فإن قيل للدكتور الغذّامي: إنك تطعن في قيم الأمة الثقافية والسلوكية، قال: إنما طعنت في الشعر ليس إلا، وهو المكون الأول لقيم الأمة الثقافية والسلوكية، وليس للأمة علم سواه!
لقد جعل الدكتور الغذّامي (( المكون الأول لشخصيتنا الثقافية والسلوكية ) )هو الشعر، ولا شك أن المكون الأول لشخصيتنا الثقافية والسلوكية إنما هو الإسلام. فأظهر أوصاف هذه الأمة أنها: أمة الإسلام! أما أن يقال: بأنها الأمة الشاعرة و (المتشعرنة) ، فهذا تلبيسٌ مكشوفٌ ما وراءه، وبعدٌ عن الجوهر والأساس, إلى ما لا قيمة له في التعبير عن هوية الأمة.
وتسخط الدكتور الغذّامي على القيم الثقافية والسلوكية والاجتماعية الموجودة في الأمة اليوم أمر جد خطير، وإنه وإن كان قد جعل المصدر لهذه القيم والمظاهر هو الشعر، فإن الحل في نظره هو الحداثة ليس إلا، فحتى يهدم المطالبة بالتمسك بما صلح عليه أول هذه الأمة من القيم والأخلاق، جعله منسوباً إلى الشعر ومؤسساً به، فيكون لدعوى التخلص منه مبرر، في حين أن مما لا شك فيه أن المصدر لقيم الأمة وسلوكها إنما هو الإسلام وشرائعه وقيمه المستمدة من الوحي الإلهي.
وما كان في سلوك الأمة اليوم من خطأ وتوجه غير مرضي فإنما هو للبعد عن شرائع الإسلام وقيمه، وإن كان من دعوة لتقويم شأن الأمة فلن تكون إلا بالتمسك بما قوّم أولها، فلن يصلح آخر الأمة إلا ما أصلح أولها.
وإن الدكتور الغذّامي قد أشار إلى (( تاريخ الأمة العظيم في فتوحاتها المجيدة ) )ولكنه جعل ذلك فترة استثنائية نادرة في تاريخ الأمة، مثلّها عصر النبوة والخلافة الراشدة، ثم اختفى بعدها أثر الإسلام، واختفى تأثيره، وعاد العرب إلى ما كانوا عليه قبل الإسلام رازحين تحت وطأة الشعر، وهيمنته الثقافيه!
وهذا يدعونا للحديث عن النقطة الثانية: موقف الإسلام من الشعر.