عقبات في مسيرة الدعوة


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، رسم الطريق المستقيم لمن يأتي بعده من هذه الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وما ترك صلى الله عليه وسلم خيراً يعلمه إلا دل الأمة عليه وأمرها به, وما ترك صلى الله عليه وسلم شراً يعلمه إلا حذر الأمة منه ونهاها عنه, حتى تركها على المحجة البيضاء المشرقة، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك.

أما بعــد:

أيها الإخوة.. وأيتها الأخوات.. الإسلام فطرة مركوزة في ضمير كل إنسان، قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم:30], يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث عياض بن حمار المجاشعي، في صحيح مسلم: {قال الله تعالى: إني خلقت عبادي كلهم حنفاء -أي: مستقيمين في أصل الفطرة على التوحيد، مائلين عن الشرك- وإنهم أتتهم الشياطين فحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنـزل به سلطاناً}.

هذه الفطرة قد يعتريها -في كثير من الأحيان- ما يصرفها عن طريقها إلى طرق الغواية، ولكنها سرعان ما تستيقظ إذا سمعت داعي الله عز وجل, وتئن تحت هذا الركام ثم تثور وتتمرد؛ حتى تجد طريقها المستقيم الذي هداها الله تبارك وتعالى إليه.

حرص العدو على محاصرة الإسلام

وهذا يفسر لنا -أيها الإخوة- عدداً من الأمور؛ أولاً: ما نلاحظه من حرص أعداء الإسلام -في القديم والحديث- على ألا يصل صوت الإسلام إلى الناس, لأن صوت الحق مهما كان ضعيفاً فإنه يجد في داخل الإنسان تحركاً واستجابة.

ولذلك لما جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى مكة، كما في الصحيح؛ ما زال القرشيون يفتلونه في الذروة والغارب؛ حتى أقنعوه بأن يضع في أذنيه قطناً؛ لئلا يسمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم, فلما جاء إلى الكعبة ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ رجع على نفسه باللائمة وقال: لعمرك إنك رجل لبيب عاقل، فما يضيرك أن تسمع منه، فإن كان حقاً قبلته وإن كان باطلاً رددته. فسمع فأسلم.

وقد حكى لنا الله عز وجل عن أولئك القوم من الجن، الذين استمعوا إلى قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم، في واد بين مكة والطائف، لما رفضه أهل الطائف وردوا دعوته؛ خرج مهموماً محزوناً عليه الصلاة والسلام, حتى إذا كان ببطن نخلة جلس يصلي ويتلو القرآن, فصرف الله إليه نفراً من الجن من نصيبين، فماذا كانت النتيجة حين سمعوا هذا القرآن؟! قال تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا [الأحقاف:29].

هذا هو السر (أنصتوا) مَنْ أنصت وجد الهداية في قلبه, ولهذا قال الله عز وجل: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف:29] بمجرد أن سمعوا آيات محدودة معدودة من القرآن الكريم؛ رجعوا ليسوا مسلمين فقط، بل منذرين ودعاة إلى قومهم.

الاستجابة لدين الفطرة عند غير المسلمين

وهذا ما نجده اليوم في القوى التي تحارب الإسلام، فإنها تجند كافة طاقاتها وإمكانياتها للحيلولة بين الناس وبين سما ع صوت الدعاة إلى الله عز وجل، لأنهم يعرفون أن كثيراً من الناس إذا سمعوا بالقرآن والإسلام آمنوا, وهذا ما نلاحظه في هذه البلاد في هذه الأيام, ونحن نجد العمالة الوافدة من النصارى والبوذيين وغيرهم من كافة الأديان؛ يتقبلون الإسلام بصورة عجيبة, ويعلنون إسلامهم بالعشرات بل وبالمئات, وفي كل مكان.

ولكنني أشير إلى ما أعرفه في القصيم، أحياناً عقب محاضرة أو موعظة يأتي عشرون أو أكثر يعلنون إسلامهم, وهذا قد لا يكون غريباً بالنسبة للملحدين أو الوثنيين؛ لأنهم بلا دين.

لكنني أعتبره غريباً بعض الشيء بالنسبة للنصارى الذين هم على دين، ولديهم شبهات، وقد يكون عند بعضهم تعصب لدينهم, فهذا يفسر لنا أن الفطرة تستجيب لصوت الحق, وكذلك يفسره لنا هذا الأمر -وهو وجود الفطرة المركوزة المغروزة عند الإنسان- ما نلحظه اليوم من توجه كثير من الناس شيباً وشباناً ذكوراً وإناثاً إلى الإسلام.

دور الصحوة في نشر هذا الدين

هذه الظاهرة التي يعبر عنها بالصحوة الإسلامية، والتي أقضت مضاجع أعداء الإسلام, فانطلقوا مسعورين يكتبون عنها في صحفهم ووسائل إعلامهم، ويحذرون منها, ويقولون: انتبهوا إلى هذا الإسلام!! هذا العملاق النائم الذي إذا استيقظ فلن تقف في وجهه جيوش أوروبا ولا روسيا ولا غيرها..!!

هذه الصحوة الإسلامية، لست أقول كما يقول البعض: إنها بدون سبب وبلا مقدمات، كلا! فجهود العلماء والدعاة والموجهين، والجمعيات الإسلامية، والوسائل المختلفة، من الكتب والمجلات والأشرطة وغيرها, لا يمكن أن نتجاهل دورها.

لكن أعتقد -والله أعلم- أن حجم الصحوة الإسلامية أضخم مما يتوقع من تلك الوسائل, فالوسائل لها دورها لكن النتائج أعظم مما هو متوقع، ولا يمكن أن تفسر هذه الوسائل هذه الصحوة الإسلامية, لكن يفسرها لطف الله تبارك وتعالى بهذه الأمة, ولذلك يقال:

وإذا العناية لاحظتك عيونها      نم فالمخاوف كلهن أمانُ

إذا لم يكن عون من الله للفتى      فأول ما يجني عليه اجتهاده

فإذا لم يرد الله بالإنسان خيراً؛ فمهما بذل من الوسائل والأسباب فهي تكون عليه لا له, وفي طريق هذا التوجه للإسلام عقبات وعوائق كثيرة وكثيرة..!! وهذه العقبات قد تجعل بعض الناس يهم بالاستقامة ولكنه لا يقدم.

ومما لا شك فيه أن كثيراً من الواقعين في الانحراف بكافة صوره وأشكاله؛ في قلوبهم صوت يصيح بهم ويناديهم أن توبوا إلى الله عز وجل, وهذا الصوت هو مصدر إزعاج لهم وقلق, وقد ذكر بعض الشباب الذين كانوا يعيشون في أجواء منحرفة؛ أنه كان يحمل الطبل بيده أو العود في ساعة متأخرة من الليل، مع قرنائه الأشرار, وفي ضميره تأنيب وتقريع وشعور بالخطأ والذنب! ما استمر هذا الشعور فترة إلا وانتصر، فخرج هذا الشاب من الظلمات إلى النور, وهداه الله تبارك وتعالى.

وكثير من الشباب الذين يسافرون إلى الخارج، ويبحثون عن الرذيلة والمتعة الجنسية المحرمة, يذكر من تاب الله عليه منهم أن من أصحابهم من يجالس الفتاة المنحرفة في وقت, ثم يذهب بعده بلحظات إلى غرفة أخرى يئن ويبكي!!

فهذا الشعور قد يظل شعوراً مغلوباً في قلب الإنسان؛ بسبب عوائق وعقبات تحول دونه ودون الواقع, وقد يتحول إلى خطوات عملية؛ فيتجه هذا الإنسان إلى الخير، ويستقيم ويصلح، ويسير في هذا الطريق خطوات, وربما توجد عوائق وعقبات توقف هذه الخطوات أو تضعف من شأنها.

وفي هذه اللحظات القصيرة سوف أعرض لخمسة عوائق أو عقبات؛ لا أقول إنها كل العقبات، لكنها في نظري من أهم العقبات. وهي:

وهذا يفسر لنا -أيها الإخوة- عدداً من الأمور؛ أولاً: ما نلاحظه من حرص أعداء الإسلام -في القديم والحديث- على ألا يصل صوت الإسلام إلى الناس, لأن صوت الحق مهما كان ضعيفاً فإنه يجد في داخل الإنسان تحركاً واستجابة.

ولذلك لما جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى مكة، كما في الصحيح؛ ما زال القرشيون يفتلونه في الذروة والغارب؛ حتى أقنعوه بأن يضع في أذنيه قطناً؛ لئلا يسمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم, فلما جاء إلى الكعبة ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ رجع على نفسه باللائمة وقال: لعمرك إنك رجل لبيب عاقل، فما يضيرك أن تسمع منه، فإن كان حقاً قبلته وإن كان باطلاً رددته. فسمع فأسلم.

وقد حكى لنا الله عز وجل عن أولئك القوم من الجن، الذين استمعوا إلى قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم، في واد بين مكة والطائف، لما رفضه أهل الطائف وردوا دعوته؛ خرج مهموماً محزوناً عليه الصلاة والسلام, حتى إذا كان ببطن نخلة جلس يصلي ويتلو القرآن, فصرف الله إليه نفراً من الجن من نصيبين، فماذا كانت النتيجة حين سمعوا هذا القرآن؟! قال تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا [الأحقاف:29].

هذا هو السر (أنصتوا) مَنْ أنصت وجد الهداية في قلبه, ولهذا قال الله عز وجل: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف:29] بمجرد أن سمعوا آيات محدودة معدودة من القرآن الكريم؛ رجعوا ليسوا مسلمين فقط، بل منذرين ودعاة إلى قومهم.

وهذا ما نجده اليوم في القوى التي تحارب الإسلام، فإنها تجند كافة طاقاتها وإمكانياتها للحيلولة بين الناس وبين سما ع صوت الدعاة إلى الله عز وجل، لأنهم يعرفون أن كثيراً من الناس إذا سمعوا بالقرآن والإسلام آمنوا, وهذا ما نلاحظه في هذه البلاد في هذه الأيام, ونحن نجد العمالة الوافدة من النصارى والبوذيين وغيرهم من كافة الأديان؛ يتقبلون الإسلام بصورة عجيبة, ويعلنون إسلامهم بالعشرات بل وبالمئات, وفي كل مكان.

ولكنني أشير إلى ما أعرفه في القصيم، أحياناً عقب محاضرة أو موعظة يأتي عشرون أو أكثر يعلنون إسلامهم, وهذا قد لا يكون غريباً بالنسبة للملحدين أو الوثنيين؛ لأنهم بلا دين.

لكنني أعتبره غريباً بعض الشيء بالنسبة للنصارى الذين هم على دين، ولديهم شبهات، وقد يكون عند بعضهم تعصب لدينهم, فهذا يفسر لنا أن الفطرة تستجيب لصوت الحق, وكذلك يفسره لنا هذا الأمر -وهو وجود الفطرة المركوزة المغروزة عند الإنسان- ما نلحظه اليوم من توجه كثير من الناس شيباً وشباناً ذكوراً وإناثاً إلى الإسلام.

هذه الظاهرة التي يعبر عنها بالصحوة الإسلامية، والتي أقضت مضاجع أعداء الإسلام, فانطلقوا مسعورين يكتبون عنها في صحفهم ووسائل إعلامهم، ويحذرون منها, ويقولون: انتبهوا إلى هذا الإسلام!! هذا العملاق النائم الذي إذا استيقظ فلن تقف في وجهه جيوش أوروبا ولا روسيا ولا غيرها..!!

هذه الصحوة الإسلامية، لست أقول كما يقول البعض: إنها بدون سبب وبلا مقدمات، كلا! فجهود العلماء والدعاة والموجهين، والجمعيات الإسلامية، والوسائل المختلفة، من الكتب والمجلات والأشرطة وغيرها, لا يمكن أن نتجاهل دورها.

