الصفحة 25 من 25

وأما من ليس له عذر في ترك الهجرة وجلس بين أظهرهم وأظهر لهم أنه منهم وأن دينهم حق ودين الإسلام باطل فهذا كافر مرتد، ولو عرف الدين بقلبه لأنه يمنعه عن الهجرة محبة الدنيا على الآخرة، وتكلم بكلام الكفر من غير إكراه فدخل في قوله: {ولكن من شرح بالكفر صدرا} الآيات.

هذا من جواب الشيخ حسين والشيخ عبد الله بن الشيخ محمد عبد بن الوهاب رحمهم الله تعالى وعفا عنهم.

ولم سئلوا عن أهل بلد بلغتهم هذه الدعوة وبعضهم يقول: هذا الأمر حق، ولا غيّر منكر ولا أمر بمعروف، وينكر على الموحدين إذا قالوا: تبرأنا من دين الآباء والأجداد، والذي يقول: هذا أمر زين لا يمكنه يقوله جهارا.

أجابوا:

بأن أهل هذه القرية المذكورين إذا كانوا قد قامت عليهم الحجة التي يكفر من خالفها، حكمهم حكم الكفار، والمسلم الذي بين أظهرهم ولا يمكنه إظهار دينه تجب عليه الهجرة، إذا لم يكن ممن عذر الله فإن لم يهاجر فحكمه حكمهم في القتل وأخذ المال. اهـ.

وفي هذه الأجوبة مسائل منها بيان المستضعف وأنه الذي لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلا وقد تقدم ذلك.

ومنها أن المسلم إذا لم يقدر على إظهار دينه، وجبت عليه الهجرة، وقد تقدم أيضا، ومنها صفة إظهار الدين، وهو أن يصرح للكفار بكفرهم وعداوته لهم، ولما هم عليه من الدين، وتقدم أيضاً ومنها: بيان أنه إذا فعل ذلك أعني صرح لهم بكفرهم وعداوته لهم فإنهم لا يتركونه بين أظهرهم، بل إما قتلوه وإما أخرجوه.

قلت: وقد أخبر الله بذلك عن جميع الكفار، فقال تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين. ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} ، وقال تعالى إخبارا عن قوم شعيب: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين} .

وقال تعالى إخبارا عن أصحاب الكهف: {إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا} ، وقوله: {يرجموكم} أي: يقتلوكم بالرجم.

وهذا الذي أخبر الله به وأشار إليه أئمة الإسلام هو الواقع في هذه الأزمان، فإن المرتدين بسبب موالاة المشركين والدخول في طاعتهم، لا يرضون إلا بمن وافقهم على ذلك، وإذا أنكر عليهم منكر آذوه أشد الأذى، وأخرجوه من بين أظهرهم، بل سعوا في قتله إن وجدوا إلى ذلك سبيلا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام