-كالسمع والبصر - وأضدادها , وأما الله - تعالى - فلا تجوز عليه أضدادها , واتصافه - سبحانه وتعالى - بصفات الكمال يقتضي تأليهه وحده لا شريك له , فهو الخالق ولا خالق سواه , وهو المالك لكل شيء , وهو القادر على كل شيء , وهو العالي على كل شيء , وهو السميع الذي سَمْعُهُ وَسِعَ الأصواتَ كلها , وبصره نافذ في جميع المخلوقات , وأما ما سواه فهو مربوب مخلوقٌ مُدَبَّرٌ، عَبْدٌ فقير.
والله - تعالى - كما وصف نفسه بصفات الكمال: نَزَّهَ نفسه عن أضدادها , فنزه نفسه عن الموت والسِّنَةِ والنوم لأنها تضاد كمال حياته , ونَزَّه نفسه عن الصاحبة والولد لأن ذلك ينافي كمال غناه وصمديته وأحديته , ونَزَّهَ نفسه عن الضلال والنسيان والغفلة لأن ذلك ينافي كمال علمه , ونزه نفسه عن الظلم لأن ذلك ينافي كمال العدل.
وكل نفي في صفات الله فإنه يتضمن كمالًا , وكل إثبات فإنه يتضمن تنزيهًا.
والنفي والتنزيه جاء مجملًا ومفصلًا فقوله:"سبحان الله عما يصفون" [المؤمنون: 91] تنزيهٌ لله عن كل ما يصفه به الجاهلون والمفترون.
أما صفاته التي تكون نقصًا وتكون كمالًا - كما قال الشيخ - , فله - تعالى - من ذلك الكمال؛ فالمكر والخداع يكون كمالًا ومحمودًا إذا وقع على من يستحقه , يقول تعالى:"ومكروا مكرا ومكرنا مكرا" [النمل: 50] ، وقال تعالى:"وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله" [الأنفال: 30] ، والله - تعالى - يمكر حقيقة ليس كما يقول بعض المفسرين: إن هذا على سبيل المشاكلة اللفظية فقط [1] , فالله
(1) تفسير البيضاوي (2/ 44) ، وتفسير أبا السعود (4/ 19) ، وفتح القدير (1/ 344) وغيرها.