إلى أفول مهما طال الليل. وهذا أمر يحث المرء على الإنطلاق من أسر العزلة والانطوائية على الذات والنفس ليبحث عن إخوانٍ له - هم لا شك موجودون وعد الله تعالى بنصرهم وظهورهم على من ناوأهم ولو كره المشركون، فيكثر سوادهم بالقول والعمل، ليكون واحداً منهم .. يجاهد معهم. والذي يقرر ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس"وقوله صلى الله عليه وسلم:"ظاهرين على من ناوأهم"وقوله صلى الله عليه وسلم:"منصورين".
فالأحاديث هنا على ظاهرها؛ فهم ظاهرون بكل ما تعني كلمة الظهور من معنى، فهم ظاهرون بذواتهم على كل من يعاديهم أو يقاتلهم، ظاهرون بدعوتهم وكلمتهم على جميع الدعوات المزيفة الباطلة، وهم كذلك ظاهرون بمعنوياتهم وإيمانهم لا يخافون في الله لومة لائم!.
الذي يظهر من واقع الصدق المحفور على جبين الكون وعلى صفحات الكتاب وعلى تاريخ الأمة الحاضر؛ أنه لا توجد طائفة أولى وأسعد بصفات طائفة الحق؛ من مجاهدي العراق والطالبان والشيشان، ومن أيدهم وظاهرهم وعاونهم.
فهم الذين استجابوا لله، وقاتلوا على أمر الله، وناصروا المظلوم من عباد الله، وأعلنوا البراءة الحقيقية بالجهاد من أعداء الله، وقاتلوا من ناوأهم،، وقدّموا اللحاق بربهم على نيل مآربهم، وحفظوا بيضة الإسلام المكنونة، وغاروا على أعراض الأمة المصونة، وقدّموا أرواحهم فداءً لمقدساتها المحزونة، وأقاموا التوحيد شامخاً، ودعوا للحاكمية - قولاً وعملاً - وقهر الله بهم عدوه، وأعلى بدمائهم كلمته، وأتم بأشلائهم نعمته، وأقام بعزمهم شرعته وتداعت عليهم الأمم عدواناً وظلماً، وتألب عليهم القريب والبعيد عمالةً ومكراً، وخالفهم الرأس والجسد، وخذلهم الكبد والكنف ... وسيقولون؛ الزمن ليس بزمن جهاد، كما قال أسلافهم: {لو نعلم قتالاً لاّتّبعناكم} ، وهو قول محموم، يحمله المخذلة والعملاء، فهو مأواهم الدّافئ، وركنهم الأمين، والجهاد ماضٍ دائم لا ينقطع أبداً و لا يضر أهل الجهاد وهم الطائفة المنصورة من خذلهم.
وهذه بعض أفهام السّلف لاستمرارية وجود الطائفة المنصورة:
قال البخاري رحمه الله تعالى: (بابٌ؛ الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر) .
وقال ابن الجارود رحمه الله: (بابٌ؛ دوام الجهاد إلى يوم القيامة) .