تفسير سورة الحج (1)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات في أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم واليومين بعده ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

وها نحن الليلة مع فاتحة سورة الحج المكية المدنية، وآياتها ثمان وسبعون آية، يقول القرطبي رحمه الله تعالى في هذه السورة: إنها من أعجز سور القرآن، نزلت سفراً وحضراً، سلماً وحرباً، مكياً ومدنياً، محكماً ومتشابهاً، فجمعت هذه الصفات كلها، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات الأربع ثم نتدارسها، وتلاوتها بعد بسم الله الرحمن الرحيم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ [الحج:1-4].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: يَا أَيُّهَا النَّاسُ [الحج:1]، هذا نداء الله خالقنا ورازقنا، وخالق كل شيء، ورب كل شيء وملكيه، ينادينا بعنوان عام يشمل الأبيض والأسود، والعربي والعجمي، والذكر والأنثى، والمؤمن والكافر، إذ كلهم أناس، فيناديهم فيقول جل ذكره: يَا أَيُّهَا النَّاسُ [الحج:1]، فنقول: لبيك اللهم لبيك، مر نفعل، وانه نترك، وبشر نستبشر، وحذر نحذر، وعلم نتعلم، فمن يقول هذا؟ إنه الحي، أما الميت فلا يسمع ولا يعرف، فالرحمن جل جلاله ينادي البشرية كلها بقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ [الحج:1]، ناداهم ليأمرهم بتقواه، وهذه هي علة النداء.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]، وربنا ليس إلا هو، فهل هناك من يشير إلى شجرة أو نخلة أو بهيمة أو إنسان أو جبل أو تل فيقول: هذا خالقي؟! لا أبداً، إذ لا يوجد تحت السماء من يستطيع أن يشير إلى كائن ويقول: هذا ربي الذي خلقني، إذ هذه كلها مخلوقات، اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]، واتقوه بمعنى: اتقوا عذابه وسخطه وغضبه وعدم رضاه؛ لأنكم ضعفة عجزة لا تقدرون على شيء، فكيف تتعرضون لغضبه، وإذا غضب عذب، وعذاب الله لا يطاق لا في الدنيا ولا في الآخرة.

عوامل تحصيل تقوى الله عز وجل

والسؤال هنا: بم نتقي عذابه؟ بالثياب الغليظة؟! بالحصون فندخل فيها؟! بالجيوش الجرارة فنلتف حولها فتمنعنا؟! والله الذي لا إله غيره! لا يتقى الله إلا بطاعته وطاعة رسوله فقط، ومن ألوى رأسه وعصى تعرض لغضب الله وعذابه، ومن أذعن وأسلم وأطاع وقاه الله عذابه ونجاه منه.

مرة أخرى: لا يتقى الله بالقبائل ولا بالرجال ولا بالأموال، ولا بالهروب لا في السماء ولا في الأرض، إذ ما يتقى عذاب الله إلا بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد علمتم فتح الله عليكم أن هذه الطاعة لله ورسوله تنتج نتيجة أو تثمر ثمرة عظيمة، ألا وهي تزكية النفس وتطييبها، فمن زكت نفسه وطابت وطهرت لا يغضب الله عليه ولا يعذبه، ومن خبثت نفسه وتدنست وما زكت ولا طابت ولا طهرت يغضب الجبار عليه فيعذبه ويخزيه، وقد عرف الأبناء هذا وأصبح آية من آيات الله في المشركين، وهذا حكم الله فيها إذ يقول: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، فهل هناك من يعقب على هذا الحكم الإلهي؟ قد حلف عليه بأيمان ما حلفها على شيء آخر فقال: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:1-8]، فهذه كلها سبعة أيمان، والذي حلف من أجله هو هذا الحكم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ [الشمس:9]، زكا نفسه، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10]، وليكن ابن من شاء أو أباً لمن شاء.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]، أي: اتقوا عذابه، لكن بم نتقي عذابه عز وجل؟ بطاعته وطاعة رسوله، وذلك بعد الإيمان بالله عز وجل، إذ أول ما نطيع الله هو في الإيمان به، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النساء:136]، فأول شيء هو الإيمان، وقد أمر الله به وفرضه، وجاء به رسول الله وأمر به، وبالتالي فطاعة الله ورسوله تشمل الإيمان بمعنى العقيدة والعمل الصالح، وتشمل الكفر والشرك والمعاصي المنهي عنها، والطاعة هي فعل المحبوب لله وترك المكروه، فهل تريد أن تطيع؟ افعل ما أحب الله فعله، وتجنب وابتعد عما كره الله فعله، فهل عرفتم معشر المستمعين! هذه الحقيقة؟

التعرف على محاب الله ومكارهه بطلب العلم الشرعي

يبقى أن يضاف إليها أن يقول الرجل: أنا ما عرفت ما يحب الله ولا ما يكره، فكيف إذاً أفعل المحبوب وأنا لا أعرفه؟ وكيف أترك المكروه وأنا لا أعلمه؟ فنقول له: تعلم، اسأل أهل العلم يعلموك، واذهب إلى فلان يعلمك ما يحب الله وما يكره، أما كونك لا تتعلم فإنك لا تفعل ولا تترك ما يجزيك شيئاً، بل ولا يغني عنك شيئاً، ومن هنا علمتم: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )، وهو حديث في الصحيحين، والمسلمة داخل فيه، إذ ما ذكر الرجال إلا والنساء معهم، وليس هناك حاجة إلى ذكرهن، ( طلب العلم فريضة )، علم ماذا؟ علم ما يحب الله تعالى، إذاً فكيف نفعل هذا لمحبوب؟ وكيف نقوله؟ وكيف نعتقده؟ ومعرفة ما يكره الله تعالى، فكيف نتركه ونتجنبه؟ إن هذا هو العلم، والطريق إلى ذلك: قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7].

والطريقة التي نرددها -والله شاهد- هي: أن على أهل القرية من القرى أو على أهل حي من أحياء المدن أن يعرفوا هذه الحقيقة، وذلك أن يتفرغوا لطلب العلم، وذلك ساعة في اليوم والليلة، إذ بدون هذا لا يظفرون بالعلم ولا يصبحون عالمين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، وهذه الساعة هي ساعة ما بين المغرب والعشاء، فإذا مالت الشمس إلى الغروب وبقي ربع ساعة لغروبها نتوضأ ونحمل أطفالنا -إن كان لنا أطفال- ونساءنا إلى بيت الله تعالى، فأي عيب في هذا؟ وأي نقص في هذا؟ وأي أذى في هذا؟ وما الذي يترتب على هذا؟ كونك تنظف نفسك من عملك الذي كنت فيه، وتأتي بأهلك إلى بيت ربك فيصلون المغرب كما صلينا، ويجلسون كجلوسنا هذا، ويجلس لهم عالم بالسنة، عالم بمحاب الله ومكارهه، وذلك كل ليلة آية وليلة حديثاً صحيحاً طول العام، فأسألكم بالله! هل يبقى جاهل؟ ما يبقى جاهل أبداً، إذ إنك طول العام في كل ليلة تسمع علماً وتحفظه، فكيف ستكون؟ مع أن المفروض أن هذا نظام حياتنا طول الحياة لا في العام فقط.

وقد قلت وكتبت: ها هم الغربيون الذين أصبحنا نجري وراءهم ونتمثل بحياتهم، إذا دقت الساعة السادسة وقف عملهم، وحملوا أطفالهم ونساءهم إلى دور السينما والمقاصف والمراقص والملاهي والملاعب إلى ربع الليل أو إلى نصف الليل، ونحن ما نستطيع إذا دقت الساعة السادسة أن نحمل أطفالنا وأنفسنا إلى بيوت الرب الطاهرة، وذلك لنتعلم العلم الواجب، ولنعرف كيف نحب الله وبما نحبه، وكيف نكره ما يكره الله وكيف نتركه؟ هل يمكن أن نستقيم على الجهل؟ والله ما ينتهي الخبث ولا الحسد ولا البغض ولا الرياء ولا النفاق ولا الكفر ولا الشرك ولا الباطل إلا على نور العلم، وقد عرف العدو هذا فصرفنا عن طلب العلم، وذلك لنبقى كما يعلم الله عز وجل.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]، بطاعته وطاعة رسوله، بالإيمان والعمل الصالح، بترك الشرك والكفر والمعاصي، فهل عرفتم بما نتقي الله يرحمكم الله؟

ثم قال تعالى: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ [الحج:1]، يعني: زلزلت الأرض، شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، وقال تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1]، المعهود والمعروف، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا [الزلزلة:2-6]، إلى أين؟ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:6-8].

وقال تعالى: إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ [الواقعة:1-3]، متى؟ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا [الواقعة:4-6]، وقال تعالى: الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1-2].

إذاً: يقول الله تعالى: اتقوا الله تعالى، لماذا؟ علل لنا يا رب؟ لأن من لم يتق ربه يعذبه بعذاب النار، ومتى يقع هذا العذاب؟ إذا زلزلت الأرض، إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، والمراد بالساعة: القيامة، ساعة نهاية هذه الحياة، والآن نحن نعيش ساعات لابد وأن تنتهي هذه الحياة بساعة معينة، وهذه الساعة لا يعلمها إلا الله تعالى، وقد ثقل أمرها في السماء والأرض، فلا يعرفها ملك مقرب ولا نبي مرسل، إذ قد أخفى الله قيام الساعة على الخليقة كلها من الملائكة والإنس والجن.

إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، شيء عظيم فكيف نصفه؟ وكيف نعرفه؟ إنه أمر لا يطاق، ويكفي فيه ما ذكره الله تعالى بعد هذه الآية.

والسؤال هنا: بم نتقي عذابه؟ بالثياب الغليظة؟! بالحصون فندخل فيها؟! بالجيوش الجرارة فنلتف حولها فتمنعنا؟! والله الذي لا إله غيره! لا يتقى الله إلا بطاعته وطاعة رسوله فقط، ومن ألوى رأسه وعصى تعرض لغضب الله وعذابه، ومن أذعن وأسلم وأطاع وقاه الله عذابه ونجاه منه.

مرة أخرى: لا يتقى الله بالقبائل ولا بالرجال ولا بالأموال، ولا بالهروب لا في السماء ولا في الأرض، إذ ما يتقى عذاب الله إلا بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد علمتم فتح الله عليكم أن هذه الطاعة لله ورسوله تنتج نتيجة أو تثمر ثمرة عظيمة، ألا وهي تزكية النفس وتطييبها، فمن زكت نفسه وطابت وطهرت لا يغضب الله عليه ولا يعذبه، ومن خبثت نفسه وتدنست وما زكت ولا طابت ولا طهرت يغضب الجبار عليه فيعذبه ويخزيه، وقد عرف الأبناء هذا وأصبح آية من آيات الله في المشركين، وهذا حكم الله فيها إذ يقول: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، فهل هناك من يعقب على هذا الحكم الإلهي؟ قد حلف عليه بأيمان ما حلفها على شيء آخر فقال: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:1-8]، فهذه كلها سبعة أيمان، والذي حلف من أجله هو هذا الحكم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ [الشمس:9]، زكا نفسه، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10]، وليكن ابن من شاء أو أباً لمن شاء.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]، أي: اتقوا عذابه، لكن بم نتقي عذابه عز وجل؟ بطاعته وطاعة رسوله، وذلك بعد الإيمان بالله عز وجل، إذ أول ما نطيع الله هو في الإيمان به، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النساء:136]، فأول شيء هو الإيمان، وقد أمر الله به وفرضه، وجاء به رسول الله وأمر به، وبالتالي فطاعة الله ورسوله تشمل الإيمان بمعنى العقيدة والعمل الصالح، وتشمل الكفر والشرك والمعاصي المنهي عنها، والطاعة هي فعل المحبوب لله وترك المكروه، فهل تريد أن تطيع؟ افعل ما أحب الله فعله، وتجنب وابتعد عما كره الله فعله، فهل عرفتم معشر المستمعين! هذه الحقيقة؟

يبقى أن يضاف إليها أن يقول الرجل: أنا ما عرفت ما يحب الله ولا ما يكره، فكيف إذاً أفعل المحبوب وأنا لا أعرفه؟ وكيف أترك المكروه وأنا لا أعلمه؟ فنقول له: تعلم، اسأل أهل العلم يعلموك، واذهب إلى فلان يعلمك ما يحب الله وما يكره، أما كونك لا تتعلم فإنك لا تفعل ولا تترك ما يجزيك شيئاً، بل ولا يغني عنك شيئاً، ومن هنا علمتم: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )، وهو حديث في الصحيحين، والمسلمة داخل فيه، إذ ما ذكر الرجال إلا والنساء معهم، وليس هناك حاجة إلى ذكرهن، ( طلب العلم فريضة )، علم ماذا؟ علم ما يحب الله تعالى، إذاً فكيف نفعل هذا لمحبوب؟ وكيف نقوله؟ وكيف نعتقده؟ ومعرفة ما يكره الله تعالى، فكيف نتركه ونتجنبه؟ إن هذا هو العلم، والطريق إلى ذلك: قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7].

والطريقة التي نرددها -والله شاهد- هي: أن على أهل القرية من القرى أو على أهل حي من أحياء المدن أن يعرفوا هذه الحقيقة، وذلك أن يتفرغوا لطلب العلم، وذلك ساعة في اليوم والليلة، إذ بدون هذا لا يظفرون بالعلم ولا يصبحون عالمين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، وهذه الساعة هي ساعة ما بين المغرب والعشاء، فإذا مالت الشمس إلى الغروب وبقي ربع ساعة لغروبها نتوضأ ونحمل أطفالنا -إن كان لنا أطفال- ونساءنا إلى بيت الله تعالى، فأي عيب في هذا؟ وأي نقص في هذا؟ وأي أذى في هذا؟ وما الذي يترتب على هذا؟ كونك تنظف نفسك من عملك الذي كنت فيه، وتأتي بأهلك إلى بيت ربك فيصلون المغرب كما صلينا، ويجلسون كجلوسنا هذا، ويجلس لهم عالم بالسنة، عالم بمحاب الله ومكارهه، وذلك كل ليلة آية وليلة حديثاً صحيحاً طول العام، فأسألكم بالله! هل يبقى جاهل؟ ما يبقى جاهل أبداً، إذ إنك طول العام في كل ليلة تسمع علماً وتحفظه، فكيف ستكون؟ مع أن المفروض أن هذا نظام حياتنا طول الحياة لا في العام فقط.

وقد قلت وكتبت: ها هم الغربيون الذين أصبحنا نجري وراءهم ونتمثل بحياتهم، إذا دقت الساعة السادسة وقف عملهم، وحملوا أطفالهم ونساءهم إلى دور السينما والمقاصف والمراقص والملاهي والملاعب إلى ربع الليل أو إلى نصف الليل، ونحن ما نستطيع إذا دقت الساعة السادسة أن نحمل أطفالنا وأنفسنا إلى بيوت الرب الطاهرة، وذلك لنتعلم العلم الواجب، ولنعرف كيف نحب الله وبما نحبه، وكيف نكره ما يكره الله وكيف نتركه؟ هل يمكن أن نستقيم على الجهل؟ والله ما ينتهي الخبث ولا الحسد ولا البغض ولا الرياء ولا النفاق ولا الكفر ولا الشرك ولا الباطل إلا على نور العلم، وقد عرف العدو هذا فصرفنا عن طلب العلم، وذلك لنبقى كما يعلم الله عز وجل.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]، بطاعته وطاعة رسوله، بالإيمان والعمل الصالح، بترك الشرك والكفر والمعاصي، فهل عرفتم بما نتقي الله يرحمكم الله؟

ثم قال تعالى: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ [الحج:1]، يعني: زلزلت الأرض، شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، وقال تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1]، المعهود والمعروف، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا [الزلزلة:2-6]، إلى أين؟ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:6-8].

وقال تعالى: إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ [الواقعة:1-3]، متى؟ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا [الواقعة:4-6]، وقال تعالى: الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1-2].

