2 / الهادي [1]
ورد مقيدا في قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الحج / 54) و قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) (الفرقان /31) ، ولم يرد دليل في الكتاب والسنة يدل على أن اسم (الهادي) من الأسماء المطلقة، وإنما ورد مقيدا، لان هدايته تعالى خاصة بالمؤمنين، ولا يهدي سبحانه وتعالى القوم الظالمين، الفاسقين، الكافرين.
قال تعالى: {والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} : فالهداية هنا بمعنى الدلالة، والتوفيق؛ فهي شاملة للنوعين؛ وقوله تعالى: {من يشاء} يعني ممن يستحق الهداية؛ لأن كل شيء علق بمشيئة الله فإنه تابع لحكمته؛ فهو سبحانه وتعالى يهدي من يشاء إذا كان أهلاً للهداية؛ وهو أعلم حيث يجعل هدايته. والله لا يمنع فضله عن أحد إلا إذا كان هذا الممنوع هو السبب؛ قال تعالى: {والله لا يهدي القوم الظالمين} [البقرة /258] ؛ فلظلمهم لم يهدهم الله.
أمَّا الذين صدَّقوا بالله تعالى اعتقادًا وقولا وعملا واستمسكوا بالنور الذي أُنزل إليهم، فسيدخلهم الجنة رحمة منه وفضلا ويوفقهم إلى سلوك الطريق المستقيم المفضي إلى روضات الجنات. قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) (النساء /175) .
فالهداية من الله تعالى؛ خاصة للمؤمنين، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} (الفرقان /31) ، وقوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} (الكهف / 17) ، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} (البقرة / 120) .
أما الظلمة فقد قال الله تعالى فيهم: (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (آل عمران /86) ، وقوله سبحانه: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الأعراف /186) .
3 / الصادق
ورد مقيدا في قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) (الأنعام /146) . قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي في تفسيره، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} في كل ما نقول ونفعل ونحكم به، ومن أصدق من الله حديثا، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
أما قوله سبحانه وتعالى: (وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) (الحجر/64) ، وقوله تعالى: {وإنا لصادقون} أي الملائكة المرسلة الى قوم لوط عليه السلام. قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي في تفسيره، (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) : {قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ} أي جئناك بعذابهم الذي كانوا يشكون فيه ويكذبونك حين تعدهم به {وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ} الذي ليس بالهزل {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} فيما قلنا لك.
(1) قلت: لقد استبعدت اسم (الهادي) من الاحصاء، بعد سماعي لمحاضرة الاستاذ الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني رعاه الله تعالى، وكان عنوانها شرح كتاب سهل / الحلقة الخامسة، على قناة البصيرة الفضائية، اعان الله تعالى القائمين عليها بمواصلة الدعوة الى الله تعالى. وللأمانة العلمية حاولت تلخيص ما ذكره فضيلة الدكتور، والنص اعلاه ليس كلامه وانما ملخص ما ذكر وبتصرف، أسأل الله تعالى ان اكون قد وفقت لذلك. فاقتضى التنبيه.