فهرس الكتاب
الصفحة 145 من 854

قيل: إن المعرفة الضرورية فيها، أو قيل: إنها تحصل بأسباب كالأدلة التي تنتظم في النفس من غير أن يسمع كلام مستدل، فإن النفس بفطرتها قد يقوم بها من النظر والاستدلال ما لا يحتاج معه إلى كلام أحد، فإن كل مولود يولد على هذه الفطرة؛ لزم أن يكون المقتضى للمعرفة حاصلًا لكل مولود، وهو المطلوب". (1) "

وبذلك يتضح المنهج الربانى، في الاستدلال على وجوده سبحانه، بعيدًا عن التعقيد والغموض، صريحًا واضحًا قريبًا من النفس البشرية، حيث يخاطب فيها تلك الحقائق التي غرست بداخلها، فما إن تتنبه لها إلا وتدرك ببديهة فطرتها ذلك الشعور الذي يدلها على الخالق سبحانه: ربًا خالقًا، لا أحد يستحق العبادة سواه.

وبسبب بعد المتكلمين عن تصور هذه الحقيقة، ولما التزموه من أصول فاسدة في وجوب الاستناد إلى العقل للدلالة على أصول الإيمان، واعتقاد عدم كفاية الأدلة الشرعية في ذلك؛ نجد أن الطرق التي سلكوها في الاستدلال على وجود الله تعالى قد بنيت على تصورات فلسفية لا حقيقة لها، يكتنفها الكثير من الغموض والتعقيد، حتى خرجت بها في كثير من الأحيان عن المقصود، هذا إلى جانب ما انبنى عليها من أمور مبتدعة، أثرت على صفاء المعتقد فيما يجب في حق لله تعالى، أو يمتنع عليه فصارت عمدة المتكلمين في هذا الباب عددًا من الأدلة المبتدعة لا أساس لها من الشرع وهى كالتالى:

1 -دليل حدوث الأجسام.

2 -دليل الوجوب والإمكان.

يعد هذا الدليل عند عامة المتكلمين من الأصول اليقينية التي لا يتم إيمان المرء إلا باعتقاد دلالته على وجود الباري جل وعلا؛ إذ لا يتمكن - عندهم - من إثبات الصانع إلا به، وكان أول من ابتدع هذا الطريق المعتزلة، وقد صرح بذلك شيخ

(1) الدرء: (8/ 446، 447) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام