فهرس الكتاب
الصفحة 254 من 835

أرحم ما يكون من الخلق بالخلق رحمة الأم ولدها، فإن رحمة الأم ولدها لا يساويها شيء من رحمة الناس أبداً، حتى الأب لا يرحم أولاده مثل أمهم في الغالب.

جاءت امرأة في السبي تطلب ولدها وتبحث عنه، فلما رأته، أخذته بشفقة وضمته إلى صدرها أمام الناس وأمام الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أترون أن هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟". قالوا: لا والله يا رسول الله. قال:"لله أرحم بعباده من هذه بولدها" [1] .

جل جلاله، عز ملكه وسلطانه.

كل الراحمين، إذا جمعت رحماتهم كلهم، فليست بشيء عند رحمة الله.

ويدلك على هذا أن الله عز وجل خلق مئة رحمة، وضع منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق في الدنيا [2] .

كل الخلائق تتراحم، البهائم والعقلاء، ولهذا تجد البعير الجموح الرموح ترفع رجلها عن ولدها مخافة أن تصيبه عندما يرضع حتى يرضع بسهولة ويسر، وكذلك تجد السباع الشرسة

(1) رواه البخاري (5999) كتاب الأدب/ باب رحمة الولد، ومسلم (2754) في كتاب التوبة/ باب في سعة رحمة الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(2) رواه البخاري (6000) كتاب الأدب/ باب جعل الله الرحمة في مائة جزء، ومسلم (2752) في كتاب التوبة/ باب في سعة رحمة الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة وأنزل في الأرض جزءاً واحداً فمن ذلك الجزء تترحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام