شرح زاد المستقنع المقدمة [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، من أراد به خيراً فقهه في الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه والتابعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فالحمد لله الذي أكرمنا بأن تغبرت الخطا في طاعته ومحبته ومرضاته، وهنيئاً لطلاب العلم يوم خرجوا من البيوت إلى حَلْقة من حلق العلم، وروضة من رياض الجنة، أسأل الله العظيم أن يكتب لنا ولهم أجر الخطا، وأن يوجب لنا ولهم بها من لدنه الحب والرضا.

أيها الأحبة في الله: إن الله تعالى إذا أراد بالعبد خيراً شرح صدره للعلم، وشرح صدره لكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل ذلك الصدر والقلب بمثابة الحِواء والوعاء لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

إنها نعمة العلم التي شرح الله بها صدور العلماء، فرفع لهم بها القدر، وأعظم لهم البهاء، فعظم بها عند الله قدرهم، وانشرحت لها قلوبهم، وعظم في الدين بلاؤهم.

إن العلم نعمة من نعم الله عز وجل، جعلها الله تبارك وتعالى من مواريث النبوة، يوم يصبح الإنسان إماماً من أئمة المسلمين، يؤتمن على أحكام الشريعة والدين، يوم تتلهف القلوب وتشتاق الأسماع إلى معرفة حكم الله من حلال وحرام، وما يكون من الشريعة والأحكام، فيبينها ذلك اللسان الصادق، والعبد الموفق المحقق، فما أجلها من نعمة وما أعظمها من منّة، نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أهلها.

ولذلك أجمع العلماء على أنه لا ينشرح صدر عبد للعلم إلا أراد الله به خيراً، وقد شهد الله تعالى لأهل هذه النعمة العظيمة أنهم أهل الدرجات، وقرن درجاتهم بدرجات أهل الإيمان، الذي هو أعز شيء وأسمى شيء وأكمل شيء، وشهد الله تبارك وتعالى أن أهل العلم هم أهل خشيته، حتى قال الإمام أحمد رحمه الله: أصل العلم خشية الله.

إذا كانت نعمة العلم عظيمة، ومنة الله بها على العبد جليلة كريمة، فإنه ينبغي لكل طالب علم أن يقف قبل العلم وقفات يتدبر فيها ويتأمل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في حقوق هذا العلم، فقد أخبر الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن للعلم حقوقاً، ومن هذه الحقوق:

أولاً: الإخلاص:

فمن أعظم هذه الحقوق وأجلها: حق الإخلاص الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من فاته فقد فاته حق العلم كله، بل أخبر أن علمه حينها وبالٌ عليه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله، لينال به عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من تعلم العلم ليماري به السفهاء، وليجادل به العلماء، فليتبوأ مقعده من النار).

وأخبر صلوات الله وسلامه عليه أن أول خلق الله الذين تسعر بهم نار جهنم من أراد بعلمه غير وجه الله جل جلاله، ذلك القلب المفتون الذي اتجه إلى هذه الدنيا الفانية، فآثرها على الآخرة الباقية، فأصبح حظه من العلم أن ينال السمعة والرياء، فيقف بين يدي الله جل وعلا ليقول له: (عبدي! ألم تكن جاهلاً فعلمتك؟ قال: بلى، ألم تكن وضيعاً فرفعتك؟ قال: بلى، قال: فما عملت لي؟ قال: تعلمت فيك، وعلّمت من أجلك، فقال الله له: كذبت، وقالت الملائكة له: كذبت)، نعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم أن يجعلنا ذلك الرجل.

فما أعظمها من ساعة رهيبة لو وقف العبد أمام الأولين والآخرين، فقال الله على رءوسهم: كذبت، نعوذ بالله من ذلك المقام.

وما أشرف ذلك المقام لمن أخلص لوجه الله، فوقف في ذلك الموقف العظيم فقال: (تعلمت لوجهك، وعلمت من أجلك، فقال الله له: صدقت، وقالت الملائكة له: صدقت).

فحق العلم الأول: أن يخرج الطالب من بيته وليس في قلبه إلا الله، وأن يخرج إلى حلق العلم وهو يرجو ما عند الله، فإنك إن أردت وجه الله بارك الله لك في العلم، وحفظك الله بهذا العلم، ولا زال العلم يأخذ بيدك حتى يقودك إلى الجنة.

العلم الخالص لوجه الله قربة، والعلم الخالص لوجه الله يوجب من الله الرضا والمحبة.

