تفسير، وقولهم قراءتها تفسيرها، فظن من ظن أنهم يريدون الجهل بمعنى الخطاب، وأنها لا تدل على شيء، وليس الأمر كذلك، بل أرادوا بلا تفسير غير ما يفهم منها، أو بلا تفسير لكيفياتها ويدل على هذا:
(1) ما جاء في بعض الروايات فمن ذلك: قال الأثرم: (قلت لأبي عبد الله: حدث محدث وأنا عنده بحديث(يضع الرحمن فيها قدمه) وعنده غلام، فأقبل على الغلام فقال إن لهذا تفسيرا، فقال أبو عبد الله: أنظر إليه كما تقول الجهمية سواء). (3) [[مختصر العلو 190] ] ومن ذلك أيضاً: قال محمد بن إبراهيم الأصفهاني سمعت أبا زرعة الرازي وسئل عن تفسير (الرحمن على العرش استوى) فغضب، وقال تفسيرها كما تقرأ هو على عرشه وعلمه في كل مكان) (1) [[المصدر السابق 203] ] فهذا يبين ما يقصدون بقولهم بلا تفسير، أو تفسيرها قراءتها.
(2) وأن في بعض الروايات جاءت كلمة (الكيف) مكان كلمة (التفسير) فمن ذلك: قال الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي ومالك والثوري والليث عن الأحاديث التي فيها الصفات فكلهم قالوا أمروها كما جاءت بلا تفسير وفي رواية بلا كيف (2) . [[المصدر السابق 142 ـ 143] ]
(3) وأنهم يحتجون بها على إثبات الصفة، كاحتجاجهم بقوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) على أنه فوق العرش، وذلك أدل شيء على أنهم فهموا من ذلك معنى العلو.
(4) وأنهم يذكرون ألفاظاً من عند أنفسهم تدل على ما دلت عليه الآية، من أنها صفات لله تعالى كقوله، له وجه، وله يد، وبائن من خلقه، وما يشبه هذا، فهذا يدل على أنهم فهموا أنها دلت على صفات لله تعالى، كما يفعل أصحاب الكتب المصنفة في الصفات فيقولون باب صفة الوجه، باب صفة الاستواء، وهذا مشهور جداً.