الصفحة 32 من 87

وأعجب من هذا كله أن الأخير، ذكر ما خاض فيه المتكلمون من مسائل الكلام مثل أن الله تعالى ليس بجسم، ولا جوهر، ولا عرض، وليس له حد ن ولا نهاية، ولا مجيء، ولا ذهاب، ولا، ولا، إلى آخر هذه السلوب، وأن الله لا تحل فيه الحوادث ولا يقال له أين، وكلامه واحد، أمر، ونهي، وخبر، واستخبار، وأن الاستواء هو القصد، وما يشبه هذا، ثم نسب هذا كله وأمثاله، إلى جميع أهل السنة والجماعة، وذكر الأئمة الأربعة، والأوزاعي، والليث بن سعد ن والسفيانين، وأصحاب الحديث، والرأي، بل والصحابة والتابعين (1) [[التبصير في الدين 164] ]، فإن كان لا يدري أن السلف أجمعوا على النهي عن الخوض في مثل هذا، وعلى إثبات الصفات المذكورة في الكتاب والسنة، ثم يحكي الإجماع على خلاف الإجماع، فيا خيْبة المسعى، وإن كان يدري، فأمر وأدهى.

ومثل حكاية الإجماع هذه، ما حكاه بعض المتكلمين من اتفاق المسلمين على أن الأجسام تتناهى في تجزئتها، وانقسامها، حتى تصير أفرادا، وهو الجوهر الفرد (2) [[حكاه ابن تيميه عن أبي المعالي المجموع 17/ 126] ]، وكيف يتصور أن يتفق المسلون على مسألة الجوهر الفرد، التي لم تخطر على بال أحد من الأنام، حتى تكلم فيها إلاّ أهل الكلام.

وإن كان الخطأ قد وقع في مثل نقل الإجماع على ما هو خلاف الإجماع، فوقوعه في نسبة بعض الأقوال إلى قائليها أقرب، وسبب ذلك يرجع إلى ثلاثة أمور:

الأول:

ــــ

الخطأ في فهم مراد القائل، وذلك إنما يرجع إلى عدم الإحاطة بجميع أقواله، ليمكن بذلك فهم مراده، وتقييد ما أطلقه، وتفسير ما أبهمه.

ومن أمثلة ذلك ما ورد في بعض ما نقل عن السلف من قولهم، أمروها كما جاءت بلا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام