""""صفحة رقم 41""""
وأيضا فان النفوس قد تمل وتسأم من الدوام على العبادات المترتبة فاذا جدد لها امر لا تعهده حصل لها نشاط آخر لا يكون لها مع البقاء على الامر الاول ولذلك قالوا لكل جديد لذه بحكم هذا المعنى كمن قال كما تحدث للناس اقضية بقدر ما احدثوا من الفجور فكذلك تحدث لهم مرغبات في الخير بقدر ما حدث لهم من الفتور
وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه فيوشك قائل ان يقول ما هم بمتبعي فيتبعوني وقد قرأتك القرآن فلا يتتبعني حتى ابتدع لهم غيره
فاياكم وما ابتدع فان ما ابتدع ضلالة
وقد تبين بهذا القيد ان البدع لا تدخل في العادات
فكل ما اخترع من الطرق في الدين مما يضاهي المشروع ولم يقصد به التعبد فقد خرج عن هذه التسميه كالمغارم الملزمه على الاموال وغيرها على نسبة مخصومة وقدر مخصوص مما يشبه فرض الزكوات ولم يكن اليها ضروره
وكذلك اتخاذ المناخل وغسل اليد بالاشنان وما اشبه ذلك من الامور التي لم تكن قبل فانها لا تسمى بدعا على احدى الطريقتين
واما الحد على الطريقة الاخرى فقد تبين معناه الا قوله يقصد بها ما يقصد بالطريقة الشرعية
ومعناه ان الشريعة انما جاءت لمصالح العباد في عاجلتهم وآجلتهم لتأتيهم في الدارين على اكمل وجوهها فهو الذي يقصده المبتدع ببدعته
لان البدعة اما ان تتعلق بالعادات أو العبادات فان تعلقت بالعبادات فانما اراد بها ان يأتي تعبده على ابلغ ما يكون في زعمه ليفوز بأتم المراتب في الاخره في ظنه وان تعلقت بالعادات فكذلك لانه انما وضعها لتأتي أمور دنياه على تمام المصلحه فيها