وقد يخطر للبعض أن يقول إن الاسم (الغفور الرحيم) تناسب هذا الموضع الذي ذكره رب العالمين، وهو خاطر مقبول، ولكنه لن يكون أكثر بلاغة من ... (الغفور الحليم) ، لأن المغفرة عندما تكون في إطار الرحمة، تأتي لتلك الذنوب التي يرتكبها الإنسان في خضمّ علاقته بنفسه والآخرين، ولكن الاعتداء في آيتنا هذه كان على جلال الله تعالى وعلى عظمته، ولذلك كان من حقه أن يغضب من هذه الجرأة عليه، ولكنه لم يغضب، بل غفر وسامح لأن من أسمائه (الحليم) .
أ - (العليم الحكيم)
قال تعالى
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} البقرة: 31، 32 ... ليس للملائكة علم سوى ذلك الذي يلقيه إليهم ربُّ العالمين، وعندما علّم، سبحانه، آدم - عليه السلام - دون الملائكة سألهم عن تلك الأسماء فأنكروا أن يكون لهم علم سوى ما علّمهم إياه رب العزّة والجلال.
ولأن العلم كله بيد الله، ليس للمخلوقات أن تتوفر على شيء منه إلا بإرادته وإذنه كان من أسمائه (العليم) ، ولكن العلم يحتاج إلى اسم آخر يناسبه، ويجعله علماً فاعلاً، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فجاء اسمه (الحكيم)