خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
شرح زاد المستقنع باب السواك وسنن الوضوء [2]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
الأدلة على عدم وجوب السواك
هذه الجملة مراد المصنف بها أن يبين حكم السواك فقال رحمه الله: (مسنون) ومراده بذلك: أنه ليس بواجب ولا بلازم.
وقال بعض العلماء -كما تقدم في المجلس الماضي-: إن السواك واجب, ولكن هذا القول يعتبر مرجوحاً؛ وذلك لمعارضته للسنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).
فهذا الحديث يدل على أن السواك ليس بواجب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من إيجابه على الأمة خوف المشقة عليهم, ولذلك يعتبر القول بالوجوب مرجوحاً من هذا الوجه.
ويعتبر السواك مسنوناً لا واجباً ولا لازماً, بمعنى: أن الإنسان يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
(مسنون) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سنّه بقوله وفعله، أما بقوله: فكما تقدم في حديث أبي هريرة وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث البخاري معلقاً بالجزم : (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) فهذا الثناء من النبي صلى الله عليه وسلم على السواك يدل على أنه سنة.
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه أكد السواك وندب إليه حتى قال في الحديث الصحيح: (أكثرت عليكم في السواك) وهذا يدل على حبه صلوات الله وسلامه عليه وحرصه على هذه الخصلة المحمودة، وقد جاء كذلك عنه عليه الصلاة والسلام أنه رغب في السواك في آخر حياته وهو في مرض موته صلوات الله وسلامه عليه، ففي الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة : (أن
فالسواك بالإجماع سنة إلا من خالف وقال بوجوبه, أي: يكاد يكون قول الجماهير، إلا أن بعض أهل الظاهر قالوا بالوجوب، والصحيح: أنه ليس بواجب.
حكم السواك بعد الزوال للصائم
أولها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) ووجه الدلالة من هذا الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم امتدح الخلوف، وأخبر أنه أطيب عند الله من ريح المسك، قالوا: فلو قلنا بمشروعية السواك في هذا الوقت -أعني: بعد الزوال- لأذهب فضل الخلوف وهو مقصود في العبادة بذاتها، فلا تشرع إزالته بالسواك، كما لا تشرع إزالة دم الشهيد بالغسل إذا قتل في المعركة, وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشهداء أحد أن يلفوا في ثيابهم وأن يكفنوا فيها دون أن يغسلوا رضوان الله عليهم أجمعين.
فقالوا: لا تشرع إزالة أثر الصيام كما لا يشرع إزالة أثر الشهادة بجامع أن الخلوف ودم الشهيد كل منهما أثر لعبادة شرعية.
وحاصل أدلتهم أحاديث ضعيفة احتجوا بها, وأقوى ما استدلوا به:
أولاً: السنة في قوله: (لخلوف فم الصائم) .
وثانياً: القياس، حيث قاسوا خلوف فم الصائم على دم الشهيد، فقالوا بعدم مشروعية إزالة هذا الأثر، كما لا تشرع إزالة ذلك الأثر.
وأصح القولين -والعلم عند الله- القول بمشروعية السواك، وذلك على العموم ولو كان للصائم بعد الزوال، وذلك لما يلي:
أولاً: لعموم الأدلة في فضل السواك، قال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) ولم يقل: إلا بعد الزوال، وقد قال لـلقيط بن صبرة : (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) فلم يستثنِ صلى الله عليه وسلم السواك، وأمر بالسواك يوم الجمعة، وأكثر فيه عليه الصلاة والسلام ولم يقل: إلا أن يكون صائماً.
وكما هو معلوم عند الجميع أن رمضان لا يخلو من جمع, ومعلوم أن الإنسان لا يمضي للجمعة غالباً إلا ما يقارب الزوال, وبناء على هذا كله فإن الذي يترجح هو القول بسنية السواك مطلقاً ولو كان للصائم بعد الزوال.
أما الجواب عن أدلة من قال بالمنع أو بكراهيته بعد الزوال:
أولاً: استدلالهم بقوله: (لخلوف فم الصائم ..) نقول: جوابه أن الخلوف ناشئ من المعدة, وليس من نتن الفم، فإن الخلوف بخار يتصاعد من جوف الإنسان لا من فمه، وأما السواك فإنه يذهب أثر الفم وليس أثر الجوف, وهذا معلوم ومدرك ومشاهد بالحس أن السواك لا يؤثر على فضل الخلوف الذي ينشأ عن الجوف، وبناء على ذلك: يكون قوله: (لخلوف فم الصائم ..) غير دال على المنع من السواك بعد الزوال.
ثم الأمر الثاني: أن قولهم: إنه أثر فضلة عبادة لا تشرع إزالته, نقول: إن الذي يزيله السواك هو وسخ الأسنان الذي أمر الشرع بتطهيره، كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وبهذا كله يترجح القول بأن السواك يشرع ولو للصائم بعد الزوال؛ لعموم الأدلة الثابتة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: [بعد الزوال].
(الزوال) كما هو معلوم مأخوذ من زال الشيء إذا تحرك, والزوال يكون بعد انتصاف الشمس في كبد السماء، فمن سنة الله عز وجل الكونية أن الشمس تسير من المشرق إلى المغرب، فإذا بلغت منتصف النهار وصارت في كبد السماء وقفت لحظة، وهذه اللحظة لا يتحرك فيها الظل لا إلى جهة المشرق ولا إلى جهة المغرب، وهي التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (حين يقوم قائم الظهيرة) أي: يقوم الظل فلا يتحرك, فإذا وقف الظل هذه اللحظة وهي من أربع دقائق إلى خمس دقائق تقريباً، تبدأ الشمس بعد ذلك بالتحرك إلى جهة الغروب، فإذا تحركت تحرك الظل إلى جهة المشرق بعد أن كان في جهة المغرب؛ لأن الشمس تشرق من المشرق فيكون الظل في المغرب, فإذا انتصفت في كبد السماء وقف الظل ثم إذا تحركت إلى المغرب تحرك الظل إلى جهة المشرق, ولذلك يقولون: زالت, أي: تحركت, فهذا هو الزوال، وهو الدلوك ودحض الشمس, وهو الدلوك الذي عناه الله بقوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإسراء:78] والدحض الذي عناه أبو بردة رضي الله عنه بقوله: (كان يصلي الهجيرة التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس)، فالمقصود: أن الزوال تحرك ظل الشمس إلى المشرق.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [مسنون كل وقت إلا لصائم بعد الزوال].
هذه الجملة مراد المصنف بها أن يبين حكم السواك فقال رحمه الله: (مسنون) ومراده بذلك: أنه ليس بواجب ولا بلازم.
وقال بعض العلماء -كما تقدم في المجلس الماضي-: إن السواك واجب, ولكن هذا القول يعتبر مرجوحاً؛ وذلك لمعارضته للسنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).
فهذا الحديث يدل على أن السواك ليس بواجب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من إيجابه على الأمة خوف المشقة عليهم, ولذلك يعتبر القول بالوجوب مرجوحاً من هذا الوجه.
ويعتبر السواك مسنوناً لا واجباً ولا لازماً, بمعنى: أن الإنسان يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
(مسنون) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سنّه بقوله وفعله، أما بقوله: فكما تقدم في حديث أبي هريرة وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث البخاري معلقاً بالجزم : (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) فهذا الثناء من النبي صلى الله عليه وسلم على السواك يدل على أنه سنة.
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه أكد السواك وندب إليه حتى قال في الحديث الصحيح: (أكثرت عليكم في السواك) وهذا يدل على حبه صلوات الله وسلامه عليه وحرصه على هذه الخصلة المحمودة، وقد جاء كذلك عنه عليه الصلاة والسلام أنه رغب في السواك في آخر حياته وهو في مرض موته صلوات الله وسلامه عليه، ففي الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة : (أن
فالسواك بالإجماع سنة إلا من خالف وقال بوجوبه, أي: يكاد يكون قول الجماهير، إلا أن بعض أهل الظاهر قالوا بالوجوب، والصحيح: أنه ليس بواجب.
وقوله: (إلا لصائم بعد الزوال)، قوله: (لصائم) عام, فيشمل الصائم فرضاً, والصائم نفلاً، وهذا هو أحد قولي العلماء رحمة الله عليهم، وهو قول موجود في مذهب الحنابلة والشافعية: أن السواك لا يستحب بعد الزوال، واحتجوا لذلك بأدلة:
أولها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) ووجه الدلالة من هذا الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم امتدح الخلوف، وأخبر أنه أطيب عند الله من ريح المسك، قالوا: فلو قلنا بمشروعية السواك في هذا الوقت -أعني: بعد الزوال- لأذهب فضل الخلوف وهو مقصود في العبادة بذاتها، فلا تشرع إزالته بالسواك، كما لا تشرع إزالة دم الشهيد بالغسل إذا قتل في المعركة, وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشهداء أحد أن يلفوا في ثيابهم وأن يكفنوا فيها دون أن يغسلوا رضوان الله عليهم أجمعين.
فقالوا: لا تشرع إزالة أثر الصيام كما لا يشرع إزالة أثر الشهادة بجامع أن الخلوف ودم الشهيد كل منهما أثر لعبادة شرعية.
وحاصل أدلتهم أحاديث ضعيفة احتجوا بها, وأقوى ما استدلوا به:
أولاً: السنة في قوله: (لخلوف فم الصائم) .
وثانياً: القياس، حيث قاسوا خلوف فم الصائم على دم الشهيد، فقالوا بعدم مشروعية إزالة هذا الأثر، كما لا تشرع إزالة ذلك الأثر.
وأصح القولين -والعلم عند الله- القول بمشروعية السواك، وذلك على العموم ولو كان للصائم بعد الزوال، وذلك لما يلي:
أولاً: لعموم الأدلة في فضل السواك، قال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) ولم يقل: إلا بعد الزوال، وقد قال لـلقيط بن صبرة : (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) فلم يستثنِ صلى الله عليه وسلم السواك، وأمر بالسواك يوم الجمعة، وأكثر فيه عليه الصلاة والسلام ولم يقل: إلا أن يكون صائماً.
وكما هو معلوم عند الجميع أن رمضان لا يخلو من جمع, ومعلوم أن الإنسان لا يمضي للجمعة غالباً إلا ما يقارب الزوال, وبناء على هذا كله فإن الذي يترجح هو القول بسنية السواك مطلقاً ولو كان للصائم بعد الزوال.
أما الجواب عن أدلة من قال بالمنع أو بكراهيته بعد الزوال:
أولاً: استدلالهم بقوله: (لخلوف فم الصائم ..) نقول: جوابه أن الخلوف ناشئ من المعدة, وليس من نتن الفم، فإن الخلوف بخار يتصاعد من جوف الإنسان لا من فمه، وأما السواك فإنه يذهب أثر الفم وليس أثر الجوف, وهذا معلوم ومدرك ومشاهد بالحس أن السواك لا يؤثر على فضل الخلوف الذي ينشأ عن الجوف، وبناء على ذلك: يكون قوله: (لخلوف فم الصائم ..) غير دال على المنع من السواك بعد الزوال.
ثم الأمر الثاني: أن قولهم: إنه أثر فضلة عبادة لا تشرع إزالته, نقول: إن الذي يزيله السواك هو وسخ الأسنان الذي أمر الشرع بتطهيره، كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وبهذا كله يترجح القول بأن السواك يشرع ولو للصائم بعد الزوال؛ لعموم الأدلة الثابتة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: [بعد الزوال].
(الزوال) كما هو معلوم مأخوذ من زال الشيء إذا تحرك, والزوال يكون بعد انتصاف الشمس في كبد السماء، فمن سنة الله عز وجل الكونية أن الشمس تسير من المشرق إلى المغرب، فإذا بلغت منتصف النهار وصارت في كبد السماء وقفت لحظة، وهذه اللحظة لا يتحرك فيها الظل لا إلى جهة المشرق ولا إلى جهة المغرب، وهي التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (حين يقوم قائم الظهيرة) أي: يقوم الظل فلا يتحرك, فإذا وقف الظل هذه اللحظة وهي من أربع دقائق إلى خمس دقائق تقريباً، تبدأ الشمس بعد ذلك بالتحرك إلى جهة الغروب، فإذا تحركت تحرك الظل إلى جهة المشرق بعد أن كان في جهة المغرب؛ لأن الشمس تشرق من المشرق فيكون الظل في المغرب, فإذا انتصفت في كبد السماء وقف الظل ثم إذا تحركت إلى المغرب تحرك الظل إلى جهة المشرق, ولذلك يقولون: زالت, أي: تحركت, فهذا هو الزوال، وهو الدلوك ودحض الشمس, وهو الدلوك الذي عناه الله بقوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإسراء:78] والدحض الذي عناه أبو بردة رضي الله عنه بقوله: (كان يصلي الهجيرة التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس)، فالمقصود: أن الزوال تحرك ظل الشمس إلى المشرق.