إذاً: يقول الله تعالى: اتقوا الله تعالى، لماذا؟ علل لنا يا رب؟ لأن من لم يتق ربه يعذبه بعذاب النار، ومتى يقع هذا العذاب؟ إذا زلزلت الأرض، إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، والمراد بالساعة: القيامة، ساعة نهاية هذه الحياة، والآن نحن نعيش ساعات لابد وأن تنتهي هذه الحياة بساعة معينة، وهذه الساعة لا يعلمها إلا الله تعالى، وقد ثقل أمرها في السماء والأرض، فلا يعرفها ملك مقرب ولا نبي مرسل، إذ قد أخفى الله قيام الساعة على الخليقة كلها من الملائكة والإنس والجن.

إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، شيء عظيم فكيف نصفه؟ وكيف نعرفه؟ إنه أمر لا يطاق، ويكفي فيه ما ذكره الله تعالى بعد هذه الآية.

قال تعالى: يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2].

يَوْمَ تَرَوْنَهَا [الحج:2]، أي ترون الساعة، وتسمعون زلزال الأرض وهي تهتز بكم، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ [الحج:2]، والذهول عن الشيء أن يصبح لا يراه ولا يعرفه ولا يحس به ولا يشعر به، فالمرضعة تذهل عن طفلها فلا تدري به ولا تلتفت إليه، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا [الحج:2]، فأيما امرأة أو حيوان حامل فإنه من شدة الهول يطرح حمله، فهذا هو العذاب الذي ينبغي أن تقيه بشيء بسيط، ألا وهو أن نؤمن ونتقي الله تعالى، وذلك بأن نعمل الصالحات فتطيب أرواحنا وتهذب أخلاقنا وتقوى أجسامنا، إذ طاعة الله كلها والله في صالح الجسد أيضاً، ولكن الشياطين هي التي حرمت الناس من هذا.

يَوْمَ تَرَوْنَهَا [الحج:2]، أي: بأعينكم، تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ [الحج:2]، وقد حدث مرة في دمشق أيام عبد الناصر إعلان عن حرب، يقول واحد: والله إن امرأة تركت طفلها يتخبط في الأرض وذهبت هاربة من شدة الهول، وصدق الله العظيم إذ يقول: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا [الحج:2]، أي: يخرج من بطنها، وهذه معروفة الآن، فالمرأة إذا أفزعت أو خوفت تلقي ما في بطنها، وهو شيء معهود عند البشرية.

ثانياً: وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى [الحج:2]، أي: وترى أنت يا من يشهد هذا اليوم، والله نسأل ألا نحضره، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى [الحج:2]، أي: فاقدي عقولهم وأذهانهم، بل وكل شيء، والسكارى: جمع سكران، والسكران: ذاك الذي يشرب الخمر أو ما هو محرم فيفقد عقله فيصبح يهرف بما لا يعرف، ويأخذ ويعطي وهو لا يدري، ومن هنا حرم الله الخمر ومشتقاتها وما يقوم مقامها من الكوكايين والأفيون وما إلى ذلك؛ لأنها تفسد العقل، فتجعل العاقل فاقداً لعقله، ومعروف أن نعمة العقل أكبر نعمة على الإنسان، فهي أعظم من سمعه وبصره ولسانه ويديه ورجليه، إذ إن فاقد العقل مجنون، ولذلك كل مسكر للإنسان مفسد لعقله فهو حرام، والعرب يعرفون معنى السكر والسكارى.

وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى [الحج:2]، ما شربوا خمراً ولا أفيوناً، ولكنه الفزع والخوف والهلع والزلزال وتفتت الحياة وتبخرها، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]، أي: ما هم بسكارى ولكن العذاب الشديد جعلهم كالسكارى، بل أشد من السكارى، فهم تائهون هنا وهناك، فهذا يدخل وهذا يخرج، وهذا يهبط وهذا يطلع، والكل لا يدري ماذا يفعل؟! وقد حدث مرة في الحرب العالمية الثانية بالديار الجزائرية بالعاصمة، أنه جاءت طائرة ألمانية وألقت صاروخاً فاهتزت له البلاد، ووالله لكأن القيامة قد قامت، فهذا طالع للبيت وهذا هابط، وهذا آت وهذا راجع، ولا يدرون أين يذهبون؟! وصدق الله العظيم إذ يقول: وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]، والله نسأل أن يقينا مثل هذه الأيام، وأن يحفظنا منها، فهل عرفتم أيها المؤمنون! السر في الأمر بتقوى الله تعالى؟

