(العمل) ، وعلى هذا كل نص من الكتاب والسنة جاء بخلاف ذلك فهو من جنس المتشابه، فلا بد من فهم النصوص الموهمة أن تارك الأعمال ناج عند الله، لا بد لها من تأويل، وأعني بذلك النصوص التي احتج بها المرجئة كحديث البطاقة وحديث الرجل الذي لم يعمل خيراً قط وغيرهما من النصوص التي تحتج بها الفرقة الردية أعني المرجئة، فهذه النصوص وأمثالها هي من المتشابه وليست من المحكم، والذي يوضح ذلك هي النصوص نفسها وما فهمه السلف منها، ولذلك كان لا بد لها من تأويل حتى تدخل تحت أصل السلف في مسمى الإيمان، وأنه لا بد فيه من العمل، فمثلاً احتجاجهم بحديث البطاقة في الرجل الذي يأتي بكبائر ومعاصٍ كان قد وقع فيها في الدنيا فتخرج له بطاقة من تحت العرش مكتوباً عليها لا إله إلا الله فتطيش في الميزان فترجح على سجلات الذنوب لذلك الرجل فيدخل الجنة بفضل الله ورحمته.
فقالت المرجئة: هذا الخبر حجة لنا في أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن لم يعمل شيئاً.
فالجواب عن هذه الشبهة من عدة وجوه، ونحن نسردها إن شاء الله حتى يتبين لكل منصف أن له قيداً ولأمثاله من النصوص، فنقول: الجواب من وجوه:
1 -أنه من المعلوم المتقرر أن كلمة التوحيد لا إله إلا الله لها شروط ثقال، لا بد منها مع هذه الكلمة.
فمنها: الانقياد فمثلا لو أن رجلاً قال أنا مصدق بلا إله إلا الله ثم امتنع عن التلفظ بها مع القدرة على ذلك كان كافراً مرتداً عند عامة الطوائف والمرجئة -أيضاً- فلو كانت القضية مجرد كلام لقالها أبو جهل وأمثاله من المشركين، والمرجئة تقر بذلك وأن هذا من لوازم لا إله إلا الله.
ولو أن رجلاً قال لا إله إلا الله ثم هو يرمي القرآن في الأرض أو يركله برجله أو يسب الله ورسوله لكان كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ومنهم المرجئة، فهم يكفرونه مع أنهم يشهدون عليه من أنه يقول كلمة التوحيد، ومع ذلك يخرجونه من دائرة الإسلام بحجة أن هذا الفعل تكذيب لقوله، فيقولون لو قالها بصدق لالتزم لوازمها