قال رحمه الله تعالى: [متأكد عند صلاة وانتباه وتغير فم].
السواك عند الصلاة
قال الجمهور: يشرع قبل الصلاة أن يستاك الإنسان ولو كان في المسجد.
وقال طائفة من العلماء -وهو مذهب بعض المالكية- بكراهية السواك عند الصلاة مباشرة, وحملوا الحديث: (عند كل صلاة) على أن المراد به عند الوضوء، كما في الرواية الأخرى، وقالوا: إننا لو قلنا: إن الإنسان يستاك عند الصلاة لحصلت محاذير:
أولها: أنه ربما جرح اللثة؛ لأن السواك لا يؤمن أن يكون ناشفاً، فيجرح اللثة أو يدميها فيسيل الدم, والدم نجس وهو قول الجماهير.
الأمر الثاني: أن الإنسان إذا استاك عند الصلاة، إما أن يتفل في المسجد وهذا ممنوع عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البصاق في المسجد خطيئة) وإما أن يبلع الوسخ والقذر الذي أخرجه السواك من أسنانه، فيكون منظفاً لظاهره ومفسداً لباطنه بدخول هذه الفضلة إلى الباطن وربما أضرت بالجسد، قالوا: فلا يشرع فعلها عند الصلاة مباشرة، والصحيح: أنه يشرع، أما ما ذكروه من إدماء اللثة فإنه يحتاط بالسواك الرطب, وكذلك أيضاً يحتاط بإجراء السواك على العظم دون اللثة إذا كان السواك ناشفاً.
وأما ما ذكروه من البصاق في المسجد فليس على كل حال، فبإمكان الإنسان أن يبصق في منديل أو في ثوبه، أو إذا كان المسجد غير مفروش بصق تحت قدمه اليسرى ثم دفن بصاقه، لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيمن يبصق في المسجد: (فلا يبصق عن يمينه فيؤذي بها الذي عن يمينه, ولا يبصق عن شماله فيؤذي الذي عن شماله, ولكن عن يساره تحت قدمه) هذه هي السنة إذا كان المسجد غير مفروش, أما إذا كان مفروشاً فإنه يبصق في منديل ونحو ذلك,
(متأكد عند صلاة) من الأدلة على تأكده عند الصلاة: حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن أبيه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك) يشوص: بمعنى: يدلك، شاصه وماصه إذا دلكه, وهذا الحديث يدل على مشروعية السواك عند الصلاة سواء كانت فريضة أو كانت نافلة.
وورد في حديث ولكن تكلم العلماء في سنده في فضل السواك عند الصلاة وأنها أفضل من سبعين صلاة بدون سواك، ولكنه حديث ضعيف، وقال بعض العلماء: إنه يستحب عند الصلاة لمكان دنو الملك من قراءة القارئ للقرآن، حتى ورد في الخبر أنه يدني إلى فم القارئ لفضل قارئ القرآن، ولذلك قالوا: يستحب للإنسان أن يحرص على نظافة فمه بالسواك.
السواك عند القيام من النوم
أي: انتباه من النوم؛ لأن أم المؤمنين رضي الله عنها ذكرت أنها كانت تعد للنبي صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره, فيبعثه الله من الليل ما شاء, ولذلك كان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه إذا قام يشوص فاه بالسواك كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في الصحيحين: (كان إذا قام من الليل يشوص فاه) قال بعض العلماء: هذا يتضمن السواك على الوجهين: عند الصلاة؛ لأنه قائم من أجل الصلاة, وعند الانتباه من النوم لأنه لما انتبه من النوم؛ تغيرت رائحة فمه فشرع له أن يزيل تلك الرائحة بالسواك.
السواك عند تغير الفم
قالوا: حديث حذيفة دل على مشروعية السواك عند الانتباه من النوم, فيكون بلفظه دليلاً على السنية عند الانتباه من النوم، ويكون بمعناه دليلاً على أن السنة أن يستاك عند تغير رائحة الفم, فيكون الحديث فيه لفظ ومعنى.
أما لفظه: فيدل على سنية السواك في هذا الوقت.
وأما معناه: فهو العلة؛ لأنهم قالوا: ما فعل ذلك عند قيامه من النوم إلا لأن النوم يغير رائحة الفم, فيستنبط من ذلك أنه يشرع عند تغير رائحة الفم.
وتتغير رائحة الفم على أوجه: منها: الطعام وخاصة إذا كانت له زهومة, ومنها: أن تتغير رائحة الفم بنوم, أو تتغير بطول صمت, أو بجوع, أو بشدة ظمأ فكل ذلك يشرع فيه أن يستاك الإنسان, وكذلك إذا أكل الإنسان شيئاً له رائحة فيستحب له أن يزيلها بالسواك.
(متأكد) أي: هذه السنة النبوية -أعني: السواك- يتأكد فعلها (عند صلاة) لثبوت النص: (لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وهنا للعلماء وجهان:
قال الجمهور: يشرع قبل الصلاة أن يستاك الإنسان ولو كان في المسجد.
وقال طائفة من العلماء -وهو مذهب بعض المالكية- بكراهية السواك عند الصلاة مباشرة, وحملوا الحديث: (عند كل صلاة) على أن المراد به عند الوضوء، كما في الرواية الأخرى، وقالوا: إننا لو قلنا: إن الإنسان يستاك عند الصلاة لحصلت محاذير:
أولها: أنه ربما جرح اللثة؛ لأن السواك لا يؤمن أن يكون ناشفاً، فيجرح اللثة أو يدميها فيسيل الدم, والدم نجس وهو قول الجماهير.
الأمر الثاني: أن الإنسان إذا استاك عند الصلاة، إما أن يتفل في المسجد وهذا ممنوع عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البصاق في المسجد خطيئة) وإما أن يبلع الوسخ والقذر الذي أخرجه السواك من أسنانه، فيكون منظفاً لظاهره ومفسداً لباطنه بدخول هذه الفضلة إلى الباطن وربما أضرت بالجسد، قالوا: فلا يشرع فعلها عند الصلاة مباشرة، والصحيح: أنه يشرع، أما ما ذكروه من إدماء اللثة فإنه يحتاط بالسواك الرطب, وكذلك أيضاً يحتاط بإجراء السواك على العظم دون اللثة إذا كان السواك ناشفاً.
وأما ما ذكروه من البصاق في المسجد فليس على كل حال، فبإمكان الإنسان أن يبصق في منديل أو في ثوبه، أو إذا كان المسجد غير مفروش بصق تحت قدمه اليسرى ثم دفن بصاقه، لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيمن يبصق في المسجد: (فلا يبصق عن يمينه فيؤذي بها الذي عن يمينه, ولا يبصق عن شماله فيؤذي الذي عن شماله, ولكن عن يساره تحت قدمه) هذه هي السنة إذا كان المسجد غير مفروش, أما إذا كان مفروشاً فإنه يبصق في منديل ونحو ذلك,
(متأكد عند صلاة) من الأدلة على تأكده عند الصلاة: حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن أبيه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك) يشوص: بمعنى: يدلك، شاصه وماصه إذا دلكه, وهذا الحديث يدل على مشروعية السواك عند الصلاة سواء كانت فريضة أو كانت نافلة.
وورد في حديث ولكن تكلم العلماء في سنده في فضل السواك عند الصلاة وأنها أفضل من سبعين صلاة بدون سواك، ولكنه حديث ضعيف، وقال بعض العلماء: إنه يستحب عند الصلاة لمكان دنو الملك من قراءة القارئ للقرآن، حتى ورد في الخبر أنه يدني إلى فم القارئ لفضل قارئ القرآن، ولذلك قالوا: يستحب للإنسان أن يحرص على نظافة فمه بالسواك.
قال رحمه الله تعالى: [وانتباه]
أي: انتباه من النوم؛ لأن أم المؤمنين رضي الله عنها ذكرت أنها كانت تعد للنبي صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره, فيبعثه الله من الليل ما شاء, ولذلك كان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه إذا قام يشوص فاه بالسواك كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في الصحيحين: (كان إذا قام من الليل يشوص فاه) قال بعض العلماء: هذا يتضمن السواك على الوجهين: عند الصلاة؛ لأنه قائم من أجل الصلاة, وعند الانتباه من النوم لأنه لما انتبه من النوم؛ تغيرت رائحة فمه فشرع له أن يزيل تلك الرائحة بالسواك.
