الصفحة 11 من 87

وقد صنع أصحاب القول الثاني مثل هذا الذي تقدم عن المعتزله، مثال ذلك: نفيهم صفة العلو واعتبارهم كل ما دل عليه من القرآن متشابهاً، كقوله تعالى {وهو القاهر فوق عباده} الأنعام (18) ، وقوله {يخافون ربهم من فوقهم} النحل (50) ، وقوله {ثم استوى على العرش} الأعراف (54) ، وقوله {أأمنتم من في السماء} الملك (16) ، وقوله {تعرج الملائكة والروح إليه} المعارج (4) ، وقوله {إن الذين عند ربك} الأعراف (206) .

وكذلك كل ما جاء في السمع في ظاهر يدل على إثبات ما نفوه أو نفي ما أثبتوه بالأدلة العقلية جعلوه متشابها، كما فعل الرازي في تفسيره حيث قال (فثبت بما ذكرنا أن صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح في المسائل القطعية لا يجوز إلاّ عند قيام القطعي العقلي على أن ما أشعر به ظاهر اللفظ محال) ، ثم جعل هذا المعنى المرجوح هو تأويل المتشابه فقال بعد هذه العبارة (فعند هذا يتعين التأويل) (1) [[تفسير الرازي] ] 1/ 169

ومثل لهذا بقوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} ، وقال {فمن تمسك به كان متمسكا بالمتشابهات} بعد أن قدم الدليل العقلي على استحالة ظاهره عنده (2) ، المصدر السابق [[7/ 148] ].

فهذا - مع ما يفعله سائر من يجعل نصوص ما لا يثبته من الصفات من المتشابه ثم يحتج بآية {وما يعلم تأويله إلاّ الله ... الآية} .على أنها على غير ظاهرها - من أصحاب هذا القول أمثلة تكشف أن هؤلاء المخالفين لما كان عليه السلف في باب الصفات، قد أقحموا باب صفات الله تعالى في المتشابه، ليتمكنوا من صرفها عن ظاهرها - الذي يزعمون استحالته عندهم بالأدلة العقلية - محتجين بإخبار الآية أن للمتشابه تأويلا.

لكن هؤلاء انقسموا إلى قسمين:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام