فهرس الكتاب
الصفحة 66 من 111

وأما كفر الجهل: فمثل أهل الفترة الذين وردت السنة في أنهم يمتحنون يوم القيامة، فهؤلاء كفار بالإجماع، لأن كل من لم يدن بدين الإسلام يكون كافراً ولو لم يكن معاندا.

فالكافر قد يكون كافرا معاندا وقد يكون كافرا جاهلا، وبالله التوفيق.

بقي أن نورد هنا تنبيهاً هاماً وهو:

أن من ذهب من أهل العلم إلى أن هناك نوعين للكفر (التقليد والجهل) إنما قصد بذلك الرد على بعض من يزعم من أن التقليد والجهل مانعان من موانع الكفر، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، وذلك أن أهل العلم يفرقون بين الديار في أنها مظنة علم أو ليست كذلك، فمثلاً من جحد شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة مثلاً أو حرمة الخمر فإنه يكون كافراً مرتداً ولا يعذر بجهل ولا تقليد، بخلاف من يكون في ديار ليست بمظنة للعلم، كأن يكون في بادية بعيدة لا يوجد فيها من يسأله، وليست معالم الإسلام موجودة فيها، هذا بالنسبة للديار، وأما بالنسبة لنوع الفعل، فليس كل من يقوم بفعل يكون معذوراً بالجهل أو التقليد، فهناك من الأفعال ما تضاد أصل الإيمان من كل وجه، وهناك ما هي دون ذلك، فيفرق بين هذا وهذا، وسيأتي مزيد تفصيل لهذه المسألة العظيمة وأنها ليست على إطلاقها.

وأما الكلام عن الفرق بين نوع الكفر وسببه فهذه مسألة من المسائل المهمة التي ينبغي على الطالب أن يعييها وعياً جيداً حتى لا يقع في الخلط بين النوع والسبب، إذ السبب منضبط وظاهر في نفس الأمر بخلاف النوع، فإنه قد يكون خفياً، والأصل أن الشارع لا يعلق الأحكام إلا على أمور ظاهرة منضبطة، ولذلك كان القول الذي عليه جماهير الأصوليين أن الأحكام تدور مع عللها وجوداً وعدماً وليس مع حكمتها، وذلك أن العلة منضبطة بخلاف الحكمة، وهذا مثاله مسألة السفر والأحكام المترتبة عليه، فإن حكمة الإفطار للصائم في السفر وقصره وجمعه هي دفع المشقة عنه، ولكن هذا الشيء غير منضبط، وهو يختلف من شخص لآخر، ولذلك لم يعلَّق الحكم به وإنما علق بالشيء الظاهر وهو السفر الذي هو علة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام