""""صفحة رقم 134""""
الطريق المعنوي وضده الضلال وهو الخروج عن الطريق ومنه البعير الضال والشاة الضالة
ورجل ضل عن الطريق اذا خرج عنه لانه التبس عليه الامر ولم يكن له هاد يهديه وهو الدليل
فصاحب البدعة لما غلب عليه الهوى مع الجهل بطريق السنة توهم ان ما ظهر له بعقله هو الطريق القويم دون غيره فمضى عليه فحاد بسببه عن الطريق المستقيم فهو ضال من حيث ظن انه راكب للجادة كالمار بالليل على الجادة وليس له دليل يهديه يوشك ان يضل عنها فيقع في متابعة وان كان بزعمه يتحرى قصدها
فالمبتدع من هذه الامه انما ضل في ادلتها حيث اخذها مأخذ الهوى والشهوة لا مأخذ الانقياد تحت احكام الله
وهذا هو الفرق بين المبتدع وغيره لأن المبتدع جعل الهوى اول مطالبه واخذ الادلة بالتبع ومن شأن الادلة انها جارية على كلام العرب ومن شأن كلامها الاحتزار فيه بالظواهر فكما تجب فيه نصا لا يحتمل حسبما قرره من تقدم في غير هذا العلم وكل ظاهر يمكن فيه ان يصرف عن مقتضاه في الظاهر المقصود ويتأول على غير ما قصد فيه
فاذا انضم إلى ذلك الجهل بأصول الشريعة وعدم الاضطلاع بمقاصدها كان الامر اشد واقرب إلى التحريف والخروج عن مقاصد الشرع
فكان المدرك اعرق في الخروج عن السنة وامكن في ضلال البدعة فاذا غلب الهوى امكن انقياد الفاظ الادلة إلى ما اراد منها
والدليل على ذلك انك لا تجد مبتدعا ممن ينسب إلى الملة الا وهو يستشهد على بدعته بدليل شرعي فينزله على ما وافق عقله وشهوته وهو أمر ثابت في الحكمه