قال رحمه الله: [وتغير فم]
قالوا: حديث حذيفة دل على مشروعية السواك عند الانتباه من النوم, فيكون بلفظه دليلاً على السنية عند الانتباه من النوم، ويكون بمعناه دليلاً على أن السنة أن يستاك عند تغير رائحة الفم, فيكون الحديث فيه لفظ ومعنى.
أما لفظه: فيدل على سنية السواك في هذا الوقت.
وأما معناه: فهو العلة؛ لأنهم قالوا: ما فعل ذلك عند قيامه من النوم إلا لأن النوم يغير رائحة الفم, فيستنبط من ذلك أنه يشرع عند تغير رائحة الفم.
وتتغير رائحة الفم على أوجه: منها: الطعام وخاصة إذا كانت له زهومة, ومنها: أن تتغير رائحة الفم بنوم, أو تتغير بطول صمت, أو بجوع, أو بشدة ظمأ فكل ذلك يشرع فيه أن يستاك الإنسان, وكذلك إذا أكل الإنسان شيئاً له رائحة فيستحب له أن يزيلها بالسواك.
قال رحمه الله: [ويستاك عرضاً]
وفيه الحديث: (استاكوا عرضاً، وادهنوا غباً، واكتحلوا وتراً) وهو حديث ضعيف.
والاستياك عرضاً للعلماء فيه وجهان:
منهم من يقول: المراد بالعرض أن يأخذ من طرف فمه الأيمن إلى طرف فمه الأيسر, فيبدأ باليمين إلى اليسار, فيكون استياكه على عرض السن.
وقيل: العرض عرض الفم وذلك يكون بطول السن، أي: في ذلك وجهان: إما أن تقول: العرض عرض الفم فيكون الاستياك بطول الأسنان, وإما أن تقول: العرض عرض الأسنان فيكون الاستياك بطول الفم، فعرض الأسنان طول الفم وطول الأسنان عرض الفم, وهما وجهان في تفسير هذا الحديث.
فمنهم من يقول: (استاكوا عرضاً) أي: أنه يأخذ من طرف فمه الأيمن إلى طرف فمه الأيسر، على الصفة المشهورة، وقيل: (استاكوا عرضاً) أي: أن يأخذ كل سن على حده فيبدأ بشقه الأيمن؛ لأن المراد بأن يستاكوا عرضاً أن يبالغ في تنظيفها, فإذا أخذ كل سن على حدة، فيكون العرض هو عرض الفم لا عرض السن، فيستاك على طول السن الذي هو عرض الفم قالوا: إن هذا أبلغ في تطهير وتنظيف الأسنان وهو المقصود من السواك.
والصحيح: أن صفة السواك يشرع فيها فقط في السنية التيامن, أن يكون بالتيامن، أي: يبدأ بشقه اليمين، أما الصفة والطريقة التي يزيل بها فهذا موسع فيه, والإنسان فيه مخير، إن شاء أخذ بعرض الفم وطول الأسنان أو بطول الفم وعرض الأسنان، فالحال يختلف، وبناء على ذلك: ليس فيه سنة معينة غير البداءة بالشق الأيمن.
وقوله: [مبتدئاً بجانب فمه الأيمن]
لظاهر حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في كل شيء: في طهوره، وتنعله، وترجله وفي شأنه كله) ونص العلماء على أن السنة أن يبدأ بالشق الأيمن وينتهي بشقه الأيسر، ويكون السواك على هذه الصفة مسنوناً لما فيه من التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال رحمه الله: [ويدهن غباً].
الادهان يكون للشعر، ويشمل ذلك شعر الرأس وشعر اللحية، وهذا كما قلنا أورده المصنف لأن الحديث قال: (استاكوا عرضاً، وادهنوا غباً، واكتحلوا وتراً) ولذلك أدخل هذه الجزئية في باب السواك وراعى هذا تأدباً مع الحديث, وهذا منهج الفقهاء أنهم يذكرون الشيء بما قاربه تأسياً بآية أو حديث، فذكر أحكام الادهان.