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]، قولوا: لماذا؟ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2]، أي: لا يطاق، وهذا الذي يحدث عند قيام الساعة يحدث نظيره بعد النفخة الثانية والناس في عرصات القيامة، أي: هذا الهول الذي سمعناه في الدنيا عند قيام الساعة، والله ليحدث نظيره عندما ينفخ إسرافيل في الصور ونقوم من قبورنا وجئنا كما خلقنا الله تعالى، واسمعوا إلى رسول الله وهو يقول كما روى الترمذي صاحب السنن وصححه عن عمران بن الحصين رضي الله عنه: ( أنه لما نزلت: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1]، إلى قوله: وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]، أنزلت عليه في سفر وهو في غزوة من الغزوات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما في ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذاك يوم يقول الله تعالى لآدم: ابعث بعث النار، فيقول آدم: وما بعث النار؟ قال: تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة )، فهذا اليوم، أي: يوم أن تقوم الساعة، كذاك اليوم في هوله وشدته، قال: ( فأنشأ المسلمون يبكون )، أي: لما بلغهم أن الرسول قال هذا الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قاربوا وسددوا )، أي: قاربوا الوصول إلى الجنة بالإيمان، وسددوا العمل، ولا تكربوا ولا تحزنوا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإنه لم تكن نبوة قط إلا كان -من يتبعها- بين يديها جاهلية )، أي: لا تكربوا ولا تحزنوا، إنه ما كانت نبوة من النبوات إلا وبين يديها جاهلية، فالصالحون واحد في المائة أو واحد في الألف، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فيؤخذ العدد -تسعمائة وتسعة وتسعون- من الجاهلية، فإن تمت وإلا أخذت من المنافقين، وما مثلكم -أي: أنتم أيها المؤمنون المحمديون- والأمم إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير )، أي: نسبتكم إلى الأمم الأخرى كالنقطة، وفي حديث: ( كشعرة بيضاء في ثور أسود )، ثم قال عليه السلام: ( وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، فكبروا، قال: لا أدري -الراوي- قال: الثلثين أم لا؟ )، بمعنى: أن القرآن حمال الوجوه، فهذه الآية عرْض في الدنيا وعرض في الآخرة، ويقع هذا وذاك في وقته المعين له.

فهذا هو معنى قوله تعالى: وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2].

قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ [الحج:3].

وَمِنَ النَّاسِ [الحج:3]، والعياذ بالله، اللهم لا تجعلنا منهم، وَمِنَ النَّاسِ [الحج:3]، أي: المطالبون بالإيمان والعمل الصالح، المطالبون بتطهير نفوسهم لدخول الجنة، مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الحج:3]، والعياذ بالله، فبدلاً أن يؤمن ويطيع يجادل في الله وينسب إلى الله أشياء باطلة، ويقول المنكر والعياذ بالله، وهذه الآية قد نزلت في النضر بن الحارث، وقد سبق أن علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند الصفا فجاءه بعظم وفتته وقال: أتزعم يا محمد! أن ربك يحيي هذا؟! ونزل فيه أيضاً: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس:78]، والجواب: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ [يس:79-80]، فهذا الطاغية وأمثاله في الدنيا كثير.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الحج:3]، فلا يحل لمؤمن ولا مؤمنة ولا إنسان ولا جان أن يتكلم عن الله بدون علم، وهذه قاعدة عامة، فحرام أن تقول عن الله في صفة من صفاته، أو في ذاته سبحانه وتعالى، حكماً وأنت لا تدري، بل لا تقول عن الله إلا ما علمت من طريق كتباه وطريق رسوله صلى الله عليه وسلم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ [الحج:3]، ممسوخ لا خير فيه بالمرة.