فيا أيها الأحبة في الله: على طالب العلم ألا يخرج إلى حلق العلم إلا وهو يريد وجه الله والدار الآخرة، ليشتري رحمة الله بخطواته، ويشتري رحمة الله بمجالسه وإنصاته وكتابته، فتكتب في دواوينه تلك الحسنات، فرجله تمشي في طاعة الله، ويده تكتب في مرضاة الله، وعينه ترى كتب العلم في مرضاة الله، وسمعه يسمع ما أمر الله تعالى به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم في طاعة الله، وذهنه وقاد مشتغل بتلك الآيات الكريمات، وتلك الأحكام الجليلة العظيمة، وكل ذلك في طاعة الله ومرضاته، إذا أخلص لوجه الله جل جلاله.

فلا نخرج لطلب العلم إلا ونحن نريد ما عند الله عز وجل، ولذلك قال بعض العلماء: من تعلم العلم لغير الله مكر الله به، فينبغي لطالب العلم أن ينـزه قلبه من حظوظ الدنيا؛ فإن من طلب العلم للسمعة سمّع الله به، ومن طلبه للرياء راءى الله به، فعلى العبد أن يتقي ربه، وليحرص كل الحرص على الإخلاص، وهذا الحق كان العلماء كثيراً ما يذكرون به.

وقال بعض مشايخنا رحمة الله عليه: الإخلاص يُحتاج أن يذكر به طلاب العلم في كل مجلس من مجالس العلم، ولو أن كل مجلس من مجالس العلم استفتحه العالم بالكلام على الإخلاص لكان ذلك خليقاً به وليس بكثير.

فالإخلاص هو الفرق بين العبد المطيع الذي أراد وجه الله عز وجل والدار الآخرة، ومن أراد ما عند عباد الله من حظ السمعة والرياء.

ثانياً: التضحية والمجاهدة:

والوقفة الثانية أيها الأحبة في الله تعالى: أن هذا العلم يحتاج إلى تضحية وجهاد، ولا ينال إلا بالتعب والنصب، فلذلك ينبغي لطالب العلم أن يهيئ من نفسه الهمة الصادقة في طلب العلم؛ فإن في العلم سآمة ومللاً، وتضحية بالأوقات والأعمار، وتضحية بالمال والنفس، وبالجَهد والجُهد.

فإذا أخلص طالب العلم لله عز وجل، فليتبع إخلاصه بالصبر والتحمل، حتى يبلغ من هذا العلم أعلى المراتب، وكلما ضحى الإنسان نال أعالي الدرجات عند الله عز وجل، وانظر في سيرة السلف الصالح رحمة الله عليهم، وكيف أن الله فاضل بين علمائهم، فجعل لبعضهم من الدرجات ما لم يجعل لبعض، وصدق الله إذ يقول: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف:76].

فينبغي على الإنسان أن يجتهد وأن يجد في تحصيل هذا العلم، حتى قال بعض العلماء: (أعط العلم كلك يعطك بعضه) فكيف إذا أعطى الإنسان العلم بعضه؟!

فينبغي على الإنسان أن يجتهد في تحصيل هذا العلم، وأن يجد، وتكتحل عيناه بالسهر، وأن يضنى جسمه من التعب والنصب، لعلمه أن الله يسمعه ويراه، ولعلمه أن كل تعب ونصب يبذله فإن الله يحب ذلك التعب والنصب.

وإن أفضل ما أنفقت فيه الأعمار، وأفضل ما قضي فيه الليل والنهار طاعة الله جل وعلا بالعلم.

فهذا العلم الذي تقاد به الأمم، والذي تتبدد به دياجير الظلم، وتنشرح به الصدور، وتخرج به الأمة من الظلمات إلى النور، يحتاج صاحبه أن يجد ويجتهد، وكلما قرأت في سيرة السلف الصالح رحمة الله عليهم من العلماء العاملين الربانيين وجدت الهمة العالية والتعب والنصب من أبرز ما يكون في تراجمهم.

يتغرب أحدهم من أجل العلم، فتهون عليه الأموال والأولاد والأوطان، كل ذلك لكي يسمع حديثاً من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا سمعه رفع الله درجته وأعلى مقامه، وكل آية تسمعها وتتعلم حكمها وتفهمه وتعمل به، فإن الله يرفعك بها درجات، وكل حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلمته وعملت به وعلّمته يرفعك الله به درجات، فاستقل من ذلك الخير أو استكثر.

ثالثاً: الأخوة والرفقة:

والوقفة الثالثة التي ينبغي أن يتواصى بها طلاب العلم:

المحبة، والتعاون، والتكاتف، والتعاطف لبلوغ هذه الغاية الكريمة؛ إذ يحتاج الطالب دائماً إلى الأخ الصادق الذي يشد من أزره في طاعة الله جل وعلا، ويحتاج إلى من يذاكره العلم، ومن يعينه على تفهم المسائل والأحكام واستذكارها واستحضارها.

