""""صفحة رقم 277""""
وقد لا تبلغ البدعة في الإشراب ذلك المقدار فلا يتفق الخلاف فيما بما يؤدى إلى مثل ذلك
فهذه الأمثلة بينت بالواقع مراد الحديث - على فرض صحته - فإن أخبار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما تكون ابتناء على وفق مخبره من غير تخلف البتة
ويشهد لهذا التفسير استقراء أحوال الخلق من انقسامها إلى الأعلى والأدنى والأوسط كالعلم والجهل والشجاعة والجبن والعدل والجور والجود والبخل والغنى والفقر والعز والذل غير ذلك من الأحوال والأوصاف فإنها تتردد مابين الطرفين فعالم في اعلى درجات العلم وآخر في أدنى درجاته وجاهل كذلك وشجاع كذلك إلى سائرها
فكذلك سقوط البدع بالنفوس إلا أن في ذكر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لها فائدة أخرى وهي التحذير من مقاربتها ومقاربة أصحابها وهي
المسألة الثانية والعشرون
وبيان ذلك أن داء الكلب فيه ما يشبه العدوى فإن اصل الكلب واقع بالكلب ثم إذا عض ذلك الكلب أحدا صار مثله ولم يقدر على الانفصال منه في الغالب إلا بالهلكة فكذلك المبتدع إذا أورد على أحد رأيه وإشكاله فقلما يسلم من غائلته بل إما أن يقع معه في مذهبه ويصير من شيعته وإما أن يثبت في قلبه شكا يطمع في الأنفصال عنه فلا يقدر
هذا بخلاف سائر المعاصى فإن صاحبها لا يضاره ولا يدخله فيها غالبا إلا مع طول الصحبة والأنس به والاعتياد لحضور معصيته
وقد أتى في الآثار ما يدل