(وإن توعد بتعذيب ولده، فقد قيل ليس بإكراه لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى أن يكون إكراهاً لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه فكذلك هذا) ا. هـ
قال مقيده: وجنس الإكراه بالجملة، أمر نسبي إضافي، يختلف من شخص لآخر، فقد يكون في حق شخص ناقصاً، ويكون في حق آخر تاماً، وذلك يختلف بحسب أحوال الناس، كمكانة بعضهم بين أقوامهم، وأنه يكون من أهل السلطان والمنعة والعزة وأصحاب المروءة والشرف والكرامة، فهذا وأمثاله لا يطيق من الإهانة ما يطيق غيره من عوام الناس، فالسجن مثلاً يوماً ويومين، قد يكون في حق أمثال هؤلاء إكراهاً تاماً، لأنه يعده في حقه منقصة بين أوساط قومه، ولذلك لا يطيق مثل هذه الإهانة التي قد لا يعدها كثير من عوام الناس داخلة في الإكراه أصلاً، وكذلك هذا ينسحب على من لا يقوى تحمل شيء من العذاب، لضعف بنيته، أو لقلة معافسته لشغف العيش، بخلاف غيره ممن يكون على عكسه، فإن الضرب اليسير، وأخذ بعض المال، قد يعد في حق الأول إكراهاً ملجئاً بخلاف الثاني، ولذلك قال الإمام السرخسي وهو من أئمة الأحناف في كتابه"المبسوط" (7/ 119) [1] ما نصه:
(والحد في الحبس الذي هو إكراه في هذا ما يجيء منه الاغتمام البين، وفي الضرب الذي هو إكراه ما يجد منه الألم الشديد، وليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص عنه، لأن معنى المقادير بالرأي لا يكون ... لأن ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس، فالوجيه الذي يضع الحبس من جاهه تأثير الحبس والقيد يوماً في حقه، فوق تأثير حبس شهر في حق غيره، فلهذا لم يقدر منه بشيء .. ) ا. هـ
وقال الإمام ابن قدامة في"المغني" (7/ 120) ما نصه:
(1) المعرفة/ بيروت.