فينبغي على طالب العلم أن ينظر في إخوانه وخلانه، فمن وجده صادق العزيمة، تلوح من أعماله وأقواله أمارات الإخلاص فليقربه إليه، وليحبه في الله ولله، وليجتهد معه في بلوغ هذه الغاية الموجبة لرضى الله جل وعلا.

ولذلك قال الله عن نبيه موسى صلوات الله وسلامه عليه: وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا [طه:29-34].

فما أجلها من نعمة حين يقيض الله لك عبداً صالحاً، فإذا كنت على طاعة ثبتك، وإذا كنت على غيرها دعاك للإقلاع عنها.

فينبغي علينا أن نحرص على طلب الإخوة في طلب العلم، وكثير من طلاب العلم يضيعون هذا الأمر العظيم الذي يكمل به طالب العلم نقصه، فطالب العلم لا يستطيع أن يعيش وحده، ولا يمكن أن يحصل هذا العلم على أتم الوجوه وأكملها إلا بأخ صادق يعينه على استحضار المسائل، وكذلك على حل المشاكل، ومعرفة ما كان في حلق العلم، ويحاول الإنسان أن يتناقش معه مناقشة تدل على المودة والمحبة، ولذلك قالوا في العلم:

واعلم بأن العلم بالمذاكرة والدرس والفكرة والمناظرة

فيحتاج العلم إلى مذاكرته مع الأخ الصادق.

رابعاً: محبة العلماء:

والوصية الأخيرة في حقوق العلم التي أحب أن أوصي بها: أنه ينبغي على طالب العلم أن يكون حريصاً على محبة العلماء، فإن من مفاتيح العلم محبة العلماء، ومن فقد محبة العلماء والقرب منهم، فإنه قد حرم خيراً كثيراً من العلم، فحبهم قربة، والدنو منهم قربة، وكذلك اعتقاد فضلهم ونشر علمهم وفتاويهم قربة من الله جل وعلا، وكان السلف يوصون طالب العلم بالحرص على القرب من الشيخ وحفظ علمه، ونشر فتاواه، والدعاء له بظهر الغيب.

فينبغي على طالب العلم أن يحرص على هذه المرتبة التي تقربه من الله جل وعلا.

فحب العلماء الغالب فيه أن يكون خالصاً لوجه الله عز وجل، فمن أحبهم أحبهم لدين الله الذي في صدورهم، فقد جعلهم الله عز وجل أمناء على وحيه، هداة مهتدين إلى طاعته وسبيله ومرضاته، فحبهم طاعة وقربة، والجفوة التي بين طلاب العلم وبين العلماء لا تليق، ولذلك كانوا يثنون على كثيرٍ من السلف بحبهم للعلماء، وقل أن تجد عالماً نفع الله بعلمه إلا وجدته آية في حب عالمه، والقرب منه والاستفادة منه، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في ذلك الحظ الأوفر والمقام الأكبر رضوان الله عليهم، فقد كانوا أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم.

فقد قال سهيل حينما وصف النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: (والله ما كلمهم إلا أطرقت رءوسهم حتى يقضي حديثه، ولا تنخم نخامة إلا سقطت في كف أحدهم فدلك بها وجهه)، وهذا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام؛ ولا يليق بغيره كائناً من كان، فكان الصحابة أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما في كلام قريب من هذا الكلام: (إذا رأيت العالم بالسنة العامل بها، فإن النظر إليه عبادة وقربة)، فالعلماء حبهم والقرب منهم طاعة، وهم الأدلاء على الخير الأمناء على الطاعة والبر، وما رقت القلوب إلا بالقرب منهم، ولا أنس المستوحشون إلا بحبهم والدنو منهم.

فينبغي على من وفقه الله للخير أن يحرص على حب العلماء، وأئمة الإسلام أمواتهم وأحيائهم.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل لنا ولكم من ذلك أوفر حظ ونصيب.

أولاً: عدم الاستعجال في طلب العلم:

ينبغي على طالب العلم ألا يستعجل في طلب العلم، فبعض طلاب العلم يقول: لو استمرينا في قراءة متن على طريقة ما بالبسط والشرح فقد نمكث سنوات، ونحن نريد في أقرب فرصة أن ننتهي من هذا العلم، وهذا الكلام يعتبر من آفات العلم في هذا الزمان، فقد كان السلف الصالح رحمة الله عليهم يعتنون بطول الزمان في طلب العلم، فكلما طال زمان طالب العلم كلما أحبه الله، وهيأه لمرتبة عظيمة في الإسلام، وكلما استعجل طالب العلم فظهر للناس ظهر على قصور، وحب الانتهاء من العلم بداراً يدل على وجود الفتنة في قلب صاحبه، وأنه يحب الظهور للناس.

فينبغي على الإنسان أن لا يستعجل وأن يتريث، فقد تفقه علماء الإسلام على أئمة سنوات عظيمة؛ فقد تفقه عبد الله بن وهب -وهو إمام من أئمة الحديث والفقه- على يدي الإمام مالك رحمه الله تعالى أكثر من عشرين سنة، وكان سواده لا يفارق سواد الإمام مالك رحمة الله عليه.

وكانوا يلازمون العالم يسمعون ما يقول، ويعملون بما يأمر به، ثم لا يمكن أن يفوتهم مجلس من مجالس العلم، ولا يمكن أن تفوتهم فتوى، حتى إن بعض أئمة الإسلام -وهذا من الأمر العجيب الذي يدل على حرص السلف وطول الصحبة- كان الرجل منهم أو الصاحب للعالم يقول: حضرته عند بئر كذا، وقد سئل عن مسألة كذا وكذا في الطلاق أو البيع، فهذا يدل على أنهم كانوا يلازمون العلماء ملازمة تامة.

وذكر عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه لما قرئ عليه الموطأ فيما يقرب من عام قال: (كتاب ألفته في أكثر من عشرين سنة، تقرؤونه في عام! ما أقل ما تفقهون) أي: ما أقل ما يكون لكم من الفقه.

فإياك أن تقول في البداية: لا أستطيع أن أداوم على ذلك المجلس؛ لأن الزمان يطول، فالهدف أن تعمر الأوقات في طاعة الله، والشرف أن تتشرف الآذان بسماع كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

فلذلك لا ينبغي الاستعجال في تحصيل هذا العلم، وأنبه على هذا الأمر؛ لأن الحلق في العلم كثيرة، فيستعجل كثير من طلابها، وقد ينقطع عنها الناس بسبب الاستعجال في وصول أو بلوغ النهاية في العلم، فلا يزال الإنسان في طاعة ما صبر على طلبه.

فينبغي على طالب العلم الموفق أن يجعل نصب عينيه لحده حتى ينتهي من العلم.

وأذكر علماء أجلاء ومشايخ فضلاء كانوا مع علمهم وجلالة قدرهم يجلسون في مجالس بعض المشايخ كأنهم أطفال لا يفقهون شيئاً.

فطالب العلم الذي يريد مرضاة الله عز وجل يصبر، ويطول زمانه في طلب العلم وصحبة العلم.

ولذلك أقول: خيرٌ لنا أن نتقن هذا العلم المبارك، وأن نقرأ مسائله بتفصيل وبيان مع ضبط ولو طال الزمان، وذلك خير من أن يكون على سبيل العجالة، ونسأل الله العظيم أن يرزقنا الصبر، وأن يرزقنا التحمل لذلك.

ثانياً: تحضير الدروس:

ينبغي على طالب العلم أن يقرأ الدرس ولو مرة واحدة على الأقل، وأكمل ما يكون من التحضير الصورة التالية:

أن يقرأ المتن أو الباب الذي يريد أن يشرحه ثلاث مرات، ويقرأه مع إدمان نظر، ثم يأخذ أبسط الشروح وأخصرها، ويمر عليه مرة واحدة، ويحاول أن يكون عنده تصور ولو أبتداءً للذي قاله المصنف، ثم بعد ذلك يحضر في حلقة علم، ثم يرجع ويقرأه المرة والمرتين.

وفي الخاتمة أن يدون ما علق بذهنه كتابةً، فبعد أن يقرأ ثلاث مرات ويحضر الدرس ويعلق يقرأ الدرس مرة أخرى أو مرتين، وكلما أكثر كلما ضبط، ثم بعد ذلك يكتب شرحاً مختصراً من إملائه، ثم يرفع هذا الشرح ويستذكر به دائماً، وحبذا لو أنه بعد انتهائه من هذا الشرح المبسط يعرضه على عالم يستبين فيه صحة ما كتبه ودونه.

علم العقيدة والتوحيد

أيها الأحبة في الله! إن العلوم والفنون مختلفة، أجلها وأعظمها ما قرب إلى الله وزاد العبد معرفة بالله سبحانه وتعالى، ألا وهو علم العقيدة والتوحيد، فهو أشرف العلوم، وأنبلها وأسماها وأزكاها، وثغرة العقيدة أعلى الثغور مقاماً، وأعظمها قربة عند الله عز وجل، وأفضلها مراماً، فالإنسان إذا ضبط علوم العقيدة، وأتقن فنونها، فكفى الأمة شئونها، فإن بلاءه يعظم، وأجره يتم ويكمل.

والسبب في ذلك: أن من حفظ هذا العلم فقد حفظ للأمة أهم شيء في دينها، وهو علم الإيمان الذي من أجله خلق الله الخلق، ومن أجله أوجد الحياة والرزق، فعلم العقيدة أشرف العلوم وأجلها وأحبها إلى الله جل وعلا.

علم الحلال والحرام

ثم يلي علم العقيدة علم الأحكام الشرعية، وهو علم الحلال والحرام، الذي يستطيع العبد أن يعبد الله به على بصيرة، ويكون بذلك على نهج الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه المبين: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108].

فعلم الحلال والحرام علم مهم جداً، ذلك أن الله عز وجل أحل حلالاً وحرم حراماً، فإذا علم العبد حلال الله، وعلم حرام الله، أمكنه أن يطيع الله فيحل ما أحل، ويحرم ما حرم، فإذا لم يكن على علم بالحلال والحرام، فلا يؤمن منه أن يقع فيما حرم الله عليه، ولذلك قال بعض العلماء: (إن العبد قد يشيب عارضه، ولم تقبل له صلاة واحدة)، والسبب في ذلك:

إما أن يكون جاهلاً بأحكام الطهارة، فيصلي والنجاسة قد أصابته.

وإما أن يكون جاهلاً بأحكام الوضوء، فيصلي ووضوءه غير صحيح.

وإما أن يكون جاهلاً بأحكام الغسل، فيصلي وغسله غير معتبر فلا تصح له صلاة.

وقد يقوم في صلاته وعبادته بين يدي الله ربه، فيضيع للصلاة أركانها وشروطها وأحكامها، فيوجب ذلك حبوط عمله ورده -والعياذ بالله- عليه.

وكما أن العبادات من الصلاة والزكاة والصوم والحج تحتاج إلى فقه وعلم، فكذلك المعاملات؛ من البيع والإجارة والشركة والقراض والهبة وغيرها من المعاملات تحتاج إلى علم.

وقد يكون المرء كأحسن ما أنت راءٍ من استقامة، وحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنه يمسي ويصبح وقد أكل الربا -والعياذ بالله- لجهله بأحكام المعاملات.

فينبغي على المؤمن الموفق أن يعلم ما الذي أحل الله وما الذي حرم الله.

وأول ما يكون من الخير له أن يسلم له دينه، ويلقى الله يوم يلقاه وقد حفظ أعز شيء في دنياه، وهو دينه، فتلقى الله يوم تلقاه وقد أديت الصلاة على وجهها، وأديت الزكاة من حقها، وأديت الصيام والحج وسائر العبادات على وجهها، ثم تلقى الله ولا يسألك مسلم حقاً في معاملة؛ لأنك تعامل الناس على بصيرة ومعرفة وإلمام وعلم.

فأول ما يكون من الخير لمن فقه في دين الله وعلم الحلال والحرام أن يسلم له دينه، قال بعض العلماء: وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) فعلم الحلال والحرام يسلم به دين العبد.

ومما يكون له من الخير بعد ذلك أنه بعد علمه بالحلال والحرام يعظم نفعه للناس، فكم من أناس ينتظرون من يعلمهم أحكام صلاتهم، ومن يبين لهم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء، وهديه في الغسل، وهديه في الصلاة صلوات الله وسلامه عليه، وهديه في الصيام، وهديه في الحج، وسائر العبادات.

ألا تعلم أنك لو علّمت إنساناً وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فما أصابت قطرة ماء جسده من ذلك الوضوء إلا أجرت عليه.

ولو علمت إنساناً غسله من الجنابة فما غَسَّل واغتسل في ليل ولا نهار إلا أجرت على غسله.

ولا علمت إنساناً كيف يصلي كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يصوم كصيامه، وكيف يقوم كقيامه، وانتصبت له قدم بين يدي الله، فأدى ذلك على الوجه الذي علمته إلا كنت له شريكاً في ذلك الأجر، ولا علّم غيره تلك السنة ولا دعا إليها إلا كان في ميزان حسناتك من الأجور الشيء الكثير.

قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له أجره، وأجر من عمل به إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئ).

فعلم الحلال والحرام علم شريف، ومقام جليل منيف، يوم تصبح إماماً من أئمة المسلمين، فيأتيك الجاهل لكي تنقذه بإذن الله من جهله.

ويأتيك الرجل في جوف الليل، وقد قال لامرأته كلمة من الطلاق، ولا يدري أهي حلال فيبيت معها، أم هي حرام عليه فيتركها.

ويأتيك المرء وهو لا يدري أهذا المال حلالٌ له أم حرام عليه.

وتأتيك الناس من كل حدب وصوب، بقلوب مليئة بالشوق لكي تعلم حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في النوازل، وحلها ودفع ما يكون فيها من معضلات ومشاكل.

فعلم الحلال والحرام ثغر من ثغور الإسلام، ينتظر شباب المسلمين وشيبهم، وينتظر أولئك الأخيار الذين يحتسبون الأجر، ويريدون مرضاة الله عز وجل، أولئك الذين يشرون مرضاة الله بتعلم هذا العلم وكفايته، ولا زالت الأمة بحاجة، فكم من بدع انتشرت، وكم من مسائل أشكلت، وكم من معضلات نزلت لم تجد لها حلاً، وقل أن ترى عينك أو تسمع أذنك فقيهاً يضبط أحكامها، أو يحسن سد ثغورها.

فالله الله يا شباب الإسلام، والله الله يا أبناء الإسلام أن تحتسبوا في هذا الثغر العظيم، وأن يهيئ الإنسان نفسه لمعرفة هذا الباب العظيم.

ولا يقل الإنسان: من أنا حتى أكون فقيهاً من فقهاء الأمة، ومن أنا حتى أكون عالماً؟ فإن الله تعالى يقول في كتابه: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:54]، فالله له فضل وله منن، وما أخرج العبد من ظلمات المعاصي، ولا شرح صدره فقام بين يديه راكعاً ساجداً إلا وهو يريد به خيراً.

فإذا علم الله من قلبك حب هذا العلم، وأنك تريد أن تسد عن الأمة هذا الثغر العظيم وهو علم الحلال والحرام، وتبين لهم الشريعة والأحكام، فإن الله يوفقك، ولا يزال معك من الله ظهير ونصير ما دام همك أن تكفي المسلمين هذا الثغر العظيم، فاحتسب العلم عند الله.

ولو جلست في مجلس علم ولم تخرج منه إلا بحكم واحد شرعي، فليأتين عليك يوم تبلي بهذا الحكم بلاءً عظيماً.

فكم من المسائل حضرناها في مجالس العلماء، والله ما كنا ولا كان يخطر لنا على بال أننا في يوم من الأيام نحتاج إلى هذه المسألة، فوقعت نوازل ومشاكل ومعضلات حلت بتلك المسائل بفضل الله عز وجل، فاحتسب العلم عند الله.

وكل مجلس يجلسه الإنسان يتعلم فيه كيف يصلي، وكيف يزكي، وكيف يصوم فهو منتفع فيه بنفسه نافع لغيره.

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وأن يجعل هذا الفقه موجباً لحب الله ورضوان الله علينا وعليكم.

أيها الأحبة في الله! إن العلوم والفنون مختلفة، أجلها وأعظمها ما قرب إلى الله وزاد العبد معرفة بالله سبحانه وتعالى، ألا وهو علم العقيدة والتوحيد، فهو أشرف العلوم، وأنبلها وأسماها وأزكاها، وثغرة العقيدة أعلى الثغور مقاماً، وأعظمها قربة عند الله عز وجل، وأفضلها مراماً، فالإنسان إذا ضبط علوم العقيدة، وأتقن فنونها، فكفى الأمة شئونها، فإن بلاءه يعظم، وأجره يتم ويكمل.

والسبب في ذلك: أن من حفظ هذا العلم فقد حفظ للأمة أهم شيء في دينها، وهو علم الإيمان الذي من أجله خلق الله الخلق، ومن أجله أوجد الحياة والرزق، فعلم العقيدة أشرف العلوم وأجلها وأحبها إلى الله جل وعلا.

ثم يلي علم العقيدة علم الأحكام الشرعية، وهو علم الحلال والحرام، الذي يستطيع العبد أن يعبد الله به على بصيرة، ويكون بذلك على نهج الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه المبين: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108].

فعلم الحلال والحرام علم مهم جداً، ذلك أن الله عز وجل أحل حلالاً وحرم حراماً، فإذا علم العبد حلال الله، وعلم حرام الله، أمكنه أن يطيع الله فيحل ما أحل، ويحرم ما حرم، فإذا لم يكن على علم بالحلال والحرام، فلا يؤمن منه أن يقع فيما حرم الله عليه، ولذلك قال بعض العلماء: (إن العبد قد يشيب عارضه، ولم تقبل له صلاة واحدة)، والسبب في ذلك:

إما أن يكون جاهلاً بأحكام الطهارة، فيصلي والنجاسة قد أصابته.

