""""صفحة رقم 109""""
يعمل ببعضها بمرأى من الناس أو في مواقعهم فإنهم الأصل في انتشار هذه الاعتقادات في المعاصى أو غيرها
وإذا تقرر هذا فالبدعة تنشأ عن أربعة أوجه
أحدها - وهو أظهر الأقسام - أن يخترعها المبتدع
والثاني ان يعمل بها العالم على وجه المخالفة فيفهمها الجاهل مشروعة
والثالث ان يعمل بها الجاهل مع سكوت العالم عن الإنكار وهو قادر عليه فيفهم الجاهل أنها ليست بمخالفة
والرابع من باب الذرائع وهي أن يكون العمل في أصله معروفا إلا أنه يتبدل الإعتقاد فيه مع طول العهد بالذكرى
إلا ان هذه الاقسام ليست على وزان واحد ولا يقع اسم البدعة عليها بالتواطؤ بل هي في القرب والبعد على تفاوت فالأول هو الحقيق باسم البدعة فإنها تؤخذ علة بالنص عليها ويليه القسم الثاني فإن العمل يشبهه التنصيص بالقول بل قد يكون أبلغ منه في مواضع - كما تبين في الأصول - غير انه لا ينزل ها هنا من كل وجه منزلة الدليل أن العالم قد يعمل وينص على قبح عمله ولذلك قالوا لا تنظر إلى عمل العالم ولكن سله يصدقك
وقال الخليل ابن أحمد أو غيره
اعمل بعلمى ولا تنظر إلى عملي
ينفعك علمى ولا يضررك تقصيري
ويليه القسم الثالث فإن ترك الإنكار - مع أن رتبة المنكر رتبة من يعد ذلك منه إقرارا - يقتضى ان الفعل غير منكر ولكن يتنزل منزلة ما قبله