لكن أعتقد -والله أعلم- أن حجم الصحوة الإسلامية أضخم مما يتوقع من تلك الوسائل, فالوسائل لها دورها لكن النتائج أعظم مما هو متوقع، ولا يمكن أن تفسر هذه الوسائل هذه الصحوة الإسلامية, لكن يفسرها لطف الله تبارك وتعالى بهذه الأمة, ولذلك يقال:

وإذا العناية لاحظتك عيونها      نم فالمخاوف كلهن أمانُ

إذا لم يكن عون من الله للفتى      فأول ما يجني عليه اجتهاده

فإذا لم يرد الله بالإنسان خيراً؛ فمهما بذل من الوسائل والأسباب فهي تكون عليه لا له, وفي طريق هذا التوجه للإسلام عقبات وعوائق كثيرة وكثيرة..!! وهذه العقبات قد تجعل بعض الناس يهم بالاستقامة ولكنه لا يقدم.

ومما لا شك فيه أن كثيراً من الواقعين في الانحراف بكافة صوره وأشكاله؛ في قلوبهم صوت يصيح بهم ويناديهم أن توبوا إلى الله عز وجل, وهذا الصوت هو مصدر إزعاج لهم وقلق, وقد ذكر بعض الشباب الذين كانوا يعيشون في أجواء منحرفة؛ أنه كان يحمل الطبل بيده أو العود في ساعة متأخرة من الليل، مع قرنائه الأشرار, وفي ضميره تأنيب وتقريع وشعور بالخطأ والذنب! ما استمر هذا الشعور فترة إلا وانتصر، فخرج هذا الشاب من الظلمات إلى النور, وهداه الله تبارك وتعالى.

وكثير من الشباب الذين يسافرون إلى الخارج، ويبحثون عن الرذيلة والمتعة الجنسية المحرمة, يذكر من تاب الله عليه منهم أن من أصحابهم من يجالس الفتاة المنحرفة في وقت, ثم يذهب بعده بلحظات إلى غرفة أخرى يئن ويبكي!!

فهذا الشعور قد يظل شعوراً مغلوباً في قلب الإنسان؛ بسبب عوائق وعقبات تحول دونه ودون الواقع, وقد يتحول إلى خطوات عملية؛ فيتجه هذا الإنسان إلى الخير، ويستقيم ويصلح، ويسير في هذا الطريق خطوات, وربما توجد عوائق وعقبات توقف هذه الخطوات أو تضعف من شأنها.

وفي هذه اللحظات القصيرة سوف أعرض لخمسة عوائق أو عقبات؛ لا أقول إنها كل العقبات، لكنها في نظري من أهم العقبات. وهي:

وذلك أن نفوس كثير من الناس تحول دونهم ودون الاستقامة في بعض الأحيان, والله عز وجل قسم بين الناس أخلاقهم وطبائعهم كما قسم بينهم أرزاقهم.

تجد من الناس من هو مجبول على خصال الخير, من الكرم والرجولة والإخلاص والصدق والوضوح، وحب الإحسان للناس، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للأشج زعيم بني عبد القيس، قال له: {إن فيك خصلتين يحبهما الله عز وجل: الحلم والأناة.

قال: يا رسول الله! أخصلتان اكتسبتهما أم جبلت عليهما؟ قال: بل جبلت عليهما. قال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحبه الله ورسوله} والحديث حسنه الترمذي وغيره.

فأنت ترى أن مثل هذا الرجل مفطور على خصال طيبة, فعنده قابلية للخير, واستعداد نفسي له, وبالمقابل تجد آخرين جبلوا على ضد ذلك، من البخل أو الشح أو الجبن، أو حب الفخر أو حب الرياسة, ولذلك قال عليه الصلاة والسلام -أيضاً- في الحديث الثابت، لما فتح مكة قال: {من دخل دار أبي سفيان فهو آمن} وكان تعليل ذلك بأن أبا سفيان رجل يحب الفخر, كما قال العباس رضي الله عنه وأرضاه.

ولا شك أن الإسلام يهذب هذه الطباع، كما هذَّب أبا سفيان فأصبح المؤمن الباذل المجاهد, ولكننا نلحظ في واقع الناس تفاوتاً كبيراً, وعقبات سَبَبُها نفس الإنسان التي بين جنبيه, قد يهم الإنسان -مثلاً- بالإنفاق في سبيل الله, وبذل ما يملك في وجوه الخير، من مساعدة المحتاجين، أو دعم المجاهدين, أو القيام على المشاريع الخيرية أو سواها، فيحول دونه ودون هذا طبيعة البخل والشح الموجودة في نفسه، والتي تجعل يده تكف كلما همّ بالبذل والإنفاق, حتى كأنما هي مثقلة بقيود الحديد.