وإما أن يكون جاهلاً بأحكام الوضوء، فيصلي ووضوءه غير صحيح.

وإما أن يكون جاهلاً بأحكام الغسل، فيصلي وغسله غير معتبر فلا تصح له صلاة.

وقد يقوم في صلاته وعبادته بين يدي الله ربه، فيضيع للصلاة أركانها وشروطها وأحكامها، فيوجب ذلك حبوط عمله ورده -والعياذ بالله- عليه.

وكما أن العبادات من الصلاة والزكاة والصوم والحج تحتاج إلى فقه وعلم، فكذلك المعاملات؛ من البيع والإجارة والشركة والقراض والهبة وغيرها من المعاملات تحتاج إلى علم.

وقد يكون المرء كأحسن ما أنت راءٍ من استقامة، وحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنه يمسي ويصبح وقد أكل الربا -والعياذ بالله- لجهله بأحكام المعاملات.

فينبغي على المؤمن الموفق أن يعلم ما الذي أحل الله وما الذي حرم الله.

وأول ما يكون من الخير له أن يسلم له دينه، ويلقى الله يوم يلقاه وقد حفظ أعز شيء في دنياه، وهو دينه، فتلقى الله يوم تلقاه وقد أديت الصلاة على وجهها، وأديت الزكاة من حقها، وأديت الصيام والحج وسائر العبادات على وجهها، ثم تلقى الله ولا يسألك مسلم حقاً في معاملة؛ لأنك تعامل الناس على بصيرة ومعرفة وإلمام وعلم.

فأول ما يكون من الخير لمن فقه في دين الله وعلم الحلال والحرام أن يسلم له دينه، قال بعض العلماء: وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) فعلم الحلال والحرام يسلم به دين العبد.

ومما يكون له من الخير بعد ذلك أنه بعد علمه بالحلال والحرام يعظم نفعه للناس، فكم من أناس ينتظرون من يعلمهم أحكام صلاتهم، ومن يبين لهم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء، وهديه في الغسل، وهديه في الصلاة صلوات الله وسلامه عليه، وهديه في الصيام، وهديه في الحج، وسائر العبادات.

ألا تعلم أنك لو علّمت إنساناً وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فما أصابت قطرة ماء جسده من ذلك الوضوء إلا أجرت عليه.

ولو علمت إنساناً غسله من الجنابة فما غَسَّل واغتسل في ليل ولا نهار إلا أجرت على غسله.

ولا علمت إنساناً كيف يصلي كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يصوم كصيامه، وكيف يقوم كقيامه، وانتصبت له قدم بين يدي الله، فأدى ذلك على الوجه الذي علمته إلا كنت له شريكاً في ذلك الأجر، ولا علّم غيره تلك السنة ولا دعا إليها إلا كان في ميزان حسناتك من الأجور الشيء الكثير.

قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له أجره، وأجر من عمل به إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئ).

فعلم الحلال والحرام علم شريف، ومقام جليل منيف، يوم تصبح إماماً من أئمة المسلمين، فيأتيك الجاهل لكي تنقذه بإذن الله من جهله.

ويأتيك الرجل في جوف الليل، وقد قال لامرأته كلمة من الطلاق، ولا يدري أهي حلال فيبيت معها، أم هي حرام عليه فيتركها.

ويأتيك المرء وهو لا يدري أهذا المال حلالٌ له أم حرام عليه.

وتأتيك الناس من كل حدب وصوب، بقلوب مليئة بالشوق لكي تعلم حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في النوازل، وحلها ودفع ما يكون فيها من معضلات ومشاكل.

فعلم الحلال والحرام ثغر من ثغور الإسلام، ينتظر شباب المسلمين وشيبهم، وينتظر أولئك الأخيار الذين يحتسبون الأجر، ويريدون مرضاة الله عز وجل، أولئك الذين يشرون مرضاة الله بتعلم هذا العلم وكفايته، ولا زالت الأمة بحاجة، فكم من بدع انتشرت، وكم من مسائل أشكلت، وكم من معضلات نزلت لم تجد لها حلاً، وقل أن ترى عينك أو تسمع أذنك فقيهاً يضبط أحكامها، أو يحسن سد ثغورها.

