الصفحة 97 من 101

ثانيا: مسائل تتعلّق بالكفر:

-الكفر: هو كلّ ما دلّ عليه الكتاب والسنّة على أنّه كفر، وليس مجرد رأي أو إستحسان.

و كما أنّ الإيمان قول و عمل، فالكفر قد يكون بالقلب كالجحود و الشك و التكذيب، أو باللّسان كالسبّ و الإستهزاء أو بعمل الجوارح كالإعراض و الإباء

و السجود لغير لله ..

و هذا بخلاف المرجئة الّذين حصروا الكفر في كفر القلب من إستحلال أو تكذيب أو جحود.

كما هو خلاف من جعل الأقوال و الأفعال المكفّرة ليست كفرا بل علامة على الكفر.

-و لا يجوز تكفير المعيّن المكلّف إلاّ عند توفر الشروط و إنتفاء الموانع، و هي أقسام ثلاثة، منها ما يرجع إلى المكلّف كالخطأ، و الجهل، و التأويل، و الإكراه. ومنها ما يرجع إلى الفعل الّذي هو سبب الحكم و علّته وذلك أن يثبت بالدليل الصريح أنّ هذا الفعل أو القول مكفّر، و هذا بخلاف الخوارج الّتي تكفّر بالكبيرة، و خلاف بعض الغلاة الّذين يكفّرون بالشبهة. و منها ما يعود إلى إثبات فعل المكلّف بأن يثبت عندنا بالدليل الصريح أنّ فلانا من المكلّفين فعل هذا الفعل المكفر.

-أمّا مسألة إقامة الحجّة فهي متعلّقة بمسألة العذر بالجهل، و حجّة الله قائمة بشيئين: بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله، والقدرة على العمل، فأمّا العاجز عن العلم كالمجنون أو العاجز عن العمل فلا أمر عليه ولا نهي، كما يعذر من عاش ببادية بعيدة لم تبلغه شرائع الإسلام، أو من كان حديث عهد بإسلام، فهؤلاء لا يجوز تكفيرهم إلاّ بعد إقامة الحجّة هذا فيمن إعتنق أصل الإسلام، أمّا من كان من أهل الفترة و لم يعتنقوا الإسلام فهؤلاء يعاملون معاملة الكفار في الدنيا أمّا في الآخرة فثبت أنّهم يمتحنون.

أمّا غير هؤلاء جميعا فإنّهم لا يعذرون بجهلهم إلاّ في المسائل الخفية، فلا يجوز تكفير مسلم بها إلاّ بعد إقامة الحجّة و إزالة الشبهة؛ أمّا في غير هذه المسائل فنحكم على المكلّف بما ظهر لنا منه من كفر و لا تشترط فيه إقامة الحجّة إلاّ عند العقوبة و هي ما تسمّى بالإستتابة، فالبيان و إقامة الحجة في مثل هذا للإعذار إليه قبل إنزال العقوبة، لا ليسمّى كافرا بما حدث منه من الكفر الصريح كسجوده لغير الله مثلا، و هذا كلّه خلاف طائفتين غلتا في هذه القضية بين الإفراط و التفريط منهم من منع العذر بالجهل مطلقا، و منهم من فتح باب العذر بالجهل على مصرعيه حتّى أنّهم يعذرون جهلة اليهود و النصارى و الله المستعان.

و لتفصيل كلّ هذه المسائل لا غنى إلاّ في قراءة هذه الرّسالة و لا يُكتفى بهذه الخلاصة و الله المستعان و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام