ج: نعم يجوز ذلك وهو ما عليه أهل السنة والجماعة وذلك أن أهل السنة لما أدخلوا الأعمال في مسمى الإيمان جاز لهم هذا القول لأنه لا يوجد إنسان تقي نقي يزكي نفسه على الله إلا من قام بما أمره الله حق القيام وأنى لأحد أن يدّعي لنفسه ذلك، ولهذا كان السلف إذا قيل لهم أنت مؤمن قال إن شاء الله، وكان بعضهم إذا سُئِل عن ذلك قال أرجو هذا، فلما أطلق السلف المشيئة في الإيمان أرادوا عدم تزكية أنفسهم ولم يُريدوا أنهم سيموتون على الإيمان كما تقوله طائفة من أهل البدع إذ أنها ذهبت إلى أنه يجب أن تُتْبع المشيئة في الإيمان لأنك لا تعرف كيف ستموت، وهذا قول مبتدع لم يرده السلف ولا قالوه وإنما جوزوا ذلك من باب عدم التزكية، كما أبان ذلك الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه الإيمان، وهذه الطائفة المبتدعة التي توجب المشيئة في الإيمان تقابلها طائفة أخرى بدعية حيث أنها تُحرم أن تقولَ أنا مؤمن إن شاء الله لأن ذلك يوجب الكفر عندهم.
فقالوا ومن شك في إيمانه كفر، وهؤلاء هم المرجئة، وسبب ضلالهم أنهم أطلقوا على الإيمان الشرعي أنه التصديق فقط والأعمال ليست منه والتصديق عندهم لا يزيد ولا ينقص فإذا أدخلت فيه المشيئة دل ذلك على الشك منك وهذا كفر، ولذلك عابوا أهل السنة وسموهم بالشكاكة! والقول الراجح ما عليه السلف من أهل السنة أن الأعمال داخلة في الإيمان وأن المشيئة إنما هي للأعمال وليست لحقيقة التصديق.