الصفحة 24 من 45

يحتلون الفضاء الخيالي والمجازي للأمة ويصنعون نماذجنا العليا ... )) [1] .

وذكر الدكتور الغذّامي وجود نقد لعدم فاعلية الشعر في القرآن الكريم، فقال: (( ومع أن الشعراء يقولون مالا يفعلون، فإن اللافاعلية هنا هي إحدى عيوب الخطاب، لأنها تسلب من اللغة قيمتها العملية إذ تفصل بين القول والفعل، كما أنها ترفع عن الذات مسؤوليتها عما تقول، ولذا جاء ذم الشعر الذي هذه صفته في القرآن الكريم، ولو اقتصر الأمر على الشعر كتجربة جمالية لما صار في الأمر ما يزعج، غير أن ارتباط الشعر بكونه علم العرب الذي لا علم لهم سواه، وبكونه ديوان المآثر ومدرسة الأخلاق، فإن السمات النسقية تظل تتسرب من هذا الديوان وتتغلغل في نسيجنا الذهني والثقافي، ونقوم بإعادة إنتاج هذه النماذج ... ) ) [2] .

وتعليقاً على ما سبق أقول وبالله التوفيق:

إن بيان الدكتور الغذّامي لموقف الإسلام من الشعر جاء في غاية الوهن، بل خرج بنتيجة مغلوطة خلاف ما عليه الأمر في واقعه.

فإنه لا يخفى على عامي من عوام المسلمين أن في القرآن الكريم سورة اسمها سورة:"الشعراء"! وأن هذه السورة تحدثت عن الشعراء بكلام مبين، فعممت ووصفت واستثنت، فقال تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) } [الشعراء: 224 - 227] .

إن وجود سورة من سور القرآن - المئة والأربع عشرة- باسم سورة الشعراء له دلالته الظاهرة على اهتمام القرآن بهذا الجانب المهم من ثقافة العرب.

وإن العجب من الدكتور الغذّامي حيث يشير إلى آية {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} فيقول: (( والشعراء يقولون ما لا يفعلون، حسب التعبير القرآني ... ) ) [3] فلا يورد نص الآية، ولا يعزوها إلى سورتها.

فهل يجهل الدكتور الغذّامي أن في القرآن سورة باسم سورة الشعراء؟! فإن كان لا يدري فتلك

(1) "النقد الثقافي" (ص 116) .

(2) "النقد الثقافي" (ص 99) .

(3) "النقد الثقافي" (ص؟) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام