الصفحة 506 من 715

""""صفحة رقم 150""""

انتهى ما كتب لى به وهو بسط أدلة شاهدة لأصل الإستحسان فلا يمكن مع هذا التقرير كله أن يتمسك به من أراد أن يستحسن بغير دليل اصلا

فصل

فإذا تقرر هذا فلنرجع إلى ما احتجوا به أولا فاما من حد الاستحسان بأنه ما يستحسنه المجتهد بعقله ويميل إليه برأيه - فكأن هؤلاء يرون هذا النوع من جملة أدلة الأحكام ولا شك أن العقل يجوز ان يرد الشرع بذلك بل يجوز أن يرد بأن ما سبق إلى أوهام العوام - مثلا - فهو حكم الله عليهم فيلزمهم العمل بمقتضاه ولكن لم يقع مثل هذا ولم يعرف التعبد به إلا بضرورة ولا بنظر ولا بدليل من الشرع قاطع ولا مظنون فلا يجوز إسناده لحكم الله لأنه ابتداء تشريع من جهة العقل

وايضا فإنا نعلم أن الصحابة رضى الله عنهم حصروا نظرهم في الوقائع التي لا نصوص فيها في الاستنباط والرد إلى ما فهموه من الأصول الثابتة

ولم يقل أحد منهم إنى حكمت في هذا بكذا لأن طبعى مال إليه أو لأنه يوافق محبتى ورضائي

ولو قال ذلك لا شتد عليه النكير وقيل له من أين لك ان تحكم على عباد الله بمحض ميل النفس وهوى القلب هذا مقطوع ببطلانه

بل كانوا يتناظرون ويعترض بعضهم بعضا على مأخذ بعض ويحصرون ضوابط الشرع

وايضا فلو رجع الحكم إلى مجرد الاستحسان لم يكن للمناظرة فائدة لان الناس تختلف أهواؤهم وأغراضهم في الأطعمة والأشربة واللباس وغير ذلك

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام