فهرس الكتاب
الصفحة 67 من 111

الرخصة، فمتى ما أنشأ الإنسان سفراً حلت له الرخصة وهذا شيء ظاهر منضبط، ولذلك اتفق العلماء أن السفر هو علة الحكم، وفرع على ذلك بعض أهل العلم أن من قال أنه يحرم على الإنسان المسلم أن يأخذ بالرخصة إلا لمشقة تصيبه، أن مثل هذا القائل قد أفتى بغير علم فقال في حق هذا المفتي يستتاب من قوله هذا فإن تاب وإلا ضربت عنقه. وهكذا القول في مسألتنا في التفريق بين النوع والسبب، حيث فرق أهل السنة بين سبب الكفر الذي هو أصله، وبين الدوافع له التي هي نوعه.

فالسبب ظاهر منضبط وهو يكون بشيأين: القول، والفعل.

فمتى ما وقع الإنسان بواحد من هذين الشيأين كان كافرا؛ وهذا بحسب الضوابط الشرعية في التكفير.

ومن أمثلة ذلك كفر الإستكبار والإباء، فإن إبليس - مثلا- استكبر عن الحق كما قال تعالى: (إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) ، فنوع كفره الإستكبار عن الحق لأجل قياسه الفاسد الذي ادعاه؛ لكن سبب كفره كان الإمتناع الظاهر عن الخضوع لأمر الله تعالى، وهذا فعل ظاهر.

ومثاله أيضاً الإستهزاء بالله ورسوله، فإن الباعث للمستهزئين في غزوة تبوك كان النفاق، فهذا نوع كفرهم، ولكن السبب في تكفيرهم أمر ظاهر ومنضبط وهو القول المكفّر من استهزائهم بالله وبآياته وبرسوله - عليه الصلاة والسلام.

والمقصود هنا بيان هذه القاعدة وهي: (أن أحكام الكفر تدور مع أسبابها دون أنواعها وجودا وعدماً، فمتى ما تحقق السبب تحقق الحكم، وإذا انتفى السبب انتفى الحكم) .

إذا علمت هذا، بان لك بوضوح تامّ، أن أهل السنة حين قسموا الكفر إلى أنواع مثل: (كفر التكذيب، وكفر الاستكبار، وكفر الجحد، وكفر الشك والرّيب، وكفر الإعراض، وكفر النفاق .. ) ، وأشباه ذلك من الأنواع التي سبق ذكرها، لم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام