ج: اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال عدة وأشهرهم طائفتان:
الطائفة الأولى: وهم الذين يقولون أنه لا فرق بين المؤمن والمسلم ولا بين الإيمان والإسلام واستدلوا لذلك بقول الله تعالى: (فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ)
فسمى المؤمن مسلماً والعكس كذلك، فدل على أن الإيمان هو الإسلام.
الطائفة الثانية: قالت أن هناك ثمة فرق بين الإيمان والإسلام فكل مؤمن مسلم وليس العكس وهؤلاء استدلوا بأدلة منها: قول الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) . ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له يا رسول الله لماذا لم تعط فلاناً عطاءاً والله لا أراه إلا مؤمناً فقال النبي صلى الله عليه وسلم قل أو مسلماً قالها ثلاثاً .. الحديث، فدل ذلك على أن الإيمان شيء والإسلام شيء آخر، ونصوص الشرع إنما تنصر قول الطائفة الثانية وعليه الكثير من الأئمة المحققين، وقد حقق شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان له هذا الفرق بين الإيمان والإسلام، وبيّن أن هذين اللفظين إذا اجتمعا تفرقا وإذا تفرقا اجتمعا، فإذا قلت الإيمان أو قلت فلان مؤمن دخل في ذلك الإسلام ودخل في ذلك المسلم والعكس صحيح فإذا قلت الإسلام أو فلان مسلم دخل في ذلك الإيمان ودخل في ذلك المؤمن، وهذا كما تقول في العدل والإحسان فإذا أطلقت كلمة العدل كما في قوله تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا .. الآية) دخل في ذلك الإحسان وأما إذا جَمَعْتَ بين اللفظين كما قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) دل على أن العدل له معنى وأن الإحسان له معنى آخر وكذلك لفظ المنكر والفحشاء فإذا قلت هذا أمر منكر دخل في ذلك أن هذه اللفظة تحمل كل خبيث ومنه الفحشاء والبغي كما في قول الله تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَامُرُونَ بِالْمُنكَرِ) فكلمة منكر أطلقت