الصفحة 13 من 45

الكريم - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي المبين؟!

إن الظن بالدكتور الغذّامي، وبكل مسلم ومسلمة، أن يستشعر نعمة الله العظيمة ومنته الكريمة ببعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزول القرآن العظيم عليه.

قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) } [آل عمران]

فتأمل ما ذكره الله من النعمة العظيمة ببعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ونزول القرآن عليه، وتلاوته آياته، والأثر العظيم لذلك من تزكية النفوس وتعليمها الكتاب والحكمة، وبيان ما كانوا عليه قبل هذه النعمة، من الضلال المبين.

فلا شك أن أمة العرب - خصوصاً- أصبحت في شأن آخر، فتغير حالها مظهراً ومخبراً ببعثة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وظهور رسالة الإسلام {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق: 10 - 11] .

فبعد أن كان العرب أمة مشرذمة، لا ذكر لها بين الأمم، ولا محل لها بين الحضارات، سياستها العامة: السلب والنهب، وأكل القوي الضعيف، وثقافتها الدينية: عبادة الأحجار والأشجار، ومن أخلاقها: وأد البنات، وفعل الفواحش قائلين: {وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: 28] . فإذا بأمة العرب في سنوات معدودة تظهر على أمم الدنيا، وتقود حضارات الأمم، وتسوس ساسة العالم، برسالة: (أسلم تسلم! وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين) [1] .

فمن أجابهم أمِن، ومن صد عن سبيل الله خاب وخسر وندم {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) } [التوبة] .

وإن الواجب على الدكتور الغذّامي، وكل مسلم ومسلم، بل والبشرية جمعاء: الفرح بهذه النعمة العظيمة، ومعرفة قدرها، وإيفائها حقها، تحقيقاً لقوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) } [يونس: 58] ، لا أن يُقلَل من شأنها ويزهد في خيرها ويحط من قدرها، والله المستعان.

(1) من رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل عظيم الروم، أخرجها البخاري: (1/ 7/ح7) ومسلم: (3/ 1393/ح1773) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام