ج الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، الجواب عن هذا السؤال هو نعم، لقد دخل كثير من الأئمة والعلماء الأعلام في هذا المذهب الرديء، فقلّ من العلماء من لم يتلوث بلوثة الإرجاء، وأعني بالعلماء جماهير المتأخرين الذين جاؤوا بعد القرون المفضلة، إلا أنه -أيضاً- دخل فيه بعض الأئمة الذين كان لهم قدم صدق في الإسلام من المتقدمين، وعلى رأسهم الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- فقد نسب إليه الإرجاء كثير من الأئمة المحررين، لا سيما أصحابه الأحناف، فقد حكوا عنه الإرجاء بكل وضوح، ولذلك تجد الإرجاء قد فشى في الحنيفة أكثر منه في المذاهب الأخرى، ثم صار الإرجاء يدب في أوساط المتأخرين، وقلّ من يسلم منه كما سبق آنفاً.
وأنا أسوق بعضهم على سبيل المثال:
فمنهم الغزالي، والفخر الرازي، والعز بن عبد السلام، وابن العربي، والقرطبي، والنووي، وابن حجر، والسيوطي، والسخاوي، وغيرهم الكثير، بل جماهير المتأخرين جلهم مرجئة، وهؤلاء علماء كبار، انزلقت أقدامهم في الإرجاء، وهم أئمة أعلام، لهم الأيادي السابغة في الذود عن الإسلام، والدفاع عن حياضه، والأمة بشكل عام تحبهم وتوقرهم، ونحن كذلك، إلا أن الحق أحب إلينا منهم، فالواجب الأخذ بالحق أينما وجد، وهذا من أصول أهل السنة، أنهم يعرفون الرجال بالحق ولا يعرفون الحق بالرجال، ومن أصولهم أيضاً أنهم يعرفون الحق ويرحمون الخلق، فيترحمون على الأوائل ويقيلون عثراتهم والله المستعان.