والسنة أن الإنسان يدهن شعر رأسه وشعر لحيته إذا أمكنه ذلك, وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرجل شعره, والدليل على مشروعية ذلك: حديث أم المؤمنين وقولها: (وترجله ..) أي: ترجيله لشعره, ولذلك قالوا: يسن.
قال بعض العلماء: ترجيل الشعر أن يدهن الشعر ثم يسرحه, فالترجيل في مذهب بعض العلماء أن يجمع بين تسريح الشعر مع وجود الدهن.
وقال بعض العلماء: الترجيل هو مطلق التسريح بغض النظر عن كونه بدهن أو بدون دهن.
ومن سماحة الشريعة أنه يشرع للإنسان أن يضع الدهن في شعر رأسه ولحيته، وذلك على الوسط فلا يترك الشعر أشعث أغبر, ولا يبالغ في الادهان والتسريح، بل يكون وسطاً أما كونه لا يتركه شعثاً فحتى لا يتشبه بأهل الرهبنة وأهل البدع والأهواء الذين هم غلاة أهل الطرق والذين يبالغون في التزهد والتقشف، فلا يتشبه بهم.
وكذلك أيضاً لا يتشبه بمن يتأنث ويبالغ في تجميل نفسه, بل يكون وسطاً، وهذا هو القوام الذي جعل الله عز وجل شريعة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، بلا إجحاف ولا غلو، وهو العدل الذي أمر الله به في كتابه وجعله هدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن الأدلة على أنه لا يداوم على الترجيل: حديث النسائي : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة أن يمتشطوا كل يوم) ولذلك ينبغي للإنسان -إذا كان ولابد- أن يمتشط يوماً ويترك يوماً، وهذا أبلغ في الرجولة وأبلغ في الفحولة مع الاعتدال دون غلو ودون إسراف أو إجحاف، ولذلك يشرع تسريح الشعر وتسريح اللحية، ولكن ينبغي أن يكون التسريح على غير مشابهة لأهل الخنا والفجور, وإنما يكون على قصد القربة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في إكرام الشعر.
السنة أنه إذا ادهن أن يبدأ بشقه الأيمن, فيضع الزيت على لحيه الأيمن, وكذلك شق شعره الأيمن, ثم يبدأ بتسريح شعر رأسه ولحيته، وكذلك الحال بالنسبة لشقه الأيسر بعد أن يفرغ من شقه الأيمن.
(ويكتحل وتراً) لما تقدم في الحديث وقلنا: إنه ضعيف, والاكتحال أن يضع الكحل في العين, والكحل لا حرج فيه, وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر) والإثمد هو: الحجر الأسود، وهذا هو المحفوظ في لغة العرب, وفيه شاهد: خارجي من سواد الإثمد.
وكذلك نبه عليه غير واحد، ومنهم: الإمام ابن مفلح رحمة الله عليه في الآداب الشرعية أنه الحجر الأسود، وهو أقوى وأنفع وأبلغ في تنظيف العين وقوة البصر, ويليه الحجر إذا وضع معه شيء من الحديد بصفة يعرفها الأطباء.
وقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع من الحجر لما فيه من العلة التي ذكرها من أنه يجلو البصر وينبت الشعر، أي: يجلو بصر الإنسان فينظف العين ويجعل فيها حدة, وكذلك ينبت الشعر.
(فيكتحل وتراً) للعلماء في معناه وجهان: قال بعض العلماء: يبدأ بعينه اليمنى فيضع فيها المرود ثم ينتقل إلى اليسرى، ثم يرجع إلى اليمنى ثم يكحل اليسرى, ثم يرجع إلى اليمنى ثم يكحل اليسرى، وقال بعض العلماء: بل إنه يبدأ باليمنى حتى ينتهي من تثليثها، ثم ينتقل إلى اليسرى ويثلثها، والأمر واسع، فإن شاء فعل هذا، وإن شاء فعل هذا والناس متفاوتون, فقد يكون من المشقة على الإنسان أن يأخذ المرود باليمنى ثم يقلبه لليسرى، لكن يستحب الإيتار لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله وتر يحب الوتر) وقال بعض العلماء: إن في هذا الحديث استحباب الوتر مطلقاً, لعموم قوله: (إن الله وتر يحب الوتر)، أي: جنس الوتر بغض النظر عن كونه في عبادة أو شأن آخر.