وقد يهم آخر بأن ينطلق لميدان الدعوة إلى الله عز وجل, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والتعليم والتعلم, فلا يكاد يبدأ بذلك حتى تخرج عنده طبيعة، وهي غلبة حب الراحة والكسل والخمول، فتقعده عن هذا المجال وتؤخره عنه.

وقد يوجد عند بعض الناس في طبيعته شيء من العجب والكبر والخيلاء وحب الفخر, فتجد هذا الإنسان لا ينشط إلا في المجالات التي يكون فيها فرصة للظهور والشهرة والبروز, فإذا قام بعمل من أعمال الخير، كقيام الليل -مثلاً- أو قراءة القرآن، أو الصلاة أو ما أشبه ذلك؛ بدأ هذا الشعور يحاول أن يجد مكانه في قلبه، إذا صلى فرآه أحد قالت له نفسه: لقد رآك فلان وسوف يحسن الظن بك، ويدري أنك إنسان صالح محافظ على العبادات, وإذا سمع أحد صوته وقراءته أو إنفاقه في سبيل الله؛ ثارت في نفسه مثل هذه المشاعر وربما تغلبت عليه!!

وبعض الناس قد يكون لديهم عقد نفسية، مشاكل نفسية؛ إما بسبب تأثير البيئة التي عاشوا فيها، أو بسبب ظروف معينة مروا بها، أو بسبب انحراف وقع فيه بعضهم لفترة معينة ثم خرج منه, فترك هذا الانحراف أثره في نفسه, فهذه العقد النفسية لا يكاد الإنسان يتخلص منها بسهولة, وتظل تشده إلى الوراء, وقد يصاب من وراء ذلك بأنواع من الوساوس والأفكار والهواجس، إذا هم بالتوجه إلى عمل الخير, فربما يؤثر عدم الإكثار من الطاعات للسلامة من ذلك.

هذه العوائق النفسية -أيها الإخوة- هي أول ما يواجه الإنسان, لأن بقية العوائق من خارج النفس, لكن هذا العائق من الداخل، ولذلك إذا استطاع الإنسان أن يتغلب على نفسه؛ فهو أقدر على أن يتغلب على العوائق الأخرى, وكثير من الإخوة -وخاصة الشباب ذكوراً وإناثاً- يشتكون من مثل هذه الأشياء, ولكن يبحثون عن الطريق, وكأني ببعض الإخوة والأخوات يتصورون أن الطريق سهل ومفروش بالورود, وأقول: إن أعظم معالجة ومجاهدة يتطلبها السير في طريق الإسلام هي:

مجاهدة النفس

مجاهدة النفس في إزالة هذه الأشياء والعقبات الموجودة فيها؛ فلا بد من المجاهدة المستمرة، بحيث يدافع الإنسان هذه الخواطر من نفسه, لأنه ما من إنسان إلا وفي نفسه شيء من هذه الخواطر تقل أو تكثر, وعلاجها أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً وعاشراً هو بالمجاهدة, ولذلك يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69].

هذا الشاب الذي يقول: كلما قمت بعمل صالح قال لي الشيطان: أنت مراء، أنت معجب بعملك، هذا العمل لن ينفعك بل سيضرك.. سيكون وبالاً عليك..!! ويقول: إني أشعر بالعجب في نفسي. كيف يتوقع أن يكون العلاج؟! وماذا يتصور؟!

لا شك أننا نؤمن إيماناً يقينياً بأن العلاج موجود لهذه الحالة ولكل حالة, ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: {ما أنـزل الله من داء إلا له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله} وهذا يشمل الأدواء النفسية والقلبية والبدنية وغيرها, فنقطع ونجزم بأن العلاج موجود, لكن لا بد أن تتعاطى العلاج.

وأول خطوة هي المجاهدة ودفع هذه الأشياء ما استطعت, وينبغي أن يحذر الشاب من ترك الأعمال الصالحة بحجة الخوف من الرياء, لأن هذا مدخل من مداخل الشيطان.

ذكر لي بعض الإخوة: أن أحد الشباب المقبلين على الخير، كان يتردد على المسجد ويصلي خلف الإمام قريباً منه باستمرار، ويتلو القرآن ويتنفل, قال: فافتقدته حيناً من الدهر, ثم وجدته يصلي في أواخر الصفوف، ولا يتنفل ولا يقرأ القرآن.

فسألته عن السبب في ذلك؟ فقال: إنني أحسست أنني حين أبكر إلى المسجد وأصلي، ويسمع الناس صوتي بقراءة القرآن؛ أحسست أني مراءٍ, والمرائي توعد بالويل, وعمله الذي يعمله وإن كان في الظاهر صالحاً إلا أنه فاسد. هكذا يقول هو.

ولذلك فإنني تركت هذه الأعمال؛ لأنجو من تبعتها وأسلم من الرياء.

وهذا منهج خطير لأن الشيطان يأتيك عند كل عمل صالح فيوقع في نفسك الرياء, والحل هو أن تعلم أن هذا باب من أبواب المجاهدة فتحه الله عليك, أن تجاهد في أشرف ميدان في القلب, في مدافعة الخواطر والواردات المنافية لإخلاص النية، وقصد الله تبارك وتعالى في عملك, وإذا علم الله منك الصدق في هذا؛ فأبشر أن الله قد وعدك في كتابه بأن يمنحك ما تريد حين قال: لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا فأول خطوة هي المجاهدة.

الثقة بالنفس وتنمية الخصال الحميدة

الخطوة الثانية: أن يعلم الإنسان أنه -وإن كانت فيه خصال ذميمة- إلا أن فيه خصالاً حميدة.

أعرف أحد الشباب عنده بعض المشاكل النفسية، من كثرة التردد وكثرة التذبذب, وضعف الهمة, وعدم الإقدام وعدم الثقة بالنفس؛ بحيث إذا أراد أن يعمل عملاً تحمل له بشكل كبير, وفي أثناء العمل يبذل جهداً مضاعفاً، ولذلك فإنه يرغب عن الأعمال الصالحة ويتركها لهذا السبب, لكن حين تنظر في الزاوية الأخرى تجد عند هذا الإنسان -لو باحثته وحادثته- تجد عنده خصالاً فُطِر عليها، هي في الذروة العليا من الجمال والقوة, تجده -مثلاً- يحب الصالحين -وهذه فضيلة كبرى- كان الإمام الشافعي على جلالة قدره يفاخر فيها ويقول:

أحب الصالحين ولست منهم      لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من بضاعته المعاصي      ولو كنا سواء في البضاعة

فهذا الإنسان تجده يحب الصالحين ويحب العلم, تجده يحب الإحسان إلى الناس, ويحب التصدق.

فعلى الإنسان أن ينمي الصفات الطيبة الموجودة في نفسه, لأن الصفة الطيبة إذا نمت وكبرت تغلبت على غيرها.

مجالسة الصالحين

الثالث: أن يبحث الإنسان -الشاب أو الفتاة- عن القرناء الصالحين الذين يتعلم منهم الخلق الفاضل, فإن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم, والإنسان يقتبس من زملائه الأخلاق، كما يقتبس منهم العلوم والمعارف والفوائد, والخلق يعدي كما هو معروف, فأنت إذا صاحبت قوماً صالحين سرعان ما تدب إليك أخلاقهم وطبائعهم.

والعكس بالعكس, فمن صاحب الطيبين اقتبس من فضائلهم وخصالهم؛ ما يزين به نفسه في الدنيا وفي الآخرة.

هذا ما يتعلق بالعقبة الأولى وهي العقبة النفسية.

مجاهدة النفس في إزالة هذه الأشياء والعقبات الموجودة فيها؛ فلا بد من المجاهدة المستمرة، بحيث يدافع الإنسان هذه الخواطر من نفسه, لأنه ما من إنسان إلا وفي نفسه شيء من هذه الخواطر تقل أو تكثر, وعلاجها أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً وعاشراً هو بالمجاهدة, ولذلك يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69].

هذا الشاب الذي يقول: كلما قمت بعمل صالح قال لي الشيطان: أنت مراء، أنت معجب بعملك، هذا العمل لن ينفعك بل سيضرك.. سيكون وبالاً عليك..!! ويقول: إني أشعر بالعجب في نفسي. كيف يتوقع أن يكون العلاج؟! وماذا يتصور؟!

لا شك أننا نؤمن إيماناً يقينياً بأن العلاج موجود لهذه الحالة ولكل حالة, ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: {ما أنـزل الله من داء إلا له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله} وهذا يشمل الأدواء النفسية والقلبية والبدنية وغيرها, فنقطع ونجزم بأن العلاج موجود, لكن لا بد أن تتعاطى العلاج.

وأول خطوة هي المجاهدة ودفع هذه الأشياء ما استطعت, وينبغي أن يحذر الشاب من ترك الأعمال الصالحة بحجة الخوف من الرياء, لأن هذا مدخل من مداخل الشيطان.

ذكر لي بعض الإخوة: أن أحد الشباب المقبلين على الخير، كان يتردد على المسجد ويصلي خلف الإمام قريباً منه باستمرار، ويتلو القرآن ويتنفل, قال: فافتقدته حيناً من الدهر, ثم وجدته يصلي في أواخر الصفوف، ولا يتنفل ولا يقرأ القرآن.

فسألته عن السبب في ذلك؟ فقال: إنني أحسست أنني حين أبكر إلى المسجد وأصلي، ويسمع الناس صوتي بقراءة القرآن؛ أحسست أني مراءٍ, والمرائي توعد بالويل, وعمله الذي يعمله وإن كان في الظاهر صالحاً إلا أنه فاسد. هكذا يقول هو.

ولذلك فإنني تركت هذه الأعمال؛ لأنجو من تبعتها وأسلم من الرياء.

وهذا منهج خطير لأن الشيطان يأتيك عند كل عمل صالح فيوقع في نفسك الرياء, والحل هو أن تعلم أن هذا باب من أبواب المجاهدة فتحه الله عليك, أن تجاهد في أشرف ميدان في القلب, في مدافعة الخواطر والواردات المنافية لإخلاص النية، وقصد الله تبارك وتعالى في عملك, وإذا علم الله منك الصدق في هذا؛ فأبشر أن الله قد وعدك في كتابه بأن يمنحك ما تريد حين قال: لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا فأول خطوة هي المجاهدة.

الخطوة الثانية: أن يعلم الإنسان أنه -وإن كانت فيه خصال ذميمة- إلا أن فيه خصالاً حميدة.

أعرف أحد الشباب عنده بعض المشاكل النفسية، من كثرة التردد وكثرة التذبذب, وضعف الهمة, وعدم الإقدام وعدم الثقة بالنفس؛ بحيث إذا أراد أن يعمل عملاً تحمل له بشكل كبير, وفي أثناء العمل يبذل جهداً مضاعفاً، ولذلك فإنه يرغب عن الأعمال الصالحة ويتركها لهذا السبب, لكن حين تنظر في الزاوية الأخرى تجد عند هذا الإنسان -لو باحثته وحادثته- تجد عنده خصالاً فُطِر عليها، هي في الذروة العليا من الجمال والقوة, تجده -مثلاً- يحب الصالحين -وهذه فضيلة كبرى- كان الإمام الشافعي على جلالة قدره يفاخر فيها ويقول:

أحب الصالحين ولست منهم      لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من بضاعته المعاصي      ولو كنا سواء في البضاعة

فهذا الإنسان تجده يحب الصالحين ويحب العلم, تجده يحب الإحسان إلى الناس, ويحب التصدق.

فعلى الإنسان أن ينمي الصفات الطيبة الموجودة في نفسه, لأن الصفة الطيبة إذا نمت وكبرت تغلبت على غيرها.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5007 استماع
حديث الهجرة 4966 استماع
تلك الرسل 4144 استماع
الصومال الجريح 4140 استماع
مصير المترفين 4078 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4043 استماع
وقفات مع سورة ق 3969 استماع
مقياس الربح والخسارة 3922 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3862 استماع
التخريج بواسطة المعجم المفهرس 3821 استماع