ومبتدأ، فننظر في هذا المهر فإن كان شرعياً ألزمناه به؛ لأن الشرع يلزم به، وإن كان غير شرعي فإنه لا يحكم به ويكون لها مهر المثل.

قال: [ وإن كان فاسداً وقبضته استقر ]

تأخذه كما ذكرنا؛ لأن المهر يملك بالقبض.

قال: [ وإن لم تقبضه ولم يسم فرض لها مهر المثل ]

حينئذٍ يكون لها مهر مثلها.

حكم النكاح إذا أسلم أحد الزوجين

قال رحمه الله تعالى: [ فصل: وإن أسلم الزوجان معاً أو زوج كتابية فعلى نكاحهما ]

عرفنا الأنكحة التي تبقى والأنكحة التي لا تبقى، والسؤال الآن: مسألة تجديد النكاح إذا أسلم الزوجان، وإذا أسلم أحدهما دون الآخر، فقال رحمه الله: (إذا أسلم الزوجان) إذا أسلما معاً فنبقي النكاح على ما هو عليه، وهذا بالإجماع وليس عندنا فيه إشكال، لكن إذا أسلم أحدهما دون الآخر فإما أن يكون زوجاً وإما أن يكون زوجة، فإن أسلم الزوج قبل الزوجة وكانت الزوجة وثنية فلا إشكال؛ لأن المسلم لا ينكح الوثنية ولا يستدام نكاحه لها إذا بقيت هي على الكفر.

لكن إذا كانت كتابية فيجوز نكاح المسلم للكتابية، ففرق المصنف في إسلام الزوج بين أن تكون زوجته كتابية أو تكون غير كتابية وهذا مرده إلى النص الشرعي، ومن هنا تلاحظ أن المتون الفقهية تتركب من الأحكام المنصوص عليها، فهي تأتي بصورة الأمثلة لكنها تحكي الأحكام الشرعية، فهو يقول: (إذا أسلم الزوجان) لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهما في حال كفرهما فمن باب أولى أن يقرا بعد إسلامهما ما عندنا إشكال، لكن لو أسلم أحدهما ففيه تفصيل:

إن كان الزوج هو الذي أسلم فحينئذٍ ننظر في زوجته، فإن كانت من جنس ما تحل زوجة للمسلم -وحينئذٍ تكون كتابية؛ لأن غير الكتابية وهي الوثنية ما يحل نكاحها وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221] أما الكتابية فيجوز- فإنه يبقى على نكاحه ولا يفسخ النكاح، فهنا لو سئُلت: متى يبقى نكاح الكافر على ما هو عليه؟ فتقول: إذا أسلما أو أسلم زوج كتابية، فإن أسلم زوج وثنية فإنه في هذه الحالة ينفسخ النكاح؛ لأنه لا نكاح بينهما على التفصيل الذي نذكره من الاستبقاء والإمهال للعدة.

قال: [ فإن أسلمت هي أو أحد الزوجين ]

انتهى المصنف الآن من الرجل، وعرفنا أنهما إذا أسلما أقرا، وإن أسلم الرجل فصل فيه، فإن كانت زوجته وثنية فلا إشكال وإن كانت كتابية بقي الحكم وأقرا، فإن أسلمت هي فحينئذٍ يرد الإشكال؛ لأنه لا يحل للكافر أن ينكح المسلمة سواءً كان كتابياً أو غير كتابي: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] فالكافر ليس له على المسلمة سبيل، فإسلام المرأة غير إسلام الرجل.

قال: [ فإن أسلمت هي أو أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الدخول بطل ]

فإذا أسلمت المرأة فالنكاح منفسخ، لكن ينبغي أن ننتبه لقضية وهي: أن المرأة المدخول بها إذا فسخنا نكاحها فهناك مهلة وهي العدة، فاختلف حكم النساء إذا أسلمن بين أن يكون قبل الدخول أو يكون بعد الدخول؛ لأن الفسخ قبل الدخول لا عدة فيه، والفسخ بعد الدخول فيه عدة، وإذا كان الفسخ بعد الدخول فيه عدة فالعدة مهلة، يعني: نعطيه مهلة أن يسلم إلى أن تخرج من عدتها، فإن أسلم قبل خروجها من العدة عادت إليه، وإن أسلم بعد خروجها من العدة لم تعد إليه، هذا إذا كان بعد الدخول، أما لو كان قبل الدخول فإنه ينفسخ النكاح مباشرة لأن فسخه يتم بدون عدة.

حكم المهر في حال الفسخ

قال رحمه الله: [ فإن سبقته فلا مهر وإن سبقها فلها نصفه ]

عرفنا إذا وقع إسلامها قبل الدخول وبعد الدخول، وأنه قبل الدخول يوجب الفسخ وبعد الدخول يوجب الفسخ، لكن تبقى له مهلة إلى نهاية مدة العدة أن يرجع إليها، فإن أسلم رجع إليها مثلما وقع لـصفوان رضي الله عنه وأرضاه في قصته المشهورة، فـصفوان بقي بعد فتح مكة على الكفر، وشهد حنيناً وهو على الكفر ثم أسلم رضي الله عنه فرد النبي صلى الله عليه وسلم له زوجته، وهذا باستمهال العدة، وهو حديث مشهور كما قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: شهرته أغنت عن إسناده، وحسنه طائفة من العلماء.

الشاهد: أن المرأة إذا كانت مدخولاً بها أعطي زوجها الكافر مهلة إلى نهاية مدة العدة، لكن يبقى النظر في المهر، فإن كان الذي أسلم الزوج فله حكم، وإن كان الذي أسلم الزوجة فله حكم؛ لأنه إذا أسلم الزوج كان الطلاق والفسخ من ناحيته، وإن أسلمت المرأة كان الطلاق والفسخ من ناحيتها وهي التي تسببت فيه، فقال رحمه الله:

(فإن سبقته فلا مهر)

(فإن سبقته) في حال تطليقها قبل الدخول (فلا مهر) ليس لها مهر؛ لأن هذا حكم الشرع، أنه إذا فسخ النكاح قبل الدخول فلا مهر.

(وإن سبقها فلها نصفه)

وإن سبقها للإسلام ثم أسلمت فحينئذٍ لها نصف المهر إذا كان قد فرض لها فريضة؛ لأنه طلاق قبل الدخول، مثل الحكم في الإسلام.

التفريق بين الزوجين بعد إسلام أحدهما

قال رحمه الله: [ وإن أسلم أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة ]

يعني: نحكم بالفسخ، لكن ما يثبت الفسخ ويفرق بينهما إلا إذا مضت العدة ولم يسلم الآخر.

قال: [ فإن أسلم الآخر فيها دام النكاح وإلا بان فسخه منذ أسلم الأول ]

إذا لم يسلم الآخر قبل انتهاء العدة حكمنا بفسخه منذ إسلام الأول، يعني: من حين الإسلام تبين لنا الفسخ.

قال: [ وإن كفرا أو أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة وقبله بطل ]

هذه الردة -والعياذ بالله- (إن كفرا أو أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة) يفرق بينهما، ثم يعطى مهلة إلى انقضاء العدة، فإن تاب ورجع قبل انتهاء العدة فلا إشكال، وإن كان بعد انقضاء العدة فرق بينهما.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع كتاب البيع [4] 3704 استماع
شرح زاد المستقنع باب الرجعة [1] 3620 استماع
شرح زاد المستقنع باب ما يختلف به عدد الطلاق 3441 استماع
شرح زاد المستقنع باب صلاة التطوع [3] 3374 استماع
شرح زاد المستقنع واجبات الصلاة 3339 استماع
شرح زاد المستقنع باب الإجارة [10] 3320 استماع
شرح زاد المستقنع باب التيمم [1] 3273 استماع
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2] 3228 استماع
شرح زاد المستقنع باب شروط القصاص 3186 استماع
شرح زاد المستقنع باب نفقة الأقارب والمماليك [6] 3169 استماع