""""صفحة رقم 51""""
هذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا حيث شرع مع الشارع وفتح للاختلاف بابا ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع وكفى بذلك
والخامس انه اتباع للهوى لان العقل اذا لم يكن متبعا للشرع لم يبقى له الا الهوى والشهوه وانت تعلم ما في اتباع الهوى وانه ضلال مبين الا ترى قول الله تعالى ) يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب(
فحصر الحكم في امرين لا ثالث لهما عنده هو الحق والهوى وعزل العقل مجردا اذ لا يمكن في العاده الا ذلك وقال )ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه ( فجعل الامر محصورا بين امرين اتباع الذكر واتباع الهوى وقال ) ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله (
وهي مثل ما قبلها وتأملوا هذه الآيه فانها صريحة في ان من لم يتبع هدى الله في هوى نفسه فلا أحد اضل منه
وهذا شأن المبدع فانه اتبع هواه بغير هدى من الله وهدى الله هو القرآن
وما بينته الشريعة وبينته الآيه ان اتباع الهوى على ضربين احدهما ان يكون تابعا للامر والنهي فليس بمذموم ولا صاحبه بضال
كيف وقد قدم الهدى فاستنار به في طريق هواه وهو شأن المؤمن التقي
والاخر ان يكون هواه هو المقدم بالقصد الاول كان الامر والنهي تابعين بالنسبة اليه أو غير تابعين وهو المذموم