الْأَلْبَابِ [آل عمران: 190] ، ثم يبين تعالى من هم أولوا الألباب: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191]
يقول الإمام ابن كثير في تفسيره:"أي يا من خلق الخلق بالحق والعدل، يا من هو منزه عن النقائص والعيب والعبث: قنا من عذاب النار بحولك وقوتك وقيضنا لأعمال ترضى بها عنا، ووفقنا لعمل صالح تهدينا به إلى جنات النعيم" (1)
هذا إلى جانب التناقض الحاصل من اعتقاد وجوب النظر مع تحقق الإيمان، والقول بأن معرفة الله لا تثبت إلا بالشرع، كما هو قول الأشاعرة، وكان هذا نتيجة لاضطراب المنهج الذي سلكه هؤلاء المتكلمون في الاستدلال على المعتقد بين الرد والتقرير، ففى مواجهة أقوال المعتزلة يرجعون الأمر كله للشرع، ويقولون لا واجب إلا بالشرع. (2)
يقول الإيجى:"النظر في معرفة الله واجب إجماعًا، واختلف في طريق ثبوته: عند أصحابنا السمع، وعند المعتزلة العقل"
مع ذلك كانوا أكثر الناس تأثرًا بأقوال المعتزلة ويظهر هذا التأثر جليًا في هذه المسألة، حيث نقل الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - قول أحد كبار الأشاعرة الذين خالفوا ما عليه جمهورهم من إيجاب النظر، يقول:"وقد وافق أبو جعفر السمنانى (3) "
-وهو من رءوس الأشاعرة على هذا وقال: إن هذه المسألة بقيت في مقالة الأشعري من مسائل المعتزلة، وتفرع عليها أن الواجب على كل أحد معرفة الله بالأدلة الدالة عليه، وأنه لا يكفى التقليد في ذلك" (4) ."
(1) تفسير القرآن العظيم: (1/ 572) .
(2) انظر: الملل والنحل، الشهرستانى: (1/ 53) .
(3) محمد بن أحمد السمنانى وأبو جعفر، القاضي، الحنفى وأحد المتكلمين ولازم القاضي أبا بكر الباقلانى حتى برع بالكلام، وكان مقدم الأشعرية في وقته، وكان عالمًا صدوقًا، له تصانيف عدة، توفي سنة: 444 هـ انظر: سير أعلام النبلاء، والبداية والنهاية: 12/ 68، 69.
(4) فتح الباري: (13/ 349) .