فالله الله يا شباب الإسلام، والله الله يا أبناء الإسلام أن تحتسبوا في هذا الثغر العظيم، وأن يهيئ الإنسان نفسه لمعرفة هذا الباب العظيم.

ولا يقل الإنسان: من أنا حتى أكون فقيهاً من فقهاء الأمة، ومن أنا حتى أكون عالماً؟ فإن الله تعالى يقول في كتابه: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:54]، فالله له فضل وله منن، وما أخرج العبد من ظلمات المعاصي، ولا شرح صدره فقام بين يديه راكعاً ساجداً إلا وهو يريد به خيراً.

فإذا علم الله من قلبك حب هذا العلم، وأنك تريد أن تسد عن الأمة هذا الثغر العظيم وهو علم الحلال والحرام، وتبين لهم الشريعة والأحكام، فإن الله يوفقك، ولا يزال معك من الله ظهير ونصير ما دام همك أن تكفي المسلمين هذا الثغر العظيم، فاحتسب العلم عند الله.

ولو جلست في مجلس علم ولم تخرج منه إلا بحكم واحد شرعي، فليأتين عليك يوم تبلي بهذا الحكم بلاءً عظيماً.

فكم من المسائل حضرناها في مجالس العلماء، والله ما كنا ولا كان يخطر لنا على بال أننا في يوم من الأيام نحتاج إلى هذه المسألة، فوقعت نوازل ومشاكل ومعضلات حلت بتلك المسائل بفضل الله عز وجل، فاحتسب العلم عند الله.

وكل مجلس يجلسه الإنسان يتعلم فيه كيف يصلي، وكيف يزكي، وكيف يصوم فهو منتفع فيه بنفسه نافع لغيره.

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وأن يجعل هذا الفقه موجباً لحب الله ورضوان الله علينا وعليكم.

كتاب (زاد المستقنع) يعتبر متناً من متون الفقه، ومن عادة أئمة الفقه أنهم إذا ألفوا في الفقه فإنهم يجعلون تآليفهم على مراتب:

المرتبة الأولى: مرتبة المتون.

المرتبة الثانية: مرتبة الشروح.

المرتبة الثالثة: مرتبة الحواشي.

وهذا الكتاب من المرتبة الأولى، فهو متن من متون الفقه، والمتن من عادة العالم أن يصوغ فيه فقه الدين بأقل عبارة ممكنة، سواءٌ أكان ذلك المتن من الشعر أم من النثر، ويحرص على أن يجعل الفقه بين يديك بأخصر وأقصر عبارة.

ولذلك يحتاج هذا الكتاب إلى أن نشرحه ونبين إجماله، ونفصل ما فيه من الأحكام، سائلين المولى جل وعلا أن يلهمنا التوفيق والسداد، وأن يجعل ما يكون من القول والعمل خالصاً لوجهه الكريم.

وهذا المتن متعلق بمذهب معين، وليس مقصودنا أن ندرس مذهباً معيناً، وإنما المقصود أن نعرف حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فسندرس هذا المتن بالدليل، ولذلك سنبين معنى عبارته، ثم بعد ذلك نذكر موقف العلماء من المسألة التي يذكرها المصنف هل هي إجماعية أو خلافية، وإذا كانت خلافية فهل القول الراجح ما اختاره، أو ما اختاره غيره.

ولذلك أفضل ما يكون في دراسة الفقه دراسته بالدليل؛ لأن الله تعبدنا بالدليل، فلابد للمسلم إذا قال: هذا حلال، أو: هذا حرام، أن تكون عنده الحجة والدليل، كما قال تعالى: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111]، وقال تعالى: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148]، فالعلم هو الدليل والحجة الواضحة.

فسنذكر إن شاء الله تعالى أحكام هذا المتن ومسائله ونبينها بدليلها، وإذا كانت مسائل خلافية فسأعتني بإذن الله ببيان أقوال العلماء وأدلتهم، والراجح من تلك الأقوال والأدلة.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع كتاب البيع [4] 3704 استماع
شرح زاد المستقنع باب الرجعة [1] 3620 استماع
شرح زاد المستقنع باب ما يختلف به عدد الطلاق 3441 استماع
شرح زاد المستقنع باب صلاة التطوع [3] 3374 استماع
شرح زاد المستقنع واجبات الصلاة 3339 استماع
شرح زاد المستقنع باب الإجارة [10] 3320 استماع
شرح زاد المستقنع باب التيمم [1] 3273 استماع
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2] 3228 استماع
شرح زاد المستقنع باب شروط القصاص 3186 استماع
شرح زاد المستقنع باب نفقة الأقارب والمماليك [6] 3169 استماع