الصفحة 78 من 101

و من ذلك صيغة"دعوة الجاهلية"،"ميتة الجاهلية".

2 -إنطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بلا شبهة، و عكسه و هو المانع: أن يكون القول أو الفعل غير صريح الدلالة على الكفر، فلا تكفير بمحتمل الدلالة إلا بعد تبين قصد فاعله، وهذا كالصريح والكناية من ألفاظ الطلاق والقذف وغيرها. وقد بوب البخاري رحمه الله لهذه المسألة في كتاب الصلاة من صحيحه في باب (من صلى إلى قبر أو تنور أو شيء مما عبد من دون الله فأراد الله) فلا يجوز إلزام أحد بلوازم عمله (قوله أو فعله) لأن لازم مذهب الإنسان ليس بمذهب إلا أن يلتزمه صراحة؛ و ممّا يساعد على فكّ هذا الإحتمال:

أ. تبيّن قصد الفاعل أو القائل، مثاله: لو أنّ رجلا يدعو عند قبر و لا يُسمع صوته، فلابدّ أن يُسأل عن دعائه، فإن قال: أدعو الله أن يغفر لهذا الميّت فهو محسن إن كان الميّت مسلما، و مخطئ إن كان الميّت كافرا، فإن كان يعلم بنهي الله عن إستغفار للمشركين و يفعله كان آثما.

و إن قال: أدعو الله عند قبر هذا الرجل الصّالح رجاء القبول، فعمله بدعة غير مكفّرة فيُنهى عن ذلك لأنّه ذريعة إلى الشرك.

و إن قال أدعو صاحب هذا القبر لقضاء حوائجي فعمله مكفّر.

و من ذلك ما ذكره البهوتي [1] في كشاف القناع في باب المرتد فيمن سبّ التوراة (وهو سب محتمل غير صريح) إن قصد المحرفة فلا شئ عليه وإن قصد المنزلة من عند الله فهذا يُقتل ولا تقبل توبته، و قال أيضا فيمن لعن دين اليهود فإن قصد الذي هم عليه لأنّه غُيّر وبدل فلا شئ عليه. إنتهى مختصرا.

أمّا فيما لا يحتمل إلاّ الظاهر أي صريح الدلالة على الكفر فلا نظر فيه إلى نيّته و قصده.

قال [2] العلاّمة عبد اللطيف: وقد قرر الفقهاء وأهل العلم في باب الردّة وغيرها أنّ الألفاظ الصريحة يجري حكمها وما تقتضيه وإن زعم المتكلم بها أنّه قصد ما يخالف ظاهرها وهذا صريح في كلامهم يعرفه كلّ ممارس. إنتهى

و ما يجب التنبيه له أنّ القصد المعتبر و الّذي يؤثّر في حكم التكفير هو تعيين المراد من الفعل أو القول المحتمل، لا تبيّن إرادته أن يكفر و يخرج من الدّين كما يظنّه و يشترطه البعض.

ب. النظر في قرائن حال المصاحبة للقول أو الفعل، كأن يكون معروفا بتلاعبه، أو بزندقته، أو كان معروفا بتقرّبه إلى المقبورين و غير ذلك.

(1) - كشف القناع، 6/ 171

(2) - منهاج التأسيس، ص: 134

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام