بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد:
أما الأول:
فقد جلس إليَّ مهموماً مغموماً .. ثم قال:
يا شيخ .. مللت من الغربة ..
فقلت: عسى الله أن يعجل رجوعك إلى أهلك وبلدك ..
فاستعبر وبكى .. ثم قال: أما ولله يا شيخ لو عرفت بقدر شوقي إليهم وقدر شوقهم إليَّ ..
هل تصدق يا شيخ أن أمي قد سافرت أكثر من أربعمائة ميل لتدعو لي عند ضريح قبر الشيخ فلان .. وتسأله أن يردني إليها .. !! فهو رجل مبارك تقبل منه الدعوات .. ويقضي الكربات .. ويسمع دعاء الداعين .. حتى بعد موته .. !!
أما الثاني:
فقد حدثني شيخنا العلامة عبد الله بن جبرين .. قال:
كنت على صعيد عرفات .. والناس في بكاء ودعوات .. قد لفوا أجسادهم بالإحرام .. ورفعوا أكفهم إلى الملك العلام ..
وبينما نحن في خشوعنا وخضوعنا .. نستنزل الرحمات من السماء ..
لفت نظري شيخ كبير .. قد رق عظمه .. وضعف جسده .. وانحنى ظهره .. وهو يردد: يا شيخ فلان .. أسألك أن تكشف كربتي .. اشفع لي .. وارحمني .. ويبكي وينتحب ..
فانتفض جسدي .. واقشعرّ جلدي .. وصحت به: اتق الله .. كيف تدعو غير الله!! وتطلب الحاجات من غير الله!! الجيلاني عبدٌ مملوكٌ .. لا يسمعك ولا يجيبك .. ادعُ الله وحده لا شريك له ..
فالتفت إليَّ ثم قال: إليك عني يا عجوز .. أنت ما تعرف قدر الشيخ فلان عند الله!! .. أنا أؤمن يقيناً أنه ما تنزل قطرة من السماء .. ولا تنبت حبة من الأرض إلا بإذن هذا الشيخ ..