المسألة الرابعة: في اعتبار حد الإكراه بمعنى ما هي شروط الإكراه عند أهل العلم؟
قد ذكر أهل العلم شروطاً للإكراه، حتى يكون ذلك عذراً له عند ربه في إقدامه على محارمه، لا سيما إذا كانت كفرية، فإنه لا يحل للمرء الإقدام عليها أو على غيرها من المعاصي التي هي دونها في الجُرم متذرعاً بذلك بأعذار باردة، ومن هذه الشروط المعتبرة في الإكراه ما يلي:
1 -أن يكون المكره لا يستطيع التخلص من هذا الإكراه إما بهرب، أو مقاومة، أو الاستعانة بالغير، وما إلى غير ذلك.
2 -أن يغلب على ظنه وقوع الوعيد بحيث أن مثله لا يتخلف عادة.
3 -أن يكون المُكرِه قادراً على إنفاذ وعيده، فإن لم يكن عنده كمال القدرة، لم يعتبر هذا إكراهاً.
هذا بالجملة، والتفاصيل برمتها تعود بشكل عام إلى هذه الثلاثة، والأمر على كل حال نسبي إضافي يحدده المكرَه الذي وقع عليه الإكراه، والواجب على المرء أن يتقي الله تعالى ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والواجب يفعل بحسب الطاقة والإمكان، وكل حسيب نفسه والله المستعان.
المسألة الخامسة: وهي ضابط الإكراه على الكفر بشكل خاص:
والجواب: أنه يقال ليس الإكراه على الكفر كالإكراه على غيره، لا سيما وأن في الإقدام عليه أعني على الكفر، تشميةً لأعداء الله بالإسلام، وتجريئاً لهم عليه، ولذلك اتفق العلماء على أن إيثار القتل، أو العذاب المفضي إلى القتل، أن إيثار ذلك على الكفر هو أخذ بالعزيمة، وهو من الشهادة في سبيل الله -تعالى-، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في"الصحيح"في حكايته عمن كانوا قبلنا، حيث كانوا يمشطون بأمشاط الحديد، وينشرون بالمناشير، فما يردهم ذلك عن دينهم، وفي هذا حض على الصبر على ابتلاء الله، وفيه إشارة إلى إيثار القتل على الكفر ولو كان صاحبه