س14 بما أننا نتكلم عن بعض العلماء الذين دخلوا في الإرجاء، هل صحيح أن الشيخ الألباني -رحمه الله- كان مرجئاً أم أن هذا تحامل عليه من بعض مبغضي الشيخ؟
ج الحمد لله، في الحقيقة أن الشيخ الألباني علم من أعلام الأمة، ولا ينكر ذلك إلا مكابر جاحد للحق، يغمط الناس حقوقهم، فمثل هذا الشيخ الفاضل ينبغي على الأمة شكره، إذ كان له الباع الطويل في تنقيب أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- مما عَلَقَ بها من الضعف والكذب ومما لا أصل له، والنبي عليه السلام يقول: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) ، والألباني مشكور على ما قام به في حياته الحافلة في الذود عن السنة والدعوة إليها، وقد ابتلى الله هذا الرجل بطائفتين:
الأولى: تغلوا به، وتحبه حباً عظيماً، وتتعصب له حتى أنها تقدمه على نصوص الكتاب والسنة بطريقة غير مباشرة، فإذا جادلت أحدهم في مسألة ما، وكان الحق معك فأوردت عليه النصوص الشرعية، صال وجال، وحاول أن يتفلت من الانصياع إلى النص الشرعي، فإذا قلت له: هذا مذهب الألباني، ذكره في كتاب كذا، سلم لك، وقال أنا أتراجع. وبالجملة: فهم خرجوا من ربقة تقليد الأوائل، وتحاملوا على المقلدين لهم، ليقعوا فيما نهوا عنه في تقليدهم للألباني، وصار حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار، فصار هناك تقليد ظاهر لهذا الشيخ، لا ينكره إلا مكابر، هو تقليد لكنه هذه المرة، قد تلفع بالثوب السلفي، وأسبغوا عليه المسحة السلفية، لكنه في حقيقة الأمر تقليد وتعصب وتحزب لهذا الشيخ، وقد كان هو -رحمه الله- ينهي أتباعه عن تقليده، لكنهم أبوا إلا أن يقلدوه، فهذه طائفة تغلوا فيه.
الثانية: وهي طائفة تجفوا عنه، وتحذر منه ومن كتبه، وتلعنه وتضلله، ومنهم من يفسقه، بل ذهب البعض إلى تكفيره، وهؤلاء الطوائف الذين يذهبون هذا المذهب، جلهم أعداء للسنة، وغالبهم أصحاب عقائد منحرفة، لا يرومون إسقاط شخص الألباني، ولكنهم يقصدون إلى إسقاط وتهميش ما يحمله الألباني من الذب عن عقيدة السلف بشكل عام، وقد كنت التقيت مع بعضهم، فإذا ناقشته في مسألة أو جادلته فيها، وقلت له: هذا الحديث فاصل في هذه المسألة في محل النزاع، فإذا