قال سعيد: ولكن هذه دعوى وتحتاج إلى دليل .. فالبينة على من ادعى .. وعلي وعليك التثبت من صحة أي دعوى .. وإلا ادعى كل واحد منا ما يحلو له .. قبور .. أولياء .. كرامات ..
ثم صاح بهم سعيد .. يا جماعة .. بصراحة: مقام الشيخ بركات .. قضية مختلقة .. وإشاعة ملفقة .. اخترعتها أنا والأستاذ عادل .. لنثبت بها غوغائية الناس وجهلهم .. وعدم تثبتهم .. وهذا الأستاذ عادل أمامكم فاسألوه إن شئتم ..
فالتفتوا إلى عادل وقالوا: الأستاذ عادل رجل يحب الجدل مثلك .. وكل قضية يطلب عليها دليل .. وهو حاقد على الأولياء والصالحين ..
ومهما ادعيت أنت وعادل .. فنحن مؤمنون بأن الشيخ بركات - قدس الله سره - موجود من زمن الأجداد .. والدنيا لا تخلو من الأولياء والصالحين ومقاماتهم .. نعوذ بالله من الضلال!!
فسكت عادل وسعيد .. وقرع الجرس وانصرف الأساتذة إلى الدروس ..
وسار الأستاذ سعيد مذهولاً مما رأى يحدث نفسه: الشيخ بركات .. كرامات .. معقول؟ غير معقول! ..
أيمكن أن يكون كل هؤلاء مخطئين!!؟ والجريدة كاذبة؟
غريب! والمشايخ بالأمس اجتمعوا في الدوار وأقاموا الحضرة والاحتفال للشيخ بركات؟
لكن الشيخ بركات اخترعه الأستاذ عادل!! أيمكن أن يكون الخرف أصابهم جميعاً؟ غير ممكن!! غير ممكن!!
وبدأت تتسرب إلى ذهن سعيد فكرة جديدة .. ربما أن الشيخ بركات موجود فعلاً .. وربما أن الأستاذ عادل يعلم ذلك مسبقاً .. لكنه أوهمه أنه هو الذي اخترع وجود الشيخ بركات ..
فكر الأستاذ سعيد في ذلك .. لكنه استعاذ من الشيطان ليبعد هذه الفكرة من عقله .. لكنه لم يفلح ..
وفي اليوم التالي .. استمر النقاش في المدرسة على هذا المنوال .. وكان العام الدراسي في أواخره .. وانتهت المناقشات بذهاب كل أستاذ إلى بلده عندما حانت العطلة الصيفية ..
وفي العام التالي ركب الأستاذ عادل والأستاذ سعيد الحافلة ذاهبين إلى المدرسة في القرية ..
وكان الأستاذ عادل قد نسي الموضوع تماماً .. مع أنه هو الذي اخترع القضية وأشاعها ..