وهذا هو الجهل الأعظم لأنه قلب للحقيقة من كل وجه. انظر"القاموس"و"لسان العرب"و"المفردات و"تفسير ابن كثير (1/ 60) "."
والجهل اصطلاحاً: هو أن يعتقد المرء، أو يقول، أو يفعل ما هو كفر شرعاً من غير أن يعلم أنه كفر.
والأدلة على ذلك كثيرة وفيرة منها:
1 -قال تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَانَا) الآية، ولا شك أن الجهل داخل في معنى الخطأ.
2 -ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت، قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني ثم إطحنوني ثم ذروني في الريح، فوالله لإن قدر الله علي ليعذبني عذاباَ ما عذبه أحداً، فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه ففعلت، فإذا هو قائم فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك فغفر له) .
قال مقيده: فهذا الحديث صريح الدلالة على أن الله تعالى عذره بجهله فغفر له ذنبه وأدخله جنته، فهذا مع جهله غُفر له، فكيف من كان متأولاً مجتهداً فلا شك أنه أولى منه بالمغفرة، ولذلك عد بعض أهل العلم هذا الحديث بأنه أرجى حديثاً للمتأولين، وجعلوه أصلاً من أصول الشريعة، ودونك بعض أقاويلهم:
1 -قال حافظ المغرب الإمام ابن عبد البر أبو عمر المالكي -رحمه الله- في كتابه العظيم (التمهيد) (6/ 347-348) في"كتاب الجنائز"شارحاً لهذا الحديث ما نصه: (وأما جهل هذا الرجل المذكور في هذا الحديث بصفة من صفات الله في علمه وقدرته، فليس ذلك بمخرجه من الإيمان، ألا ترى أن عمر بن الخطاب، وعمران بن حصين، وجماعة من الصحابة، سألوا رسول الله عن القدر، ومعلوم أنهم إنما سألوه عن ذلك وهم جاهلون به، وغير جائز عند أحد من المسلمين أن يكونوا بسؤالهم عن ذلك كافرين، أو يكونوا في حين سؤالهم عنه غير مؤمنين ... فعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جهلوا من ذلك، ولم يضرهم جهلهم به قبل أن يعلموه، ولو كان